سأبدى بعض الملاحظات منها ما يتعلق بما جاء فى الوثيقة ومنها ما يتعلق بمقترحات يمكن ادراجها ضمن توصيات الندوة . ولكن أريد أن أؤكد أولا اعتقادى فى ان كل من ينتمي الى البحث الادبى فى بلادنا مؤمن بضرورة تدعيم تدريس الادب التونسى ولكن عندما نريد المرور من الرغبة الى الانجاز نجد ان هناك صعوبات وصعوبات جمة . فنقدى الاول للتقرير المعروض علينا نقد منهجى فهو لا يبرز الصعوبات وهي مع ذلك عديدة وسأرجع اليها .
ولكن لى ملاحظات جزئية ابديها بصفتى عضو الهيئة العلمية لكلية الآداب وبصفتى رئيس قسم العربية بها :
ورد في الصفحة الرابعة من التقرير طلب ادراج دراسة النصوص التونسية والعربية ضمن برنامج شهادة الادب المقارن . والحقيقة التى ينبغي ان اذكرها هي أن شهادة الادب المقارن التى هى شهادة تكميلية انما انشئت برغبة من قسم العربية والرئيس المشرف على هذه الشهادة تونسى من هيئة قسم العربية ، وهو الزميل المنجى الشمل ، فشهادة الادب المقارن انطلقت من نواة أولى عربية ثم وقع تدعيمها وتوسيع مجال الدراسات فيها . هذه الملاحظة الجزئية الاولى وأظن ان الزميل المنجى الشملى الموجود معنا فى امكانه ان يمدنا بتوضيحات أكثر ، فقد تحتاج الدراسات العربية ضمن هذه الشهادة الى شئ من التدعيم ولكن الامر الذى اعرفه هو ان الدراسات الانجليزية والفرنسية انما جاءت كمتممات للنواة العربية لهذه الشهادة وهو أمر طبيعي لانها شهادة أدب مقارن .
كذلك أريد أن أبدى ملاحظة حول ما جاء في الفقرة التى وردت في الصفحة الرابعة والتي تحث على الاهتمام بالفترات الادبية فى تونس ماضيا وحاضرا ودراسة اعلام الادب التونسي سواء فى الدروس أو فى الاطروحات ، وأريد
أن أذكر في هذا الصدد أن الادب التونسي المعاصر موضوع اطروحتين (أطروحتي الاستاذين توفيق بكار وجعفر ماجد ) انجزتا بعد أو كادتا وستناقشان أن شاء الله اما في هذه السنة أو السنة المقبلة ، وأطروحة ثالثه سجلناها في هذه الايام لزميل ثالث حول فترة من فترات الادب التونسى الحديث .
اما الادب التونسي القديم فاننا اذا استعرضنا ما قام به زملاؤنا فى الجامعة وجدنا اننا أحطنا بمختلف مراحل الادب التونسى لان العهد الاغلبي درسه الاستاذ "الطالبي " ، والعهد الفاطمي درسه الاستاذ " الدشراوى " ، والعهد الصنهاجي درسه الاستاذ " بو يحيى " والعهد الحسيني درسه كل من الاستاذ أحمد عبد السلام والاستاذ المنصف الشنوفي الى غير ذلك من الدراسات حول مختلف مراحل تاريخ تونس وحضارتها ونشاطها الثقافي
معين بالإضافة إلى قائمة البحوث التى سجلت في الوثيقة المدرجة بملف وثائق الندوة والتي حررها الزميل " محمود طرشونة " فهى تنص على كثير من البحوث .
من حديثي وهي تتعلق بالمقترحات وهذه وأخلص الآن الى النقطة الثانية من حديثي وهى ت تت والتي جانب ناتحة في الحقيقة عن ملاحظة عدة صعوبات . فما هى هذه الصعوبات التى تعترضنا ؟ انها لا تنحصر فى خلق الرغبة لاعداد بحوث حول الادب التونس فكل الزملاء يحاولون ذلك لكن عندما يصلون الى مرحلة البحث فى ناحية من نواحي الادب التونسى والحضارة التونسيا نعترضهم الصعوبة الاولى وهى تتمثل فى ان التراث العربى القديم ل تحص مخطوطاته ، ولم نتمكن من الاطلاع على مواطنها فى مختلف البلاد العربية الاسلامية . ومن هنا يتولد المقترح الاول الذي اتقدم به وأرجو ان يؤخذ يعين الاعتبار عند اعداد التوصيات وهو يتمثل فى ان نوصى الدوائر المسؤولة بأن تعبر الاهمية لمسألة البحث عن المخطوطات المتعلقة بالادب العرب بافريقية في القديم ، وان تكون لجنة من أهل الاختصاص فى هذا الميدان ، وان تعطى هذه اللجنة الامكانيات المادية لايفاد بعض الباحثين وتسهل اقامتهم عدة اشهر مثلا فى اسطنبول وغيرها ، لان متيقن اننا لا نعرف من أدينا القديم الا القليل ، وهذه المعرفة ليست ناتجة عن عدم رغبة منا وانما عن صعوبة المسالك المؤدية إلى معرفة تلك الآثار وهذا ظاهر فى التقرير العام الذي أعده اتحاد الكتاب التونسيين
اما عن تدريس الادب التونسى فى الجامعة فان حظ الادب التونسى فى برامج الادب في الجامعة نسبته 50 % فاذا نظرنا إلى مكانة الادب الاندلسي والأفريقي معا في القديم ومكانة الادب التونسى والحضارة التونسيه فى برامج الجامعة من يوم احدثت كلية الآداب وجدنا ان الاهتمام بأدبنا التونسى يحظى بقدر لا بأس به في برامج الجامعة ثم اننا نحرص على تنويع المسائل المدرجة فى برنامح التدريس فى الجامعة إذ علينا أن نجدد البرنامج كل سنتين ولذلك فمن الضرورى البحث عن نصوص جديدة من تراثنا واعداد كشف عام عنه ولا شك ان هناك مخطوطات ووثائق فى تونس نفسها من الصعب التحصيل عليها ، وتلك حقيقة مؤلمة اذ اننا كباحثين تونسيين لا نجد الاعانة لكى نقوم بما نصبو اليه من ابراز ادبنا وتراثنا . وعندما نثير قضية الاهتمام بالادب التونسي يقال لنا دائما : هناك الشابى ، وابن رشيق ، وفلان و فلان . . ولا يدرك القائل اننا نحاول التنويع واقصى ما يمكن من التنويع هذه نقطة أولى أتقدم بها كتوصية فى هذا الملتقي
أما النقطة الثانية فهى تتعلق ببرامج التعليم الثانوى وبعض ما جاء فى كلمة السيد رئيس الندوة ، وانى اعتذر لدى السيد رئيس الندوة فقد طلب منا الصراحة وسأكون صريحا كعادتى فالتفتح ليس نبذا للاصالة فنحن لا نريد التفتح إلا ونحن متأصلون وأظن أن هذا الموضوع لا يمثل مشكلتنا الاساسية المشكلة تتمثل فى محاولة التوفيق بين الكلمتين الواردتين بالصفحة الثالثة التوفيق بين الانتماء الى الحضارة العربية وابراز ملامح الشخصية التونسية وهي مشكلة تعنى أهل الاختصاص وتلك تجربة قمنا بها وكنت شخصيا من افراد اللجنة التى تفضل السيد الوزير بالاشارة اليها ، وهى لجنة اجتمعت سنة1970 فلم اسمع فى ذلك الاجتماع الذي عقدناه من عارض فى ضرورة تنزيل الادب التونسي والحضارة التونسية قديما وحديثا منزلتهما فى البرامج . ولكن المشكلة التى اعترضتنا كانت مشكلة بيداغوجية وقد انقسمنا فيها الى قسمين ، وكنت فى شق احد هذين القسمين ، وسأبين بدقه ما قلته اتذاك في هذا الموضوع اذ ربما وقع التباس ينبغى رفعه نهائيا فهناك من الاساتذة من اراد ادراج الادب التونسى فى البرامج بعملية تلقيحية يعنى اقرار تدريس نص من هنا ونص من هناك وثالث من هنالك ، ومنا من عارض فى ذلك وكنت أحدهم ، ومعارضتنا كانت نابعة عن رغبتنا فى ان تكون التونسة جامعة لبرامج الادب العربى وهنا اوضح معنى ذلك . فما دمنا نكتفى باقرا تدريس نص من هنا ونص من هنالك فى برنامج عربى اسلامى يبتدئ من
الادب الجاهلى ونضيف اليه تدريس نصوص تمهيدية عن الادب فى قرطاجنة وهي نصوص غير عربية لانها مترجمة عن كتب اخرى ، فهذا أمر بسيط ولكنه سطحي ، فقلت : الافضل ان ننطلق من ادب الفتح لان بداية الادب العربى فى تونس الفتح ففي يوم الفتح بدأ هذا الادب . وهذا الادب التونسى ليس له سوابق ، وقلت : ينبغي ان ندرج فى البرامج نصوص الخطب التى قيلت في الفتح وبعدها أى فى الفترة الاولى من فترات تاريخنا بطبيعة انتسابنا من غير شك الى الحضارة العربية نرجع لتدريس الادب الذى كان اصلا وكنا له الفرع
المشكل المبسوط علينا اذن كأهل اختصاص وحاولنا بحثه كأهل اختصاص هو : كيف يمكننا - مع البقاء فى بوتقة الحضارة الاسلامية والادب العربي . ان نقدم نظرة جديدة لادبنا باعتبار اننا من أهل تونس واننا ننتسب الى وطن خاص ؟ أى كيف نبرز شخصيتنا المحددة ضمن الشخصية العربية العامة ؟ المشكلة بالنسبة لنا فى تدريس الادب العربى ليست مشكلة تفتح وتأصل فنحن متأصلون حتما وهذا الرأى القائل باعادة قراءة حضارتنا ينطبق ايضا على تدريس التاريخ والجغرافيا والفلسفة وهو موضوع كبير . والأمر بالنسبة للادب العربى يتمثل فى كيفية تمكننا من تدعيم انتسابنا إلى الادب العربى مع ابراز شخصيتنا رغم ذلك فالمشكلة اذن هي مشكلة الاصالة ضمن الاصالة والموضوع بالنسبة للجنة العربية ليس قضية اصالة وتفتح ولكن اصالة ضمن اصالة ، او طرافة فى الاصالة . تلك هى المشكلة . وسيبقي مع الاسف دائما فى نفوسنا شئ من عدم الرضا والشعور بمركب النقص ما دمنا لم نقم بالعملية الاولى التى اشرت اليها اى عملية احياء التراث . لا لاننا لا نعتز بأدبنا ، وانما لاننا نشعر بقلة الانتاج الذى بين ايدينا وقلة الانتاج لا يعنى قلة المجد الذي لنا لان العملية التى نقوم بها الآن عملية حديثة العهد فقد ابتدأنا فى البحث والانتاج منذ عشرين سنة . والتفكير فى هذه المشاكل وفي فضها وفى القيام ببعض الدراسات حولها ما زال قائما ، وأغلب الدراسات التى حبرت فى ذلك ما زالت قيد التحرير ولدى فى هذا الصدد اقتراح ثان وهو ان تمكن الجامعة من اعتمادات مالية كافية لنشر البحوث والدراسات فالآن لدينا من الاطروحات المنجزة منذ ثلاث او اربع سنوات كمية لا بأس بها لم تبرز بعد وينبغى علينا ان ننتظر صرف الاعتمادات المالية للسنة المقبلة لنتولى طبعها هذا الى جانب البحوث التى يقوم بها طلبتنا وهى بحوث صغيرة من غير شك ولكنها مفيدة فى اغلب الاحيان وتستحق النشر ، لذا فنحن نطالب بتوفير الاعتمادات المالية للنشر لان الدراسات التى انجزت اكثر مما يتصور الجمهور ولم تبلغ بعد للجمهور لانها بقيت مخطوطة فى نسختين أو ثلاث
وفي الختام اعتقد ان رغبتنا فى ابراز شخصيتنا شىء حيوى بالنسبة لنا ، ولكن الصعوبات التى تعترضنا هى التى تقوم حائلا دون ذلك . وبودى لو أضيف إلى المقترحات الوجيهة الواردة في الوثيقة التى قدمتموها الينا مقترحات عملية ذكرت البعض منها ولا شك في ان الحاضرين لهم كثير من المقترحات مع الاعتذار عن الاطالة ومع الشكر
محمد مزالي :
أشكر الاخ محمد عبد السلام على هذا التدخل وأود أن أضيف ملاحظة أخرى وهي ان اللائحة التى ستتمخض عن هذا الملتقى يحسن ان تحتوى على كل الاقتراحات العملية التى ستتقدمون بها بحيث يجب اعتبار وثيقة العمل التى بين أيديكم مجرد منطلق للمناقشات ، واننا لنعتمد عليكم في اثرائها حتى تتضمن اللائحة التى نختم بها أشغالنا ما ترونه وتتفقون عليه من التوصيات
المنجى الشملى : ( مدير معهد علوم التربية )
لقد اضطرني الاستاذ محمد عبد السلام الى أن أتكلم الآن ، وكنت أود لو تكلمت في وسط النقاش أو فى آخره . ولما أثير موضوع " الادب المقارن " فى مستهل أعمالنا وجدتني مضطرا الى أن أضيف إلى ما قيل ملاحظات عامة بها أؤدى شهادة .
