الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 9الرجوع إلى "المنهل"

الملوك الشعبيون ...

Share

اضرع الى الله عز وجل ، ان يعيد للاسلام في جزيرة العرب سلطان دولة الخلفاء الراشدين ، والائمة الهادين المهديين ، التي كانت للاجداد على يد الملك " فيصل " المعظم .

الملوك الشعبيون قلائل في التاريخ . والملوك الشعبيون هم في شعوبهم ، بمثابة القلب الحي الذي يدفع دفق الدماء الحارة الى سائر الاعضاء ، يدفعها حياة وقوة وسلاما . . او قل هم بمثابة الطاقة الكهربائية تمنح الامة والنوروتسير الاعمال على وجهها الصحيح النافع ، وتنهض بالحياة العملية التقدمية المثمرة فى كل مكان .

والملوك الشعبيون هم الذين يعرفون كيف ينتقون أفراد بطانتهم من اصدق ابناء الشعب ، أنزههم وأعفهم وأوعاهم واشدهم حرصا على حياة الدولة والامة ، واسرعهم الى النجدة والتضحية والفداء بالنفس والمال في ساعة العسرة وأصبرهم على الجلد والمغالبة لاحراز النصر والمجد . وأقدرهم على تميز العاملين في الدولة . الصادقين الامناء الذين يقنعون بتناول القليل من مال الدولة ، ولا يقنعون بتقديم الكثير من الخدمات التقدمية النافعة .

- من الكاذبين الخائنين الذين ينظرون الى الدولة كمتجر للربح يقوضون الاركان ويهدمون البناء من أجل التمول ويسيئون ويفسدون وهم يتظاهرون بالاحسان والاصلاح .

ولست الآن بصدد الافاضة عن ملوكنا الشعبيين القدماء وهم كثر والحمد لله . وانما الذي اوثر الافاضة فيه هو ان مجتمعنا الحديث عرف ملكين شعببين كبيرين خاطرا بحياتهما في سبيل تحرير وطنيهما حتى الموت واقاما من الامجاد ما لا يقيم امثالهما الا الابطال الخالدون ، هما المرحومان ، الملك عبد العزيز آل سعود صقر الجزيرة العربية ومحررها وبطلها المؤمن المغامر بحق . والملك محمد الخامس ملك المغرب الاقصى الذي قوض أركان الاستعمار الافرنسي في بلاده وأذاقها نعمة الحرية والعزة والكرامة . وقد انجب كلا الملكيين العربيين الشعبيين أبناء بررة ايقاظا ساهرين على حفظ الروح الشعبية المخلصة الامينة ، وسلطان الدولة الواعية الساهرة . ففي جزيرتنا العربية ظل الاخوة المثقفون البررة وفي طليعتهم جلالة الملك فيصل ينهضون بشعبها الى المستوى الذي يليق بروعة تاريخه الكبير وينمون روحه الشعبية المؤمننة المضحية التى عانى من اجل احيائها بعد همودها الطويل الملك عبد العزيز ما عانى وضحى ما ضحى .

أجل هؤلاء هم ساهرون يحفظون ما بنى من دولة وسلطان وعزة وكرامة واستقلال في جزيرة العرب ، ومن ورائهم الشعب يضحي ويفتدي ويجاهد ويناضل . وما اسرع ما ردموا المهاوى السحيقة التي اوشكت ان تمزق الشمل وتفرق الجمع . لولا مواهب الوعي المستشف عواقب الامور ولولا الاناة والصبر والصدق والاخلاص .

ولولا الحكمة البالغة ، والروح الاجتماعية الكريمة وشمائل العروبة والاسلام الاصيلة التي كانت تدرا الاخطار دائما ، ومن ثم نهض كبار رجال الحل والعقد من العلماء والامراء المخلصين المضحين .

وهكذا عاد الشمل كأحسن ما كان وتوحدت الكلمة .

وان شعبا يقيم ملكه على هدى وحي الله وعلى سنة رسوله الكريم ؟!! وعلى ما كان عليه السلف ؟!! من العلم والوعي والشوكة والعتاد والاستقامة والقناعة والاقتصاد وحب بعضهم بعضا بصدق واخلاص . . لن ينهار ابدا . . وهل ينهار ما كان لله عز وجل ؟ وما كان لله فهو الباقي !! وما كان لغير الله فهو الزائل !!! والله عز وجل يقول : " فأما الزبد فيذهب جفاء ، واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض " .

والآن قد انجز رجال الحل والعقد المؤمنون المخلصون الذين يفتدون الامة الامة والدولة بأرواحهم واموالهم - سواء اكانوا من افراد الاسرة السعودية الماجدة ، اومن اكابر العلماء مبايعة " فيصل " العظيم شرعيا على البلاد فان الفضل في هذه المبايعة الشرعية المباركة يرجع الى الروح الشعبية الفذة الرائعة التى يتمتع بها عن جدارة واستحقاق جلالة الملك فيصل بما قدم ويقدم لشعبه من خدمات جليلة المنافع عظيمة القيم . الا انها شعبية ما عرف تاريخ الجزيرة العربية الحديث امثالها بعد جلالة والده المغفور له مؤسس هذه الدولة الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله . . انها شعبية ما تألفت من المادة الخاسرة ، ولا من الشهوات العمياء ولا من أجل المنافع الشخصية والوجاهة ، وانما تألفت لاعزاز كلمة الله ، والتقيد بأصول وحيه المنزل , ومحاربة بدع المنحرفين المستهترين ..

تألفت لتعود بالامة الى شمائل سلفها الصالح : - في ايمانهم واخلاصهم . في عفافهم ونزاهتهم . في بطولاتهم وتضحياتهم . في عبقرياتهم ومعارفهم . في قوتهم وسلطانهم .

