الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 9الرجوع إلى "الثقافة"

المعارض الفنية بالقاهرة

Share

حفلت القاهرة في هذه الأسابيع الأخيرة بمعارض فنية رائعة عرضت فيها اثار شتى من تحف الفنانين المبريزين في العالم من مصورين وممثالين . وكان أولها معرض في صالة ليستري الذي أبرزت فيه لوحات لعدد من الفنانين الأوربيين في القرون السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر أمثال جودان وفان هيث ، ودووكيه وثانيها معرض الفنانين الفرنسيين بالجزيرة . وقد زار المعرض الأول حضرة الكاتب الأديب الأستاذ محمد فهمي ، وبعث إلي الثقافة يبحث رائع عن تلك الآثار النادرة ضمنه إشارة عميقة الي الفرق الواضح بين الفن الحديث والفن الكلاسيكي

قال في الفن الحديث : " الفنان الآن هو صورة صادقة للحياة في هذا العصر ، عصر السرعة والطيارة والسيارة . فهو يمر بودائع الطبيعة والحياة فلا يجد لديه الوقت الكافي للتأمل والنفوذ إلي اسرار الموضوع الذي يعرض له ، واجتلاء غوامضه ، ليعبر عنه تعبيرا منبعثا من اعماق نفسه ممتزجا بظلال روحه ؟ .

وقال في الفن الكلاسيكي : " هنا تري الحياة متمثلة أمامك بأسرارها وروعتها ، وما فيها من جمال وجلال . كل هذا جلاء الفنان بريشته ، وكأنما كشف لك عن عوالم جديدة ، ولكنها ليست غريبة عنك ، فاوقفك وجها لوجه امام اسرارها الدفينة ، وترجم بريشته عن جمالها الساحر ، فإذا بك أمامها مأخوذ ، وإذا بك كالحالم

" ففي لوحة الليل في الريف للفنان " بوث ، تحس الظلام الذي يخيم على اللوحة كانا قد امتد إليك فشملك رواقه ، ولمسك باسراره الرهيبة ، وتبين ثلاثة اشخاص في جانب اللوحة الايمن قرب دوحتين ، وهم يبدون كالاشباح ، وقد انعكست على وجوههم اشعة ضئيلة جدا من بقايا ضوء الشفق الذي يبدو في اقصي الجانب الإيسر متشبكا مع الظلام في معركة قاربت النهاية ،

وأما لوحة الشيخوخة للفنان " هاوستون فانها تملك الناظر بروعتها وجلالها . فما خطه الفنان على هذا الوجه المجعد ، وتلك اللحية الطويلة والوضع الذي يدل علي انحناء الشيخ من وفر السنين ، لتعرض أمامك تاريخا بأكمله .

معرضه الفنانين الفرنسيين بالجزيرة :

عرضت في هذا المعرض طائفة من اثار كبار الفنانين المصريين امثال رودان الكبير ، ويورديل ، وبومبون .

ورجا . وقد تمثلت فيها روعة الفن الفرنسي الذي تخرج فيه مثالنا الكبير مختار ، وتأثر به مع احتفاظه بروحه المصرية القوية

وقد عرضت في ذلك المعرض بعض الآيات الخالدة لمختار يظهر فيها الروح المصري الذي لم يزل يرفرف علي مثالي وادي النيل من عصر الفراعنة . ذلك الروح الوقور المترن النافذ إلي الحقائق الأبدية في هدوء واطمئنان .

ومما يسترعي النظر في تماثيل مختار روحه المصرية الوطنية الصميمة ، فهو يمثل الجمال المصري ويخلع عليه من عاطفته ما يسمو بمصريته إلي أفاق الخلود .

وقد عاب بعض النقاد علي مختار أن تمثيله تنقصها الحركة العنيفة والتعبير القوي في ملامح الوجه ، ولعل هذا مما يخلع عليه شخصيته الممتازة ، فإن فنه وإن كان مسايرا للفن الفرنسي والفن الأوربي في طريقته ، فإنه في روحه يتأثر خطي الفن المصري الخالص الذي يضمن آثاره ما أراد من المعاني السامية بغير ان يخرج به عن هدوئه ورزانته .

فإن تمثال حارس المزرعة يبرز من المعاني العميقة ما لا يستطيع اي تعبير في الوجه ولا أية حركة عنيفة ان يعبرا عليها . ففيه الهواء الطلق والقوة والخشونة والاعتداد بالنفس والبساطة ، وبالجملة فيه روح الريف المصري في احسن حالاته وأخذها بالنفس

اشترك في نشرتنا البريدية