الادب المقارن في كلية الآداب :
نظمت كلية الآداب والعلوم الانسانية ، منذ خمس سنوات ، تدريس علم الادب المقارن ورتبت له شهادة تعرف ب " الشهادة التكميلية فى الادب المقارن " . والحق أن الرغبة فى احداث هذه الشهادة لم تصدر عن قسم اللغة والآداب العربية ، انما أحدثت هذه الشهادة برغبة ملحة من الطلبة : فكثيرا ما نبهتهم الى أهمية هذا العلم في الدراسات الادبية ، مبينا لهم أن الآداب كلها متكاملة ، وانه لا وصاية لأدب ما على أدب غيره ، وأن الأصالة هي محور الافادة من الآداب الاجنبية ، بها تتحقق المحاكاة الرشيدة ، ان الأدب المقارن منهجية نعتمدها لتحليل التأثر " فى الادب ، : فالتأثر السليم هو الافادة من الآداب الاجنبية وشحذ الذهن بالمفيد من آراء الآخرين لترقية الذات وتنمية
خصائصها ؛ والتأثر السليم طريق الى النماء الثقافي ، قوامه الاهتداء بنماذج اجنبية فكرية أو فنية ، يطبعها المتأثر بطابعه القومى ، بدون أن تكون له بأصحابها علاقة التابع بالمتبوع . كنت أقول هذا للطلبة فى استطراد مقصود ، وكنت أذاكر فيه عددا من زملائى بالكلية
هكذا نشأ تدريس الادب المقارن فى كلية الآداب ؛ وقد حرصت الحرص كله على أن يكون الادب العربي من قوام هذا التدريس الذي له قواعده الخاصه به منهجيته العلمية المضبوطة ، فالادب العربي لا يدرس في نطاق هذه الشهادة بالطريقة التى يدرس بها في قسم اللغة والآداب والعربية ، وكذلك الادب الفرنسى ، وغيرهما من الآداب ، فلنذكر هذا .
أردت بهذه الملاحظات أن أشكر الاستاذ محمد عبد السلام اذ أتاح لى فرصة التحدث عن هذا الموضوع وابداء هذه الملاحظات
موضوع الملتقي : الادب التونسي : منزلته ودوره فى التعليم والثقافة" :
ان موضوع هذا الملتقي موضوع خطير ، وعنوانه عنوان كبير ، وبرنامجه برنامح ثقيل ؛ طلب الينا أن نتحاور فى هذا الموضوع مدة يوم واحد وان نخرج بتوصيات . وكنا نود لو خصص لهذا الملتقى ثلاثة أيام ، ولعل ذلك يتيسر فى فرصة أخرى
المهم أن موضوع الملتقي موضوع خطير ، وقد كبر على الامر عندما قرأت نصه . ماذا نعنى بالادب التونسى ؟ هل نعني " الادب الانشائى " - أى الرواية والقصة والمسرحية والشعر ؟ أم نعني " الادب النقدى " أى الادب الذي يدرس الادب الانشائى ويحلله ؟ أرهقت نفسى بهذه الاسئلة عند قراءة نص الموضوع ، ولكنى عندما استمعت الى عرض الاستاذ مزالي فهمت أن المقصود ب " الادب التونسي " فى هذا الملتقى انما هو " الادب الانشائى " . ان كان ذلك كذلك ، فالموضوع محدود مبتور ، لان اهتمامنا يجب أن يتجاوز دراسة النص القصصى أو النص المسرحي أو النص الشعرى كى يتاح لنا القول في النقد الادبي والدراسات والمواقف والنظريات
واني أحب أن أنصف الاستاذ مزالي من نفسي : فقد قال فى ختام عرضه " اننا نريد من الاستاذ عندما يمارس النص أن يمارسه بطريقة نقدية "
وهذه اشارة منه الى انه لا بد لنا من أن نهتم بالنظريات النقدية فى تعليم الادب أو فى تحليله
كنا نود ، على كل حال ، لو أشارت " الوثيقة الاصلية " الى أن الملتقي مقتصر على " الادب الانشائى " دون النقد و " أدب التفكير "
على أن الموضوع طريف من وجه آخر ، اذ هو لا يقصر منزلة الادب ودوره على التعليم فقط ، ولكنه يربط الادب بالثقافة .
"الادب: منزلته ودوره فى التعليم والثقافة " :
اعتاد الناس أن يعتبروا هياكل التربية القومية هى وحدها المسؤولة عن المستوى الفكرى والمستوى الحضاري في البلاد ، ولعله يحسن الاقتصاد في الحكم ، فالهياكل الثقافية لها أيضا دور خطير فى الامر ، وكذلك الهياكل الاجتماعية . فليس من العدل أن نخص بالاستحسان او بالتنديد وزارة التربية القومية والمربين عامة . لذلك نرى أن دور الادب في الثقافة له شأن كبير ، كما له شأن خطير فى التعليم . فاذا كان تعليمنا مهتما بالادب التونسى ، فاننا لا نجد حركة ثقافية متينة تؤيده تأييدا . لا بد اذن من تصور " سياسة شاملة " تتضافر فيها الجهود لدعم " الذات القومية " فى المدرسة وفى البرامج الاذاعية ، فى النوادى العامة وفي دور الثقافة ، فى الصحافة وفى السينما ، فى العائلة وفي الشارع ايضا . . . هذه هي القضية !
الادب ليس حلقة قائمة بذاتها ، الادب تدعمه الموسيقى ويدعمه الفن والادب يدعمه المسرح ويدعمه الشارع ؛ بدون ذلك يكون الادب شرا من عدمه . فالادب ليس موضوعا مستقلا عن السياسة العامة . . .
لابد من أن يكون موقفنا من الادب التونسي موقفا نقديا :
لا بد اذن من اعتبار الادب عنصرا مهما من عناصر سياسة ثقافية شاملة مؤيدة بسياسة اجتماعية ، بل ان الادب لا ينفصل عن الاختيارات السياسية . . .
كذلك لا بد من أن يكون موقفنا من الادب التونسي موقفا نقديا ، خالصا من نزعة التمجيد المطلقة وخالصا من نزعة التحقير المطلقة ، الى هذا المعنى أشار الاستاذ مزالى فى خاتمة عرضه .
فلنستقبل الادب التونسي وقد برأنا انفسنا من مجاملة الكتاب ومن من عواطفنا المختلفة . اننا نسئ الى ادبنا والى الذات القومية والى مستقبل الثقافة فى بلادنا عندما نهب لقب " الكاتب " - أعنى " الكاتب الكبير او "الكاتب الشهير"الكل الذين يكتبون فتنشر المجلات او الصحف ما يكتبون ما هكذا يكون الاعتزاز بالادب التونسى وما هكذا ندعم هذا الادب في الكاتب " هو الذي يحسن المطاولة ولا يأنف من الدربه لانشاء ادبة ، هو الذي " ينحت من صخر " ولا " يغترف من بحر "
ولنستقبل الادب التونسي بكشف الغطاء عن أعلامه المغبونين ، بدون أن ننسح حولهم الاساطير ، هكذا أسأنا إلى أبى القاسم الشابى والطاهر الحداد لان التحليل النقدى عمل عسير والتمجيد أمره سهل يسير ، فلناخد ادبنا بالجد والحزم ! الا ان من الناس من يرفض " الادب التونسي " زاعما انه ادب ضحل "لانه مكتوب بالعربية وما كان من الادب مكتوبا بالعربية فهو "يونانى لا يقرأ " وهو ضعيف المستوى ، هكذا قالوا . . لانهم " حريصوه على مستوى الادب " ! ! انها قضية " الذات القومية " . .
الادب التونسي في برامج التعليم :
وأخيرا أصبح " الادب التونسي يدرس بالمدارس الثانوية والمعاهد العليا . . أما الذين يمارسون تدريس هذا الادب فهم فريقان : فريق أصحابه مقتنعون بضرورة تدريس الادب التونسى ، أسخياء ينفقون جهدا كبيرا فى التعريف به وتحليله ونقده ، وفريق أصحابه يدرسون الادب التونسي لان مقتضيات الحال تفرض عليهم ذلك . المهم على كل حال ، أن الادب التونسي قائم في التعليم ؛ بالامس كان الاهتمام بالادب التونسى الحديث أمرا مستهجنا في الكلية ، واليوم أصبح تدريس هذا الادب من قوام تعليم الادب فيها ، ويرجع الفضل فى ذلك الى جماعة من الاساتذة فى كلية الاداب : فهم الذين حرصوا على تذليل الصعاب ولم يأبهوا للعقبات . . الا انا وقعنا اليوم فى مشاكل تتمثل فى ضبط مظاهر الادب التونسي التى يحسن أن توضع فى البرامح : قيمة الادب هى المعيار الاول . لكن هل تتسع المعايير دائما ....؟ثم أين تكمن قيمة الادب ؟ هذه هي القضية !
ان موضوع هذا الملتقى موضوع خطير . . . " .
محمد مزالي :
أريد أن أعلق على أمرين الامر الاول يهم طول المدة لمثل هذا العمل وهذا صحيح اذ لا يمكن فى يوم واحد ان نعطى هذا الموضوع حقه فهو موضوع كبير وواسع ومترامي الاطراف ، لكن ما لا يدرك كله لا يهمل جله ومن الاكيد ان الاخ المنجى الشملى يعبر عن تفاؤل كبير عندما يقارن هذا الملتقى الذى خصص له اتحاد الكتاب التونسيين يوما واحدا بالملتقى الذى نظم فى الحمامات حول شؤون الكتاب ودام ثلاثة اسابيع ويوجد بطبيعة الحال فارق كبير بين يوم وبين 21 يوما وعلى كل فنحن نعتبر ان هذا الملتقى قابل للتجديد . وأؤكد لكم ان اتحاد الكتاب وجد صعوبات لتنظيم هذا اليوم نظرا لقلة الامكانيات ولكنه بفضل تعاون كل الاخوان وتحمسهم وتفهم الوزارات التى يهمها الامر فانه امكن التوفيق
والملاحظة الثانية تتعلق بتأييد ما قاله الاخ محمد عبد السلام والاخ المنجى الشملى ، وأريد أن أعلق تعليقا شخصيا على النقطة الاخيرة التى اثارها الاخ المنجى الشمي وأعرب عن تأييدى المطلق لما قاله ان الادب التونسي بحب أن يدرس فى المدارس وفي الجامعة من غير طبقية أو تفرقة . ويجب أن تشمل البرامج نماذج من كل المدارس الادبية على تعدد مناهجها وان يتسع صدر كل استاذ للتعاطف مع المناهج الادبية التى نتولى تدريسها . وهذا ما تفرضه الامانه العلمية ويقتضيه احترام ذوق وشخصية الطلبة والتلاميذ وهذا لا يمنع ان يعطى الاستاذ رأيه فى كل أثر أو نص يتناوله بالدرس أمام طلبته .
الهادى حمودة الغزي : ( استاذ بدار المعلمين العليا وعضو اتحاد الكتاب )
سيدى الرئيس ما دامت الصراحة هى المنطلق السليم لكل موضوع فانى أقول ان الادب التونسى فى الحقيقة ليس ضعيفا فى بلادنا ولكنه مشلول ولم يقف بعد على قدميه وذلك لاسباب منها :
1)حركة التعريب بالدرجة الاولى ، اذ ما دام التعريب غير موجود في بلادنا فلا يمكن ان يكون هناك أدب . نلاحظ عندما ننزل للشارع الرئيسى فى تونس ان كل الاكشاك تحمل عناوين فرنسية واجنبية وكذلك الامر فى المستويات الاخرى وقد سمعنا قبل حين نفس الشئ ، اذن فحركة التعريب
هى الاساسية إذا اردنا ان يكون هناك أدب تونسى أصيل مثلما هو موجود فى بقية البلاد العربية وغير العربية يجب ان ننقذ أنفسنا فقد بدأت محاولات للتعريب وتولى مقاليد وزارة التربية عدة وزراء تحمسوا للتعريب ، وكنا كمثقفين مخلصين لما نادوا به وعاضدنا بعض المسؤولين الذين تسلموا زمام وزارة التربية ليقوموا بحركة التعريب
والان ما هو دورنا نحن كأساتذة في التعليم الثانوى وفي التعليم الجامعي عل قمنا قومة صادقة فى هذا الميدان وخرجنا عن طريقة اعداد العرائض وتلك الألاعيب الخلفية ؟ الى ما كانت تهدف طرقنا وما هى نتائجها ؟
2) اذا أردنا وضع المسؤولية على عاتق الهيكل العام فى الدولة أو ما شاكل ذلك فهل المسؤول الاعلى أو من في مستواه يفتح أذنيه ويسمع هذه الصيحات على ضوء ما يقدم له من تقارير وما نتحدث معه فى الكواليس وتنتج عنه السياسة العامة . أنا أؤكد أننا لو كنا صرحاء مع أنفسنا وشعرنا بمسؤوليتنا نحو أنفسنا لوجدنا أننا قد تجاوزنا الآن هذه المرحلة التى ما نزال نتردى فيها .
3)كيف نستطيع ان نجد ادبا تونسيا ونحن لا نبحث فى المكتبات عن المخطوطات ولا نتجشم مشاق السفر الى اسطنبول ولا نجد صور للمخطوطات فى دار الكتب الوطنية حيث تتكدس المخطوطات ويكثر الباحثون ، هل يمكن الأدب التونسي ان ينطلق وتراثنا لم ينبعث بعد ؟ يجب علينا احياء التراث اولا وبالذات حتى يكون الادب التونسي المعاصر كما قال الاخ الشملى اصيلا وانطلاقته عادية . اما ان يظل التراث الاساسي راقدا فى المكتبات ، ولا تعرف الاجيال شيئا عنه ولا يجده الباحثون الذين يأتون من كل مكان ومن الجامعات فى جميع أنحاء العالم فان هذا اهمال شنيع فى حق أدبنا وتقصير فى العناية بمخطوطاتنا .
نحن نعتقد ان عنايتنا في هذا الصدد قليلة مهما كانت الجهود التى تبذلها . ماذا نصنع ؟ وكيف نعمل ؟ حبذا لو كانت لنا في الحقيقة لجنة للتأليف والترجمة والنشر تهتم باحياء تراثنا مثلما هو موجود فى بعض البلاد العربية
وحبذا لو ان الجامعة التونسية وكلية العلوم ومعهد الصحافة ودار المعلمين وكلية الآداب كل فى ميدانه يقوم بأحداث اقسام لا للعناية بالادب التونسى لكن للعناية ايضا بالتراث التونسى على اختلاف اشكاله . ونحدث فى هذه المؤسسات قسما خاصا له أساتذة مخلصون ورئيس قسم مثلما فعل غيرنا فيتوفر لنا اختصاصيون كمحمد كامل حسين بالنسبة للادب المصرى . فالعراق وسوريا أو جدا جماعة تخصصت فى العناية بالادب العراق والسورى واحياء تراثهما .
