قال الراوى ان الاسطورة لعبة ترعب خيال الصغار وتدغدغ عقولهم ، فيهربون الى الكبار ، واذا بجنان الرعب حقيقة تقوم على خيال الصغار !.. قال العبد يحدث شهريار : - عمدة القرية فتح متجرا .. شهادة فقر للبيع بالمزاد العلني !. استلقت جارية شهرزاد على ظهرها فوق سرير الملك وقالت : - سوق الجنس راكدة هذه الايام ، انى استسمحك هذا السرير !.. تمرد دولار في جيب رجل أعمال مرموق وتوعد قائلا : - أختار رحلتى هذه المرة الى ما فوق القمر !.. تمدد سجين فوق فراشه وهش فى وجه السجان قائلا : - السجن اقامة مجانية اشتهيتها وما اشتهيت غيرها !.. ارتبك أعرابي وركع خاشعا أمام موكب رجل سام : - أرأيت يا سيدى لقد سرقت هذا البستان من الجنة وقد بعت لأجله شبابي وشباب زوجتى وطفولة صغارى .. قال شحاذ يتذمر لزوجته الضريرة : - العطاء موجود والقوت مفقود: .. والمشكلة تركض هاربة من الحل! . قال الراوى : عبد مجه الاعتقال .. وجارية تحتدم فى أغوارها أنها ..
ملك غيور وسيد انهكه الدولار .. سجين سعيد وسجان عذبه الانتظار ... لفظ العبد بعد أن يئس من شراء شهادة الفقر: - كأني أرى أن الفقير هو فقير الطريق لا فقير الجيوب !.. ارتعشت شفتا الملك غضبا وزمجر: - لقد كفر الخلق بالذهب ، وأنا رب الذهب !.. تذمرت جارية شهرزاد بعد أن أعياها الانتظار: - قد تموت فى أغوارى الطمأنينة ويجف صباى باكرا !.. تنهدت شهرزاد وقالت :
- قد تكره النفوس وهى تشتهى ، وقد يزهر فينا الخوف وهو يجف . هذا زمن يستبدل فيه الرعب رعبا وعاقبة المطاف ذبذبة ليس لها مستقر!.. تزندق الدولار واضطرب فى جيب رجل الاعمال متوعدا منذرا ثانية - اشعر ان - ما وراء القمر - جفاف لا يعجبني ، وجفاف أرضنا يخفى تحته جنة " دولارية " ... لذا أريد أن أغوص في أعماقها بحثا عن جنتى .. رفسه رجل الاعمال فى جيبه ثائرا : - لقد برح بى نعيقك وجعل طمأنينتى موثوقة الى فجيعة " دولارية " استعذب السجين صوت المزلاج وهو يضطرب بين أيدى السجان الغاضبة - إذا أخبرتنى على الخروج فان عودتى ستكون على يديك .. وثمن حياتك رخيص بالنسبة لسرير يأوينى ورغيف يأتيني مجانا .. تراجع السجان حائرا : - أخشى أن تقوم الرذيلة على أنقاض الفضيلة ، وتصبح الرذيلة فضيلة والفضيلة رذيلة ابتسم الاعرابى للرجل السامى وحاشيته : - كما ترون البستان مزهر واشجاره قائمة خضراء لكن العطاء ذاك من شأن البستان .. غمز الرجل السامي مقربه ولفظ : - أنت فرد ونحن مجموعة .. بودى لو أملك هذا البستان فالعطاء يكون من الفرد الى المجموعة ! ..
تذمر الشحاذ وقال لزوجته كاسفا : - أعيانى المطاف وكثرة الدوران ، جيوبى ثقيلة وبطني فارغ ... تنهدت الزوجة الضريرة وقالت : - من يدور فعلى ذاته ومن يطوف فعلى مرآة ذاته .. وانت ذهبت لتدور فتهت فى الطوفان .. وأردت أن تعايش الطوفان فعدت الى الدوران .. وسنة الحياة هذا وذاك ..
قال الراوى : الزمن فقير ، والفقير من ركب الزمن الى بلاد ينعدم فيها وزن الحقيقة .. ورماد من طمع فى لوعة الاجمار!.. جاع شهريار وتخمة الذهب مفتاح ضائع وسط ثورة رملية والعبد واقف أعيته زمرة الانتظار جفاف فى حلقه وجفاف فى صدره .. وجفاف فى يأس شهريار .