في بعدهم عن خرافات الوثنية والاشراك . وان هذه الروح الشعبية السلفية الاجتماعية الجديدة ، لم تجيء بها المصادف او الاطماع . بل جاءت بها حتمية المثل الاسلامية العليا الصاعدة ومثاليات الخلق العربى المتفوق الحافل بالبطولات النادرة والتضحيات العجيبة وروائع الاحداث الانسانية العالية .

وكان مطلع فجرها الثاني في نفس مطلع الاول - جزيرة العرب - لان المواثيق التي أبرمت بين الداعية الاسلامي الكبير العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب والامير البطل محمد بن سعود في القرن الثاني عشر الهجري كانت في جزيرة العرب .

ومن ذلك اليوم والروح الشعبية العربية الاسلامية السلفية تزداد قوة الى قوة واتساعا الى اتساع وعلما الى علم واخلاصا الى اخلاص ، ونضالا الى نضال وتضحية الى تضحية . على رغم ما كان يعتورها من تراخ احيانا حتى جاء الملك عبد العزيز آل سعود فدعم اسسها واثبت قواعدها وشد اواصرها بين ابناء الجزيرة بالعنف واللين والتفاهم والتعاون والتناصح وصفوة القول : ان هذه الروح الشعبية السلفية ذات الامجاد والذكريات التاريخية الخالدة هي التي دفعت جماهير شعبنا  مقدمتهم رجال الحل والعقد الى مبايعة فيصل العظيم ملكا بالاجماع الذي هو ابدا رمز وحدتها وقوتها واستمساكها باسلامها على نهج سلفها الصالح . وانك تلمس هذه الروح الاسلامية الشعبية

الاصيلة في صك المبايعة لمس اليد . واليك هو كما اذيع في كل الصحف : " قد تم اجماع رجال الحل والعقد في الوطن السعودي من الامراء السعوديين والعلماء والوجهاء . في يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر جمادي الثانية ١٣٨٤ ه على مبايعة ولي العهد فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ، ملكا للبلاد واماما للمسلمين " . .

وكان اول من بايع سماحة المفتي الاكبر ورئيس القضاة الشيخ محمد بن ابراهيم وهو يقول : " قد بايعتك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعلى اقامة العدل والانصاف والقيام بأمور الامامة وأدائها على اوجهها الشرعية المعروفة المعلومة وفقك الله لما يحبه ويرضاه " .

وقد اجاب صاحب الجلالة الملك فيصل : " وانا من جانبي ابايعكم على اتباع كتاب الله وسنة رسوله وتحكيم الشريعة وان أكون خادما للشرع في جميع الامور وأن أسعى بكل ما في امكاني لحفظ كيان هذا البلد وخدمة مواطنيه فيما يصلح دينهم ودنياهم . وأرجو الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا واياكم هداة مهتدين عاملين بالخير متقين الشر متبعين كتاب الله وسنة رسوله وان يجعلنا من انصار دينه وان يوفقنا دائما لاتباع ما يجب علينا من خدمة ديننا وأمتنا ووطننا انه على كل شيء قدير والله سبحانه وتعالى يوفق الجميع للخير " .

وعلى ذلك بايع رجال الحل والعقد وسائر افراد الشعب ، فهذا الاجماع في المبايعة من كل فرد من افراد الاسرة السعودية الماجدة ومن كل فرد من العلماء والوجهاء وسائر ابناء الشعب ، وهذه السيول المتدفقة من البرقيات ، وهذه الرسائل التي تنهمل على الديوان الملكي ، وهذه الافراح التى تقام في كل ناحية من نواحي المملكة هي أية

المثالية الشعبية الفذة الرائعة التي المعت الى تاريخها الحديث في جزيرة العرب .

وقد جاء في صك المبايعة لفظة الامامة . والامامة هي الرئاسة العليا في الاسلام ، ولا تكون شرعية مطاعة في جيل من الاجيال ولا في شعب من الشعوب الا بمثل هذا الاجماع العتيد في المبايعة والا بمثل هذا التأييد الحاشد في كل مكان ، لان الله عز وجل يقول : " وأمرهم شورى بينهم " ، وهل سمعت أن شعبا من شعوب العالم القديم أو الحديث قام بمثل هذا التشاور الجماع لدى اسناد الرئاسة العليا الى من يصطفى ويختار ، انه تشاور الزامي اجماعي عجيب انه تشاور جاء اثر تشاور ، وقد أعقب آخر وآخر . وكانوا في كل مرة يعرضون على فيصل الرئاسة العليا في الامة وهو يرفض ويرفض ، ولولا أن الامر وصل الى الاصرار من رجال الحل والعقد ، وفي مقدمتهم أمراء البيت المالك ورجال العلم ومن خلفهم جماهير الشعب لاستمر يرفض ويرفض كعادته .

اذن فما شاهدناه أو سمعنا به مما أقيم من معالم الزينات والافراح ما هو يسير في جنب ما سيقام من زينات وافراح وخطب تلقى وقصائد تنشد وكلمات تنشر حين يعتمد ان يرد غدا او بعد غد تهاني الوفود في شتى اطراف المملكة . وهل هذا كله الا مظهر من مظاهر الشعبية الجماعية العامة الخالدة .

واني في النهاية اضرع الى الله عز وجل أن يعيد للاسلام في جزيرة العرب سلطان دولة الخلفاء الراشدين ، والأئمة الهادين المهديين التي كانت للاجداد على يد جلالة الملك فيصل العظيم وان تعمم الثقافة الاسلامية السلفية الصافية الخالدة كل فرد من أفراد الشعب ليكون جنديا مخلصا مسلحا بالعلم قادرا على النضال وكسب الانتصار على كل حال .

اشترك في نشرتنا البريدية