إذا حققنا ذلك انقذنا تراثنا واخرجناه الى حيز الوجود وعززنا به حركه الاصالة . أما إذا كنا نريد ادبا اصيلا على نحو ما نرى عند غيرنا دون أن نعمل على احياء تراثنا فاننا بطبيعة الحال نلد أدبا لقيطا . اذكر مرة اننى تحدثت مع الاخ المنجى الشملى عن الشعر غير العمودى والحر وتبنى مجلة الفكر له فقال بل كلمة لطيفة جدا : " كيف يمكن للشاعر ان يدعو الى التجديد وهو نفسه لم يصل بعد إلى درجة الاجتهاد ؟ طه حسين يحق له ان يدعو الى التجديد لانه اجتهد ووصل إلى درجة الاجتهاد ، الشابى كذلك وربما ايضا الكثير من شعرائنا . لكن بالنسبة للشعراء الذين لا يعرفون شيئا من تراث آدبهم ولم يطلعوا على أمهات الادب التونسي فى البحث فكرا وثقافة وعلما فهو الخور بعينه . والا كيف شاعر التجديد ويندفع وراء التيار العام للتجديد؟ كل أديب يريد ان يجدد فى ميدان الشعر أو فى أى ميدان من ميادين الادب ونشكره عل احساسه الصادق وعلى النزعة المثالية ، ولكن الاصالة تقتضى ان يقوم هذا الاديب بثورة حقيقية تجديدية ويفيد فى هذا الميدان واعتقد انه ولو أفاد ولم يفشل فان الفائدة ستكون مشلولة ، على هذه الاساس فانى أؤيد اقتراح الاخ بن عبد السلام الداعى لتكوين هيئة وأحبذ لو تكونها وتتبناها وزارة التربية لا في التعليم الثانوى فقط بل وفي هيئة تتولى متابعة التعليم فى الجامعة ومتابعة التدريس في التعليم الابتدائى على ان يكون هناك قسم لتدريس الادب التونسي في كل هذه الكليات وأساتذة لتدريسه وان يفتح المجال للجميع نشجع بعضنا ونترك الانانية جانبا ونترك العصبيات المحدودة العمياء واعتقد ان مستوانا الجامعي الذي يبرزنا كأعلى طبقة فى المجتمع يجب ان لا ينحط الى مستوى الرعاة او رجال السوقة مع اعتذارى عن هذا التعبير بل يكون مستوى أعلى بكثير من ذلك يجب ان يكون هناك صدق واخلاص لاحياء تراثنا التونسي وان يكون هناك ترابط بين أسرة التعليم من جهة وبين المسؤولين من جهة اخرى . وعلينا ان نبتعد ايضا عن اعداد العرائض المشبوهة التى عرفناها في كثير من السنوات الماضية وألحقنا ضررا من ورائها بأنفسنا
وأصبحنا اليوم نشتكى منها . اعرف ان كثيرين سيضيقون من هذا الكلام ولكنى أقول الحقيقة وانا صريح والصراحة هي أساسنا ورائدنا اذا أردنا الحياة للادب التونسى فيجب علينا ان نبتدئ بالاطلاع على تراثنا واحيائه ثم نتعاون فيما بعد مع المسؤولين فى الرواق الجامعي وفي الصحافة وفي التلفزيون على تحقيق النهضة
أخيرا لدى اقتراح أدلى به - لا استجداء ولا تظاهرا - وهو يتمثل فى توجيه برقية الى المجاهد الاكبر نتمنى له فيها الشفاء فما نحن الا ثمرة للمدرسة البورقيبية وما نتمتع به اليوم انما هو ثمرة من ثمار هذه المدرسة فكرا وثقافة وسياسة .
أحمد القديدى:(عضو اتحاد الكتاب )
سيدى رئيس الاتحاد ، حضرات الاخوان ، أعتقد انه اذا كان هناك ملتقى لا يختلف المشاركون فيه فى أمر من أمور المحور الرئيسى للملتقى هو ملتقاكم هذا لانه ليس هناك أحد - مهما كانت مشاربه ومهما كانت ثقافته ومنزلته فى المجتمع - لا يتفق مع زميله الذي بجلس حذوه حتى ولو كان لا يعرفه أحيانا ، ولا يتفق معه على ضرورة ادماج الادب التونسى فى برامج التربية القومية . لكن اعتقد ان هذا الاتفاق يحتاج الى خطوات فعلية اكثر . وأقترح بعض هذه الخطوات
نحن ننادى بادخال الادب التونسى الى الجامعة والى المعهد هذا ما يتضح من كلمة السيد رئيس الاتحاد ووزير التربية القومية ، لكن كيف ؟ أنا أرى شخصيا ان ادخال الاديب التونسى للجامعة وللمعهد هو ضرورة حتمية قبل ادخال الادب هذا اذا لم يكن على الاقل موازيا له . فبعض الاساتذة لا يسمحون بدخول الجامعة الا للاستاذ المبرز والدكتور اما الاديب الذي ندرس انتاجه في الجامعة فاننا لا نقبل بأن يدخلها ، أمر غير طبيعي لان حرمة الجامعة تقف فى وجه الاديب وان قبلت تدريس أدبه وأفكاره .
الاديب الذي أنتج ديوانا عام 68 هو نفس الاديب الذي تطور في عام 76 واصبح اديبا اخر . ولنأخذ مثلا أحمد اللغمانى ، فهو فى عام 1976 قد تطور عما كان عليه فى عام 1968 والاستاذ عندما يدرس أحمد اللغماني وأدبه لا
يتفطن لتحوله ، خاصة إذا كان اللغمانى مفقودا وغير موجود فى الجامعة او كان يشتغل في ميدان آخر ولم يستدعه الاستاذ او لم يتنازل المدرسون للادب التونسي لاستدعائه ولم يمكنوا أحمد اللغمانى من الاتصال بالطلبة فكأنهم والحالة على ما ذكرنا لم يقوموا بأي عمل أو قاموا بجزء مما يجب ان يعمل
أنا أنادي بصراحة بأن تفتح الجامعة أبوابها على الشمس خاصة وان لدينا كثيرا من الادباء وكثيرا من أساتذة الجامعة . لان الادباء يبدون أحيانا في تونس وكأنهم طبقة معزولة عن المجتمع مثل طبقة براهمان فى المجتمع الهندى
لا بأس بأن تفتح الجامعة وكذلك المعاهد الثانوية أبوابها أحيانا . هناك بعض المحاضرات يدعى لها أدباء ولكنها قليلة جدا والاديب الذي يدعى من طرف اللحنة الثقافية لالقاء المحاضرة لا يجد امامه الا دار الشعب قبالة المعهد الذي يمثل أكبر بناية فى القرية ويضم أهم اناس فيها لانهم هم رجال المستقبل .
يلقى الاديب محاضرته وامام عدد قليل لا يتعدى احيانا 5 أو6 افراد بينما المعهد الثانوى مغلق . أليس أجدر لو ألقيت المحاضرة فى المعهد الثانوى نفسه الذي نطالب نحن فى هذا الملتقي وفي غيره أن تحتوى برامجه على ادب الأحياء منا . ذلك الاديب الذي وقعت دعوته الى القرية لالقاء المحاضرة كان من الاجدر به لو انه ألقاها في المعهد نفسه وحضرها التلاميذ ومن يريد من الشعب بصورة ثانوية لأن المحاضرة تهم أولا وبالذات التلاميذ قبل غيرهم
اقتراحى الثاني يتعلق بتكريم بعض الاساتذة الذين قاموا بمبادرات شخصية لفائدة الادب التونسى مثل الاستاذ المنجى الشملى والحمزاوى وبكار والشنوفي والجنحانى فهؤلاء قاموا بمبادرات لاقرار الادب التونسي فى برامج التدريس قبل ان تقرها سياسة وزير التربية القومية فلا بأس من ان يوصي ملتقانا بتكريمهم بدون استثناء لانهم قاموا بمبادرات خاصة مهدوا بها الطريق لدخول الادب التونسي الى برامج المعاهد والجامعة وكانوا وقتها - وانا عشت تلك الظروف ككاتب مثل أغلب الزملاء - موضوع استخفاف وانى لأتذكر الاستخفاف الذى قوبل به الموضوع الذي كتبه الاستاذ محمد صالح المراكشي حول القصة التونسية فى شهادة جامعية . يجرنى هذا الموضوع للحديث عن الجوائز المدرسية التى تهدى فى آخر العام الدراسي فبمقتضى مبادرة شخصية من وزير التربية القومية صدرت تعليمات الى السادة المتفقدين ومديرى
المدارس لشراء كتب تونسية فى آخر العام الدراسي لكن منشور السيد الوزير لم يؤت أكله لان بعض الاخوان من مديري المعاهد ومنهم المتحمس للأدب المشرقى عن حسن نية يفضل ان يشترى كتب توفيق الحكيم والزيات وطه حسين وغيرهم اما كتب الادباء التونسيين فيزهد فى شرائها لانه لا يعرفهم وغير مستعد لقراءة انتاجهم والسبب فى ذلك يعود الى انه هو نفسه تلقى تعليمه بواسطة كتب أدباء المشرق ، فرسخ فى نفسه اليتم الثقافي
الملاحظة الثالثة والأخيرة فى هذه الكلمة هي ضرورة تنسيق كل الهياكل التربوية والثقافية والاعلامية خاصة ، لان قضية الادب التونسى فى برامج التعليم ليست قضية تتعلق باتحاد الكتاب أو بوزارة التربية القومية مع ما لهما من الاهمية والقوة والنفوذ وانما هى قضية قومية تشمل مكانة الاديب التونسى فى الاعلام ومكانته فى السينما وفى التلفزة بالتنسيق بين هذه الهياكل نستطيع القول بأن الاديب التونسى احتل مكانته فى كل الميادين التى هو جدير بها وفى برامج التربية القومية
نور الدين بن بلقاسم : ( استاذ بالمعاهد الثانوية وعضو اتحاد الكتاب)
فى الوثيقة التى عرضها علينا اتحاد الكتاب التونسيين عدة نقاط تستحق النقاش :
1 ) وأول هذه النقاط تكلم عنها الاستاذ المنجى الشملى وهى تتعلق بقضية السياسة الثقافية فى تونس
أعتقد انه لكى نفتح مجالا واسعا للفكر التونسي وللادب التونسى لا بد لنا من ايجاد سياسة مخططة ومنظمة تعتمد على توفير الظروف الملائمة لارجاع المكانة الادبية والفكرية للاديب التونسى وأوضح دليل على ذلك ميزانية وزارة الثقافة التى كانت صفر فاصل صفر ثم باقتراح من فخامة الرئيس زيدت بواحد فاصل لست ادرى ماذا ، إن ما نحن فيه لا يلائم الانتاج الثقافي ولا يليق به وأعتقد انه لو وقع اقتراح بزيادة أكثر من هذه النسبة فى ميزانية وزارة الثقافة - ولو كانت قليلة جدا - لقوبل بالرفض ، وهذا يرجع أساسا الى اننا نقيس الثقافة والعلم بمقياس الربح المادي وما دمنا نقيس الثقافة بمقياس الربح فلا يمكن للثقافة ان تتقدم فى هذه البلاد ، لان الثقافة نفسها انتاج وان
كانت انتاجا غير ملموس مثل انتاج المحاصيل الزراعية ، فالثقافة تجعل الشخص مستقيما وتقومه ، واذا وضعت شخصا مقوما على مؤسسه فانها لا تفسد ، واذا وضعت على رأسها شخصا متخلفا فكريا وثقافيا فان المؤسسة تفسد ولا يصلحها ، من هنا يأتى الانتاج غير المباشر للثقافة ، وقس على ذلك ما شئت .
2 ) النقطة الثانية تهيئة الظروف النفسية للاقبال على مطالعة الادب التونسي وهذا يتحقق - حسبما أرى شخصيا - بعدة اجراءات أساسية :
أ - تحريك الاذاعة ، حتى يتشجع الادباء التونسيون على انتاج التمثيليات الاذاعية ، وتتخلى عن تقديم تمثيليات ضحلة ليست لها قيمة ادبية مثل الحاج كلوف الذي يزيد الفكر ضحالة هذا على سبيل المثال . ولو كانت تمثيلية الحاج كلوف عربية فصيحة بسيطة مثل التمثيليات التى استوردتها الاذاعة من بعض البلدان العربية لحبذنا تقديمها وحققنا من ورائنا عدة غايات وضربنا - كما يقول المثل - عدة عصافير بحجر واحد .
ب-ان يعتنى الاساتذة بتثقيف الشاب التونسى وتهذيب لسانه وتنقيته من اللغات الخليطة التى يتكلمها . وقد ذكر بعض أساتذتنا ان الطلبة لا يستخدمون لغتهم العربية في القسم نفسه بل وفى الانشاء ، وهذا راجع فى اعتقادى الى أن التلميذ عندما يجلس معظم اوقاته امام التلفزة فان ذلك التأثير يحصل له حتى فى كتاباته الانشائية .
ج - ايجاد مكتبات خاصة فى المستشفيات وفى الادارات العمومية وفي الشركات على اختلافها ويكون هذا بالالزام اذا اقتضى الامر
.د - ان يحث المتفقدون في المرحلتين الابتدائية والثانوية المربين على المطالعة وأقول بكل أسف أن كثيرا من المربين لا يطالعون حتى الجرائد اليوم ان كان في الجرائد ما يطالع
ه-ان يصدر وزير التربية القومية قرارا يلزم المدارس الابتدائية والثانوية بشراء كمية من كل كتاب تونسي يصدر حديثا سواء أكان الكتاب متعلقا بالبحوث الجامعية أو من انتاج أحد الاخوان الادباء وبهذا يمكن لنا ان نتلافى زهد الناشرين وعزوفهم عن طبع الكتب التونسية لانها حينما تروج وتحقق ربحا ماديا يقبل الناشرون على طبع الكتب التى ما زالت مخطوطة .
