كل باحث عربيا ام اجنبيا يحاول بحث فلسفة ابن خلدون وتفكيره ، وتكوينه لمذهبه ، دون العودة المرجعية الى (( القاعدة المادية )) (1) التى بعثت ابن خلدون على هذا التفكير يقع فى خطا من افدح الاخطاء . ولكن ، يمكن ان نربط ابن خلدون كما فعل ايف لاكوست مثلا ( 2 ) بالتفكير المادى الذى كان اصحاب الانسكلوبيديا امثال ديدرو وهلباك احسن ممثليه
صل هذا سؤال القيته على نفسى ، وحاولت ان اجد له جوابا ، على انى طالعت ابن خلدون ، من اوله الى آخره ( اعنى مقدمته ) ، محاولا استخراج ما يمكن ان نراه تفكيرا ماديا ، ثم محاولا تنظيمه فى (( نظام )) موحد ، بطريقة اعترف انها اغتباطية ، ولكنها الطريقة الوحيدة التى تمكننا من فهمه ، وتسمح لنا ان نرتبط به كعرب
هل ادرك ابن خلدون تطور . المجتمع المحتوم نحو الاشتراكية ؛ وهل نفذ فكرة الى القواعد الاساسية المكونة للتاريخ والمحركة له ، والتى يسميها البعض بالتاريخية او ال Historicité علينا ان نحاول اكتشاف هذا فى آثار ابن خلدون .
ماذا يقول ابن خلدون فى التاريخ ، وما هى مقوماته وحدوده ؟ (( لما كانت حقيقة التاريخ انه خبر عن الاجتماع الانسانى الذى هو عمران العالم ، وما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الاحوال مثل التوحش والتانس والعصبيات واصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض وما ينشأ عن ذلك من الملك والدول ومراتبها وما ينتحله البشر فاعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش والعلوم
والصنائع وسائر ما يحدث فى ذلك العمران بطبيعته من الاحوال ... فان كل حادث من الحوادث ذاتا كان او فعلا لا بد له من طبيعة تخصه فى ذاته وفيما يعرض له من احوال ))
وقد يقول قائل ان ابن خلدون يخضع التاريخ الى نوع من (( الظرفية )) ، وهو لا يرى الا الطبيعة التى تخص الذات ، او الحالة العارضة ، دون اكتشاف القواعد العامة والخطوط الكبرى المسيرة للتاريخ .
ولكن ، عند هذا القول ، لا بد ان يلجأ الى ما قاله ابن خلدون ، على ان بحثنا سيكون وسيبقى ناقصا ما دامت اغلب كتب ابن خلدون ، كما راينا ، لم تطبع كلها .
الواقعية : ابن خلدون (( عقل جديد ))
على اننا نجد ابن خلدون مفكرا يعود دائما وابدا للواقع ولمادة الواقع ... فهو حين انتقد ما ذهب اليه المسعودى من غوص الاسكندر فى صندوق فى البحر ، استمد حججه وبراهينه من واقع الحياة والمجتمع فقال
(( ... وهذه كلها قادحة فى تلك الحكاية والقادح المحيل لها من طريق الوجود ابين من هذا كله ، وهو ان المنغمس فى الماء ، ولو كان فى الصندوق يضيق عليه الهواء للتنفس الطبيعى ، وتسخن روحه بسرعة تقلبه فيفقد صاحبه الهواء البارد المعدل لمزاج الرئة والروح القلبى ويهلك مكانه )) .
هذه نظرة او قل حكم ابن خلدون ، ولكن من اين استمده ؟ استمده من البحث والتحليل الاجتماعى ولواقع البشرية :
(( وهذا هو السبب فى هلاك اهل الحمامات اذا اطبقت عليهم عن الهواء البارد ، والمتدلين فى الابار والمطامير العميقة المهوى اذا اسخن هواؤها بالعفونة ولم تداخلها الرياح فتخلخلها فان المتدلى فيها يهلك لحينه . وبهذا السبب يكون موت الحوت اذا فارق البحر فان الهواء الذى خرج اليه حار فيستولى الحار على روحه الحيوانى ويهلك دفعة )) (3 )
وهذه بالنسبة للمسعودى وللطبرى ولاغلبية المؤرخين العرب الذين امتازوا بعقلية (( خرافية ))
ولكن المؤرخ الذى بعث (( العلم الجديد )) Saenza nuova لا يمكن ان يكون
الا مجددا ، وما علينا الا ان نتابعه فى تفكيره حتى نرى كيف نشأت فكرة (( التاريخية )) عند ابن خلدون ، وباى طريقة انبعثت.
نرى ابن خلدون ناقدا داحضا (( مدينة النحاس )) و (( كل بنائها نحاس بصحراء سجلماسية )) التى ذكرها الادريسى ، يلجا الى الواقع والواقعية ، فيقول (( ان هذه الاحوال التى ذكروا عنها كلها مستحيل مناف للامور الطبيعية فى بناء المدن واختطاطها . وان المعادن غاية الموجود منها ان يصرف فى الآنية والخرشى واما تشييد مدينة منها فكما تراه من الاستحالة والبعد وامثال ذلك كثير )) ...
ولكن كيف للمؤرخ ان يبين تاريخه دون الوقوع فى هذه الاغلاط الطريقة هى فى الحقيقة المرحلة الجديدة التى قطعها ابن خلدون بالفكر العربى .
