المشهد : طقس ربيعى رائق عند سفح جبل . وفى طريق بين الريحان والاقحوان ، مخلوقتان جميلتان تتمشيان . . تتحادثان ، وفجأة تقفان على مرأى مخلوقة ثالثة يبدو عليها الشرود والشحاب جالسة عند جذع شجرة .
ايضا : غير معقول ! انظري من هناك ؟ !
حيث : من ؟( وبمزيج من الاحترام والتودد ) السيدة الجليلة ذات الامجاد . " إن " وما أدراك !
إن : ( بفتور ) أهلا بكما . . ايضا : نعم ؟ أهلا بكما ؟ هكذا بكل برودة ؟ لا توق ولا شوق ؟
حيث : ( بهمس ) انتظري ، لا بد ان فى الامر شيئا ( تتوجه الى إن ) ماذا جرى لبنت الحسب والنسب ؟
ايضا : ( بحنان ) نعم ما بالك ؟ قولى ولا تعذبينا ! إن : عجبا والله ، كانى بكما لا تشعران بما أصاب امنا (*) هذه الايام من تشويه وتدمير !
ايضا وحيث : ( تتبادلان النظر فى اعتراف ومرارة ) . . إن : كانكما لا تقرآن الصحف ولا تسمعان الاذاعة والتلفزة ! حيث : ( بأسى) بل نقرأ ونسمع .
ايضا : ( بألم ) . . وليتنا ما قرأننا وما سمعنا ! إن : ( بحماس كمن يغار على شرفه ) اذن . . تقرآن وتسمعان ؟ تقرآن ماذا ؟ وتسمعان . . ماذا ؟ لا . . أنتما لا تدركان خطورة الموقف . . انتما تأخذان المسألة بالهزل .
حيث وايضا : ( ينظر بعضهما ال بعض فى حيرة ) . إن : ( وكأنها تحدث نفسها ) ما هذا . . ؟ ألم تعد لامنا حرمة ؟ أيبلغ العقوق بالابناء هذه الدرجة .
حيث : هونى عليك يا أكيدة . . انت تعلمين انه زمن ردىء . ايضا : ( فى محاولة لتغيير مجرى الحديث ) قولى لنا اولا . . ماذا دهاك . . ولماذا انت معتكفة . . وفى البرارى تائهة !
إن : اسمعى . . لا تحاول تضليلى ولا جبر خاطرى . . انا حزينة . . هه ! حيث : حزينة ؟ لا . . انت تبالغين . نحن مثلك نعرف ان امنا تشكو العقوق والاهمال ولكننا نحاول . .
إن : ( تقاطعها ) تحاولان ماذا . . سلوك النعامة ؟ لا يا اختاه امنا لا تشكو الاهمال والعقوق فقط . . انها تهان أتسمعين ؟ ت . . ها . . ن ! !
ايضا : للاسف نعرف ذلك . ولكننا لا نستطيع ان نفعل شيئا .
حيث : نعم . . ما باليد حيلة .
إن : ( وكأنها تحدث نفسها ) ليتنى ما ذكرت الا فى القرآن ليتنى ما حييت الا فى كنف أبى الأسود الدؤلي ولا عشت بعد الامين والمأمون ! ! ابعد عصر النهضة . . يفعلون بنا هذا ؟ خبرى يا ناس . . خبرى ينصب ؟ وهو الذى كان منذ الازل . . مرفوع الرأس ؟ ماذا دهى احفاد العرب ؟ ماذا دهاهم ؟
حيث : لا تعكرى مزاجك . . انك ترتعشين ! ! إن : ( تواصل . . ) اسمعى يا سيدتى نشرات الاخبار . . واجلسى لشريط الانباء . . وافرحى وامرحى . . اسمعى ، واذا لم يدق عنقك
ألف مرة . . حاسبينيى . بل واسمعى منتجى البرامج التاريخية يقولون : فى الفطرة الحسينية . . وفى تلك الفطرة صار وكان . . انى أكاد أجن !