3 ) اما النقطة الثالثة فهى تتعلق بتطبيق مقررات الحمامات وتتلخص فى نقطتين : النقطة الاولى : توسيع التوزيع بالنسبة للمطبوعات النقطة الثانية : توسيع الاشهار فى الداخل والخارج
4 ) ان لا يكرم الاموات فحسب من طرف وزارة الثقافة وانما نكرم كذلك الاحياء ، لان الاحياء اذا كرموا تشجعوا وزاد انتاجهم وشعروا بمنزلتهم الفكرية فى المجتمع
5 ) ان يحاول اتحاد الكتاب او ان نحاول نحن ان صح التعبير - تسوية القضية التى تعتبر العائق الاساسي في غزارة الانتاج وذلك بايجاد طريقة يستطيع بها الكاتب ان يعيش من انتاجه ، وفكرنا لا يكون أعمق وأوسع الا اذا وجد المفكر التشجيع المادي أولا والمعنوى ثانيا .
محمد مزالي :
أود فى هذا المقام ان اعتذر باسمكم جميعا لجريدة " الصباح " وللجرائد الاخرى التى لم يقع ذكرها ولا أظن أن الاخ نور الدين قصد تقصير جرائدنا القومية فى قضية الحال
جعفر ماجد : ( استاذ بكلية الآداب وعضو اتحاد الكتاب )
كنت أود أن أقدم بعض الملاحظات لكننى ارجؤها الى حين لاني أريد أن اعقب بكلمة قصيرة على الكلمة التى سمعناها من الاخ أحمد القديدى
ينبغى أن نلاحظ الفرق ونحن نتحدث عن الجامعة بين وظيفة الاستاذ وبين مادة التدريس لانه كما لا يمكن ان نطلب من استاذ الادب ان يكون أديبا بالضرورة ومن مدرس العروض ١ ان يكون شاعرا ، لا نستطيع ان نطلب من الاديب ان يكون دائما مدرسا لكن إذا كان انتاج الاديب مادة للتدريس يكون من المفيد فسح المجال له امام الطلبة ليتعرفوا على جوانب من شخصيته قد تبقى غامضة حتى يتناولوها بطريقة علمية . أظن ان هذا قد تم بالفعل ، لان الادباء
التونسيون الذين كانوا مادة للتدريس وهم بقيد الحياة مثل الاستاذ المسعدى وقعت دعوتهم بالفعل الى الجامعة وتحاوروا مع الطلبة وأظن أن أى أديب آخر يكون مؤهلا لان يدرس أدبه فى الجامعة لن تستنكف الجامعة ولا الاستاذ المشرف على تدريس أدبه من دعوته للحوار . المهم اذن من يصل من الادباء هذه الدرجة حيا أو ميتا ، الاموات لا نستطيع ان نبعثهم من القبور حتى نتحاور معهم ، لكن الاحياء الذين هم بقيد الحياة ودرسنا أدبهم بالفعل دخلوا الجامعة وتكلموا . أقدم الآن بعض الملاحظات الاخرى
أعتقد أننا خطونا خطوة كبيرة حينما فسحنا المجال لا أمام الادب التونسي فى الجامعة ، بل امام الادب المعاصر بصورة عامة . لانه مر علينا عهد كنا نجد فيه مضايقة كبيرة من أنصار القديم لادراج المسائل الحديثة فى البرامج . لكن الادب التونسى أخذ اليوم نصيبا وافرا . ولا شك انه فى حاجة الى التدعيم والملفت لنظرى بالخصوص حين نتحدث عن برامج التدريس ومادة التدريس اننا نعود دائما الى التراث ، لنقول اننا لا نعرف من أدبنا الا القليل وينبغى علينا أن نعرف بمخطوطاتنا ونبحث عنها فى كل مكان . ولم نتساءل : هل نحن نعرف الادب المعاصر ؟ أظن أننا لا نعرف جيدا الادب الذي ازدهر في عهد الاستقلال . أذكر اني في يوم من الايام أحسست بالرغبة فى الحديث عن الصحافة الادبية حين كان الاستاذ محمد مزالي مديرا للاذاعة وعبرت له عن هذه الرغبة ووجدت تشجيعا منه ، وأظن انى اتفقت مع الاستاذ البشير بن سلامة آنذاك على تسجيل " ماكيت " عن الادب فى الصحف الادبية التونسية ولما شرعت في الموضوع وجدت نفسي جاهلا لا أعرف عن ذلك شيئا ، وكنت أتهيأ لتسجيل أطروحة عن الادب الاندلسي فلما تبين لى جهلى بالادب التونسي تراجعت وأحسست بنوع من الخجل لانى لاانعرف على الاقل الادب التونسى فى حقبة تمتد خمسين سنة الى الوراء . وقلت في نفسي لم لا يكون هذا موضوع أطروحتى ، ومن خلال ممارستى للصحف الادبية التونسية تأكد لدى اننالا نعرف عن الادب المعاصر الا القليل
كثيرا ما سمعت بعض الادباء والمتأدبين يتحدثون عن أعلام من أدبنا وكأنهم يتحدثون عن امرئ القيس أو الشنفري ، فينسبون الشابى الى جماعة المباحث وينسبون فلان الى مجلة اخرى ، ولا ضير عليهم في ذلك لان هذه الصحف ليست دائما متوفرة لديهم إذ هي مفقودة تماما حتى من المكتبات العمومية . ونحن حين نتذكر ان شخصيات مثل الحداد والدوعاجى لم يقع الكشف عنها الا مؤخرا حين نشرت بعض آثارهم لا تستبعد ان نجد كثيرا من الاعلام الاقربين يستحقون
ان يظهروا من جديد على الركح وان نكشف عن آثارهم القديمة ونعرف بهم . انا شخصيا تعلمت كثيرا ورأيت من خلال مطالعاتي لما نشر بالصحافة ، مدة 50 سنة ، ان بعض الشعراء مثل سعيد الخلصى هم أشعر بكثير من اخرين معروفين كخزندار رغم كثافة انتاجه ومصطفى خريف ، ولعلهم يستحقون أن يعرفوا ولكن لن يعرفوا الا اذا قرأنا لهم . وكيف سنقرأ لهم ونحن حين نذهب الى المكتبات لا نحد أحيانا مجموعة كاملة من مجلة تونسية هامة ، فمثلا مجلة لشاب التونسي مفقودة تماما ولا توجد فى أية مكتبة عمومية الا عند الخواص وكل ما نشر بها لا يعرفه الا بعض الخواص وقد استعرت من احدهم نسخة حاولت ان أصورها بوسائلى الخاصة . حبذا لو فكرنا فى تصوير هذه المجموعات المفقودة ووضعناها لا على ذمة المكتبات العمومية بل فى الاسواق لبيعها . لقد سمعنا أخيرا بأن مجلة " أبولو " وقع تصويرها وترويجها في السوق لتباع كما يباع الكتاب ولتمكين الادباء الشبان من الاطلاع على هذا لادب . ان بعض المجموعات مهددة أحيانا بالتلف وأظن أن الاخ عز الدين قلوز موجود بيننا فقد دعوته فى يوم من الايام لاني كنت قد اطلعت على سبعة اعداد من احدى المجلات خلال قراءتى الاولى لها وفى قراءتى الثانية وجدت ان عددين نقصا من هذه المجلة التى لا تملك مكتبة العطارين الا نسخة واحدة منها بحيث اذا لم يقع تصوير مثل هذه المجلة بسرعة فانها ستفقد بطبيعة الحال . ومن خلال تجربة تدريس الادب التونسي بالجامعة اكتشفت افتقارنا لمصادر ما ندرسه وهذا يجعلنا نعود ايضا الى قضية الادب المنشور بالصحف ، لان الادب التونسي كله منشور بالصحافة والكتب التى نشرت نماذج منه قليلة ولا تتوفر فيها النصوص الكافية للتدريس . انناحين نتحدث عن الأدب التونسي نفكر عادة فى الشابي وفي الدوعاجي والحداد واذا اردنا ان نتجاوزهم لا نجد الا مصدرا واحدا هو كتاب : الادب التونسى فى القرن الرابع عشر " لزين العابدين السنوسى وهو ليس مرجعا كافيا ولا تتوفر فيه سمات العمل الكامل لان فيه كثيرا من العيوب ومع ذلك فهو يعتبر المصدر الوحيد وهو نفسه لا توجد منه الا نسخ قليلة . وقد أحسست في العام الماضي بالارهاق الذي سلطته على الطلبة حين طلبت منهم ان يتحدثوا عن الادب المنشور فى هذا الكتاب ، لان الكتاب غير متوفر فلماذا لا يعاد طبعه من جديد ؟ .
هذه كلها أشياء تجعلنا نتبين الى أى حد نحن محتاجون الى لم شتات أدبناء ولا ينبغي لنا فى هذا الملتقي أن نقص الحديث عن المخطوطات ، لان المخطوطات اذا كانت محفوظة فى ركن ركين من المكتبات فاننا لا نخشى عليها ولكننا
نخشى على هذا الادب القريب منا والذى لا نعتنى به الا قليلا . ينبغى علينا اذن ان نفكر فى جمع هذا الادب وان نعرف وان نشعر بأننا قد نكون أكثر جهلا بالادب التونسى المعاصر ، منا بالادب القديم
محمد فنطر : ( باحث فى الآثار وعضو اتحاد الكتاب )
اود أن أتعرض لما ورد بالوثيقة التى عرضها علينا اتحاد الكتاب التونسيين ، لان الاخ ابن عبد السلام لاحظ ان فى فقرة منها يوجد بعض التناقض . وهو يفضل غرس شعور الانتماء الى الشعب التونسى ، لان الشعب التونسي له حضارة وهي الحضارة العربية الاسلامية وهو يرى فى تحديد مفهوم الحضارة الوارد بالوثيقة تناقضا ملحوظا اذ كيف نقول من جهة ان للشعب التونسى حضارة ثم نصف الحضارة بأنها عربية تونسية ؟ وأشار الاخ بن عبد السلام أيضا الى قضية هامة جدا ، هي قضية بداية الادب التونسى . فى رأيه ان الادب التونسى يبدأ من الفتح العربى ولكنى شخصيا لا أرى فيما ورد بالوثيقة عن هذه القضية أى تناقض لان الشعب التونسى بدأ فى الظهور منذ عصور ما قبل التاريخ ، وله شهادات تثبت ذلك اذا نظرنا فى مرافق قطاعات الاختصاص فهذا الشعب له اذن شهادات تثبت ان له كيانا وان له شخصية منذ ما قبل التاريخ فاذا نظرنا الى الآثار التى كشفنا عنها فى منطقة قفصة وفى الجنوب نلاحظ بصفة عامة ان هذا الشعب له شئ يميزه عن الآخرين وعن الذين عاصرووه فى تلك العصور الغابرة وعلى هذا فأنا أرى شخصيا ان الحضارة استمرار وليست تعاقبا كما نرد ذلك في كثير من الكتب ، هناك حقا لحظات نعاقبت لكنها فى الحقيقة تعتبر استمرارا وليست تعاقيا وتداولا . انها من غير شك استمرار لكن مع تلوين خاص بكل عصر بل وبكل جيل . وأضيف دون ان أخشى التناقض بأن حضارتنا التونسية حضارة عربية اسلامية وهي استمرار لما انجبته تونس منذ أن كان الانسان انسانا على هذه الارض . لكن بحكم ظروف تاريخية معينة يظهر ان العنصر الهام فى حضارتنا هو العنصر العربى الاسلامى ، وهذا لا يعنى فناء العناصر التى سبقت هذا العنصر الهام الذي نراه اليوم بأكثر سهولة . فعندما نقول الحضارة التونسية حضارة عربية اسلامية وتنعمق فى البحث والتحليل نلاحظ أن أشياء كثيرة تجعل من هذه الحضارة العربية الاسلامية خصوصية وهى التى تدفعنا إلى القول بأنها حضارة تونسية وهذه الاشارة تعود بى الى نقطة هامة أثارها الزميل ابن عبد السلام تتعلق بأن الادب فى تونس ينبغى أن نبدأه من الفتح ، فأسأله أولا لمن نترك
الادب الذي أنشأته أرض تونس قبل الاسلام هل نتركه للآخرين أو نتجاهله ؟ ، هل نقول ثانيا : ان تاريخنا يبدأ من الفتح فقط ؟ لا أريد أن أجيب شخصيا عن هذين السؤالين ، لكنى أشير الى شىء آخر ، وهو اننا اذا اردنا ان نفهم الادب التونسي المعاصر فان علينا ان نستوعب كل ما يكنه هذا الادب العربى الاسلامي التونسي من خفايا ومن اسرار ومن ذخائر ، فاذا كانت هناك أشياء وسوابق نجهلها ولم نأخذ بعين الاعتبار كل ما اكتنزته تونس من حضارات ومن ادب ومن فنون قبل أن يأتي الاسلام فاننا لا ندرك كنه عملية الاستمرار لحضارتنا ووجودنا التى تحتم علينا عدم التفريط فى الماضى لاثراء الحاضر أنا اؤمن شخصيا بهذا وان كان عدد منكم لا يشاطرني هذا الرأى نعم اننا اذا تعرفنا على التاريخ الجاهلى التونسي - وهذه العبارة أخذتها من الاستاذ البشير بن سلامة - يمكن لنا أن نفهم أكثر مما نفهمه الآن عن الادب العربي الاسلامى التونسي . ويمكن لنا أيضا كتونسيين اذا اعطينا هذا الادب القديم حظه من التونسة واعتبرناه أدبا أظلته سماء تونس وأدخلت شمس تونس النشاط والحيوية عليه لان الذين عاشوا على هذه الارض تنفسوا الهواء التونسي كما نتنفسه اليوم ولا بد لنا اذن من ان نتعرف على الادب التونسى القديم . واذا تعرفنا عليه ووفرنا عنصرا من عناصر الغذاء والتغذية لمن ينتج اليوم فى الحقل الادبي ووفرنا الاصالة من غير شك لمن يريد المساهمة فى تركيز أو تأصيل الشعب التونسي والشباب التونسى فوق أرضه وتحت سماء بلاده
اذن فأنا شخصيا لا أرى البتة أى تناقض فى هذه الفقرة بل انى أوصى بأن لا نهمل أدينا القديم ، وأن لا ننسى أن لنا أدبا قديما لغته غير اللغة العربية وهذا الادب القديم ومعه الفنون العتيقة هما بمثابة الاغذية تساعداننا على الخلق لانه اذا لم تكن عندنا أدوات بناء فانه لا يمكن لنا أن نشيد شيئا ، ولا شك في أن الذين يهتمون بالماض وبالحضارات القديمة يسعون وراء مواد البناء التى سيستخدمونها ويكيفونها ويعطونها روحا جديدة من عندهم وتلك أشياء ضرورية لا بد منها اذا أرادوا أن يخلقوا فى هذا الميدان سواء فى الادب أو فى غير الادب .