(( وتمحيصه انما هو بمعرفة طبائع العمران وهو احسن الوجوه واوثقها فى تمحيص الاخبار وتمييز صدقها عن كذبها ...
وعند هذا الحد يصدر ابن خلدون حكمه الجديد فيقول ، قالبا الوضع راسا على عقب ، لان عصره والعصور التى سبقته آمنت بان سلسلة الرواة متى كانت (( صحيحة )) ومتى كان افرادها من غير المجروح فيهم ، كان (( الحديث )) او " الخبر " المورود صحيحا ولو جاء بما ينافى العقل ...
(( وتمحيص الاخبار وتمييز صدقها عن كذبها ... سابق على التمحيص بتعديل الرواة ، ولا يرجع الى تعديل الرواة حتى يعلم ان ذلك الخبر فى نفسه ممكن او ممتنع ، واما اذا كان مستحيلا فلا فائدة للنظر فى التعديل والتجريح ... واما الاخبار عن الواقعات ، فلا بد فى صدقها وصحتها من اعتبار المطابقة فلذلك وجب ان ينظر فى امكان وقوعها وصارفيها اهم من التعديل ومقدما عليه )) ...
وبعد هذه الطعنة الجبارة فى عقلية القدماء والاوهام التى سادت العقلية التاريخية العربية والمسيحية على السواء يصل ابن خلدون الى الباب الاول من قصر تاريخه الجليل الذى كان هو اول بانيه . ))
(( ... واذا كان ذلك ، بالقانون فى تمييز الحق من الباطل فى الاخبار بالامكان والاستحالة ، ان ننظر فى الاجتماع البشرى الذى هو العمران ، وان نميز ما يلحقه من الاحوال لذاته ، وبمقتضى طبعه ، وما يكون عارضا لا يعتد به ، وما لا يمكن ان يعرض له
وإذا كان ذلك فالقانون فى تمييز الحق من الباطل فى الاخبار بالامكان والاستحالة ان ننظر فى الاجتماع البشرى الذى هو العمران ان نميز ما يلحقه من الاحوال لذاته وبمقتضى طبعه وما يكون عارضا لا يعتد به وما لا يمكن ان يعرض له .
واذا فعلنا ذلك ، كان ذلك لنا قانونا فى تمييز الحق من الباطل فى الاخبار والصدق من الكذب بوجه برهانى لا مدخل للشك فيه ... وكان ذلك لنا معيارا صحيحا يتحرى به المؤرخون طريق الصدق والصواب فيما ينقلونه (4) ))
علم جديد
وهكذا استعمل ابن خلدون ، طريقة فى بحث التاريخية غير طريقة سابقية العقلية الجديدة التى امتلكها بعد بحوث طويلة ، وتحارب متنوعة ، ومجاهدة صوفية ( 5 ) امتزجت بسيرة لا تخلو من (( ميكافيلية )) سياسية عقلية نشات عن بيئة وفى بيئة عامة سادت البحر الابيض المتوسط كله تقريبا
وهذه (( الطريقة )) شئ جديد ، وعلم جديد ادرك ابن خلدون ، اول من ادرك طرافتها وجدتها ، وعدم تبعيتها لغيرها من العلوم فقال :
(( وكان هذا علم مستقيل بنفسه ، فانه ذو موضوع وهو العمران البشرى والاجتماع الانسانى ، وذو مسائل وهى بيان ما يلحقه من العوارض والاحوال لذاته واحدة بعد اخرى ... (( ثم يضيف مدركا انه احدث علمه ، وبعث طريقته ، ومهد لعلم الاجتماع الحديث sociologie الظهور ، يسير ، (( ان الكلام فى هذا الغرض مستحدث الصنعة غريب النزعة ، غزير الفائدة اعثر عليه البحث وادى اليه الغوض
وعلمه هذا يخالف الخطابة ويخالف (( علم ساسة المدينة )) ذلك العلم الذى بحثه طويل بعد افلاطون ، فيلسوف الاسلام ، ابو نصر الفارابى ، فى كتابه (( أراء اهل المدينة الفاضلة )) ، ويتجاوز علم الانسان المثالى او (( الايتوبيا ))
كما فعل ابن طفيل فى رسالة حتى ابن يقظان وان هو استمد من بعضها او من جلها جزءا من عناصر علمه الجديد .
