أريد أن أكون من بناة عالم افضل - م . نعيمة )
كلمة ٠٠٠ .
منذ الآزال . والانسان متنازع بين عاملين ، هما عمادا حياته ، متضادين كل التضاد ، متنافرين كل التنافر . ومن هذا التضاد وذاك التنافر ، تنشأ هذه الرابطة الغربية بينهما التى تشكل تلك الوحدة العجيبة فى حياة الانسان وهذان العاملان ، هما الخير والشر ، او الفضيلة والرذيلة ، وإن شئت العقل والعاطفة ، او الروح والجسد - المادة - .
ولقد مرت مواكب الاجيال ، والانسان بين هذين العاملين كالريشة فى مهب الريح . وقد اطنب الفلاسفة والمفكرون ، منذ آماد بعيدة ، فى شرح هذين العاملين المتضادين ، وتحليلهما . وكانت نتيجة ذلك مذاهب ومدارس ، منها ما يقدس الروح - أو القلب - ويرى فيها سبيل الخلاص ، ومنها ما يقدس العقل - أو المادة - ويرى فيه الطريق الاوحد المؤدى الى الهدف الامثل ، الذي تنشده الانسانية .
وكانت تلك التيارات الفكرية والفلسفية تسير سيرتها الطبيعية ، يغذى حذورها واقع الحياة ، حتى أطلت عصورنا الحديثة ، فبزغت معها المدنية الغربية ، نتيجة ذلك الاحتكاك ، وعم بريقها جميع أصقاع المسكونة ، تقريبا وهي مدنية قد شيدت على اسس عقلية ، مادية ، وقد سجلت انتصارات عديدة ، يعود معظمها بالخير على الانسان . وقد رأت نفسها ، وغار النصر على جبينها ، فأخذتها موجة عارمة من الزهو والغرور ، حتى كادت تبطر ، فتصل الى ما لا تحمد عقباه
وهكذا كان هذا العصر عصر مادة ، يكاد يكون الزهد والتصوف فيه جريمة اجتماعية ، ولذلك كان هذا العصر متعطشا . في أشد الحاجة وأمسها الى قيم اخلاقية ، ومثل اجتماعية ، والى مجتمع روحى ، تصوفى ، فاضل ، يعيد الى الحياة إيمانا كاد أن يتزعزع ، فينهار ، ويتلاشى ونورا قد حجبته ادخنة الحاجيات المادية ، وادران المادة الحيوانية . . .
ونتيجة لهذه الحاجة الماسة ، فقد انبثقت تيارات فكرية ، تدعو الى الفضيلة والخير ، والقيم المثالية ، وتشيد كيان الانسان السامى ، وكان تيار الفيلسوف العربى ميخائيل نعيمة ، من بين التيارات القوية الجريئة ، المندفعة الى بحر " الانسانية الفاضلة " ! . .
معيمة فيسوف من دوى الاتجاه الاول ، الذي يرى فى " الروح " أو " الخيال" الطريق الامثل الى الحقيقة . غير اننى لا اعتقد أن هناك كثيرا من " المتبصرين" الذين يبوئون نعيمة المنزلة الاولى فى الفلسفة العربية المعاصرة ، كما نبوئ فخامه الرئيس الحبيب بورقيبة المنزلة الاولى فى السياسة العربية ، وتوفيق الحكيم المنزلة الاولى فى المسرح ، مثلا . ويؤول ذلك ، عندى ، الى أسباب . . فالاددب العربى المعاصر - الاخير - يعيش ازمة عسيرة من القلق والاضطراب يريد ادبنا ان يخلق ، ان يسمو الى الآفاق الانسانية البعيدة ، ولكن " الذوق الجماهيري" -الشعبي- يسد عليه منافذ الطرق . فهو مريض في معدته ، مصاب بسوء الهضم . . لذلك تراه لا يزال يطبل لبهلوانات ادب الرومانتيكيين ، ويرمز لمشعوذية الفلكلوريين ، وينظر بفتور لا متناه الى امثال نعيمة وتوفيق الحكيم - و كدلك الى الرئيس الجليل - لانهما يريدان سبر الاعماق الانسانية البعيدة . . لذلك نرى نعيمة " غامضا " فى اذهانهم . . ولذلك يعيش بينهم شبه مغمور ! . . وليس ميخائيل اول أديب او فيلسوف يعيش شبه مغمور فهناك فئة غير قليلة من المفكرين وعباقرة الفلسفة ، قد فكروا في مشاكل العصر ، ومعضلات هذا الكون ، ثم اقترحوا حلولا لا تخلو من حودة وصلاحية وقد بقيت رغم ذلك فئة مجهولة لا تلتفت اليها اذواق " المثقفين "
من الغريب ان ينبذ الناس فلسفة نعيمة ، أو يتجافوها ، فيتهمونها بالغموض ، على بساطتها . وكم هم مخطئون اولئك الذين يقولون
" ميخائيل أديب ، وأديب فقط ! " - " نعيمة أديب متصوف فقط " . نعيمه أديب متصوف يقحم نفسه فى ميادين الفلسفة والمنطق اقحاما . . " وهم ما انساقوا الى قول ذلك الا جهلا ، وادعاء . لكم هو غريب ان يخدم نعيمة الادب والفلسفة اكثر من نصف قرن ، ويبقى " غامضا " رغم بساطته ووضوحه ! . . .