وهناك قضايا اخرى أيضا أريد أن أعرج عليها منها قضية التعريب التى أثارها الاستاذ المنجى الشملى الذى أشاطره الرأى فيما قاله ، لاني شخصيا بقدر ما أؤمن بتعريب التعليم في المدرسة بقدر ما أؤمن بأنه لا ضمان لهذا التعريب ان لم يكن الشارع أيضا معربا ، فأنا شخصيا عندما أمر مثلا بشارع باب سويقة وأرى لافتة كتبت عليها عبارات أجنبية لا أتصور ان هناك جدوى
فى مطالبتنا بالتعريب نعم لن نضمن البقاء لتعريب التعليم فى المدرسة اذا لم نعمل فى آن واحد على تعريب ما نعلقه فى الشارع بل كيف يمكن لنا ان نعرب التعليم والحياة اليومية ما زالت لا تستوعب التعريب ، فمثلا البنوك والوزارات وكل المؤسسات تستخدم الفرنسية حتى ان الانسان عندما يفكر فى مستقبله بقول اذا تعلمت العربية أصبحت غير قادر على ان اسيطر على أداة عملى اليومى المتمثلة فى اللغة الفرنسية لن أجد رزقا فى الحياة . اذن ينبغى أن نكون واعين كل الوعى بهذا لان التعريب فلسفة شاملة وفي شمولها يكمن النجاح
هناك نقطة صغيرة ليست ذات موضوع هنا لكنى شخصيا باعتبارى أبا لابناء يباشرون التعليم الابتدائى فى المدارس ألاحظ فى خصوص قضية تونسة النصوص اعتبارا هاما أوصى شخصيا الهياكل التى تشرف على انتقاء النصوص بأن تتوخي في شأنه جميع الاحتياطات حتى تعطى للنصوص قيمتها النسبية بالنسبة للاطفال الذين ستوجه اليهم تلك النصوص لقد اطلعت شخصيا على كتاب مقرر لتلامذة السنة الرابعة ابتدائى فوجدت ان بعض نصوصه ليست لها قيمة بالنسبة للاطفال فى مستوى السنة الرابعة ابتدائى بل ان بعض نصوصه قد تنفر الطفل الصغير الذي هو فى حاجة الى صور جميلة والى خيال والى أشياء طريفة هو فى حاجة اليها . لذا فأنا أرى ان قضية انتقاء النصوص تكون احيانا سببا فى نفور الناس من النصوص التونسية ، لا لان الكتاب التونسي ينقصه الغذاء الروحى أو سعة الخيال أو الصور المعبرة بل لان مستوى الاطفال فى تلك السنة يتطلب مراعاة النصوص التى تتلاءم مع اعمارهم . وقد لاحظت ان فى النصوص المدرجة بالكتاب المقرر للسنة الرابعة نصوصا لا تتلاءم مع الاطفال لان الكاتب الذى أنشأها قصد من ورائها النظر في أمور فلسفية ونشرها باحدى الجرائد أو المجلات ، هذه قضية هامة يجب ان نعطيها قيمتها فى ملتقانا هذا
بقيت لدى نقطة أخيرة - وانى استسمحكم اذا أطلت - تتعلق بمطالبتنا بتحسين وضعية الادباء والكتاب والباحثين ولكن ننسى فى هذه القضية تقدير متطلبات الحياة الاقتصادية والاجتماعية ، فالحالة الآن تعتبر الاوساط الاقتصادية والاجتماعية الادب نوعا من الكماليات وتراه غير ضرورى للحياة اليومية وليس ذا فاعلية . ولا يعتبر انتاجا وفي تونس ما زال الكثيرون لا يؤمنون الا بالانتاج الذي يدر الدنانير فكيف يتأتى للاديب ذلك ونحن لا نعطي لانتاجه قيمة مادية ؟ هذه فكرة استخلصتها فى الحقيقة عندما اتصلنا أخيرا فى نطاق اتحاد الكتاب التونسيين بفريق من كتاب بولونيين ففي خلال الحديث الذى أثير بيننا قالت لنا كاتبة بولونية نحن فى بولونيا نهتم الآن كثيرا بقطاع البحر . ونحن
التونسيون نهتم الآن ايضا بالبحر وقد أثيرت قضية استغلال ثروات البحر أخيرا أمام مجلس الامة لكن هناك فارق كبير بين اهتمامنا واهتمام البولونيين فقد قالت لنا تلك الكاتبة البولونية اننا نريد الآن تنشيط قطاع بناء السفن من بين الوسائل التى تريد السلط البولونية استعمالها مطالبة الكتاب بالتأليف عن قطاع البحر سواء من وجهة التاريخ أو الشعر أو الادب حتى تكون المعركة شعبة وتكون جوا بسيطر عليه استغلال البحر وصناعة السفن ومزايا الاهتمام بالبحر وصناعة السفن . مساهمة الادباء فى معركة التنمية والتنشيط الاقتصادى من الاشياء الضرورية والادب عند الشعوب الحية ليس شيئا كماليا تقرأه عندما نريد هظم ما اكلناه ، بل غذاء ضرورى وحوافز تنشط الحياة الاقتصادية .
عزالدين قلوز : ( مدير المكتبة الوطنية )
لا أرى نفسى فى حاجة الى التعبير للاخ الرئيس عن موافقتى التامة لما أتى فى كلمته من حثنا على التغلب على الخوف الذي سماه " خوف الخائفين من مرض الانغلاق " وعلى أصح تعبير " مواجهة تهمة الانغلاق " . لكن أظن انه يجدر بنا بعد الكلام عن هذا المرض ان نتساءل عن أسباب هذا المرض . المرض موجود وواقع وهو مضر بأجهزتنا التربوية والثقافية وهذا أمر لا شك فيه لكن أسبابه ككل مرض لا تعود الى المريض نفسه فهو ليس مسؤولا عن المرض الذي ألم به . وتلك هي المشكلة التى أريد طرحها
اذا كان الباحث التونسي والجامعي بالاخص يخشى فيما يخشى طرق المواضيع التونسية بما فيها موضوع الادب لان الادب التونسى ما هو الا موضوع من المواضيع مثله مثل التاريخ التونسى والفكر والمجتمع التونسى الى غير ذلك . إذا وجدنا ما يسميه الأخ الرئيس استنكافا أو ترفعا عن بحث المشاكل التونسية فان لذلك أسبابا لا ترجع كلها الى الشعور بمركب النقض الذى قيل عنه بل ترجع الى المناخ الموجود فى تونس لا فى مجال النقد الادبى فقط بل وفي مجال النقد الثقافي بصفة عامة .
فأجهزة الاعلام ببلادنا اذا سمعت بكاتب أو مثقف أنتج كتبا أو رسوما أو اغاني أدرجت فى صفحاتها من الغد ، قبل الاطلاع فى بعض الاحيان على ما كتب المثقف أو ما ألف ، مقالات تطري فيها جهوده وتستعمل عبارات تتنافى
تماما مع واقع الانتاج نفسه ، وتتنافى مع ما يتصف به الجامعي أو يريد أن يتصف به من صفات النزاهة فى النقد والتعمق فى التحليل وأرى نفسي وزملائى فى المناسبات الكثيرة أتعرف على انتاج تونسى أو على أثر تونسي أخشى أن أتكلم فيه بعد أن سبقني اليه غيرى وقال كلمته وعبرت أجهزة الاعلام على كل حال عن نظرة البلاد الى هذه المجهودات ، لا أرى نسبة ولا مناسبة بين ما يمكنني أن أقول عن هذا الانتاج فى هذه المناسبة لان ما كان قد قيل لا يتماشى تماما مع مستوى وصيغة وعمق النقد والبحث . استعملت صيغة المتكلم وقلت أنا ولما أقل نحن وقد قصدت بكلمة كل تونسي وكل باحث فى مستوى جامعي لا أعذر فى هذا نفسى وزملائى لان أرى أن هذه الظاهرة لا بد من أن يتغلب عليها كل انسان لا أن يقع التغلب عليها من طرف الجامعيين فقط لان ذلك لا يكفى وقد حاولته .
أنا أستنكف بطبيعة الحال أن أتكلم عن تجاربى الشخصية ، ولكن لا أرى مندوحة من أصرح بأنى حاولت أن أتكلم عن بعض المواضيع فى صحف ومجلات فرنسية وأوروبية وأمريكية ثم حاولت بعد ذلك أن أصوغ ما كتبته فى شكل محاضرة ألقيها بتونس وعلى منبر مؤسسة تونسية طلبت مني القاءها ، وقد فعلت ومن المؤسف ان كان الصدى ضئيلا جدا او ان بعض الاصداء كانت من الضعف لا يمكن معها التخاطب . لقد وضعنا المشكلة فى مستوى معين واذا بها ترجع نظرا للعادات المألوفة فى أجهزة الاعلام الى عادة التمسك بالاطراء وعلى هذا الاساس فان الاعتماد على ما قاله فلان وفلان وأخذ المقالات من نفس المستوى من شأنه أن يخرج بالباحث التونسي والجامعي بصفة خاصة عن الجادة
اعترف ان ما أقوله هنا فيه شىء من الاحراج لنفسي ولامثالى من الباحثين الجامعيين وأريد أن أدعم قولى بأمثلة أذكرها لا لذاتها فقط بل لنعين على ايجاد الحل الناجع . وحسبي أنى أتكلم عن ميدان أعرفه بوصفي مديرا لدار الكتب الوطنية فموضوع احياء التراث الذي اثاره احد الاخوان سرني وابتهحت به كمدير لهذه المؤسسة وكجامعي بصفة أعم على اطلاع بالامر انطلاقا من المخطوطات الموجودة عندنا الى الكتب الخاصة بنشر المخطوطات وفهارسها الى آخر ذلك وقد تركت الامر لغيرى حتى يقيم هذه الاعمال لكن لم أجد فيما قيل تقييما لها وهو ما يدل على اطلاع سطحى لبعض المواضيع . اذكر ان مخطوطا من مخطوطاتنا وقع نشره وفى صلب المخطوط ذكر تاريخ معين وذكر في آخر الكتاب عندما أتى وقت ذكر تاريخ التأليف تاريخا يسبق التاريخ المذكور هذا فى عرفنا له تأثير ملحوظ على المخطوط وكان من واجب المحقق ان يتفطن له .
فاذا لم يلاحظه فهو ليس جديرا بأن يعتبر محققا لهذا المخطوط بل مجرد ناشر له فقط . لم أحد فيما كتب حول ناشر هذا المخطوط من يشير الى هذا ، وقد تطفلت الاقلام وكتبت عنه الكثير فما ضر رغم العادات الموجودة لو طلب تقييم عمله ممن يخصهم الامر ، بل ما ضر أجهزة الاعلام لو اتصلت بمختص وطلبت منه ابداء رأيه في هذا العمل . لو ان الناشر استشار على الاقل من سيكتب فى هذا الميدان وكان عارفا به لخرج النص سليما ولو كان بقلم كاتب غير مختص او بمشاركة اختصاصي . اذن ما دورى أنا والحالة على ما ذكرنا أن أتكلم فى هذا الموضوع بعد ان نشرت عنه اربع مقالات بحسب اعداد جرائدنا اليومية وكلها تفيض بالاطراء وتحمد لله لانه وقع نشر هذا المخطوط . وتتصفح المخطوط واذا به مقدمة يتساءل فيها المحقق فى حيرة عن من يكون الرحالة المغربى في القرن كذا الذي ورد ذكره بالمخطوط وهو فيما يعلم لا يوجد الا رحالتان اثنان ولا يجهد المحقق نفسه في البحث عن المقصود منهما بالامر ، ولا يقوم بهذا البحث ويترك الامر غامضا . هذا هو مستوى انتاجنا . انا لا يهمنى ان يكون هذا مستواه بل يهمنى كيف يقبل هذا الانتاج من طرف الاجهزة المعنية . بلادنا ككل البلاد المتخلفة يصعب فيها الجزاء سواء بالاستحسان او بالاستهجان شأننا في ذلك كشأننا فى الامور الاقتصادية ، المجتمع المتخلف اقتصاديا هو مجتمع تغيض فيه المجهودات كما يغيض الماء في الرمل ويصعب معه القيام بمجهودات من طرف من له اختصاص او يرى فى نفسه شيئا من الاختصاص ما دام الخلط بين الاختصاصات وبين القيم لم ينظر اليه نظرة جذرية ، بالرغم من ان لنا أداة يمكن على أساسها توفير هذا التقييم . نحن فى بلاد متحزية كلها أو جلها ، لها جهاز سياسي معين ، وفي هذا الجهاز حددنا طرق العمل وقد ذكرها الامين العام للحزب أخيرا وركزها كما تعلمون على الحوار ، وبما ان هذا العمل سياسي وسياسي بحت فلا بد من ان يكون مبنيا على الحوار النزيه مع من نخاطبهم لان الحوار أداة ونحن نحتاج الى اطراف كفأة لا الى ضاربى الطبول . واذن فيجب ان يكون الانطلاق من أجهزة الاعلام بما فى ذلك أجهزة لاعلام الثقافي وهي أجهزة موضوعة على ذمة الامة التونسية ومجعولة لتخدم مصالح الامة باسرها ولا يمكن لها - ولو أرادت ذلك - ان تلاطف من لا يستحق الملاطفة لانها بملاطفتها تلك تكون قد قامت بأمر مستهجن اخلاقيا وأضرت بالمجهود الاخلاقي الذي نحن فى حاجة اليه ، وفي هذا الميدان كثير من الامثلة منها الادبي ومنها التاريخي - وقد ذكرته - ومنها النقدى ، ومنها الصناعي ايضا . وبصفتى مشرفا على ميدان التوثيق فان المؤسسة المجعولة له عليها ان تقوم به كما يجب وهو ما تحتاج اليه لحد الآن .