ولكن ، لى فى علم ابن خلدون الجديد راى جديد وفكرة حديثة ، اقدمها اليوم لاول مرة تخص اصول فكر ابن خلدون ، وتكوين رايه فيما يخص العمران وفلسفة تطور المجتمع ، لان ابن خلدون فى حقيقته (( فيلسوف )) اكثر منه عالم اجتماعى
بعض اصول (( العلم الجديد ))
ولا شك فى ان لهذا العلم الجديد اصولا فكرية لم يهتد اليها ، الى هذا اليوم احد ، والسبب فى هذا الجهل بسيط ، فاننا لا نملك لحد هذه الساعة دراسة واحدة عن حياة ابن خلدون ، وعن اصول تفكيره وعن فكره فى التاريخ وعلم الاجتماع والفقه والتصوف ، دراسة جدية لا هزلية (6 ) على شاكلة تلك الدراسات التى يخصصها عادة اساتذة الجامعات الاوروبية والاميريكية لشخصية واحدة بعد ان يقوموا بدراستها ( 7 )
هذه الاصول الفكرية اجد بعضها ان لم اقل جلها ، فى انتقال بعض المفاهيم العصرية التى انتقلت من احد اساتذة ابن خلدون ، اعنى محمد بن ابراهيم الابلى الذى كان يتعاطى علم الرياضيات وعلم الفقه ، وكان يخلو ايضا بنفسه قرب احد اولياء جبال الاطلس ، ومن الغريب ان ثار استاذ ابن خلدون هذا الذى عرفه حين استولى بنو مرين على افريقيا ، ونزلوا بتونس مع علماء حضرتهم فاس - وكان بين هؤلاء العلماء صاحبنا الابلى - هؤلاء العلماء الفاسيون الذين اثروا فى نفس الفتى ابن خلدون ، وهو فى الرابعة عشر من عمره ذلك التاثير العميق الذى احتفظ لنا به فى ترجمته لنفسه المعروفة ب (( التعريف )) بابن خلدون ، ورحلته شرقا وغربا ))
محمد ... الآبلى ، استاذ ابن خلدون وملهمه
(( وكان قدم علينا فى جملة السلطان ابى الحسن ، عندما ملك افريقية سنة ثمان واربعين ( وسبع مائة ) جماعة من اهل العلم ، كان يلزمهم شهود مجلسه ويتحمل بمكانهم فيه ( 8 )
... ومنهم شيخ العلوم العقلية ( 9 ) ابو ابراهيم عبد الله محمد بن ابراهيم الابلى .
اصله من تلمسان ، وبها نشأ ، وقرأ كتب التعاليم وحذق فيها . واضله الحصار الكبير بتلمسان ، اعوام المائة السابعة ، فخرج منها وحج ، ولقى اعلام المشرق يومئذ ، فلم ياخذ عنهم ، لانه كان مختلطا بعارض عرض فى عقله .
ثم رجع من المشرق وافاق . وقرأ المنطق والاصلين ( 10 ) على الشيخ ابى موسى عيسى بن الامام . وكان قرأ بتونس ، مع اخيه ابى زيد عبد الرحمان على تلاميذ بن زيتون (11 ) الشهير الذكر ، وجاء الى تلمسان يعلم كثيرا من المعقول والمنقول ، فقرأ الابلى على ابى موسى كما قلناه ، ثم خرج من تلمسان هاربا الى المغرب ، ولحق بمراكش ولزم العالم الشهير ابا العباس ابن البناء ( 12 ) الشهير الذكر فحصل عنه
سائر العلوم العقلية ، وورث مقامه فيها وارفع ثم صعد الى جبال الهساكرة بعد وفاة الشيخ باستدعاء على بن محمد بن تروميت ليقرأ عليه ، فافاده ، وبعد اعوام استنزله ملك المغرب السلطان ابو سعيد واسكنه بالبلاد الجديدة ، والآبلى معه .
ثم اختصه السلطان ابو الحسن ، وضمه فى جملة العلماء بمجلسه ، وهو فى خلال ذلك يعلم العلوم العقلية ، ويبثها بين اهل المغرب ، حذق فيها الكثير منهم من سائر امصارهم ، والحق الاصاغر بالاكابر فى تعليمه .
ولما قدم على تونس فى جملة السلطان ابى الحسن ، لزمته ، واخذت عنه الاصلين ، والمنطق وسائر الفنون الحكمية ، والتعليمية )) ( 13 )
وهكذا ، يظهر لك لاول مرة انتقال الفكر وامتداده وتطوره من الحلقة الاولى أبو العباس ابن البنا ، الى الحلقة الثانية : ابو عبد الله محمد بن ابراهيم الابلى ، الى الحلقة الثالثة : عبد الرحمان بن خلدون ، على اننا نريد ان نسترسل مع بن خلدون ، فى كتابه (( التعريف )) او (( فى ترجمته لنفسه )) لنرى مدى تأثير الابلى على تكونه العقلى وخاصة على ظهور ادبه او علمه الجديد .
وهذه محاولة نريد ان يعترف الناس بفضلها ويدركوا سرها ويخصص بن خلدون لاستاذه الابلى فصلا كاملا لهذا العالم ذى الاصل الاندلسي ( آيلة ) Avla الذى كان جده قاضيا لتلمسان ، ووالده قائدا للمرسى الشهير القريب من تلمسان ( هنين ) ، ... فعاش الابن ايام هجوم الامير يوسف بن يعقوب ، حياة مضطربة حتى انه تسور اسوار تلمسان ليلتحق بوالده الاسير - هذه الحياة المضطربة التى تذكرك بحياة تلميذه ابن
خلدون ، واثناء سفره للحج اختلط عقله لشربه ماء كافور ... وعاد الى بلده ، ولكن السلطان اجبره على خدمته فاختفى هربا من تلمسان ، عند (( شيخ التعاليم )) من اليهود ، خلوف المخيلى )) ... وعندما وصل الى تونس كان ابن خلدون من اعز تلامذته فهو يقول : ( 14 )
(( .. وكانت قد حصلت بينه وبين والدى ، رحمه الله صحابة ، كانت وسيلتى اليه فى القراءة عليه ، فلزمت مجلسه ، واخذت عنه ، وافتتحت العلوم العقلية بالتعليم ، ثم قرأت المنطق وما بعده من الاصلين ، وعلوم الحكمة ، وعرض اثناء ذلك ركوب السلطان اساطيله من تونس الى المغرب وكان الشيخ فى نزلنا وكفالتنا ، فاشرنا عليه بالمقام ، وثبطناه عن السفر ، فقبل ... واقام الشيخ بتونس ونحن واهل بلدنا نتساجل فى غشيان مجلسة ، والاخذ عنه . ))