قال العبد : - أيها الملك .. سمعت ان الجوع هو جوع النفس الى مرادها ، وجوع الارادة إلى مريدها .. وارادتك تكون اذا حلت ارادتى وتنتهى اذا انتهت ارادتى ! .. زمجر الملك غاضبا ودق الارض دقا : - انى أملك جسدك وروحك منذ امتلكتك .. أين هى ارادتك أن تكون حرا ..سيدا.. أميرا.. أو شهريا ان شئت.. انى اشتم رائحة النهاية أيها العبد !.. قال العبد : والحل يا مولاى ؟ ..
رقصت الجارية وتحسست مواطن الروعة فى جسدها ، ثم ركضت الى شهرزاد وأخذت تدور حولها نشوى سكرى ..ثم انحنت أمامها وداعبتها بصوت كله اغراء .. - سيدتى لقد رأيت حلما .. رأيت يقظتى فى منامى رأيت نفسي فوق هذا السرير بالذات أضاجع الملك ، وشربت النعيم وانا أتلوى بين ذراعيه ... فكانت رغبتى رغم استحالتها ...
سخرت منها شهرزاد وحدثتها قائلة : زماننا زمن يقوم فيه التمني على أنقاض هزيمة المعاش .. فاذا الرغبه حلم يقوم برغبة ثانية أشد عملا من الاولى . تذمرت الجارية ..ثم اضطربت وقالت : - الحل يا سيدتى ! ..
تعب الدولار من الركض .. وأعياه البحث عن جنته " الدولارية " .. هش فى وجه صاحبه المنهوك يستنهضه : - سمعت ان السوق تشتعل هذه الايام ، وأنا اشتاق الى لعبة أكبر من النار .. ما رأيك في جولة !.. مسح رجل الاعمال عرق جبهته ، ولفظ الآه تلو الآه ثم انفجر: - أنت نار ، وعبدك نار ، والسوق نار ، فأى نار اختارها ! أنت دولار تنام فوق دولار ، والسوق ابن الدولار.. هل اشترى دولارا أم ابيع دولارا .. والقوت اين القوت يا رب الدولار !.. اينكس الدولار ثم تساءل : - والحل كيف الحل ؟..
تثاب السجين ثم ابتسم فى لذة على نعيم السجن ، جنة مقنعة بجدار سميك .. قال يداعب السجان : - ان العطاء درجات موكولة لحركية اليدين والرأس ، وسنة البشر عايشت القبول وعادت العطاء .. والعطاء اليوم مشنوق على صليب الخطيئة .. وانا اشتريت هذا النعيم بالذنب ، فما أسعدنى مذنبا ، وما أشقاني مصيبا! .. انفجر السجان بعد ان أعيته الحيلة : - أسفي على من اشترى القناعة في جيد حسناء ليل جائعة .. ان العطاء بالرأى قائم فى ذوات من مسح الجوع فمسحه النائمون أبدا فى وهاد الخطايا .. أخطأت فنلت عطاء لكن عطاء السجن اشترته الايدى الطويلة .. احتار السجين ثم تساءل :
- انى اشتم رائحة كريهة فى كلامك .. فهل تدركني بالحل ؟ ..
انتحى الاعرابى مكانا مهجورا فى بستانه الذى لحسه جوع الفلس .. يبكى بقايا من بقاياه ، ساعد جف وشباب ضاع . . زوجة تآكل عمرها وبنين قد تداعت فى صباهم بكارة الرحم .. ثم انتحب وعيناه تتآكل على صفحة وجه الرجل السامى : - كنت أعتقد أن العطاء محمود من الفرد الى المجموعة .. ولما نلت منى وأخذت بستاني اكتشفت ان العطاء ذميمة يستر فيها المذموم ذميمه .. فاذا بي ادور فى حلقة مفرغة بلا هوية أسترحم اكتافك الحديدية !.. تنفس الرجل السامي الصعداء ثم تلوى وتأوه : - امتلكتك وامتلكت بستانك ، فاذا بي املك الفراغ .. أحس لو امتلكت الارض كلها ما ارتويت وما جفت أغوارى من النباح .. اني أسعى مبهورا .. محبوبا ، ولكن نباح الكلاب يسعى فى صوتى ، وسيف السفاح يتحرك في ذراعي .. والنهم يشتد ويتحول الى جمرة تلتهم أعماقى .. أنت تخافني وتشكونى ، وأنا افترسك وأشكوك ، وداؤنا واحد .. وعاقبة المطاف وخيمة .. انزعج الاعرابي ثم تساءل : - والحل أيها الأمير أين نجده ؟ ..