بودى ان يكون ضمن مقترحاتكم المطالبة بكل الحاح باعطاء المؤسسات المعنية حق استعمال اختصاصاتها مثل الاختصاص الراجع بالنظر الى المكتبة الوطنية فى خصوص توثيق الانتاج الكتابى الذى يصدر بالبلاد وهذا أمر غير موجود لحد الآن ، فالمكتبة الوطنية بحاجة الى تكوين قانون أساسى يضبط مسؤوليتها فى هذا الصدد . نحن نلاحظ ان هذه المكتبة تقوم بمجهود فى ميدان التوثيق لكن للتوثيق عدة مستويات مختلفة تختلف باختلاف الادارة والتوثيق نفسه لا يقتصر على ما هو موجود بالداخل بل على ما يصدر بالخارج وبالنسبة لتوثيق ما هو يتطلب مثلا ان نرسل الى الخارج قائمات بانتاجنا الادبي تمكن غيرنا ممن لم يتصل بهذا الانتاج من معرفته فلا يظن مثلا ان محمود المسعدى مع المحدثين حين ألف كتابا سماه " حدث أبو هريرة " وقد رأينا هذا الخطأ رأي العين والحال اننا وثقنا هذا الكتاب فى حدود مسؤولياتنا ونشرنا توثيقنا هذا وأرسلناه الى الخارج ولكن هذا المجهود غير كاف لان مشكلة الثقافة والانتاج الفكرى لم توضع فى إطارها العام الشامل باعتبار ان الانتاج الفكرى والثقافي ليس من الكماليات بالنسبة للمجهود العام بل انه يسبق هذا المجهود ويكون اساسا له ، فما ضر ان نتكلم على غرار الزملاء البولونيين عن البحر وقديما يقال " حدث عن البحر ولا حرج " .
اننا نفكر فى يومنا هذا بان المخطط الخماسي الذي نحن على أبوابه هو مخطط الاكتفاء الذاتى من الناحية الغذائية وهذه مشكلة كبرى ، تتطلب التشغيل التام ، فما ضرنا ان نستنتج بكل ذكاء ما يمكن أن يقوم به المؤلف وما ضر لو وضعنا هذا فى نطاق التعارف بين المؤسسات وأعود الى استعراض العوائق التى نعرقل عمل المسؤول من ذلك مدير المكتبة الوطنية يكاتب الجامعة ويلح على ادارتها فى أن تنظم اجتماعا يحضره أساتذتها وأساتذة مراكز البحث للتعرف على ما يمكن أن يساهم به مدير المكتبة الوطنية فى نطاق عملهم فلا يستجاب طلبه البتة . والاخ المنجى الشملى هو الوحيد من الزملاء الذي سعى الى التحضير للاجتماع الوحيد الذى وقع في نطاق كلية الآداب بالجامعة التونسية .
هذا الاهمال هو الذي آسف له لانه يمثل ظاهرة نسيان الصيغة السياسية الشاملة لمشكلتنا .
أحمد العائد : ( مدير التعليم الابتدائي )
تحدثنا الى حد الآن عن قضايا التونسة والتعريب في نطاق الجامعة والتعليم
العالى ، وبودى فى نطاق هذا الملتقي ان نعرف الجامعة بمفهومها التاريخي المعجمي أعني تلك التى تجمع بين كل أصناف المدرسين وكل أصناف الدراسة ، لافرق بين المدرسن فى التعليم العالي أو الثانوى أو الابتدائى الا بالانتاج السليم وتكوين الناشئة المرضية . واعتماد على هذا بودى أن ألح - بصفتى جامعيا مكلفا بالتعليم الابتدائى - على أمر مهم وهو اننا اذا ما اعتبرنا ان التونسية قضية أساسية فلا بد منها وان التعليم الابتدائى حق للجميع ، حق لكل طفل فى الجمهورية التونسية فلا بد من ان نبادر باعادة النظر فى التاليف سواء أكانت في مستوى الكتاب المدرسي أو فيما يقدم الى التلميذ عامة من غذاء ثقافى ويحسن ان نشير ان الاخ الذي انجز الدراسة عن التأليف المدرسي متفائل خيرا لان دراسته فى الواقع دون ما ذكر ولو اتصل هذا الزميل بادارة لتعليم الابتدائي لدته بنتائج ربما كانت أردأ من التى ذكر فى وثيقته ، أعني أن نسبة النصوص التونسية والمغربية فى الكتب المدرسية هى دون ما ذكر بكثير ، هذا مع الملاحظة ان الزميل المحترم ادرج في وثيقته كتبا غير مستعملة الآن في الابتدائي ، هذه اشارة منهجية يحسن اعتبارها لكى تعدل الوثيقة على ضوئها .
كذلك لنا في ادارة التعليم الابتدائى حيرة لها صلة بالتأليف المدرسي اغتنم هذه الفرصة بصفتى باحثا مسؤولا لكى أوضحها
إذا ما أردنا ان نقدم فى التعليم الابتدائى غذاء سليما للاطفال فلا بد من اعتبار الاتجاه الذي رسمناه فى التعريب والتونسة والتمكن من الحضارة الاسلامية العربية ، كذلك لا بد لنا من ان نعتبر اساسا ان اللغة وظفية في التعليم الابتدائى سواء أكان ذلك فى مستوى تعليم الاطفال المفردات أو فى مستوى تعليمهم التراكيب وعلى سبيل الذكر أعلم زملائى الحاضرين ان الرصيد اللغوي الوظفي الذي أنجزناه فى نطاق المغرب العربى بالخلايا اللغوية الثلاث قسم الالسنة بتونس ومعهد العلوم اللسانية والصوتية بالجزائر ومركز الدراسات والابحاث للتعريب بالرباط هو الآن مطبوع موجود فى كل المدارس ولدى كل المتفقدين والمساعدين البيداغوجيين ولعله يحسن بنا ان نصدر فى شأنه توصية بهذا الملتقى حتى يعتمده المؤلفون فى اعدادهم الكتاب المدرسي أو فيما يقدمونه من تآليف فى المرحلة الاولى من التعليم الابتدائى من نصوص نرغبهم فى المطالعة . ويحسن ان نشير ان الاخوان المشارقة بأنفسهم اهتموا بهذا الرصيد وستعقد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة للجامعة العربية فى غضون الاسبوع المقبل بالجزائر اجتماعا مع اخصائيين فى المشرق
والمغرب لكي يشرع في ضبط رصيد عربى للتعليم الابتدائى حسب منهجية لجنة الرصيد اللغوي باقطار المغرب العربى مع بعض التعديلات وهكذا سيشع استعمال اللغة الوظفية بين الاطفال فى كل البلاد العربية
لذا أرجوكم اعتبار هذا واصداره ضمن توصيات ملتقانا هذا حتى يقع اعتماد حوصلة المفردات والتراكيب التى تضمنها الرصيد اللغوي لا بالنسبة للتأليف المدرسي فقط بل ايضا بالنسبة لوسائل الاعلام كلها وكفانا استعمالا للالفاظ الدخيلة اذ لنا فى هذا الرصيد من المفاهيم الحديثة ما يحتاج اليها الصبى فى لغته سواء فى السنة الاولى أو الثانية أو الثالثة بل وفى بقية السنوات الاخرى من التعليم الابتدائى عندما ينجز الرصيد فى مرحلته الثانية ولكي يصبح الرصيد وظفيا حيا ينبغى استعماله قدر الامكان شيئا فشيئا بالبيت في الشارع ، وفي القطاعات الاقتصادية والتجارية حتى يقتضى شيئا فشيئا على الدخيل وتحل محله العربية الفصيحة فى مستوى القول والكتابة
محمود طرشونة : ( استاذ بكلية الآداب وعضو اتحاد الكتاب )
ليس عندى فى الواقع أشياء كبيرة أزيدها على الكشف الذى حررته فى خصوص مكانة الادب التونسي فى التعليم العالي والبحث العلمى ولا أظن أن ذلك يحتاج الى توضيح ولهذا ساكتفى برفع بعض الالتباس الذي وقع فى بداية هذه الحصة .
جاء فى الكشف الموجود والموزع على الجميع ذكر لأسماء كتاب تونسيين منهم : الميدانى بن صالح ، ومصطفى الفارسي ، وعزالدين المدني ، والبشير خريف ، وسمبر العيادى ، ومحمود المسعدى ، ومحمود التونسى ، واذا ما نظرنا فى أسماء هؤلاء الادباء فاننا لا نجد أى شئ يوحد بينهم اذ أن لهم اتجاهات مختلفة ومتنوعة ولكل منهم اديولوجية سياسية أو فكرية خاصة به ولا يوجد ما يوحد بينهم ويجعل بعض الاساتذة يميلون اليهم دون غيرهم من بقية الكتاب . قلت هذا الكلام لأوضح وأرفع الالتباس لانى لا أظن أنه يقع فى كلية الآداب اختيار لأعلام من أجل اتجاهاتهم الفكرية أو السياسية هذا هو الالتباس الاول الذي أردت رفعه لنكون على بينة من الامر . أما فى ما يتعلق بالاتجاهات الادبية ، أى أنصار القديم وانصار الحديث ، ففي نفس هذا الكشف نجد أسماء بعض من ينزع الى التجديد ولكن نجد الى جانبها عناوين لقضايا تتعلق
بالنزعة التقليدية أو الحركة الاصلاحية فى تونس ولهذا لا أظن أن الزملاء الذين اختاروا تدريس هذه القضايا منحازون لشق دون آخر ، بدليل ان عناوين القضايا وأسماء الاعلام تجمع بين كل الاتجاهات وكل الاصناف . وأردت رفع هذا الالتباس حتى تخف حدة الطعن فى برامج الجامعة والنقد الموجه اليها فى حين ان هناك مجالات أخرى تحتاج الى نقد أكثر من نقد برامج الكلية فعندما نطالع مثلا الكشف الخاص بضبط قائمة كتب المطالعة التى نصحت بها بعض المندوبيات الجهوية نجد انها مجرد عناوين لكتب شرقية فى أغلبها وقد لاحظت في الاحصاء الذي اجريته حول 173 كتابا التى أوصت المندوبيات الجهوية التلاميذ بمطالعتها أن هذا العدد لا يضم إلا أحد عشر كتابا تونسيا فقط ، وهو ما يمثل بعبارة أصح نسبة 8 % أو أقل من ذلك ، فاذا كان من حاجة الى توعية فان هؤلاء المسؤولين عن المندوبيات الجهوية الذين يعطون للاساتذة أوامر كي يوصوا لتلاميذهم باستعمال هذه الكتب أحق بها .
ولى بايجاز اقتراحان : 1 ) بما ان وزارة التربية القومية مقتنعة بوجوب اعطاء الادب التونسي منزلة خاصه فى برامج التعليم فلا بأس من ان نقترح عليها اصدار مناشير للمندوبيات الجهوية توصيهم باعداد قائمات ينتقون فيها كتبا أحسن من هذه القائمة التى تشتمل على 173 كتابا وتكون شاملة للانتاج التونسي على اختلاف اتجاهاته .
