امتلك الفن القصصي السعودى أحقية الحضور متأخرا نسبيا ( 1 ) ويجمل بنا - وهو فى مراحل تطوره هذه - أن نبادره بالتناول النقدى وباكتراث اضافى ، بحثا عن مواطن الابداع والاضافة فيه .
تحضرنا في المجالين : القصص والروائى أسماء رائدة نذكر منها : حامد دمنهوري في " ثمن التضحية " ) ل محمد حسن عواد فى " لميا " ( وهى عبارة عن خواطر ذات نزوع قصصى ( ، سيف الدين عاشور فى " لا تقل وداعا ، حسن القرشي فى " عاصفة " ، سعد البوارد فى " من يكون أبى يا اماه ؛ " ، عبد الله عبد الرحمان جعفري فى " كارثة شئ بسيط " ، ابراهيم الناصر فى " خلود " (2) ، فؤاد عبد الحميد عنقاوى فى " لا ظل تحت
الجبل ، د . أمل محمد شطا فى "غدا أنسى " و د . محمد عبده يمانى فى " اليد السفلى " و " مشرد بلا خطيئة " و " فتاة من حائل " و " جراح البحر" . . .
تتبدى من خلال هذا النتاج الادبى معالجات فنية لقضايا اجتماعية شتى لا ينى يعيشها الكاتب السعودى يوميا ويتفاعل معها بعمق وبوعى ، وهى تتمحور كلها تقريبا حول اشكاليات محلية هامة وتبحث فى الآن نفسه فى قضايا ذات اهاب عالمي : القضية الفلسطينية مثلا .
ان الادب السعودى يعى مدى ضرورة التجاوز ، لاذابة حواجز التقوقع الاقليمى . فهو لا يدخر جهدا فى سبيل التواصل مع أدباء مشاهير وقفوا على مشارف العالمية ك : شكسبير وموليار وبلزاك وموباسان وسومرست موم وليون تولستوى وتشيكوف وغوركى . . (3) التحاما فعليا مع هاجس الابداع فيهم وافادة من اضاءاتهم الادبية الخالدة . .
* " مشرد بلا خطيئة " ل : د . محمد عبده يمانى
* د . محمد عبده يمانى : من مواليد 1359 ه بمكة المكرمة . - حصل على الباكالوراقى الجيولوجيا من جامعة الملك سعود ( الرياض ) - نال الدكتوراه من جامعة كورنيل ( الولايات المتحدة الامريكية ) . - عمل معيدا فى كلية العلوم بجامعة الملك سعود ثم وكيلا ومحاضرا فيها - درس فى الثانوية العسكرية ثم فى الكلية الحربية فكلية الاركان . - عين وكيلا لوزارة المعارف ( الشؤون الفنية ) .
- عين وكيلا لجامعة الملك عبد العزيز بجدة ثم مديرا لها . - عين وزيرا للاعلام سنة 1375 ه ( 4 ) واستقال سنة 1403 ه .
* مؤلفاته :
- " الجيولوجيا الاقتصادية والثروة المعدنية فى المملكة العربية السعودية " - ط : 2 ، جدة ، 1400 ه / 1980 م . - " المعادلة الحرحة فى حياة الامة الاسلامية " - ط . 2 ، جدة ، 1399 - . ه .1400
- " نظريات علمية حول غزو الفضاء " - ط 1 ، جدة ( بلا تاريخ ) - " اليد السفلى " : قصيتان مطولتان ( اليد السفلى ) : قصة سعودية ، " مشرد بلا خطيئة " : قصة فلسطينية ) ط 1 - الرياض 1399 ه / 1979 . - " الاطباق الطائرة : حقيقة أم خيال ؟ " ط 1 - الرياض 1400 ه / 1980 .
- " فتاة من حائل " ، رواية سعودية - ط 1 - الرياض 1400 ه / 1980 م - " جراح البحر " ، مجموعة قصصية - ط 1 - الرياض 1402 ه / 1982 م - " اليد السفلى " قصة من اعداد يعقوب محمد اسحاق - ط 1 - جدة 1403 ه / 1983 م .
- " امرأة فى الظلال " ، قصة نشرت فى ملحق الاربعاء ( ابتداءا من العدد العاشر - 1983/4/6 م ) .