اذا كان المعرى ، يا سادتى ، شاعر الفلاسفة ، وفيلسوف الشعراء ، فان نعيمة اديب الفلسفة ، وفيلسوف الادباء . . فهو أديب وشاعر وفيلسوف والثلاثة واحد . ومفهوم الفلسفة لديه مفهوم " شاعرى " جعل أعداءه
- الدينيين والادباء - ينعون عليه هذا الاتجاه . . ومتى انفصلت الفلسفة عن الشعر والخيال ، ايها السادة ؟ ! . . .
نعيمة رجل يبحث عن النور فى أعماقه . . وليس رجلا متطرفا ، منطويا منعزلا فى برجه البلورى ، متغزلا بوحدته وانفراده . .
العالم المحيط به عالم تافه . تنفت فى أعماقه " مدنية زانية " ضحالة وضياعا . إن قوى روحية جبارة تغمر روح الرجل . وعالمه ليس عالما عبثيا " إنه يشعر ب " معنى " هذا العالم ، ويؤمن بهدفية الانسان فى هذا الوجود ! . . إنه يريد لهذا الوجود " كمالا " ، وذلك كل هدفه . . إذن فلنعيمة فلسفة . وهي فلسفة عميقة بصيرة ، لا يشوه عمقها وتبصرها الا طيف مبالغة عنيد . وهي فلسفة رجل يقول ما يفعل ، ولا يهدم اليوم ما بناه فى أمسه من قيم . . يريد أن يكون كالحياة : يعطى من نفسه بغير حساب
وبعد ، فهذه محاولة لتحليل فلسفة نعيمة ، كما فهمتها . وهي محاولة بسيطة لا تدعي معرفة بعيدة المدى ، ولا تدعي كمالا وشمولا . وانها لجد ممتنة وشاكرة لمن يقوم بمناقشتها او نقدها . وهي لا ترمز الى فخر أو تطاول ، بل كل همها ان تنبه عزائم قد غفت أو تغافت ، وجهودا قد قصرت أو تقاصرت فلم تف رجلا عظيما ومجاهدا كبيرا ، حقه ، وقدره
فلسفة نعميمة
لقد نثر فلسفته وآراءه فى كتب دبجها خلال نصف قرن ، من مصاحبة القلم . وتنقسم كتبه الى نوعين
أولا - نظرية ، وفيها مقالات وآراء يشرح بها فلسفته . وأهمها :
1- ابعد من موسكو ومن واشنطون 4- كرم على درب 2 - النور والديجور 5- المراحل 3 - صوت العالم 6- سبعون 3 اجزاء
ثانيا - تحليلية نموذجية : وهي قصص يعيشها أبطال يقومون بتحليل دعائم هذه الفلسفة . وهذه أهمها : ( وقد ترجم بعضها الى الانجليزية بنفسه ) :
1 - كتاب مرداد The Book Of Mirdad 2- مذكرات الارقش Memoirs of avagrant soul 3- لقاء Till We Meet 4- اليوم الاخير ... الخ.
أسس فلسفته :
ان تحديد النقاط التى تعتبر أسس مذهبه وانطلاق تفكيره - تحديدا دقيقا - عسير جدا . وقد يكون الاختلاف قويا بين الباحثين فى الاركان والاصول والمصادر التى دعم عليها فلسفته . وفي الاتجاهات والاهداف الواسعة الآفاق ، المتناهية الابعاد ، المحكمة بدقة . ولنحاول سبر اغوار هذه الاصول والمصادر ، معتمدين فى ذلك على سيرته الذاتية الخاصة :
- نشأ ميخائيل الطفل فى بيئة شرقية ، متدينة ، محافظة ، مسيحية العقيدة ، مؤمنة . واحس الناشئ الصغير المترعرع بان هناك يدا خفية تسيره ، وتحميه ، وأن هناك موجها أعظم يوجهه كيفما يريد ٠٠٠ واصطدم هذا التكوين الشرقي ، وتلك النشاة الروحية بالعقيدة الاروبية المتداعية الاركان ، والمتجددة براعمها ، تسقيها المادة والعقل . وكان هذا الاصطدام عند اتصال الشاب الطالب بالمدنية الغربية مباشرة
اصطدم ايمانه الشرقي ، الروحى ، بالمادية الغربية الملحدة ، التى تصر على انها صاحبة السيادة المطلقة على الكون ، ما دامت قد قهرت الاجواء ورفعت القناع ، وازاحت السجف عن كثير من اسرار هذا الكون ، وأحاجيه ، وفتحت فتوحا جليلة فى ميادين المعرفة : لذلك رأت نفسها " الاوحد الفرد " المسيطر والمسير للنواميس الكونية ، المتمتع بحريته المطلقة . ولكنها ، كما يقول ميخائيل : " قد وسعت من نطاق المحسوسات وبذلك اكثرت من شهوات الجسد وحاجاته الى حد أن الحصول عليها أصبح مقتلة للروح والجسد معا فهي ما اكثرت خيرات الارض حتى اكثرت البطون الفارغة منها باكثار البطون المتخمة ، وهي ما اطالت متوسط العمر حتى أطالت شقاءه سنين . ولا قربت المسافات بين تخوم الامم حتى أبعدتها بين قلوبها فراسخ . ولا نشرت العلم حتى نشرت الجهل . وهي ما عززت الفنون إلا لتجعل ما فيها من روح مطية لما فيها من مادة ، ولا قصرت ساعات العمل حتى مددت ساعات الطيش والرذيلة والفحشاء " ( 2 ) .