بل وتجد ابن خلدون يتتلمذ على تلاميذ الابلى ، مثل ابى عبد الله محمد بن محمد الصباغ من اهل مكناسة وابى عبد الله محمد بن النجار من اهل تلمسان ، غير ان الفضل الاكبر يعود للابلى الذى احترمه ابن خلدون ، واجله وقدره ، وبعد ان مات والده بالطاعون الجارف ، الذى عم بلدان البحر الابيض المتوسط جميعا (( ولزمت مجلس شيخنا ابى عبد الله الابلى ، وعكفت على القراءة عليه ثلاث سنين الى ان شدوت بعض الشئ ( 15 )
بل وتجد ابن خلدون وهو لم يستكمل علمه بعد ، يقرر وقد رحل بنو مرين عن افريقية بعد هزيمة القيروان امام الاعراب ، يقرر اللحاق بهم
(( وقد كنت منطويا على مفارقتهم ، لما اصابنى من ( 16) الاستيحاش لذهاب اشياخى وعطلتى عن طلب العلم . فلما رجع بنو مرين الى مراكزهم بالمغرب ، وانحسر تيارهم عن افريقية ، وأكثر من كان معهم من الفضلاء صحابة واشياخ ، فاعتزمت على اللحاق بهم .. ))
وكان الآبلى ، بين الكتب التى يدرسها ويفسرها ، قرأ كتاب الاشارات ( 17) لابن سينا وكذلك كتاب الشفاء لنفس الفيلسوف وتلاخيص كتب ارسطو لابن رشد (18 )
ولا شك اننا بدأنا نشعر باهمية الابلى ، وطرافة تفكيره ، وعمق مداركه ، وشموله للتفكير والفلسفة ، حتى ان الاستاذ جاك بارك ، فى بحثه عن ( مدرسة فاس ) الذى اشرنا اليه سابقا ، قال عنه
(( انه لوجه غريب هذا الابلى ، هذا المعلم الرحالة ، الذى يبدى بين آونة واخرى من الشذوذ الفكرى تعمقا فى الحسابيات الاقليدية ، وفى الفقه ، وفى المجاهدة الصوفية ، لدى ولى من اولياء جبال الاطلس . وهو يحكم فى نفس الوقت ، على تكاثر الكتب وعلى تشييد مدارس ( سكنى الطلبة ) . وليس هذا بثورة الفكر فقط على خنوع الفكر الذى ينجر من قيام المؤسسات ولكنه شعور غريزى مدافع ضد الاخطار التى كانت تهدد العقل والتفكير ، والتى كانت ناتجة عن المؤسسات العلمية (الدولية ) التى اقامها بنو مرين فهو قد ادرك ان كل تنظيم كامل للمعرفة لا بد ان يكون مضادا للحرية اللازمة للعلم ، وان ظهور هذا الادب الذى ازداد يوما بعد يوم من كتب الشروح والتفاسير والهوامش ، غذاء متعفن ، وسبة لا تغتفر ضد الفكر .)) ( 19 )
وهكذا ، زرع الآبلى فى عقل تلميذه ابن خلدون ، بذور الثورة ، التى اثمرت لنا منهجية جديدة بالنسبة لما عرفه الناس ، ولكن ليست بالجديدة تماما لما كان فى عصره من اراء شاذة وعلوم هامشية ظهرت بفضل اساتذة كبار ، اعان على ظهورها الجو الفكرى والسياسى والاجتماعى المضطرب الذى عاشه المغرب الاسلامى فى عصر ابن خلدون.
وعلينا الآن ان نحلل العلم الجديد ، او ما عساه يكون علما جديدا خلقه ابن خلدون .
ان المجتمع البشرى فى نظر ابن خلدون ، يتبع ويخضع لتطور طبيعى محتوم ( ((مقدر )) حسب العبارة الفلسفية ) (( تحت تاثير عوامل قوية ))
وهو قد ادرك لقررون عديدة قبل زعيمى المذهب الاشتراكى المادى ماركس وانقلس ( فى كتبهما خاصة (( دور العنف فى التاريخ )) ) دور القوة وسيطرتها
فابن خلدون نسب التطور التاريخى ، الى عوامل مادية بحتة ، وكانه نفى نفيا كاملا او كاد الدور الذى يمكن ان تلعبه المثالية فى تطور المجتمع .
كيف يرى ابن خلدون تطور المجتمع ؟ والى اى مصير تذهب المجتمعات البشرية ؟
انه فى الحقيقة لا يحدد هذا المصير تحديدا مضبوطا ، ولكنه يصرح بنظرية هامة جدا ، وهى ان المجتمعات تدين فى تطورها فى آخر مرحلة ، الى القاعدة المادية التى تقوم عليها . دون ان يفقد ابن خلدون شيئا من مثاليته التى ورثها عن اساتذته المغاربة . فهو يقول مرة (( ومن الغلط الخفى فى التاريخ ، الذهول عن تبدل الاحوال فى الامم والاجيال ، بتبدل الاعصار ومرور الايام . )) (20 ) و (( ذلك ان احوال العالم والامم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر انما هو اختلاف على الايام والازمنة وانتقال من حال الى حال )) ( 21 )
طور البداوة
اول طور ، يراه ابن خلدون للمجتمع البشرى ، هو طور البداوة ، وهو طور المجتمعات الجماعية ، التى تقوم على اساس العصبية . والعصبية عند ابن خلدون ، هي المحرك الاكبر لهذا التطور ، وهو التطور الحاجى قبل الكمالى وطور الانسان الطبيعى قبل الانسان المتحضر وطور التعاون الجماعى قبل الطور الفردى الذى ينفلت الشخص فيه من ربقة الجماعة ويتحرر من قيود القبيلة . ويقيم ابن خلدون ، - ولا اخاله كان شاعرا بما وصل اليه - سوسيولوجية الشعوب الرحل وكذلك الشعوب التى وسمناها اليوم (( بالعالم الثالث ))
غير اننا لا نوافق ابن خلدون حين يذهب فى فصل من فصوله الى (( ان البدو اقدم من الحضر وسابق عليه ، وان البادية اصل العمران والامصار مدد لها )) ، او الى ما يعتقده فى فصل آخر من (( ان اهل البدو اقرب الى الخير من اهل الحضر )) . ولعل هذا ناتج عن ان آراءه قد استمدها صاحبنا قبل كل شئ من حياة عصره ، وحياة عصره كانت فترة ظهرت فيها القبائل المتعصبة .