2) تبعا لما قال الاستاذ محمد عبد السلام فى البداية فى انه توجد بكلية الآداب دراسات عديدة متراكمة غير معروفة ، فزيادة على المطالبة بالتعريف بها وهى مهمة موكولة للكلية فانى أنشد مساعدة الكلية على نشرها وذلك بتخصيص اعتمادات سواء فى ميزانية وزارة التربية القومية أو فى ميزانية وزارة الثقافة حتى تبرز هذه الدراسات الكثيرة عن الادب التونسي وتخرج الى الوجود . وتخصيص الاعتمادات ضرورى وأكيد . تلك هى الاقتراحات العملية التى أتقدم بها فى هذا المضمار
أحمد الشرفى : ( استاذ وعضو اتحاد الكتاب )
أشكر اتحاد الكتاب على هذه البادرة الطيبة المتمثلة في عقد هذا اللقاء الذي نحدد فيه موقفنا من الادب التونسى ونقف فيه وقفة مراجعة بعد مرور 20 سنة
على استقلالنا وشعورنا جميعا باننا بلغنا سن الرشد واننا نستطيع رفع الوصاية الثقافية سواء كانت من الشرق أو من الغرب
يجب ان نتفق الآن على تحديد منطلقاتنا والاهداف التى نريد ان نصل اليها ووسائل التنفيذ التى سنستعملها للوصول الى هذه الاهداف
نحن كشعب تونسى لنا انتماء ولنا لغة وعقيدة وحضارة ، واذا اتفقنا على هذا فاننا نصبو الى التقدم لنعيش وقائع العصر الذي نحياء فما هى اذن الطرق والوسائل التى يجب علينا أن نتوخاها ؟ :
هذا التساؤل يؤدى بى الى الحديث عن التربية والثقافة التى يرى الاخ المنجى الشملى انه لا بد من وضع سياسة شاملة لها حتى لا يختل اى عنصر من العناصر أى حتى لا يمحو الشارع ما تثبته التربية ويعاكسها وحتى لا تكوين الثقافة فى اتجاه الشارع فى اتجاه آخر . فاذا كانت هناك متناقضات فيجب علينا ان نزيلها لتتلاءم حياة النشء فى الشارع وفى المدرسة وفي البيت
اعتقد ان التونسة والتعريب هما مترادفان لا نخاف منهما . فالتونسة مسقط للحضارة العربية الاسلامية والحضارة العربية الاسلامية مسقط للشعب التونسي . اذن هما مترادفان مناخيان لا اتجاهان متعاكسان . لا نخاف من التونسة لانها جزء من الحضارة العربية الاسلامية ولا نخاف من الحضارة العربية الاسلامية لان من قواعدها التونسة كما اننا لا نخشى أيضا من كلمة التعريب . بقى شئ آخر لا بد من أن يفكر الاديب فى قضايا وأحداث وواقع المجتمع الذي يعيش فيه ، والا فانه يصبح أديبا منبتا عن عصره يتكلم عن قضايا تحاوزها الزمن أو انه يتكلم عن قضايا تحدث فى المريخ . عليه ان يتكلم عن قضايا يعيشها اليوم وان يتفاعل معها التفاعل الحي . لذا فانى ارى من زاوية التونسة ادخال مواد الشعر والادب فى برامج التعليم بل وادخال التونسة حتى فى المواد العلمية فالتلميذ عندما يدرس الرياضات باللغة الفرنسية يجد فى كتبها مشاكل للمساحات الفاصلة بين المدن الفرنسية حيث تذكر على سبيل المثال : ان قطارا سافر من مدينة " ليون " الى " باريس " وركبه " جان وبيار" فلو وقع تعريب الرياضيات لانقلب المشكل الى ان محمدا وعليا سافرا إلى صفاقس وقابس هذا مفهوم التونسة وتعريب الكتب الرياضية وكتب الفيزياء والكيمياء فاذا ما اعترض احدهم بان بلادنا قفراء لا معامل فيها ، ولا أى شئ آخر لا تصلح للعرض فى المشاكل الرياضية ، نذكره بان كتب الفيزياء والكيمياء
الفرنسية تطرح مشاكل عن السدود المقامة فى كل العالم لكنها تغفل تونس وكأن ليس بها سدودا أو نتكلم عن كل المعامل أو المولدات الكهربائية فى انحاء العالم وتغفل بلادنا وكأن ليس فيها أى شىء من ذلك ، وتتكلم عن معامل الحامض الفوصفورى والمعامل الموجودة فى العالم وكأن تونس بلدا قفرا ، ولهذا أنادى بالتونسة والتعريب حتى فى هذه المواد
أحمد صورة : ( متفقد التعليم الثانوى )
شكرا على هذه المناسبة الطيبة التى جمعتنا لتحدث فى شؤون الادب والتعليم
لقد لاحظت من خلال منشورات الملتقى ان الحديث كثيرا ما يدور حول برامج التعليم الابتدائى والثانوى والجامعة واحسست ان اصابع الاتهام موجهة الى برامج التعليم والى القائمين على برامج التعليم فيما يتعلق باحلال الادب التونسي المكانة التى يستحقها ضمن هذه البرامج ، وهذا صحيح فى كثير مما جاء فيه لكن هناك جانب آخر وقع اغفاله أو السهو عنه وهو مسؤولية الاديب أيضا في هذا الاتهام . فبرامج التعليم الابتدائى أو التعليم الثانوى فيها محاور واغراض لم نر من الادباء من اسرع بتبليغها وتوفير حاجياتها وكتابة نصوص أدبية فى اغراضها ومحاورها . نحن نلهث صباح مساء لكى نعثر على نص من النصوص فى الادب التونسى أو الادب المشرقى أو الادب المغرب لكى نضعه ضمن البرامج ، لكن للاسف لم نر من الادباء من يسارع بنشر قصيدة تتعلق بالرياضة البدنية أو باثاث المنزل أو بحياة الطفل وعلاقة الطفل بالادب حتى نسد الفراغات الموجودة فى المحاور من الادب التونسي الذي هو أولى بمخاطبة وجدان التلميذ التونسي . لذا فأنا أدعو زملاءنا والمؤتمرين الى الاهتمام بهذه الناحية ، وان يأخذوا أنفسهم بانتاج آثار أدبية تستحبب للبرامح المدرسية كما تستجيب الى حاجات التلميذ اللغوية والوجدانية والفكرية
نحن نعلم فائدة الكتابة للاطفال والتلاميذ . وقد لمسنا انشغال التلاميذ والطلبة بالمواضيع التى تلقى فيها محاضرات عن الادب التونسي ، ورأينا الاقبال عليها شديدا نظرا لاتفاق الاهداف بالنسبة لكل الطرفين . هذه نقطة أولى اما النقطة الثانية فتتعلق بالوضع المادى اذ من المعلوم ان واضعي البرامج أو مقرريها لا يستطيعون الاطلاع على الانتاج التونسى عموما فضلا عن ان يشتروا
كل ما ينتج من الادب التونسي ، ومن المؤسف ان نزرا قليلا من الاصدقاء الادباء يمدوننا - احيانا - ينسخ مما ينتجون ، وقد أصبحت شخصيا اقر من المكتبات وأتحاشاها لانى كلما دخلت مكتبة أفرغت ما يجيبى لشراء الكتب ، ولذلك أصبحت أتحاشى المكتبات ولا ادخلها ولو لمجرد الاطلاع لان الاطلاع يجر الى أشياء أخرى . وعملا بالقول المأثور " ذوق وشوق " فلا بأس من ان يهتم ادباءنا ودور النشر بهذه الناحية ويمدونا من حين لاخر بما صدر من كتب . وهذا لا يعني أننى أطلب ذلك من جميع المشرفين وانما أطلب على الاقل من المؤسسات المعتنية بشؤون الادب والمطالعة امدادنا بنسخ حتى نطلع على ما فيها وننظر في ادراجها ضمن الكتب المدرسية . وهناك ناحيه اخرى لا بأس من ان ينبهنا الاديب اذا ما وجد فى آثاره الادبية ما يتلاءم مع البرامج المدرسية .
وبالنسبة الى التلاميذ الذين هم الغرض الاساسي فانهم يضجون من التكاليف المادية للكتب التى تحول احيانا دون تجديد البرامج وتطويرها لكي تصبح مسايرة لما يقع فى البلاد من حركة ادبية .
فالزملاء يعرفون اننا كثيرا ما نقرر القصة الفلانية والغرض الفلانى فنصطدم بهذه العقبة ، وبما سيكون عليه الموقف اذا ما نحن اقترحنا هذا على أولياء التلاميذ وعلى المسؤولين . فهل من حقنا أن نغير الكتاب المدرسي الذي نقرر تدريسه فى مرحلة من مراحل التعليم بعد سنتين من اقراره . أم هل نستطيع ان نغير عنوان الكتاب لكى يشمل مجالات جديدة ونتدارك فيه نقاط الضعف التى وجدت في مؤلفاتنا المدرسية . من الطبيعى ان المسؤولين هم الذين لهم حق معالجة التكاليف المادية بطريقة أو بأخرى . لكن لا بد لنا من ان ننظر في قضية التكاليف لاننا عندما نطالب التلميذ احيانا بكتاب واحد من كتب المطالعة ونختاره لا من بين القائمة التى وقع اقتراحها من مندوبية واحدة وانما من قائمات اعددناها منذ ثلاث سنوات وادرجنا فيها ما يقرب من 70 % من العناوين التونسة للمطالعة نجده بعجز عن شرائه . مع العلم ان كتاب المطالعة بالنسبة الى التلميذ الذى نريد ان نغرس فيه عادة المطالعة وملازمة الكتاب ضرورى للغاية . فماذا نفعل والحالة على ما ذكر ؟ التلميذ لا يستطيع ان يشترى الكتب المدرسية فضلا عن ان يشترى الكتب للمطالعة
واقترح في خصوص الاتصال بالاديب التونسى - ان تقوم الجامعة بذلك لانها تملك وسائل البحث والتقييم من ناحية ولانها ساهرة على التكوين الاساسى من
ناحية أخرى . واما نحن فى التعليم الثانوى فيكفينا ان يستقبل الاديب تلاميذنا وان يمكنهم من التحادث معه وبذلك يحبب اليهم شخصه ويحبب اليهم الانتاج التونسى ويجعلهم يكبرون هذا الامر ويقبلون على الانتاج التونسى
أحمد اللغمانى : ( مدير البرامج الاذاعية وعضو اتحاد الكتاب )
لى ملاحظة لا بد أن أبديها ذلك أنى أود فى هذه الوقفة الرجوع الى الاصل باعتبارى كنت ضمن رجال التعليم الابتدائى ، ورد فى الصفحة الثالثة من الوثيقة فيما يخص ميدان التعليم : " . . . تأصيل التلميذ فى بيئته باختيار النصوص الادبية التونسية التى من شأنها أن تصور واقعه وتتجاوب معه اعانة له على الفهم وتفتيق مواهبه . . " فى رأيى أن مسألة تونسة البرامج ولا سيما برامج اللغة تمثل مشكلة تنازلية نجدها أكثر حدة فى التعليم الابتدائى الذى اصبح يسمى التعليم الاساسى ، لان الزاد الذى يلقى الى الاطفال اما ان يكون زادا اجنبيا وتتوفر فيه الشروط التى يتطلبها السن وتثير الميل عند الطفل أو أن يكون زادا عربيا أو تونسيا ولا تتوفر فيه الشروط التى أشار اليها منذ حين الاخ محمد فنطر قد نجد نصوصا لا يميل اليها الاطفال بطبيعتهم لانها كتبت للكبار وقد نجد ايضا فى الدواليب الادارية بعض السنن التى كان يسير عليها التعليم الابتدائى ولست أدرى الآن هل ما زالت هذه السنن أو العيوب على أصح تعبير . فمن جملة هذه العيوب محاور الاهتمام وقد كنت أضيق شد الضيق من محاور الاهتمام التى تغل يدى المدرس ولا تدع له الحرية فى اختيار النصوص التى يريدها والتى تتماشى وطبيعة الطفل لان محور الاهتمام يفرض عليه مثلا ان يتحدث هذا الاسبوع فى الحشرات ، واذكر من النصوص السخيفة التى تندرج تحت هذا العنوان " الحاح الذباب على قاضى البصرة " لم يجد المعلم الذي جمع النصوص نصوصا عن الحشرات فحشر في هذا الباب نص " الحاح الذباب على قاضى البصرة " هذه من الاشياء التى تقف سدا بين المدرس المجتهد وبين الافادة . فاذا نحن فحصنا السوق الادبية لنبحث عما يكتب للاطفال لا نجد شيئا ، الادب العربى فقير من اصله ، فقير لا يعتنى بالاطفال ، كما انه لم يعتن بالنساء الا من باب واحد معروف . لا نجد ادبا للنساء كما لا نجد ادبا للاطفال فاذا التجأنا الى الترجمة أو الاقتباس فلا بد من ان نفرض مناخا وبيئة معينة لا يمكن للمترجم أو المقتبس أن يتخلص منها
فالمشكلة تنحصر اذن فى توجيه نداء ملح للكتابة للاطفال . لدينا كثير من الكتب لكننا لا نجد فيها نصوصا صالحة للاطفال ، وذلك لاننا لم نتعود ان نقرأ
كتبا موضوعة للاطفال مترجمة أو مقتبسة حتى نحتذيها . وبادرة التأليف أخيرا للاطفال تشير بالخبر ، ولكنها تعتبر خطوة ضئيلة امام ما يردم الاسواق من ادب الاطفال الرفيع الذى نضعه بين يدى اطفالنا ثم نلومهم بعد ذلك ونتساءل : لماذا يفكرون أجنبيا ؟ ويتحدثون بلغة أجنبية والسبب فيما يبدو واضح لان الذي يقرؤونه بعحبهم ، والذى يقرؤونه يفتح لهم آفاقا فى خيالهم الطفل فالطفل هو الطفل وليس الطفل رجلا صغيرا ويجب علينا ان نؤلف الكتب للاطفال . نجد احيانا من يكتب خصيصا للاطفال وهم من المعلمين وكنت ضمنهم اشعر بالحاجة الى الكتابة فأكتب ولكن ما يكتبه المعلمون ليس أدبا لانه ادب متصنع والذي بكتب للاطفال لا يضع امام عينيه ان نصه سيدرس يوما ما ، فى قسم ما في بلد ما ، بل يجب ان يكتب للاطفال عموما ولا يفكر فى محاور الاهتمام لانها تسد الآفاق امام المعلم والاستاذ ، ولا بد من ان نجبره بدوره على الوقوع فى السخف والتصنع
هذه نقطة اولى ، اما النقطة الثانية فهى تتعلق بما أشير اليه منذ حين ، وهنا اخرج من الاصل وارجع الى الفرع اى الى مسؤوليتى الحالية فى الاذاعة . فقد أشير - منذ حين - الى ان برامج الاذاعة لا تعتنى كثيرا بالانتاج التونسى وحين أتحدث عن الاذاعة فانى أقصد الاذاعة المسموعة . نحن لا نذيع من المسرحيات الا ما يكتبه التونسيون للتونسيين الا ما قل وهو ضئيل جدا بالقياس للانتاج التونسي وكثير من البرامج الاذاعية تونسية وأغلب منتجيها حاضرون هنا وهم من أساتذة الجامعة وقد وضعت معظم هذه البرامج خصيصا للتعريف بالادب التونسي ولكن هذه البرامج غير كافية وبودنا أن نضيف اليها اكثر وأكثر والنداء موجه اليكم أنتم المنتجون وليس للاذاعة اذ الاذاعة لا تنتج بل هى تأخذ وتعطي
يوسف الصديق : ( صحفي)
سوف أعرض بايجاز ثلاث اقتراحات 1)اقتراح منهجى بالنسبة لهذا الملتقى والملتقيات الاخرى التى ربما نعقدها فى المستقبل حول هذه المشاكل 2 ) اقتراح عملي بودى أن يدرج فى التوصيات بوصفى مشاركا معكم فى هذه الحيرة الخلافة التى تجعلنا نجدد أمورنا فى التعليم والثقافة
3 ) اقتراح مثالى أصيغه بطريقة مثالية ويمكن ان نفكر فيه فى وقت من الاوقات .
