الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 7الرجوع إلى "المنهل"

هل يستحق شعرنا التصدير ?، ولماذا ?

Share

اذا كان المقصود بالتصدير فى سؤال الاستاذ صاحب المنهل هو طبع شعر شعرائنا ونشره خارج البلاد فان هذا قد حصل فعلا كما اظن . .

لقد طبعت مجموعة وافرة من نظم بعض الشعراء هنا ، وان كان بعضها او كلها لم يرج كثيرا فى الاسواق الخارجية بل ولا في الاسواق المحلية - لا لأن مستوى الشعر عندنا ينخفض عن مستوى الشعر فى مصر مثلا او لبنان ، فان من شعرائنا من أضعه - وأنا مطمئن البال - فى الصف الاول الذي اضع فيه البارزين من شعراء البلاد الشقيقة . .

بل لأن " سوق الشعر " عموما اصبحت كاسدة او معطلة فى هذا العصر . . .

ان سوقا اخرى راجت الآن في الدنيا الى حد بعيد وهي " سوق الواقع " وكل من دخل هذه السوق يخرج منها بتخمة كبيرة يتعذر عليه معها ان يحلم او يتخيل . .

كان يحلم بالمرأة مثلا ويتخيلها . . ربما لانها كانت تحت الخباء . . او فى البيت . . او تحت البراقع . فرآها فى سوق الواقع لحما ودما . . كيف يحلم بها او يتخيلها اذا كان فى السوق او خرج منها متخما الى حد المرض . . ؟

وكان يحلم بالمجد والثروة . فوجد ان الشعر لم يعد ثمنا صالحا لشراء الاحلام فى هذه السوق - الا من أقلية بسيطة كهواة النشوق فى عام ١٩٥٥ !

على أن ضجيج القطار فى سوق الواقع فرض - حتى على هواة النشوق - أن يجروا ولا يتلفتوا يمنة او يسرة ، وان تستقر احلامهم فى رؤوسهم لئلا يفوتهم قطار الحياة الضخم او يدهمهم فى هذه الاثناء . . ولهذا كسدت سوق الشعر . .

وأذكر أن لى رأيا قديما فى الادب كله . . وهو انه بمعناه الضخم عندما تضغط حروف كلمة " الادب " لتكون اثرها كأثر " البعبع " او " الدبدبة " فى الاعصاب - قد دالت دولته ولم يعد له وجود الا في امتداد سوق الشعر . . وهو امتداد تجرى فيه الآن حركة هدم وانشاء واسعة النطاق . ليكون امتدادا طيبا لسوق الواقع الجديد . .

ان جو الادب فيما مضى كان صالحا للتجلى . وللاستغراق فى تمتمة طويلة . . ثم ترتفع سحب البخور فى الفضاء ويهيم فيها عشاق التجلي والاسرار . . !

ولعل هذا النمط فى طريفه الى الانقراض كزوائد الحياة كلها

بالتدريج ، غير ان هذا لا يمنع وجود الهواة واستمرارهم في كل زمان ومكان . بل لعل هذا ضروري لتحقيق التوازن دائما بين الهائمين في التجلي وفي سوق الواقع . .

ان عندنا شعراء ما اشك في عبقرية بعضهم . . واستطيع ان ازاحم فى سوق الشعر بأمثال الاساتذة حمزة شحاته والسرحان والقنديل وغيرهم . . وانا أتخيل نجاح الصفقة وأتوقعها وان كان فيهم من لعله في

حاجة الى الصقل . . !

غير أننى سأنتظر أنا والاساتذة وقتا طويلا فى سوق الشعر حتى تتيسر الفرصة التجارية باقبال عدد ولو ضئيل على السوق من " هواة النشوق " . .

ولعلى سأتردد كثيرا ، فيما بعد ، عندما افكر في تصدير كمية وافرة من " مساويك الأراك " الى مدينة هوليود !

اشترك في نشرتنا البريدية