- من مرابطية وموحدية - فهزمت النظم الحضارية واستولت على سلطانها ولهذا ، ترى ان ابن خلدون الى حد بعيد ، مشبع بعصره متاثر به .
العصبية
يذهب ابن خلدون فى تفكيره ، نفس المذهب الذى سار عليه المفكرون الماديون ، من ان الانسانية تطورت من الاسرة ، الى القبيلة Clan الى الامبراطورية empire غير ان ابن خلدون يختلف فى جزء كبير فى تفسيره لقيام هذه المظاهر لتطور البشرية . فهو لا يفسرها ابدا بروح السيطرة والاستثمار ، او الهيمنة الاقتصادية بل يذهب الى استنتاج مفهوم جديد ، هو مفهوم العصبية .
وهذا المفهوم نفسه ، كمفهوم البداوة عند ابن خلدون تاثر الى حد بالغ ببيئة عصره ، ومعطيات زمانه ، فتسمعه فى فصل يخصصه للعصبية يقول انها (( انما تكون من الالتحام بالنسب او ما فى معناه )) واكثر من مرة يذكر لحمة النسب ، وهى فى نظره ، ليست (( مجرد ذكرى )) ... على انها ليست ، كما يذهب اليه ايف لا كوست قانونا ، ل (( ديموقراطية عسكرية )) )(22 ) فالطور البدوى فى رايى ، ابعد الاطوار عن نوع من انواع الديموقراطية . وابن خلدون لم يلجأ الى هذا المفهوم ، الا بدافع الحياة التى عاشها ، وبالمجتمع الذى وجد نفسه فيه ، والذى كان ينقسم الى مدن حضرية ، منظمة سياسيا ، دخل عليها الترف ، واكلها النعيم - وتجدها فى الحضارة الاندلسية ، والحضارة الفاسية والحضارة القيروانية والتونسية ، والحضارة التلمسانية خاصة ، وبين مناطق واسعة شاسعة ، - جبلية مرة وصحراوية اخرى - سكنتها القبائل ...
مما لا شك فيه فى رايى ، ان نظرية العصبية قامت فى ذهن ابن خلدون اثر الازمة الكبرى التى دخلت على بلدان المغرب العربى ، اثر الطاعون الجارف الذى حل لا بالمغرب العربى فقط ، بل بكل بلدان البحر الابيض المتوسط ، (23 ) والذى افرغ المدن من سكانها ، وحصد مئات الالآف من السكان ، ولكنه لم
يمس بسوء النواحى الجبلية والصحراوية ... فنتج عنه اختلال حاسم فى التوازن بين المدن وقواها وبين قوى القبائل الصحراوية التى اندفعت اندفاعاتها الكبرى واحتلت شمال المغرب واسبانيا ، ولم يجد ابن خلدون امرا آخر ، سوى مفهوم العصبية ليفهمنا كيفية وصولها الى المدن ... ذات الاسوار المنيعة والجيوش الباسلة ( ولكنها جيوش اضمحلت اثر الطاعون ) واستيلائها عليها فيقول : (( ان الغاية التى تجرى عليها العصبية هى الملك .. وقدمنا ان الآدميين بالطبيعة الانسانية ، يحتاجون فى كل اجتماع الى وازع وحاكم يزع بعضهم عن بعض ، فلا بد ان يكون متغلبا عليهم بتلك العصبية ، والا لم تتم قدرته على ذلك . وهذا التغلب هو الملك .. )) ويضيف بعده (( فالتغلب الملكى غاية العصبية )) ( 24 )
ونريد لكى يحسم الخلاف من ان ابن خلدون قد ذهب بالعصبية الى مفهوم - قد ظنه بعضهم ثوريا - لكنه ينبع تماما عن حياة عصره ، ايراد فقرة من المقدمة يقول فيها : (( ان الرئاسة لا تكون الا بالغلب ، والغلب انما يكون بالعصبية ، ( 25 ) . ولا تكون العصبية الا فى العائلات المشهورة التى تعودت القيادة ... يجب ان يكون لاحد الافراد سلطة يفرض بها اوامره على الآخرين ... ويكون لهذا الفرد من علو نسبه افضلية تجعله يحكم كرئيس لكل عائلات الاحلاف . ))
ويختلف هذا الطور تماما عن طور الاقطاع والاقطاعية Fèodalitè ولا يوجد هذا الطور فى تاريخنا الا فى بعض الظروف وفى بعض البلدان _لان وحدة القبيلة ، ووحدتها النفسانية خاصة تجعل منها وحدة لا تتجزا سواء فى استثمار الارض او فى الاندفاع ضد الجماعات الاخرى