لقد وجد نعيمة نفسه فى معمعة هذه المدنية فاصطدم إيمانه " بالقوة الثالثة " - او - " النظام السرمدى " ) * ( بالعقيدة الغربية العقلية الملحدة ولذلك نشأ فى نفسه ذلك التوق ، وذلك الشوق الى التحرر من ادران تلك الماديات ، والانعتاق من سجن الجسد وشهواته ، وحيوانيته . وقد كان لفترة
اقامته في دلتافا ( روسيا 1909- 1911 ) بعيد الاثر فى مستقبل حياته ( 3) ، فى خلق مبادئه التى يسير عليها . ولقد كانت " حساسيته التخيلية " ومزاحة الروحى ، فى تطور مطرد خلال سنوات شبابه
عاد وهو فى عقده الخامس من نيويورك - بابل القرن العشرين - الصاخبة ، من حمى التنين الفائر ، الى قريته الحبيبه ، الهادية ، "بسكنتا " حيث جبله المحبوب ، الذى شهد احلام صباه وافراح صغره . . "صنين " الاشهر . عاد وفي اذنيه ضجيج مدنيات ، وفى رأسه براكين من الافكار ، وفي قلبه حنين الى عزلة يستطيع أن يغرق فى صمتها وسكونها وهدئها وجمالها ، ليطهر أذنيه من الضجيج ، ويفرج رأسه مما فيه من البراكين والزلازل
عاد من كعبة المدنية المادية الصاخبة ، الى مسارح الطبيعة الهادئة ، التى نفيض محبة وحمالا ، وسكينة فى القلب وإيمانا . . عاد الى قريته فى ربوع الشرق ، حيث تترعرع الروح وتنمو ، وحيث تصفو الحياة للعين وتنصهر ، وبعد عودته راح يمضي جل نهاره فى كهف من كهوف الشخروب ( وهى مزرعة قد انحدرت للنعيميين بالارث عن اجدادهم ، تقع فى سفح جبل صنين ، فى هذا السفح كهوف جبلية كثيرة ، اختار نعيمة احدها للتأمل والعزله) . . فكان يمض ساعات من النهار فى التأمل ، وغربلة الماضى ، وتعرية النفس وفتح كوى الروح لنور الله ( 5 )
- وهكذا وجد نعيمة حاجة فى نفسه الى التصوف والتأمل ، بعد ان غذت هذه الحاجة الملحاحة فيه الفلسفات الشرقية ، بعد اطلاعه عليها ، وهو المتعطه المتعشق الى قيم روحية مثالية . . . تلك هى الفلسفات الهندية والفارسية والصينية ، واليهودية ، والمسيحية ، والاسلامية . . تلك المتغذية جدورها من ينابيع الاديان السماوية والارضية . لقد كانت دعوة المسيح عليه السلام إلى المحبة والسلم في انجيله ، ثم دعوة محمد صلى الله عليه وسلم الى المحبة والاخاء والتضامن والاعتصام يحبل الله ، فى قرآنه ، ثم كان اطلاعه على الحكيم الصين " لاوتسو " صاحب " الطاو " ثم صاحب الدعوة البوذيه غوتاما بوذا صاحب " النرفانا " الداعية الى الفضيلة والخير . . كل هذه العوامل كانت ذات اثر فعال فى تكوين آرائه ، وتدعيم مذهبه ، وفى تغليب جانب الروح والقلب والخيال فيه على العقل والجسد والمادة . ولعل هناك مآخذ اخرى لا تبرز بوضوح فى مذهبه ، سنكشف عنها ، اثناء حديثنا عنه مقارنا بالفلسفات الغربية
مذهبه الفلسفي :
يقول ميخائيل عن مذهبه : " فانا أبعد ما أكون عن التحزب لاى مذهب ،
حتى مذهبى . وهو مذهب لا يتسع له اى من المذاهب المعروفة ما بين دينية وغير دينية . وهو يرضينى منتهى الرضى . الا اننى ما حاولت يوما - ولن احاول - أن أرغم غيرى على اعتناقه ( 6) . ويقول : " اننى رجل يتعشق الانصاف والسلام والمحبة ، ويريد للناس أن يعيشوا على هذه الارض من غير ان يتنازعوا عليها وعلى خيراتها ، ويريدهم ان يجعلوا منها سماء . وذلك لن يتأتى لهم بغير الصبر والتسامح والتفاهم والتقارب والتعاون ( 7) ( * )
ويزيد فى توضيح مذهبه فيقول : " فكرت بقلبي ، واحسست بفكرى ، ثم صهرت فكرى واحساسي فى مصهر خيالي ، فتغامز على الكتبة والفريسون ( * ) فى مجالسهم قائلين : هذا رجل يخالف الشريعة فاحذروه " ( 8) .