" مشرد بلا خطيئة " : قصة سعودية للدكتور محمد عبده يمانى ( رائد الواقعية الكلاسيكية فى أدب المملكة العربية السعودية ) (5) ، تشيع الحركة وتثير الاسئلة ، لا لانها تتمثل السياسى فى مضمونها كأول بادرة سعودية فى المجال القصص ، ولكن لوقوفها الفنى بندية تامة مع أفضل النماذج الابداعية العربية : قصصيا وروائيا لكل من غسان كنفانى وتوفيق فياض ومحمد صدقى وسهيل ادريس والفة الادلبي واحمد خلف واميل حبيبي وعيسى الناعورى وعمران عمران وغيرهم من الذين تناولوا الهم الفلسطيني كقضية ملحة .
يقول د . محمد عبد يمانى عن مشر بلا خطيئة لقد استوحيتها من واقع الالم التاريخي الذي ليس له مثيل ، ذاك الذي عاناه ويعانيه اخواننا الفلسطينيون اصحاب فلسطين وأهلها ومن التطورات التى طرأت على القضية الفلسطينية ، منذ أن بدأت اقسى جريمة للتهجير - تناولت شعبا بأكمله الى ان وجد هذا الشعب نفسه مرغما على ان يحمل البندقية ، ويدافع عن قضيته بنفسه " (6) .
وعن أبطالها ، يستطرد قائلا : ابراهيم مثلا هو كل شاب فلسطيني ، وجد نفسه بلا بيت ولا وطن من غير أدنى خطيئة ارتكبها ، فكان من حقه اذن ، بل من واجبه أن يحمل السلاح وان يحاول استرداد أرضه بالقوة كما أخذت منه بالقوة .
وأم ابراهيم هى كل أم فلسطينية ، عانت وتعذبت وكافحت وعاشت الاهوال كى تقيم اود ولدها وأودها ، وتؤمن له اسباب الحياة فى ظروف بالغة الصعوبة والقسوة فى المخيمات ، بينما الغاصب الدخيل يحتل ويعيش على أرضها ووطنها .
ونمر هو كل رجل فلسطيني وعى الاحداث منذ وقوعها وكان عليه أن يقاتل فى جبهتين : جبهة الحياة لكى يؤمن حياته ، وجبهة الجهاد ضد العدو الغاصب .
وحاييم هو ذاته النموذج الصهيونى الذى ينضح لؤما وخبثا وغدرا وخيانة وهو الضعيف المسكين ظاهرا ، وهو الغادر المنكر للجميع ، المسئ لمن أحسن اليه باطنا ، (7)
اذن رأى الكاتب أن مهمته الادبية والانسانية تتمثل فى " جمع تلك القطع المتناثرة من اللوحة الاصلية ، واعادة تشكيلها فى قالب جديد - من خلال رؤيته الخاصة - فأخذ من الحقيقة وقائعها التاريخية الثابتة ومن الخيال آفاقه التى تشكل الاطار الذي اراده لهذه اللوحة " . . (8)
ما هى أبعاد " مشرد بلا خطيئة " ؟ وكيف تطورت الاحداث وتشابكت ، لتتماس وقضايا عالمية ؟
. . تقع " عين كارم " : البلدة الصغيرة على بعد عدة كيلومترات من القدس وتجرى الحياة بها تقليدية ، هادئة . يرسم المؤلف صورة شبه مثالية لمعاملة سكان عين كارم لعائلة التاجر اليهودى وقد استخدم د . محمد عبده يمانى لمأساة قادمة لا يني يحسها سكان تلك القرية .
تشى صداقة عائلة الحاج " ابراهيم " العربية مع عائلة اليهودى " حاييم " - وخاصة صداقة الولدين " ابراهيم " ويورى " - بشحنة فلسفية ، اخلاقية .
ويركز المؤلف - من خلال افادات شخوصه فى القصة - على أن الفوارق الثقافية والدينية والاخلاقية لا تستطيع ان تأتى على سعى الشعوب المختلفة الى التعايش السلمي ، مع الاشارة إلى مدى التناقض بين معاملة سكان " عين كارم " المخلصة ، لليهود والذين يريدون العيش فى كنف السلم والهدوء وبين المساعى الشوفينية ، العنصرية لليهودى " حاج " وعائلته الملوثة بالدعاية الصهيونية .