ومن يدرس مثلا استيلاء المرابطين على الغرب الاسلامى يدرك ان الوحدة ( او قيام العصبية ان شئنا ) الذى بدا من قبيلة لمتونة وتم بين احلاف الصنهاجيين ، والذى غمرو ديار مصمودة ، هيأ فكر ابن خلدون لبعث مفهوم العصبية وكذلك قيام الموحدين ، فهو عودة روح العصبية لقبائل مصمودة ، بعد فتوره فى قبائل واحلاف صنهاجة . وهذه الدياليكتيك بين سورة العصبية وخمودها واضمحلالها ، هى فلسفة ابن خلدون الجديدة ... على اننا نجد جملة فى المقدمة ، لم يلتفت اليها المؤرخون عادة ، وهى قد تتنافى مع مذهب
العصبية عند ابن خلدون لتقيم مكانه مذهب البطولة والفردية والسلطان الفردى القائم على الحرب فهو يقول ( فصل فى ان الرياسة على اهل العصبية لا تكون فى غير نسبهم ) :
(( ولقد بلغنى عن يغمراسن بن زيان مؤثل سلطانهم ( 26 ) انه لما قيل له ذلك ( من ان من منالهم للملك والعزة انما كان بعصبيتهم ، ولم يكن بادعاء علوية او عباسية ولا لشىء من الانساب ) انكره ، وقال بلغته الزناتية ما معناه : اما الدنيا والملك فنلناهما بسيوفنا لا بهذا النسب ، واما نفعه فى الآخرة فمردود الى الله . ))
وليس محركها ، فى آخر الامر الفقر او المادة المخصصة ، ولكن لكى ننصف ابن خلدون ، ولكى نفهم فكره ، يعود كذلك الى تيارات ونزعات مادية ودينية ، بل احيانا دينية صرفة فهو يخصص فصله 27 الى (( ان العرب لا يحصل لهم الملك الا بصبغة دينية من نبوة او ولاية او اثر عظيم من الدين على الجملة )) (27 )
فى الفلاحة
ولكن الانسان - وهو حيوان مدنى بالطبع - ينزع ككل كائن الى التحضر وخروجه من طور البدائى الى طور حياة افضل .
ولعلنا نجد اكبر برهان على ارتباط فكر ابن خلدون بالقاعدة المادية ، فى دراستنا لمفهوم (( المعاش )) عنده ، وهو يعنى عند ابن خلدون المجهود الجبار الذى يقوم به الانسان حتى يكسب قوته ، وابن خلدون يرى ان عمل الانسان هذا ، ومجهوده هذا (( ضرورى )) ، وهو لا يقف فى بحثه على الفلح او الاقتناص او الاصطياد ، ولكن يتعداه الى الصناعة والى التجارة ، ويتجاوز هذا وذاك الى المغارم ( 28 ) والسبايا التى لا يمكن ان توجد الا فى مرحلة وطور الحضارة .
وطور الفلاحة هذه طور هام جدا ، فى فلسفة ابن خلدون لانه مرحلة وسطى بين طور البداوة وطور الحضارة .
مرحلة الحضارة
واذا ما امكن القول بان طور البداوة يرتبط ارتباطا وثيقا بالفلاحة والزرع
فان صاحبنا يرى ان انتقال البداوة والبدو بعد غلبتهم على غيرهم بفضل العصبية ، هو طور الصناعة والتجارة . ويبدا عند ذلك امتلاك وسائل الانتاج من طرف الملك ...
التطور الاجتماعى والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية
يرى ابن خلدون - وقلنا انه مخطئ - ان البدوى يحمل فى ذاته النقاوة والنزاهة ومحبة الخير ، وبالعكس فالرجل الحضرى ، رجل فاسد الطبع ، مجبول على الشر . فهل يمكن ان يكون هذا التناقض ، قاعدة جديدة للبحث ؟ كلا ، ولكنك تجد عند ابن خلدون وانت تفحص المقدمة ، اراء اخرى عن التطور الاجتماعى ، راينا مفيدا جمع بعضها .
منها ان ابن خلدون استطاع ان يفهم حياة المدينة الداخلية فوصف لنا الصنائع وتطورها واسباب ظهورها وظروف الانتاج فيها .
وهو يلزم المدنية او الحضارة ، لكى تحيا ، ان تجد لنفسها منبعا واستيرادا من الخارج . والحضارة المدنية فى رايه لابد ان تكون لها قاعدة فلاحية زراعية ( وهى نظرية تخالف النظرية المركسية التى ترى بالعكس لزوم قاعدة صناعية ) ويرى ابن خلدون ان نشوء المدن وتطورها ناتج عن كثرة الصنائع وتكاثر المنتوجات . وعن هذا ينتج ازدياد سكانى ملحوظ . وابن خلدون حين يدرس او يتحدث عن المدينة ، يعطى المكانة الاولى ، بعد الاشراف والنبلاء والوزراء والعلماء والفقهاء - اعنى الخاصة - الى طبقة الصناع والتجار ، ولا يأبه بالمرة بجماعة الفلاحين والمزارعين .
وارى لابن خلدون عقلية عصرية ، فهم سر تطور المجتمع والدولة ، وأهمية (( رأس المال )) فى تطور المجتمع ، فذهب يدافع عن التجار ، وعن لزوم احترام تجارتهم .