يتفق الاجماع ان لا دين ، من بين الاديان المعروفة ، يعتنق ميخائيل شريعته . والمعروف عنه انه كان فى صغره ارثودكسيا . ولكننا نحده أخيرا قد صهر جميع الاديان والشرائع الشرقية ، وخرج منها بمذهبه الذى يدعو الى الانصاف والسلام والتقارب ، والتعاون والاخاء ، فى ظل مدينة فاضلة لا تعرف الحيوانية اليها سبيلا . . ومن الطبيعى أن يحذر منه الكتبة والفريسيون وينعتوه بالخروج عن الدين ، ويصفوه بالكفر والالحاد . . .
كذلك من الناحية الفلسفية ، فمن المحتمل ان توجه اليه حملة نقد لاذع ، نرى ان فلسفته غير حقيقية ، مدعية انه قد تحدث عن مشكلات الانسان ومعضلات الكون باسلوب شعري ، خيالي ، بعيد عن المنطق ، والعقل . وانه ليسخر بهؤلاء الذين يتشدقون بصحة العقل وقوته . فهو عند نعميمة ليس سوى ابن جموح للخيال الذى يؤمن بدولته . فهم يدعون كل ما لا يصله العقل
بالادراك " فلتة من فلات الطبيعة ، وخوارقها " ، ولكنه يعاكسهم ويرى أنه ( ليس في الطبيعة ما يتجاوز حدود الطبيعة ، وإن تجاوز حدود المألوف والمعقول عند الناس . ليس فى الطبيعة من مستحيل ! " ( 9 ) . إنه لا فاصل بين الممكن والمستحيل ، إلا ما يقيمه الجهل والقصور
لذا ، فهل يلام نعيمة اذا ثار على تفكير العصر ، وجدد ، واتبع طرقا جديدة فى البحث والتحليل ؟
مذهبه ، والفلسفات الاخرى :
أ - نعيمة ، واللا إنتماء :
قام كولن ولسون - الفيلسوف الانجليزى المجدد - فى كتابه " اللامنتمي " بدراسة تحليلية لنفسيات اللامنتمين الغربيين ، وبعض الشرقيين . ولكنه غفل عن ذكر ميخائيل . رغم انه ساهم مساهمة ايجابية ، فى تحليل مشاكل اللامنتمي ، ورغم أنه قد ترجم بنفسه اهم كتبه التحليلية الى اللغة الانجليزية . وسنحاول تحليله على ضوء كتاب " اللامنتمي " وكتبه الاربعة الهامة ( التحليلية النموذجية) :
اول ما يجب ان نلاحظ فى هذا الصدد ، هو أن المتعمق فى فلسفة نعيمة بجد شبها كبيرا بينها وبين فلسفة كبار المفكرين الغربيين فى هذا القرن والقرن الاخير ، وهو تشابه يبدو غريبا جدا ، فى بعض المواضع . فلسفة أولئك تنتهج نهجا ثوريا . قد ظهر فيه تأثير الوضعية العصرية ، تأثيرا جليا . . . وقد اسفرت دراسة كولن ولسون اللامنتمي عن نتائج محزنة حقا اذ أنها اثبتت أن كل اولئك الاعلام مريضون ، شاذون . هم لامنتمون ، وتختلف لا إنتمايتهم اختلافا واضحا ، فهناك اللامنتمون الوجوديون ، وهناك اللامنتمون الوثنيون ، والرومانسيون ، والمؤمنون ، والملحدون . . وعلى طريق واحدة يلتقى هؤلاء جميعا مع ميخائيل نعيمة
فمن هو اللامنتمي ؟ هو كما يعرفه لنا الكتاب ، ذلك المنفلت من قيود المبادىء والعقائد والجماعات . هو ذلك الغريب الذي لا يقيم وزنا لما فى عالمنا من قيم ومثاليات ، وقوانين . هو هذا الانسان الذي يرى الحياة عبثا ولا جدوى والذي يجرر ظله العملاق في طريقه المظلمة ، مستسلما حينا ، ومتمردا حينا آخر " .