عاد الشحاذ الى بيته ، ظلام في عينيه وظلام فى رأسه وظلام في بطنه .. أعياه المطاف ودوخه الدوران .. تداعى فوق فراشه وتأمل زوجته الضريرة ثم تأنم :
- لقد نهرنى صبى لما سألته شيئا مما يلتهمه ، وقال : أمي ذكية ، وأختى شهية .. وأبى خمارة تأخذه وخمارة تأويه .. أبى يكرهنى لانني أحب أمي الذكية ، وأختى الشهية .. من في سنى يحتاج الى صوت العصافير فى كل همسة يستمعها .. لا صوت الذئاب وانياب الغول .. ولست ابن السلطان في خرافة ابن السلطان والغول وسمكة برية !.. ابتسمت الزوجة فى مرارة ثم قالت : - المعيان يا زوجي كثيرون فأنا ضريرة .. تخدعني عيناى لما توهمني بأن جولتك اليومية باردة .. وانت ضرير البطن لا تشبع من ألف رغيف .. وغيرك
ضرير يجهل موضع ساقه المرفوعة .. والضرير ضرير الصدر والراس لا ضرير العينين !.. والنهاية ضربة عنترية قد تصلنى أنا المحبوسه فى ديجور مهجور !.. تململ زوجها ثم تساءل : - نهاية سليمة فى سيف السفاح ، والحل كيف الحل !..
قال الراوى : اشتد الحر وسال العرق أنهارا من سيف السفاح !. واشتهت النساء سيف السفاح !. وطالت الألسنة تلحس سيف السفاح !.. وجفت الشفاه حمراء جرداء تبكى سيف السفاح !.. قال الراوى : في ساحة تذكرنا بزمن السفاح .. امتلأ البهو بالشاكين .. قاض يحمل عيون السندباد .. عبد وملك وتل من ذهب ملون .. جارية " شهرزادية " وسيد موثوق الى دولار فى حبال " دولارية " سجين وسجان وخطيئة قائمة فى برج احول .. أمير يشكو التخمة وأعرابى يأنس بشحاذ جائع !.. هشوا وهاجوا ، تهرجوا وماجوا .. وخاف القاضي .. قالوا فى صوت واحد : - قضيتنا واحدة .. نسألك حلا واحدا .. خاف القاضي .. وخافت ساحة القاضي .. قال : - ما حاجتكم .. قال الشحاذ : - نقودى كثيرة .. ولكنى أموت .. أين القوت ؟ .. قاطعه رحل الاعمال : - دولار فوق دولار .. ونهايتى على وجه دولار !..
اسأل ان شئت هذا الدولار ؟ .. تدخل الاعرابى ببراءة : - ذا الداء يا سيدى .. هل تشتريني برغيف ؟ .. انفجر رجل الاعمال : - تعال سأشتريك بثمن ألف رغيف ؟ .. ابنسمت جارية شهرزاد وهمست يائسة : - الداء عظيم الشأن .. ودائى أعظم !.. الآن أدركت لماذا انتهت وليمة السرير !.. دق شهريار الارض بصولجانه بعد ان كشر لشهرزاده : - أيها القاضي هل تشترى هذا الصولجان ؟.. نصف رغيف يكفيني خاف القاضي ، وهم بالهروب ، قال بعد ان شرب أنفاس الشاكين : - اسمحو لى أيها الجائعون الخائفون الهاربون .. ليلكم واحد يكتمل ويكتمل .. يتمخض فينجب فجرا أعمى .. ليلكم وفجركم واحد .. ذا الحل !... انزعجوا وما انزعجوا .. تراشقت عيونهم " مغبونة " ..وذابت عيونهم فى التراب تبكى ترابا ضاع ساعة المخاض !.. قال الراوى : كانوا فكنت!. جاعوا .. فذبت !.. شهرزادنا واحدة .. جاءت : مسمولة العينين جاءت .. مذبوحة الشفتين كانت .. مفقوءة النهدين جادت بثديها !.. شهرزاد نحن .. والدولار نحن .. سجين وسجان نحن ! .. وسراب يركض خلف سراب نحن !..