(( وتارة باستخداث التجارة والفلاحة للسلطان على تسمية الجباية لما يرون التجار والفلاحين يحصلون على الفوائد والغلات مع يسارة اموالهم ، وان الارباح تكون على نسبة رؤوس الاموال فيأخذون فى اكتساب الحيوان والنبات لاستغلاله في شراء البضائع والتعرض بها لجوالة الاسواق ، ويحسبون ذلك من ادارة الجباية وتكثير الفوائد ، وهو غلط عظيم وادخال الضرر على الرعايا من وجوه متعددة ))
وابن خلدون يكتشف كذلك ، نظرية هامة وهامة جدا فى الاقتصاد المعاصر وهى نظرية ازدياد الارباح واتساع رأس المال ، فيقول : (( واعلم ان السلطان
لا ينمى ماله ولا يدر موجوده الا الجباية وادرارها وانما يكون بالعدل من اهل الاموال ، والنظر لهم بذلك ، فبذلك تنبسط آمالهم وتنشرح صدورهم للاخذ فى تثمير الاموال وتنميتها ..)) و (29 )
ونظرية تطور المجتمع عند ابن خلدون يمكن ان نلخصها هكذا :
1) ازدياد فى السكان 2 ) ازدياد فى الحاجيات 3 ) ازدياد فى ثروة المنتجين ، خاصة طبقة الصناع الكبار ، ان كانت سياسة الدولة سياسة موالية لهم .
وهكذا تبصر ان ابن خلدون يربط بين مفاهيم عصرية ثلاث لم يصل اليها المفكرون العرب قبله - على ان ابن خلدون كما قلنا ، وان حقر من شأن الفلاح والفلاحين والفلاحة الا انها - كرجل دولة وكعالم اجتماعى وكرجل اقتصاد سياسى ليهتم بكثير بحالة الانتاج فى الارياف والبوادى ويطالب السلطان بالسهر على أمن الرعايا من الفلاحين .
الفلسفة وعلم الاجتماع
ومع هذه العقلية الجديدة - التى اعانت ابن خلدون على اخراج هذه الاراء الجديدة التى ذكرنا بعضها ، وحللنا بعضها ايضا ، والتى تعد بحق علما جديدا مستنبطا ، تصادفك عند ابن خلدون نفسه عقلية (( متأخرة )) او (( قديمة )) او (( مثالية )) ان شئت ، خاصة فيما يتعلق بتطور الحضارة نفسها
فابن خلدون يرى ان للحضارة طور ولادة وطور نمو واستيلاء وطور سلطان وعز وطور هرم وتقلص وزوال .
ولكن ابن خلدون - الذى بقى الى حد بعيد اسير عصره وتعليمه - لا يستطيع ان يرى امتدادا اوسع للملك وللحضارة ... فهو قد ادرك ان (( الحضارة غاية العمران ونهاية لعمره وانها مؤذية بفساده )) .... ولكن هذه النظرية ويا للاسف لا تتفق اتفاقا تاما ولا فى غالب الاحيان مع التاريخ ، فهي متأصلة فى العقلية الاسلامية التى ترى ان الفساد حال وعام كلما ابتعدت الاجيال من الجيل الاول الاسلامى ، اعنى جيل الرسول عليه الصلاة والسلام وجيل الخلفاء الراشدين .
وهذه العقلية بحثت حق البحث ولا نرى حاجة للعودة اليها ولا نشير
هنا اليها الا لفهم اصالة العلم الجديد الذى خرج به ابن خلدون من تلقاء نفسه - متأخرا ، الى حد عسر على العلماء ضبطه وتحديده - فاساتذته المغاربة خاصة الآبلى ولا نشر اليه ، الا لادراك مدى الصعوبة التى واجهها ابن خلدون فى نفسه للخروج بمفاهيم جديدة ، كانت الى حد بعيد ، (( ظرفية )) ولكنها وصلت الى درجة من الشمول ، اعترف بها اشد الناس كراهية للتفكير العربى ، اعنى اميل فيليكس غوتى E. F. Gauthier الذى اعد ابن خلدون اغوسينس المغرب العربى .