إن اللامنتمي مريض الروح ، لانه ينظر الى هذا العالم بمنظار اسود . إنه براه عالما مرعبا ، جدبا ، يعمره قوم يمثلون الفشل ، فهم فاشلون . . عالم
سيطرت عليه الآلة ، وميكانيكية الحضارة . . ليس سوى فوضى شيطانية لا معنى لها . ولذلك يرى اللامنتمي ان العالم عقبة أمامه ، وحاجز بينه وبين " الحرية " . ونعيمة ايضا ، ليس على وفاق مع هذا العالم الحضارى ، او مع هذا المدنية الغربية - مدنية الآلات والازمات - على الوجه الاصح . . فهو يبحث عن " الحرية " ولكن " المادة " التى توفرها هذه الحضارة ، قد عرقلت طموحه ومسيره . . .
عند نقطة " الحرية " - بالذات - يلتقى نعيمة مع عمالقة الغرب . غير انه يقف بعيدا عنهم . إذ أنه لا يضع على عينيه المنظار الاسود ، ولا يرى الوجود ضربا من العبث . ولعل الجانب الاهم فى هذه النقطة هو الدين ، فنعيمة ورفاقه ، من بيئة مسيحية ، والملاحظ أن هذه اللا إنتمائية فى جوهرها لا إنتمائية ضد الدين . غير ان الفارق الهام ، الذى جعل نعيمة يقف موقفا منفردا ، هو كونه شرقيا - من الشرق المؤمن - وكونهم غربيين - من الغرب الآلى ، المادى - .
يقول كولن ولسون : " إن الانسان يصبح لا منتميا حين يبدأ بالتذمر تحت وطأة شعوره بانه ليس حرا " ( 10) . ونعيمة يعيش تحت وطأة هذا الشعور نفسه . غير ان النتائج التى توصل اليها ميخائيل ، بفضل بيئته الشرقية تختلف اختلافا كبيرا عن نتائجهم . لقد انبروا يثبتون فكرة " الاله مات " وان الدين عاجز عن مشاكل اللامنتمي ، إذ أن " اجوبة الدين تلوح للامنتمى اكاذيب منمقة ، لينخدع بها الناس ، ويجدوا الراحة " ( 11 )
قلت ان مشكلة اللامنتمي ، فى جوهرها ، مشكلة " الحرية " . فهو يريد ان يكون حرا . وخطأ اللامنتمي الذي ينساق اليه دون شعور منه ، هو جهله ان الحرية جوهر الدين . أما نعيمة فيقدم الدين كحل لتلك المشاكل المعقدة . وهو بذلك ينضم الى صف اللامنتمين الصوفيين ، الذين يرون الرؤى . ونعيمة يرى رؤى ويستغرب كولن ولسون هذه الظاهرة منهم ، فيوعز ذلك الى احد امرين " جنونا مطبقا ، او شكلا غريبا من اشكال صحة العقل " ( 12) . والذي يقرأ - من الغربيين - حكاية كتاب مرددا ثم يقرأ سفره ، لا يتورع عن نعت نعيما بشكل من أشكال الجنون . إذ ان هذا الشكل من اشكال الرؤى لم يتعوده غير المتصوفين ، وهو غريب عن العقل الغربى . وطبيعي أن نخالف الذين ينعتونه بالجنون . فميخائيل يرى رؤى ، وليس ذلك بالغريب ؛ اذ ليس في الطبيعة ما بتجاوز حدود الطبيعة . اذن فماذا تكون هذه الظاهرة ؟ . . لا شك في انها تلك التى يسميها المتصوفون " كشفا " وهي شكل غريب من أشكال صحة العقل وما ذلك إلا لأن نعيمة قد خمت اجنحة خياله واشتدت " واستطالت قوادمها وصلبت . .
وبعد ، فهل أن نعميمة لا منتم مثل سارتر وكامو ودوستويفسكى ونيتشه ؟ . . انه يشارك هؤلاء جميعا فى ثورته على المسيحية ، ولكن ليس لانها دين عقيم رحب نبذه ، بل لانه رآها عاجزة عن تحقيق أهدافه ، إذا ما عمل بمقتضاها . لذا فهو يريد لها ان تتطور . ويشارك فى " البحث عن الحرية " ويرى ان الدين إذا تطور - حل لمن يريد بلوغها . وهو يشاركهم فى الثورة على الالية الغربية ، وميكانيكية الحضارة . ولكنه يخالفهم فى نظرهم المتشائم ، القاتم ال الحياة ، والعالم . اذ انه يؤمن بعبقرية الانسان ، التى خلقت هاته الحضارة فيمستطاعه خلق عالم اكمل ، وحياة اوفر فضيلة . .
لذلك يكون نعيمة نوعا منفردا من انواع اللامنتمين . . فهو " لا منتم متفائل " !
