الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 9الرجوع إلى "الثقافة"

الشيطان

Share

لا تبرح " الدونيا صول " التقية الورعة مكان الصلاة مذ قتل زوجها الدون ديجو حاكم مدينة م. الاسبانية ، وهو يحارب العرب الغزاة ... تصلى الدونيا صول ليل نهار على روح زوجها التى قد ارتقت - ولابد - إلى الطابق السابع من السماء، بفضل هذه الصلوات الحارة المتواصلة وتصلى الدونيا صول أيضاً كى يحفظها الله هى وابنتها مرندس، وهى فتاة حسناء في ريعان الصبا ، من شر هؤلاء العرب الغزاة الكفرة الشياطين .

وبعد ان استولي العرب علي المدينة بأيام قليلة ، وقد إلي دارا ألدونياصول فارس عربي جميل ، ثم تقدم من صاحبة الدار التي كانت واقفة إلي جانب فتاتها قائلا بالإسبانية :

هل تأذنين لي سيدتي في تفتيش الدار ، إذ هي كما تعلمين سكن الحاكم السابق زوجك ، فربما حوث سلاما أو ذخيرة .... ولكن الدونياصول وقد امتلأت رعباً الرؤية العربي لم تجب ، قنات عنها عند فانها واللة في ابتسامة حلوة - إذ أخذت بجمال الفني العربي : ابحث كما نشاء ياسيدى، ولكن تق أننا لا تحلق سلاحا أو ذخيرة. فقال العربى خجلا : لقد أسأت فهما يا سيدتي ، ما قصدت ذلك ... على كل حال إلى أعدل عن طلى هذا مكتفياً بتوكيدك ، إذ أن مثل هذا الفم الجميل لا يمكن أن يكذب ثم استأذن في الانصراف وخرج.

لم يكد الفارس يغادر المدار حتى التفتت مرتدس إلى أمها قائلة في نشوة : ما أجمل هذا الفتى العربي : أليس كذلك يا أماه ؟ ولكن الدونياصول التي لم يرقها سماع مثل هذا الكفر على لسان ابنتها ، أدت إشارة الصليب قائلة: هو الشيطان يا ابني ! هو الشيطان : إنه يتقمص في صور بشرية جميلة كي يخدعنا . ولكن الفتاة لم تصدق بأن هذا

الشاب الجميل المهذب شيطان ، بل تنهدت طويلا قائلة :

- اماه اظن ان قلبي سيحب هذا الفارس العربي . فصرخت الدونياصول قائلة : معاذ الله يا ابنتي : معاذ الله

ثم ادت إشارة الصليب مرة اخري ، كما انها لم تذق النوم في تلك الليلة ، بل ضاعفت صلواتها من أجل سلامة قلب ابنها .

أما الفني العربي فقد أخذ يفكر طويلاً في هذه الفتاة الإسبانية الحسناء ذات البشرة الناصعة البياض ، تشبه بياض تلك الثلوج التي لم يشاهدها من قبل إلا على قم الجبال في تلك البلاد الغربية الجميلة ... تلاقى الشابان رغم صلوات الموبياصول الحارة ، إذ أن الحب من سوء حظها لا يعبأ بوطن أو دين ... ولكن هذا الحب لم يدم طويلاً مع الأسف، إذ أن الفارس وردته الأوامر بالعودة إلى جزيرة العرب .. رباه ! ماذا يعمل الفتى ؟ هل يترك حبيبته أم يصحبها معه؟ إنه واثق من أنها سوف ترافقه عن طيب خاطر إلى الأقطار العربية إذا طلب منها هذا ، ولكن هل يحق له أن يفعل ذلك ؟ هل يحق له أن يسلب الدونياصول المسكينة ابنها الوحيدة بعد ما سلبها أبناء جنسه زوجها ؟ كلا إنه لن يفعل ذلك : سيضحي بحبه ؟.

ثم كان الفراق ، وكان مراً ، إذ بقيت مرندس مدة مغمى عليها بعد رحيل حبيبها ... ولم تلق إلا بعد جهد طويل من الدونيا صول ... ولما أفاقت الفتاة من إغمائها قصت الخبر على أمها ... وكيف نمى ذلك الفتى العربى الكريم بحيما من أجلها هي ألمونيا سول ... ثم أضافت الفتاة قائلة : أما زلت يا أماه مصرة على أنه الشيطان ؟ فقالت الأم : كلابا ابنتى اكلا فقالت مرتدس : بل قولى إنه ملك كريم جاء فى زى هذا الفارس العربى فأطرقت الأم ولم تجب ، ولكنها لأول مرة لم تؤد إشارة الصليب لدى سماعها مثل هذا القول ! .

اشترك في نشرتنا البريدية