فى " مشر بلا خطيئة " معان فلسفية عميقة : احدا ما ، من الفلسطينيين الاصليين لم يحاول ان يسئ الى حاييم بكلمة أو اشارة ، فهم يعرفون الظروف التى هاجر فيها ويعرفون انه انسان مسالم لم يتحدث فى السياسة قط ، ولم يحاول ان يعلق بحرف ، سلبا او ايجابا ، على الاضطرابات التى كانت تجتاج فلسطين ، والصراع بين العرب والبيهود ، والثورات التى قام بها العرب والاعمال التى قام بها الارهابيون اليهود كل ذلك لم يكن يعنى " حاييم " - تاجر الزيت - فى شىء . . وظل يمارس حياته بصورة طبيعية تماما فى " عين كارم " ، متعايشا مع الآخرين الذين كانوا - كما هى شيمتهم - يحرصون على الحفاظ على شعوره وحياته خلال الاحداث والاضطرابات التى كانت تتصاعد يوما بعد يوم ، مع اقتراب موعد الجلاء البريطاني عن فلسطين وتصاعد عمليات العنف من الطرفين : العربى واليهودى " (9) .
يضع الناقد السعودى حامد عباس النقاط على مدى تناقض العلاقة بين العربى واليهودى وما يفرزه هذا التناقض من انعكاسات على سلوكات الطرفين مثلا : صداقة الطفل العربى " مع الطفل " يورى " وأخته " راشيل " ) .
تشى قصة د . محمد عبده يمانى بتوترات داخلية تفضى الى تناقضات جوهرية هى بدورها انعكاس لاختلافات سياسية واجتماعية :
" . . . وبدور حوار بين الحاج والبيهودى يدل على لؤم وخبث هذا اليهودى :
- . . والحق ، أهل البلدة يعاملونني احسن معاملة ، ويتعاملون معى بصدق وامانة واخلاص ولكنني اتساءل : الى متى يدوم ذلك . ومتى تصل نار القتال الى " عين كارم" .
- * ما هذه الاوهام يا رجل . انت تعرف الاخلاق العربية جيدا . . - أجل ، ولكنني اعرف ايضا اخلاق قومى ، أعنى . . اخلاق اليهودية .
- * ماذا تقصد ؟ ٠٠ - لست اقصد اكثر مما أسمع وأرى . . وان زعمماء اليهود يعلنون تصميمهم على اقامة دولة يهودية فى فلسطين وهم يلجؤون الى العنف فى محاولة تحقيق ماربهم هذا . الم تسمع بالاعمال الارهابية التى تقوم بها عصابات " الهاجا " و " شتيرن " و " الارغون " انها تعيث فى فلسطين فسادا " (10) .
ويمضى حامد عباس بعيدا فى تقصى الابعاد واستكناه الحقائق ، متمثلا فى كل ذلك بسيكولوجية اليهودى الذى لا يبنى يكن للعربى شتى ضروب الحقد والتشفى : ٠٠ والتفت " يورى " الى " ابراهيم " متسائلا :
- ما الذى جاء بك تلك الليلة الى بيتنا . لقد كدنا نموت من الرعب عندما رأينا شبحك يقف علينا من نافذة المطبخ ورد " ابراهيم "ببساطة تامة : * لقد أجبتك من قبل ، كنت خائفا عليك واردت ان اطمئن . . فأنت أحب أصدقائى الى .
وأردف " ابراهيم " مستغربا : * يد ما الذى جعلكم تخافون عندما رأيتونى تلك الليلة . . هل أنا مخيف الى هذا الحد .
- لست أدرى ، أبى وأمى كانا يحذراننا دائما منكم . * منا . . ؟ من نحن ؟ . . - انتم العرب . . * يد العرب . وما الفرق بيننا وبينكم . ان اباك صديق حميم لابي كما تعلم . . وكذلك أمى ، انها صديقة لامك . .
- لست أدرى ، لست أدرى . . أرجوك ، دعنا من هذا الموضوع . . ) (11)
تتطور أحداث القصة - أى الاحداث الفلسطينية - بصورة عنيفة وخطيرة ، ولقد شهد سكان " عين كارم " مدى وحشية العصابات الاسرائيلية التى أبادت قرية " دير ياسين " الفلسطينية ، فوقعت فى ما وقعت فيه قريتا " ليديتسه " التشيكوسلوفاكية و " خاتين " البيلوروسية واللتان اجتاحهما جيش ألمانيا الفاشية كدليل صارخ على همجية القرن العشرين . . وكم هى رائعة صورة التآخى لدى الصبيين : العربى واليهودى والتى تقول ببناء صداقة دائمة كالوشم ، يمليها نزوع عاطفى وعفوى . . .