ب - فى الطريق ، مع فلاسفة الغرب :
قد رأينا كيف ان نعيمة ، يلتقي مع بعض فلاسفة الغرب ، فى مشكلة اللا انتماء . غير انه يقف بعيدا عنهم . وتتشعب تيارات الفكر ، بينهم ، عن هاته النقطة . ومن هاته النقطة تسير أفكاره ونظرياته محاذية لارائهم ، غير انها لا تمسهم . اذ أن الدين ، والمحيط الشرقي ، يبطلان ذلك - إلا قليلا -
توصل نعميمة إلى نتائج باهرة جدا . سيخلدها تاريخ الفلسفة الانسانية . للبيئة او المحيط ، اثرها الفعال في تلك النتائج . السبب الذي جعلها تنفصل عن تيارات الفكر الغربي المعاصر ، الى حد ما ، وخاصة الوجودية منها
من المبادئ الاساسية للوجودية ، الفكرة التى عبر عنها سارتر فى قوله : إذا رن حرسي التلفون ، وقال صوت فى الطرف الآخر من السلك : " الله بكل إذا آمنت استطعت ان تخلص ، واذا شككت فانك ملعون " . فان لديه ما يبرر جوابه هذا ، لان للبشر حقا فى عدم الايمان بشئ لا يعرفونه ) 13 ( . لقد اصبح الفكر الغربي معتدا بنفسه ، يعتقد جازما ، حازما ، ان الانسان يستطيع الاستغناء عن الله . فالانسان قد اخترع فكرة الله يوم كان ضعيفا يعيش فى جو من الاوهام ، تماما كالكلب فى حاجة الى سيد يرعاه ، مقابل القيام باي عمل يطلبه منه . ولذلك يجب الاستغناء عنه ، الان ، إذ اصبح الانسان فى غني عنه . . إنه البطر ، والاختيال الادعائى . إن الاله قد حجبت عنه النور . والمادة بما تثيره فيه من شهوات . قد ردته الى عصر " الكلب الاول : فهي قد ربطته بالتفاهة ، والضحالة ، اكثر . واصبح عبدا - ما اثقل قيوده - من حيث لا يشعر . وذلك الوضع هو الذي يثير فيه الاشمئزار من واقعه الذي يتخبط فيه . . . الذى ينعته هاللر بانه " نكته كبيرة " ، ويعتبر
ويلز حقيقته شاشة سينما ، لا شيئية تامة . . . ويتهكم دوستويفسكى فيرى ان هذه الكرة باجمعها ، كذبة ، ترتكز على كذبة ، وسخرية حمقاء .
هذه مفاهيم وجودية جوهرية ، تناقضها مفاهيم نعيمة ومبادؤه ، وتصطدم بالتفكير الشرقى اصطداما عنيفا . . ويقول نعيمة : " كل ما تتخيلونه كائن وكل ما لا تتخيلونه لا كيان له " ( 14 ) . بهذا المبدإ يحطم المفهوم الوجودى السارترى عن الله . ان مبدأ نعيمة يعتمد على " اومن " ويضم اليه " اعرف وهو وجه الخلاف بين المبدأين ، الشرقى ، والغربى . ان المفكر الغربى يعتبر هذا " الخيال " ضربا من ضروب الخرافة ، جاهلا انه النقطة الرئيسية التى ترتبط بها كل اسباب العلوم ، والفلسفة . يتخذ نعيمة " الخيال " مشعلا ويتبعه طريقا ، فى مهمه الوجود . ويهتدى به دليلا بين الشعب الملتوية ليصل الى المعرفة السامية . يريد أن يعرف : لماذا خلق الانسان ؟ وقد اوصله خياله الى نتيجة : خلق الانسان لامر عظيم : الكمال والحرية . وإلام قاد الغربيين تفكيرهم ؟ لقد اتخذوا العقل نبراسا يضئ لهم دياجير الجهل ، باحثين عن كنه السر العظيم : لماذا خلق الانسان ؟
" ما من فيلسوف نجح حتى الآن فى بيان المشكلة الاساسية لوجود الانسان " ) 15 ( . فأقوالهم واراؤهم تتضارب ما بين التشاؤم والعدمية . . يرى العدميون منهم " ان العالم بلا معنى " ويرى العبثيون أن العالم خصم شرير يعمل بنشاط عدائى . وان العالم عبث غير معقول ) 16 ( . ويرى المتطرفون منهم ان الحياة عقيمة ، وان الكون آلة ضخمة عابثة ) 17 ( . ويتفق جلهم على ان الفشل مصير الانسان . انها لنتائج محزنة حقا . يزعزع اركانها قلق وجودى عاصف . و " فوضوية ماهبة " عابثة . انه لتشاؤم وتطرف يمقته نعيمة . فللكون معنى . وللا إنسان فيه معنى . وما خلق الانسان إلا لامر عظيم . وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ، ذلك ظن الذ كفروا ، فويل للذين كفروا من النار " ) 18 ( . ولم يعدم نعيمة رفاقا غريب بؤمنون بهدفية الكون ، متفائلين ، فهذا ميرلوبونتى الفرنسى ، يقول : " كتب على الانسان المعنى " ) 19 ( . وهذا كولن ولسون يعلن : " يستحيل ان نقوم بأي عمل من الاعمال دون الاعتراف بالمعنى " ) 20 (
