ذلك الموعد قد بت تناجيه حنينا
كان ملء القلب شغلا وانتظارا وجنونا !
لم تنم أمس من الشوق ولم تغمض جفونا
بت تشتاق وتلتذ من الشوق فنونا
وتمنيت لو أن القرب قد طال سنينا . .
لم صارت هذه اللهفة بردا وسكونا
حين صار الوعد لقيا والخيالات يقينا ؟
ذلك الوجه أما بت تناجيه الليالي
ساهرا تحلم بالحب وأحلام الخيال
وتري فيه أفانين من السحر الحلال
صاغها الله من الحسن على غير مثال
وتري فيه هدي يهديك في وادي الضلال
لم تلقاه - إذا جاءك - في غير احتفال
لا تباليه إذا جاءك . . وإن غاب تبالي
هذه الوردة تشتاق إليها من بعيد
وتري فيها أفانين من الحسن الفريد
وإذا أبصرت في عروة مخلوق بليد
زهرة حسناء يختال بها شبه سعيد
خلتها كالغادة الهيفاء بانت في القيود !
فإذا أهديتها ! يا ويح عشاق الورود !
تنتشي بضع ثوان . . ثم تمضي لجديد
والأماني تقضي العمر فيهن رجاء
وانتظارا يلهب القلب فيزداد اشتهاء
فهي تحدوك على البعد لتزداد مضاء
وتري فيها إذا أظلمت الدنيا ضياء
فإذا حققت منها ما سخا الدهر وشاء
لم تجد فيها - على طول تشهيك - غناء
ووجدت الواقع الملموس جدبا وخواء !
أيها الشارد في الكون ستزداد شرودا
أيها الخافق في جنبي لن تحيا سعيدا
سوف تقضي العمر لهفان . وتقضيه شريدا
كلما حققت حلما عدت تشتاق جديدا
أو أوي الناس إلى العيش تخلفت وحيدا
هكذا دأبك في التيه فلم تخلق رشيد
سوف تقضي العمر لهفان، وتقضيه شريدا

