لست ادرى ما هو السر لهذا الغزو الادبي الجديد الجارف الذى يغزو وعقول بعض ابنائنا من طريق المجلات المعربة . اهو حب الاستطلاع والسرعة فى تناول هذا اللون من الكتابة . ؟ ام هو التشبث ، بكل ما هو جديد ايا كان ؟ ان المجلات الاسبوعية والشهرية التى تحمل الينا البضاعة الشرقية والاسلامية اصبحت تعد بالعشرات . واخذت على نفسها مهمة التثقيف والاصلاح فى قوالب مستساغة نهضمهما هضما . ونبتلعها ابتلاعا ونتمثلها كما نتمثل الطعام
الشهى . فالهلال والمقتطف والكاتب والكتاب والعرفان والمنهل والرسالة والثقافة . مجلات اوشكت ان تصل الى الذروة من ناحيتها الثقافية والشكلية وهى مجلات تكاد ان تكون من ضرورات المجتمع الراقى . فان الشباب الذى يهمل تثقيف نفسه كالذى يهمل غذاءه ويهمل آخر الأمر نظافة اعضائه حتى يهاجمه المرض والفقر والموت . هذه العناصر الثلاثة او مثلث الدمار . كما يقولون . وهناك مجلات غير هذه كيف يحق لنا او كيف تستحق هذا الحب العميق من بعضنا .
هل من الضرورى ومن اللازم . ان تقرأ كل شئ بحجة القول القائل خذ ما وصفا ودع ما كدر . لا اعتقد ان هذه القاعدة صحيحة موزونة . ان تأثير الشئ المطبوع على النفس . وعلى الاخص حينما تكون المشاعر والاحاسيس مفتوحة للتجارب ليحملنا على فقد ان الثقة بآدابنا ونتاج مفكرينا . ان ٩٩ فى المائة من المتعلمين فى كافة الاقطار العربية يطالعون المجلات العلمية والادبية والدينية . ولكن - يطالعونها - للفوائد المبثوثة المبعثرة فى طوايا هذه المجلات يطالعونها للفهم والدرس . ويطالعونها اخيرا . للنقد والغربلة . فهل معنى هذا اننا نقرأ هذه المجلات المعربة التى لا تعنى فى قليل أو كثير بامثال هذه البحوث . بل كل ما تهتم به هو الترجمة . والترجمة التى ليست لها اى علاقة بتفكيرنا وبآدابنا . وبما نطمح اليه من طموح ووثبات لاعادة مجد العرب والاسلام الناس احرار فيما يقرؤون ويكتبون . وللناس مذاهب فيما يعشقون ايضا ولكن ليس معنا هذا ان لا يكون للتوجيه قيمة ادبية وللكتابة هدف معين .