ولكن كيف يتطور ، والى أى مدى ينتهى هذا المعنى ؟ ذلك ما سنتعرض له فى البحث الرئيسى
ج - ثورة على المسيحية : رجع ميخائيل من امريكا ، وقد تقدم به العمر ، ورفرفت شهرته عاليا
متصوف شرقي بأدق معنى الكلمة وأتمه . . فتراه فى بلتافا ( روسيا ) وهو يجهد نفسه على اقحامها فى عالم غريب بمعالمه ، عجيب بصوره ومرئياته . . وتنتقل معه الى بابل القرن العشرين ، نيويورك ، فترى نفسه التواقة الى " الهواء المطلق نضيق بادخنة تعكر صفو السماء ، وثرثرات تصدم الآذان ، وحماقات تثير الاشمئزاز . . وتراه يتعمق فى درس هذا " الذى حارت البرية فيه " وفى مصيره ، حقا انه " حيوان مستحدث من جماد وان لم توجه عناية الفلسفة والعلم والادب الى خلق انسان من ذلك الحيوان ، لكانت رسالات الفلسفة والعلم والادب رسالات مزيفة . وينظر الى هذا الكون ، والى ذلك " الحيوان " فيه فيرى ما يبعث فى نفسه الظمأى الى " المعرفة " حيرة ووجوما ، فعينه تصطدم بهذا التناقض الغريب فى هذا الكون العجيب . وتراه يتوجه وفى قلبه عزم الأنبياء وفي روحه إيمانهم الى درس هذا النظام الكونى وتلك المتناقضات بين انسانه وحيوانه ، وجماده . وما ينفك دارسا لذلك النظام حتى يحمل اليه عام 1925 شعاعا نيرا من اشعة المعرفة ينبث فى روحه وقلبه ، فيدرك ذلك النظام المنسق الذى لا تشذ حركاته وسكناته عن الوحدة والشمول ، ولا تحيد غاياته عن التناسق والهدفية . لقد شعر بوحدة الكون ، أو وحد الوجود : 22 ) Pantheisme ) .
ونراه إثر ذلك قد ادرك عظمة الانسان اذا ما انعتق من فرديته ، واتصل بكل ما فى الكون اتصاله بنفسه ، وادرك ان الحياة التى تعمل فيه ، هي نفسها التى تعمل فى سائر الكائنات حواليه . وعلى الانسان إذن ، ان يثبت انه إنسان ، " قطعة من الآلة الكبيرة " ! . .
وباعتناقه هذه الفكرة ، اصبح من جيش المتصوفين الجرار ، " السائر بعزم بطئ نحو مدينة الحق " وفى هذه النقطة الهامة يلتقي نعيمة بفلاسفة الشرق المتصوفين من هنود ، ومسلمين ، وفارسيين ، على صعيد واحد ( *) . وعلى هذه الفكرة ترتكز فلسفة ميخائيل ، فهى النواة الام لفلسفته ، سواء كان ذلك فى التقمص - التناسخ - او فى الايمان الذى يقدمه لنا ، او فى المعرفة والكمال ، والحرية المطلقة التى ينشدها . فوحدة الوجود إذن ، هي النقطة الرئيسية التى يلتقى فيها مع الآخرين ، ويفترق . . وهي التى تجعله يقف مع الغربيين ، ولكنه لا يمسهم مسا ، الا قليلا . ولا غرابة ، فالشرق قد عرف
- عند رجوعه - بعد ان عرف ناقدا جريئا ومجددا قديرا . . وحال رجوعه بني حول نفسه حدا متينا ، روحى الباطن ، عقلي الظاهر . ولم يستطع الاخرون ان ينفذوا اليه منه ، سواء كانوا مادحين ، او قادحين . اما هو فقد استطاع ان يعايشهم يفكره ، وقلبه على صفحات كتبه . فكان قريبا منهم ، بعيدا ، فى ان واحد . ووراء هذا الجدار ، احس ميخائيل ان الثوب الذى البسته الكنيسة اياه قد بدا يتبدد شيئا فشيئا . وذلك بعد ان بحث فى اصول هذه المبادئ التى قدمتها الكنيسة له . فوحدها معاكسة للمبادئ المسيحية الصحيحة التى انتهى اليها بعد بحثه . وهو فى هذه النقطة يلتقى مع نيتشه الذى هاجم الكنسية هحوما عنيفا ، وهاجم المسيحية بصفة عامة ، هجوما منبعثا من شعوره بأن المسيحية ليست متدينة بما يكفى . ولكن نعيمه لم يشر الى ان المستحبة تستحق النبذ شكلا ومضمونا - كما فعل نيتشة - فلم يفضح الا اخطاء كهنتها ورؤساء كنائسها . ونعيمة ينتهى الى تقديم نظام جديد فى الايمان يتماشى والنظام الذي قدمه نبتشة ولكن فى الظاهر فقط ، من حيث انه يخلق الانسان السامي - السوبرمان - ويبشر بتكرر الحدوث الخالد ) * ( ، او التقمص عند نعميمة . اما في الجوهر فيختلفان اختلافا كبيرا . يقوم ايمان ميخائيل الجديد على الايمان بالله . اما نظام نيتشة فخلو من الله . وهذا هو الفرق الجوهري وهي الفكرة التى من اجلها لا يحق لنا ان ننعت ميخائيل بالوثنى أو الكافر نعيمة ثائر على المسيحية ، ما فى ذلك شك . فالمسيحية ، كما يراها ، فى حاضرها ، غير المسحية القادرة على قيادة الارواح وايصالها الى ملكوت الله فى السماوات ، الذى تبشر به . كهنتها يستأثرون لانفسهم بكل شئ وعبادتها فى الكنيسة المزخرفة ، المبهرجة ، تصرف القلب عن المعبود . فهي مسيحية تنسيك المسيح . والمسيحية الحق فى رأيه : " لا تقوم بالوقوف ق الكنسية ، التى لا تستطيع ان تقارن بينها وبين المسرح ، ساعتين او ثلاث ساعات في الاحاد والسبوت والاعياد ، بل باتباع تعاليم الانجيل وارشاداته " ) 21 (
ان ميخائيا ، مثل حيران ، يؤمن ايمانا روحيا عميقا ، ويدين بدين الانسانية الاشمل . وقد صهره فى مذهب خاص به ، حسبما يذهب المتصوفون - مثله - عادة .
د - نعيمة المتصوف . . . ووحدة الوجود :
وانت اذ تتتبع مراحل ذلك التطور ، الذي كان يعمل ليخلق من روحه روح
الوحدة الوجودية وتعمق فيها ، لاتصاله المباشر بالكون والوجود . اما الغرب ، فيحس بعزلته عن باقى الكون ، ويشعر بالانسلاخ ، نتيجه تقدمه الحضارى .
وميخائيل بلخص الفكرة فى قوله انما الخيال ، فيعلمكم أن لكل انسان ، وكل خنفساء ، ولكل ذرة رمل ، ولكل ما يؤلف الكون الأكبر ، شأنا فى كل ما تعملون وتشتهون وتفكرون ، فما انطلق فى الكون صوت إلا كان نوطة فى ترنيمة الحياة العامة . ولا فكر الإ كان خيطا فى نسيج الفكر الكونى ، ولا شهوة الا كانت مويجة على سطح اقيانوس الشهوات المشتركة " ) 23 ) . . وهو لذلك ، ينعت الانسان المعاصر بالهمجية ، عندما يردى عصفورا جميلا ، أ . م . فيقتله
مآخذ ، ومراجع : ) 1 ( النور والديجور ، ص 12 ، وما بعدها ، م . نعيمه . ) 2 ( صوت العالم ، ص 58 ، ميخائيل نعيمة . ) 3 ( سبعون ، ج 1 ، ميخائيل نعيمة ) 4 ( صوت العالم ، ص 151 ، ميخائيل نعيمه ) 5 ( صوت العالم ، ص 152 ، ميخائيل نعيمه . ) 76 ( ابعد من موسكو ومن واشنطون ، ص 29 ، ميخائيل نعيمه ) 8 ( كرم على درب ، ص 104 ، ميخائيل نعيمه ) 9 ( لقاء ، ص 78 ، ميخائيل نعيمة . ) 10 ( اللامنتمي ، ص 130 ، كولن ولسون ، ترجمة أنيس زكى حسن ، ص 3 ، بيروت ) 11 ( اللامنتمي ، ص 23 ، كولن ولسون ، ط 3 . ) 12 ( اللامنتمي ، ص 236 ، كولن ولسون ، ط 3 . ) ٦ ( الوجودية مذهب انساني ، ج ، ب ، سارتر ، عن اللامنتمي ، ص 39 ، كولن ولسون ، ط 3 . ) 14 ( زاد المعاد ، ص 9 ، ميخائيل نعيمة . ) 15 ( ما بعد اللامنتمي ، ص 23 ، كولن ولسون ، ترجمه يوسف شرورو ، وعمر تيمق ، ط 1965،1 ) 16 ( البير كامو ، الغريب واسطورة سيزيف ) 17 ( ما بعد اللامنتمي ، ص 69 ، كولن ولسون ) 10 و 20 ( ما بعد اللامنتمي ، ص 182 ، كولن ولسون ) 21 ( سبعون ، المرحلة الاولى ، ص 185 ، ميخائيل نعيمة 22 ( مناهل الادب العربى ، عدد 2 ، ميخائيل نعيمة ، المقدمة ) 23 ( زاد المعاد ، ) الخيال ( ، ص 15 ، ميخائيل نعيمه