ايضا : ( تنظر الى حيث ) الحق معها . . إن : طبعا الحق معى . . والصحف . . الا تطالعان الصحف ؟ من الذى سمح لمحمد بن عبد الله ان يصبح محمد بنعبد الله . . . ومن اذن لسعيد بن رجب ان يتحول الى . . برجب ؟ لا . . هذه مسخرة . . مسخ ومسخرة .
حيث : اهدئى يا أختاه ! ! إن : لا المقالات سلمت ، ولا التحقيقات ، ولا حتى الاعلانات فى الصحف . ايضا : الاعلانات يتحمل وزرها المعلنون ؟
إن : نعم ؟ المعلنون . . وماذا يفعل المصححون . . وما دور الصحيفة ؛ هه ؟ حيث : دور الصحيفة . . تقبض عن الاعلانات ! ايضا : ( تلكزها . . ) كفاك هزلا . . الا ترين ما بها من تأثر ! ! حيث : ( محاولة تغيير الحديث ) قومى يا ذات المجد الاثيل قومي وتمشى معنا . .
إن : لا. . اتركانى وحدى ، أريد أن أجتر أحزانى . ايضا : اقسمنا عليك ان تقومى . . . . تقوم معهما ويتمشى الثالوث . . وبعد صمت قصير . .
حيث : ( تهمس لايضا ) الا يكون غضبها . . لنفسها أكثر ؟ ايضا : أتظنين ؟
حيث : بل أنا جازمة . اسمعى وسترين . ( تلتفت الى إن ) وماذا أصابك أنت . . ما هذا الشحوب على وجهك المليح . . لعلك متوعكة ؟
إن : . . . لو سلمت من الناس ؟ حيث : ( تغمز ايضا ) من الناس ؟ ماذا تعنين ؟
ايضا : نعم . . ماذا تقصدين ؟ إن : ماذا أقصد ؟ هل تعلمان كيف يعاملنى الناس ؟ ايضا : بالتجلة والتقدير . . فحين تكونين فى أول الجملة يبدؤونك بما يلزمك من الكسر . .
حيث : ( تحملق فيها بغضب ) . . . ايضا : ( مستدركة ) . . عفوا . . أردت أن أقول بما يبغى لك من الخفض ! حيث ( هامسة ) هذا أهون . . . ( تتوجه الى إن ) صحيح فالعرب يعرفون عنك تواضعك الجم . . وانك اذا اضطررت للظهور فى بداية أى كلام . . فلا أقل من أن تخفضى جناحك . . وهم يعاملونك على هذا الاساس . . فأنا لم أسمع مرة واحدة من يقول : أن فى أول الجملة . . من هذه الناحية . . اطمئنى .
إن : نعم . . نعم . . ولكن بعدك أنت يا سيدة ( حيث ) كيف يعاملوننى . . هه . .كيف ؟
حيث : المفروض . . اذا جئت بعدى تكونين أيضا مكسورة عفوا . .مخفوضة . . ان : " ( بغضب ) ومع ذلك يفتحوننى . . يقولون حيث أن .
ايضا : ( تؤكد لحيث ) صحيح . . . يعملونها . . سمعتهم والله ! إن : وبعد القيل والقال .. هه . . هه بعد القيل والقال . . كيف ينطقوننى ؟
ايضا : المفروض قيل : إن . . ويقال : إن . . إن :( بغيظ وأسى ) وهنا أيضا . . يفتحوننى . حيث : ( تحاول أن تهون عليها ) كل هذا صحيح . . . كثير منهم يفعلون ذلك . . . ولكن لا تهتمى . . . يكفيك الثقة فى نفسك والعزة بمجدك .
إن : مصيبتنا اننا نعيش على المجد الغابر . . ونلوك ماضينا الزاهر وكفى الله المؤمنين القتال . . ( تتوقف عن السير ) أبدا . . ان استعمالى بهذا الشكل يؤذينى وينهكنى . اما انتما . .
حيث وايضا : نحن . . ما بنا نحن ؟ ! هل تقع المسؤولية علينا ؟ إن : ( تواصل السير . . فيواصلان معها ) لا . . أبدا . . أردت أن أقول . . اما انتما فدماء الشباب فى وجهيكما والنضارة على محياكما . . وهذا طبيعى .
