يظهر أن السويد قد وطدت العزم على أن تغدو أولى الأمم في حماية الآداب والفنون، فهي فضلاً عن جوائز نوبل الشهيرة التي تمنحها كل عام لعدة من أكابر العلماء والكتاب في مختلف الأمم، والتي تغدق بمقتضاها على الفائزين عشرات الألوف من الجنيهات كل عام، تضرب كل يوم مثلا جديداً في هذا الميدان. وآخر ما انتهى إلينا من ذلك أن هبة جديدة قدرها مليون كرون (نحو ٥٥ ألف جنيه) قد رصدتها دار النشر السويدية الشهيرة (ألبرت بونير) لتشجيع المؤلفين والفنانين، وذلك لمناسبة الاحتفال بعيدها المئوي. وقد أطلق على هذه الهبة (التذكار المئوي لألبرت بونير) وذلك تنويهاً بانقضاء مائة عام على صدور أول كتاب أصدرته هذه الدار؛ وخصص دخل هذا الاعتماد للمؤلفين والصحافيين الذين يكتبون باللغة السويدية والفنانين الذين يتولون التصوير للكتب؛ وندب لإدارته مجلس يتألف من ممثلي الواهبين، والصحافة، ودوائر الأدب والفن السويدية؛ ويجري توزيع الجوائز السنوية تحت إشراف الجامعة السويدية
وهكذا تضرب الأمة السويدية الأمثلة الرائعة على رفيع تقديرها لعبقرية الفكر وعبقرية الفن. وقد كان نوبل صاحب الجوائز العلمية والأدبية العظيمة من رجال المال والصناعة؛ وصاحب الهبة الجديدة، وهو الدكتور بونير من رجال المال والصناعة؛ ومع ذلك فإن أولئك الممولين استطاعوا أن يقدروا ما للآداب والفنون من الأثر العظيم في نهضة الأمم وفي ازدهار الحضارة
أما في مصر فإن الآداب لم تنل حتى اليوم تقديراً ولا تشجيعاً، لا من الجهات الرسمية، ولا من رجال المال؛ وما زالت فكرة الجوائز الرسمية لتشجيع التأليف تتردد منذ أعوام بين اللجان والجهات المختلفة دون أن تحظى بالتنفيذ العملي