( . . - "يورى" ما رأيك فى أن نسجل صداقتنا على ذراعينا ! ولم يفهم "يورى" وسأله عما يقصد ، فقال له "ابراهيم " بحماسة :
- ان هؤلاء الفجريات ينقشن الوشم على أجسام الناس ، على اذرعهم . . فما رأيك في ان نطلب من هذه الفجرية ان تنقش لنا وشما على ذراعى وذراعك ، وبهذا يكون الوشم تسجيلا لصداقتنا نذكره مدى الحياة ) (12) .
مضى زمن ومضت معه حرب عربية اسرائيلية سنة 1948 م . . تشردت عائلات شهداء " عين كارم " وانتهى المطاف بها الى " القدس " ونما " ابراهيم " وزاول دراسته فى كنف" أم ابراهيم " وصديقه الاكبر " نمر" وفجأة . . كان العدوان الصهيونى سنة 67 و 1 م ، فكان التشرد من جديد والرحيل الى " الاردن ". تضخمت كراهية " ابراهيم " تجاه من سلبه أرضه وقتل أباه . .
فى حوارية "نمر" و "ابراهيم " شحنة بسيكولوجية هائلة فجرها انحسار القناع عن عينيه ووعيه العميق لكلمتى : صديق وعدو . . . لقد بات " ابراهيم " يعى من هو . ومن أولئك : الذين ما انفك يعايشهم بتلقائية الغر ، ويعايشونه بمنطق المعادلة الدنيئة : نفاق + نفاق = اتفاقا .
" . . - اسمع يا " ابراهيم" ، يجب ان تفهم ان "يورى" وأباه وأمه وأخته وقومه جميعا هم اعداؤك ، مثلما هم اعداؤنا . . لقد كنا نأمل فى ان نعيش معا كفلسطينيين ، مسلمين ومسيحيين وبهودا ، وان يأخذ كل ذى حق حقا من غير أن يتجاوز حقوق الآخرين . . ولكن اليهود . . وأخرجونا من ديارنا ، وها نحن كما ترى . بالامس خرجنا من" عين كارم " الى " القدس " ، وبعده خرجنا من القدس الى " أريحا" وليس يعلم الا الله اين نكون غدا ، ولقد أمرنا الله تعالى أن نرد العدوان بمثله وان نعد لعدونا ما استطعنا من قوة . . ولسوف يأتي اليوم الذي نستجمع فيه قوانا وننظم صفوفنا ، ونعود الى ارضنا بقوة حقنا ، وقوة ذراعنا . . " (13).
ويأتى يوم الكرامة فى معركة الكرامة يكون فيه الانتصار للفدائى الفلسطينى ويتنفس " ابراهيم " الصعداء ، وحين يكلف بحراسة جمع من الاسرى الاسرائيليين ، يكتشف صدفة وشما منقوشا على ذراع أحدهم هو " يورى" صديق طفولته . . ويكون حوار ساخن ، يستشف القارئ من خلاله ان الفلسطينى " متشرد بلا خطيئة " :
" . . فقال " ابراهيم " : تلك الاحداث التى أعرفها حق المعرفة ، لانى عشتها ، عشتها تشردا وتنقلا من مكان الى آخر ، عشتها جوعا وفاقة . . ألا قل يا " يورى " ، ما الذى جاء بك الى هنا ؟ ٠٠
* انها الاوامر . . فانا كما ترى مجند فى جيش الدفاع الاسرائيلى . . - جيش الدفاع ؟ . . رباه ما اضخم هذه الاكذوبة . الدفاع ضد من ؟ . * ان دولتنا نعيش وسط اخطار عظيمة ، هذا شئ معروف . . - ومن الذى صنع هذه الاخطار وتسبب فيها ؟ . . * انكم معشر العرب ، تكرهوننا . . - نكرهكم ؟ . انك لم تقل التعبير المناسب يا ابن " حاييم " ومع هذا فانى اسالك : لماذا نكرهم ؟ . هل قالوا لك ، عندكم ، لماذا ؟ . .
* لقد خضتم ضدنا ثلاث حروب في أقل من عشرين سنة و . . - خفنا منكم علينا . . ، لتاخذوا ما لا تملكون وتستولوا على بلدنا وأرضنا وتشردونا من غير ذنب ولا جريرة ؟ . . أنسيت يا " يوري" ، اننا
أويئاكم وادخلناكم بلادنا ، وعاملناكم كفلسيطينيين . . وأبيتم الا ان تقولوا انكم اسرائيليون ؟ . .