خلاصة البحث
الباحث النزيه ، يكشف ان العلم الذى جاء به ابن خلدون ، او اعتقد انه اكتشفة ، هو ، فى آخر مرحلته ، جمع بين المثالية التى تجعل ابن خلدون يقول مثلا ، حين اراد ان يحدد عمر الدولة (( وهذا العمر للدولة ، بمثابة عمر الشخص من التزيد الى سن الوقوف ثم الى سن الرجوع وهذه الحوادث طبيعيه ولا شئ يمكنه منعها )) وهو حين يتحدث عن الدين ، ويتحدث عن الطلمسات والسحرة والكيمياء واكسير الحياة ( انظر فصل الفهرست لابن النديم الذى احتفظ لنا بجميع الكتب المؤلفة فى هذا الباب فى العصور الاسلامية الاولى ) ، يبقى الى حد بعيد ، عقلا مثاليا مشبعا بتقاليد العرب وارائها . ولكن ابن خلدون ، يجمع هذه العقلية - ويمزج بينها وبين عقلية مادية ، جعلته ، - تبعا لتشبعه بالفلسفة الافلاطونية ، التى تقيم اكبر وزن لحياة المجتمع ونظم المدنية ( انظر مثلا (( جمهورية )) افلاطون ) ينظر الى حياة المدينة ، وحياة المجتمع ، من زاوية التطور المادى وهو لا يدرس ، تطور المجتمع المادى فقط ، ولكنه ينظر ويحلل العوامل التى تبعثه على ذلك ، ويحلل بدياليكتيكية ظاهرة ( ورثها عن الفلسفة ) ، هذه العوامل ، ويصل الى نتيجة حاسمة يؤيدها اليوم علماء الاجتماع ، وقد سموها بال Mutation فيقول (( واذا تبدلت الاحوال جملة فكانما تبدل الخلق من اصله وتحول العالم باسره ، وكانه خلق جديد ونشأة متسابقة وعالم محدث ))
ملحق ل (( مراجع عن ابن خلدون ))
نشر الاستاذ هنرى بيريس Henri Peres فى مجموعة المقالات والبحوث التى اهداها المشترقون الايطاليون والاجانب ، الى الاستاذ جورج ليقى دلاقيدا Georgéo Levi _ Della Vida من جامعة روما ومدرسة الدراسات الشرقية
الايطالية ، مقالة ، جمع فيها عنوان الدراسات والبحوث التى نشرت الى سنة 1957 عن العلامة والمؤرخ التونسى ( 35 )
ومقالة الاستاذ هنرى بيريس ، لا غنى عنها لكل باحث فى حياة وآثار المؤرخ التونسى . وقد جمع فاوعى ، ولكن الاستاذ الشيخ قد فاتته بعض المراجع والدراسات ، ورجائى ان الحقها آلان ، ما عثرت عليه من بحوث ومقالات ودراسات لم يد كرها الاستاذ بيريس ، حتى يستفيد منها العرب والاجانب ، الطلبة والبحاثون على السواء .
S . M. Baciaeva س . م . باسيقا : نظرية ابن خلدون التاريخية والفلسفية فى مجلة Sovyetskoe Vostokovodenie عدد 3 سنة 1958 ( دراسة باللغة الروسية عن تفكير ابن خلدون فى التاريخ والفلسفة ) .
نفس المؤلف : الاسس الاجتماعية لنظرية ابن خلدون التاريخية والفلسفية فى ( دراسات لذكرى عضو المجمع ى ج كراتشو كوفسكى ( منشورات جامعة لينينغراد 1958
دراسة هامة جدا ، وهى فى نظرنا ، اول محاولة الى هذا اليوم لبحث ابن خلدون وفلسفته التاريخية والاجتماعية والاقتصادية تحت اضواء النظرية المركسية - اللينينية . والاستاذ باسياقا يجعل من ابن خلدون (( زععيما للتقدم )) ويرى فى المقدمة كثيرا من العناصر الديموقراطية التقدمية ، ويرى فيه كذلك مفكرا حاول الخروج عن نطاق الفكر الضيق الذى فرضه الموحدون على المفكرين وحاول النيل . بالنقد من النظام الاقتصادى الرجعى م . كأنارد - تحليل
الدراسة السابقة بمجلة Arabica ( ارابيكا ) ، ج7 جانفى 1960 ص 108 - 109 F . Z FAHIRI _ Turkiya Ibn Haldunizm ( dans Mèlanges F . Koprlulu) Istambul 1953 , PP 153- 164 ( sur un jugement de Taha Hussayn qui , dans sa Philosophie sociale d'Ibn Haldun 1925 P 164 attribue le (( décline des sciences et des lettres arabes à l'essor de l'essor de l'élément truc. Notices sur M. b'Abd Allah (+ 1637 ) M. Na 'ima (+1716)
وفى هذه الدراسة ذكر لمقالات ودراسات عديدة عن ابن خلدون ، الفت بالتركية ولم يذكرها الاستاذ بريس
A. BOMBACI - La docttrina storiografica di Ibn Haldun , dans ( Annali della Scuola Norm . Sup . di Pisa ) vol . XV ( 1946 ) pp 159 -185 (cr de H. Ritter dans Oriens vol . I n 2 ( 1948) P 364 ISSAWI (Charles ) - A Arab Pphilosophy of History , London 1950 204 p cr de F . Rosenthal dans M E J V , 2 , ) P 250 ( 38 ) Henri : Bibliographie relative à Ibn Khaldoun , ( studii oriental ... Onore di Pr Georges della Vida )
عبد الكريم سميحى : ابن خلدون والتعريف فى مجلة الانوار ، تطوان ، عدد 26 نوفمبر ديسمبر 1951 ص ص 12-13 و 19-20
SAMITH ( ' Abd al - Karim ) Ibn Haldun et I' (( Autobiographie )) ( en arabe ) dans Revue al - Anwar , Tétuan n 26 ( nov - decembre ) 1951 PP 12- 13 et 19 - 20
Dr H .RITTER Irational solidarity Groups A socio - psychelogical study in connection with Ibn Haldun dans Oriens I ( 1948 ) pp 1-44
T. B .IRVING - The World of Ibn Khaldun ,dans the Isamic Literature ( a monthly journal ) Karachi Vol . IX (1957 ) n 6 ( juin) pp 47-51 et n 8-9 ( aout - septembre) pp 53-57 MERAD(ALI ) - L' autobiographie d' Ibn Khaldoun ,
مجلة Ibla سنة 1958
محمد ابو القاسم كرو : العرب وابن خلدون ، سلسلة كتاب البعث تونس الشيخ محمد الفاضل بن عاشور - دراسات متعددة فى مجلة - الثريا ومجلة المباحث ومجلة الفكر .