ايضا : طبيعى . . لماذا ! ؟ إن : انت مثلا يا آنسة ( ايضا ) لا يمكن ابدا استعمالك الا . . . كما أنت . لا أحد يعكسك أو يعاكسك . . أنت دائما ايضا . . مهما كانت الظروف . ( تلتفت الى حيث ) وأنت . . لا أحد يتطاول عليك أو يهينك . . حيث . . دائما حيث . .
حيث : ( بنبرة فيها أسف ) أحيانا يثقلوننى بالباء . . ايضا : ( بحدة ) كفى دلالا . . حيث أو بحيث . . أنت دائما مرفوعة الرأس . . أقصد مرفوعة الذنب . .
إن :( تواصل ) والاكثر من هذا . . كثرة الاستعمال تحييكما وتبعث فيكما دماء الشباب . أنت مثلا . . الخطباء فى المنابر والاجتماعات يستعملونك كثيرا وأحيانا بلا موجب . يقولون : كذلك ايضا . . ويكررون . زكذلك ايضا . .
حيث : ( تداعبها ) افرحى يا أخت . . حاسدك فى النار . . إن : وأنت ايضا . . ادخل قاعات المحاكم . اسمعى المرافعات . . واقرئى نصوص الاحكام وستشبعين حيثيات .
حيث : أرأيت . . هذه نشترك فيها . . فى المحاكم يقولون : حيث إن . . هذه سوقنا الرائجة معا . إن : ( تبتسم ) نعم . . . فى الهوى سواء .
ايضا : أرأيت ، أنت الآن أحسن حالا . . حيث : والله يا أختاه . . هذه ظاهرة العصر . . الآن يقولون المهم فهم المقصود . . لا الحرص على الصواب .
ايضا : ربما كان هذا صحيحا . . أشياء جديدة ظهرت ومفاهيم كثيرة طرأت . . فى طفولتنا وشبابنا . . لم نكن نسمع بالاسقاطية والجدلية والالسنية والشخصانية ولم نكن نعرف التمحور والبقرطة والصنصرة والكوادر . .
حيث : لا . . لم نكن نعرف ذلك . . ولم تكن امنا تعرف : المشوار . ايضا : المشوار ؟ حيث : نعم . . ألا تسمعين الاذاعات . . هكذا سيداتى وسادتى نبدأ المشوار . .وتأتى الى نهاية المشوار . .
إن : ( تبتسم ) هذه أخذوها عن الشرق . . واستعملوها كيفما اتفق . . فى موضعها . . وفى غير موضعها . .
حيث : وهى فى مصر . .من اللهجة الدارجة . . ولا تمت الى امنا ولا الينا بصلة . .
ايضا : مكتوب علينا أن نتلون كما يراد لنا . . اذا غزتنا الفرنسية نتفرنس . . واذا اغرقتنا المسلسلات المصرية نتمصر . . ويعلم الله ماذا فى غد ! !
ان : لا . . انك تبالغين . . ولا أرضى لك ذلك . . ثم لا تنسي . . كل هذا من مظاهر التلوين اللغوى والتمازج اللفظى والاثراء الكلام التى لا يخلو منها عصر انما الذى يحزننى أنا . . هو المسخ . . والطعن فى الاصل . . اسمعا هذه الأمثلة . . وسوف تحكمان وحدكما . . وتعرفان أن لا أمل بعد اليوم .
ايضا : ( تهمس لحيث ) ها هى تعود الى الغضب بعد ما نجحنا نسبيا فى الترفيه عنها ( تتوجه الى إن ) يا إن العزيزة ما رأيك لو أجلنا البحث فى هذا الموضوع . . ان للعربية حماتها . . ولا خوف عليها . . هه . . ما رأيك . . تعالى نفرح باطلالة الربيع . . فالامل لا بد أن يعود . . كما يعود الربيع . .
حيث : معها حق . . الطقس جميل والهواء عليل. . وما أروع شمس الاصيل ! هيا نمرح . .
إن : كما تريدان. . فلننس همومنا الى حين. ايضا : انظرا . . انظرا الى هذه الفراشة . موسيقى . .