* ان اسرائيل هي أرض ميعادنا . . - من قال لك ؟ . والى أى حق استندتم ؟ . أتراك تصدق تلك الاكاذيب الذى يرددها زعماؤكم ؟ . انني لا اريد أن القى عليك محاضرة فى التاريخ . . ولكننى أقول لك باختصار اننا ، نحن العرب ، أقمنا فى فلسطين الفين من السنين . . " ( 14 ).
هى اذن دراما فلسطينية مجسمة فى صوغ فنى ، بقلم كاتب سعودى وقد وقع التركيز على أهم فترة تاريخية امتدت الى عشرين سنة ، بدءا بأحداث ما قبل اقامة دولة اسرائيل وأولى الحروب العربية الاسرائيلية التى اندلعت مباشرة اثر اعلان قيام الكيان الاسرائيلي فى ماى 1948 م واثناء العدوان الثلاثى : اسرائيل ، انقلترا ، فرنسا على مصر سنة 1956 م وأثناء حرب حزيران 1967 م وعدوان اسرائيل على مصر وسورية والاردن ، ثم انتصار الفدائيين الفلسطينيين ووحدات الجيش الاردني فى معركة الكرامة فى مارس 1968 م .
شخوص قصة " مشرد بلا خطيئة " هم : " ابراهيم " ،" ام ابراهيم " ، " الحاج ابراهيم " : رمز الفلسطينى ذى الخبرة والذى ذهب ضحية الواجب فى مواجهات له مبكرة للزحف الصهيونى . و "نمر" : رمز المواطن الفدائى وقد كان يمثل أصدقائه الثوار ك "سليمان "و " بطرس " جيلا فلسطينيا متوسطا يكافح على جبهتى الحياة : لضمان أسباب العيش ، ورعاية جيل المناضليين الناشئ . وهناك شخوص أخرى تختلف : التاجر اليهودى " حاييم" وزوجته وطفلاهما "يورى" و "راشيل " و والذين آوتهم ارض فلسطين ومكنتهم من حياة الرفاهية والهدوء بين الفلسطينيين الاصليين ، لكنهم أساؤوا لمن أحسنوا اليهم وانصاعوا للدعاية الصهيونية ، غارسين فى أفئدة أبنائهم كل ضروب الكراهية والحقد تجاه العربي
"مشرد بلا خطيئة " : قصة طويلة اخبارية ، ذات تقنيات صحفية فنية ، لانها ترسم الحادث المهم فى حياة الفرد أو المجتمع على أساس مواقف المؤلف المعنية ولان الاسلوب الاخبارى اسلوب فنى يبرز مدى تطور الاحداث لفترة
زمنية ما ، ولطبقة اجتماعية ما ، بشكل دقيق ، ولان اسلوب الصحافة الفنية " تاريخ للعصر " يتناول المؤلف بواسطته مواضيع الساعة ، وأهم الاحداث العالمية الحرجة بمعالجات فنية ، شتى .
" مشرد بلا خطيئة " : ، سفر أخبار استوعب شعبا بأكمله ما لنفك يقاوم العدو الصهيونى من أجل استرجاع ارضه واقامة فلسطين : دولة مستقلة .
. هى تقرير ضاف عن مدى واقعية الاحداث الرهيبة التى افضت الى تعميق المتساة وأتاحت للقارئ فرصة التعايش معها من الداخل الفلسطينى .
يقحمنا د . محمد عبده يمانى فى مناخه القصصى من خلال منظورين تاريخيين ، سياسيين : فلسطين العربية واسرائيل الصهيونية ، ومن خلال مصيرين هامين : " ابراهيم " و " يورى " فى التقائهما وجها لوجه فى دراما هذا القرن .
فيمكن اعتبار " مشرد بلا خطيئة " نموذجا مبكرا للقصة السياسية المتميزة فى الادب السعودى المعاصر (15) . انها فى الختام قصة مبسطة اللغة وبمهارة فنية عالية ، واقعية فى ثوبها الابداعى ، مع تناسق محكم بين الشكل والمضمون . . وان لوحظت فى بعض المواطن منها بعض السلبيات على صعيد التحليل السياسي لبعض جوانب القضية الفلسطينية ، بالإضافة إلى بعض السلبيات الفنية ايضا ، لكن المهم ان هذه القصة قد كشفت من جديد عن قناع المنافقة الصهيونية التى وصفها قرار الجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة بأنها شكل من اشكال العرقية والتميز العرقى . (16)