فيما يخص الاقتراح الاول : اعتقد انه يجب علينا ان نطرح تماما هذه الامور واللهجات النفسية فى خصوص التعريب ، اذ المسألة تتوقف على جو سليم من جميع النواحى حتى يكون الانسان قادرا نفسانيا على أن يخلق اشياء ، ولذا اعتقد وانه حتى فى التوصيات يجب علينا ان نطرح كل ما هو سلبى وكل ما يشتم منه رائحة الاتهام ان الانسان الذي يقول : أنا عربى وأرغب فى التعريب اعتقد انه لا فائدة من ان يصرح بذلك حتى امام الاجنبى ، لاني لا أرى داعيا في ان أردد أنا عربي أمام نفسي فما بالكم أمام اناس من صنوى حضاريا وثقافيا
ثانيا : اعتقد انه وقع الحوار فى خصوص الكتب المدرسية وقدمت اقتراحات بناءة جدا ، ولى اقتراح أضيفه اليها لأني أظنه بناء . وهو يتعلق بتحرير الكتب المدرسية من الخصوصية وجعل المرحلة التجريبية مرحلة اختيارية بين ما يبقى من السمين او ما يذهب من الجفاء
ثالثا : بما أننا تحدثنا عن دور الثقافة والتربية فاني اعتقد انه ربما فكرنا فى يوم من الايام فى ادماج الثقافة والتربية باعتبارهما جهازين حكوميين لهما صلوحيات القرار والتنفيذ . أقول هذا لانى لاحظت ان ادماج محاور التنفيذ موجود بكثرة فى الاجهزة الحكومية من ذلك مثلا الفلاحة والتعليم والثقاف والاعلام . والتفكير فى إمكانية ادماج الثقافة فى التربية يجعلنا نتلافى كل ما يمكن ان يجد من عدم التناسق بين دور التربية ودور الثقافة
محمد التريكى : ( موسيقار وملحن )
أردت أن ألفت نظركم ونظر السادة الادباء لفقرنا من النشيد المربى ابتداء من الروضة الى نهاية التعليم الثانوى لقد وضعت بعض الاناشيد وساهمت في تلحينها مع البعض من زملائى وقد اقترح علينا السيد وزير الشباب والرياضة جمع تلك الاناشيد ونشرها فى كتاب فوجدنا 132 نشيدا فقط . لقد مات النشيد من الانتاج التونسي تماما بموت مصطفى خريف والاستاذ بلحسن بن شعبان ونحن فى حاجة اليوم الى الاناشيد . وبودى لو وضعت أناشيد تربوية نتلاءم مع الاطفال الرياض ومع تفتحهم للحياة الحية والبعد عن الوصف والتغني
بالماضى الذى لا يفيد وذلك لفتح اذهانهم وتوسيع أفقهم مع التقيد بالاتجاهات التربوية حسبما تنص عليه التوجيهات الرسمية المعمول بها من طرف وزارتى التربية القومية ، والشباب والرياضة
عمر بن سالم : ( باحث في مركز البحوث الاقتصادية والاجتماعية وعضو اتحاد الكتاب)
الشكوى من عدم توفر الاناشيد المدرسية ، ضمن البرنامج المخصص للاطفال ، تعود ، فى نظري ، الى عدم نشر مجموعة كبيرة من المخطوطات التى يتقدم بها أصحابها الى جائزة على البلهوان وغيرها ، وتظل مع ذلك مخطوطة لسبب أو لآخر . وينسحب ذلك على قصص الاطفال ، وعلى الروايات والمسرحيات أيضا . فقد كانت البلدية ودور النشر القومية تساعد فى أول الامر على طبع الناحح من هذه المجاميع أما الآن فقد تخلت عن هذه المساعدة . ولذا فاني أعتبر عدم تيسر النشر من العوائق الرئيسيه التى حالت دون إدخال الانتاج التونسي ، بمختلف أنواعه ، فى البرامج الرسمية .
اما بالنسبة لتحوير البرامج نفسها ، فأنا أرى وجوب إعادة النظر فى المنشور الذى أصدرته وزارة التربية القومية سنة 1970 بتكوين لجان مختصة لتنقيحه ، ولاعادة النظر في البرنامج الرسمي قصد مراجعته ، وإضافة ما يمكن أن يضاف البه من النصوص التونسية الملائمة ، سواء أكان ذلك في المستوى الابتدائى أم الثانوى أم العالي
والمؤكد أن هذه الرغبة فى النهضة بالادب التونسى لا يمكن أن تتجسد الا عن طريق رصد الاعتمادات المالية الكافية فى ميزانيات وحدات البحث فى كليات الجامعة التونسية وفي المراكز والمعاهد التابعة لها . وأعتقد ان العقبة الوحيدة التى تحول دون النشر والاشعاع هى عدم توفر هذه الاعتمادات ، وذلك بالنسبة لبعض الأقسام الدراسية على الأقل
هنالك أيضا عوائق أخرى هامة أيضا تحول دون وفرة الانتاج ونشره . ومن هذه العوائق نذكر مثلا : عدم احترام آجال توزيع الجوائز التشجيعية أ التنقيص منها أو إلغائها بسبب قلة الميزانيات المرصودة لها أو افتقادها .
اما في الميدان المسرحي فهناك عقبة كأداء ما تزال ترهص الجميع ، لا فى ميدان الانتاج فحسب ، بل وفي ميدانى النشر والترويج . فوزارة الثقافة تؤكد
كل عام انها ستفتتح المهرجانات الصيفية بعمل تونسى تأليفا وإخراجا ، فما يروعنا في آخر لحظة الا هذا التأكيد وقد عدل . فيشاهد الناس إنتاجا أجنبيا أو دخيلا من حيث التأليف ، ومحرفا مشوها من حيث الترجمة والاقتباس . فلا غرابة إذن أن يهجر الناس المسرح ، ما دام هذا المسرح لا يتعاطف معهم ومع مشكلاتهم وأهوائهم
فالرقابة التى تحول دون عرض المسرحيات التونسية الجيدة تأليفا واخراجا هى من أهم عوامل تردى الادب التونسى وطمس ذكره . فالرقابة المسرحية تحرم الجمهور من التعرف على المؤلفين التونسيين ، وتمنعه من التحمس لهم وتشجيعهم . فأنا لا أتصور عطفا على أدب مجهول لا ترعاه ، فى هذا العصر الوسائل السمعية والبصرية . ولا أتصور مؤلفا يكتب له الخلود ، إذا ظل انتاجه مخطوطا مغمورا ، وعرضة للتلف فى أى ساعة من ساعات اليأس مر الانعتاق
عبد الكريم المراق : ( متفقد التعليم الثانوى فى مادة الفلسفة )
اعتذر اذا كنت متطفلا على الادب وأظن أن المبرر الوحيد لهذا التطفل هو ان رئيس اتحاد الكتاب فيلسوف قبل ان يكون أديبا
ان ما استمعت اليه الى حد الآن يدخل فى نظري فى اطار عام تعيشه تونس اليوم ، يمكن ان نسميه محاولة استيعاب الوعى الذاتى بالشخصية التونسية هذه المحاولة تعبر عن نفسها فى مظاهر متعددة وفي مناسبات متعددة . تعبر عن نفسها بطبيعة الحال في اطار التربية عن طريق استيعاب الشعور بالذات وعن طريق تخليص الناشئة من الارتباطات الاجنبية وغرس الروح القومية في نفوسهم حتى لا يكونوا كما قال احد الاخوان فى احد آثاره " كالمنبت " بأرضه فى هذا الاطار وقع التعريح على النصوص الادبية وتغذية البرامج الرسمية بها لكن لا أرى ان المشكل منحصر في النصوص الادبية واختيار وتوفير نسبة منها ضمن البرامح اذ قد اشار الاخ أحمد صورة الى ان قضية القضايا تنحصر فى توفير النصوص الادبية ضمن المحاور بينما أشار السيد أحمد اللغمانى الى ان القضية ليست قضية محاور بل اهتمامات تدفع الاديب الى الانتاج . والمشكل من جانب هذه القضايا يعتبر ضئيلا وضئيلا جدا اذا ما قيس بمشكل الفلسفة ذلك اننا اذا عددنا الذين كتبوا فى الفلسفة فى هذه الديار فاننا لا نجد عددهم
يتجاوز أصابع اليد وهذا مشكل نضعه ونطرحه لانه مشكل ملح يحز فى نفس كل من كان له دور فى ادراج بعض الآثار التونسية والنصوص ضمن البرامج و ضمن الكتب الرسمية الفلسفية فى هذه الديار . وهنا يلذ لى ان أتوجه بنداء فى طلب المساعدة أناشد فيه الاخوان الذين كتبوا والذين لهم دور فى هذا الميدان ان يبعثوا لنا ببعض النصوص فى مختلف الاغراض والقضايا التى نعالجها الفلسفة . هذه النقطة الاولى
اما النقطة الثانية فتتعلق باقرار تعريب الفلسفة فى هذه السنة بصورة باتة ونهائية وأتذكر في هذا المجال انى اتصلت بأحد المسؤولين فى شهر جويلية بالضبط وذكرت له بأنه يجب أن يستعد للسنة الدراسية القادمة لان الامر مستعجل ، فذكر لى فى شئ من الاحتشام : " يا أخي لقد غير وزير بوزير ولم تتضح الامور بعد ، أرجوك أن تؤجل هذا الموضوع بضعة أسابيع أخرى " ربما تبدو هذه الملاحظة عابرة وسطحية ، لكنها فى نظري عند تحليلها بعمق نجد أنها تنفذ إلى الاعماق ذلك أننا كثيرا ما نتردد ، وهذا ما عانيناه بالخصوص فى السنة الماضية ، ان قضية التعريب هي مجرد كلمة عابرة وظرفية مؤقته وأن المسألة لا تعدو ان تكون هكذا . وأعتقد ان وجود الاستاذ محمد مزالي - وهذا ليس من باب التزلف - على رأس التربية القومية ليس ضمانا فقط لنجاح التعريب ولكنه تركيز وترسيخ للتعريب ومأمن له بالنسبة للمستقبل لان كثيرا من الاقاويل التى وردت في السنة الماضية أخذت تختفى يوما بعد يوم فى هذه السنة وبدأت الجهود تتظافر وانى أقر بأن هذه الجهود ما تزال مبعثرة ولا بد من الاعتناء بها لانها اصبحت تؤثر على الفرد وتدفعه الى العودة الى ذاته لستلهمها عله يخلق شيئا ، ونحن نعيش فى هذه الفترة فى حالة نفسية قد تتلاشى وتصبح سلبية ان لم نوجهها نحو انتاج فكرى فلسفى يعبر عن الطاقات الكامنة في هذه البلاد . وعلى هذا اعتقد بأن المجال مفتوح بفضل ما يمكن ان نوفره لنا وزارة التربية القومية من تشجيعات ومن فتح الباب على مصراعيه وهذا ما ذكرته وأتحمل مسؤوليتى فيه بالنسبة لكافة الاساتذة الذين اتصلت بهم . وقد شرعت بالفعل بعض اللجان فى التأليف والكتابة والترجمة واننى اساند الرأى الذى ينادى بعدم احتكار الكتب المدرسية او الفلسفية للمطالعة من قبل لجنة او عدد محدود من الاساتذة لان تداول التأليف ضرورى وملح لتوفير أداة مادية أساسية بدونها لا يمكن الشروع فى العمل ، ولا يمكن ان ننطلق ، وهذا ينبغى أن يكون مؤقتا وان يفسح فيه المجال لكل الاخوان لتوفير الانتاج الفكرى الفلسفى ، وستصبح تونس فيما اعتقد بعد عشر سنوات لها رصيد فى المكتبة الفلسفية تعتز به وتفتخر
هناك ملاحظة أخرى فى خصوص الوثائق والتوثيق والبرامج ، أعتقد أن جميع رجال التعليم ابتهجوا باحداث ادارة البرامج ضمن وزارة التربية القومية ، أعتقد انه بالامكان اضافة التوثيق الى مهام هذه الادارة وهي عملية أساسية هامة جديرة بأن تسهر عليها هذه الادارة فالاستاذ أحمد صورة مثلا يشتكى من انه لم يجد النصوص الضرورية التى تغطى اغراض التربية والتعليم فاذا ما احدثت لجنة أو مصلحة ضمن هذه الادارة ، تتعاون مع المكتبة القومية التى تعنى بالتوثيق لتتولى البحث عن هذه النصوص وتتابع كل ما ينتجه الادباء وتجمعه وتبوبه حسب الاغراض ، وتنبش فى الادب القديم لتجمع النصوص فان التأليف المدرسي يزدهر ويتقدم وينجح
محمد الهادي بسباس : ( مدير معهد النفيضة الثانوى )
أرى أنه لا بد من تضمين النصوص ولو في الابتدائى مع اعطاء ترجمة صغيرة للكاتب بالنسبة للابتدائي والثانوى وهذه الترجمة يحسن ان ينسب فيها الكاتب الى بيئته وان يذكر فيها التراث المكتوب للكاتب ، هذه ناحية بالنسبة لكتب النصوص . اما بالنسبة لكتب النحو والصرف فاننا لو بحثنا جميع الكتب للنحو والصرف بالفرنسية لوجدنا كل مثال منسوبا لكاتبه ما عدا كتاب النحو والصرف التونسي الذي وقع تأليفه منذ عشرين سنة غداة الاستقلال فاننا لا نجده يخدم هذه القضية . لا بد اذن من ان يعرف بالكتاب والاثر يعرفنا كتاب النحو والصرف التونسى بنصيب من القرآن والحديث وهذا أمر يشكر عليه مؤلفو الكتاب لكن ما نؤاخذه على الكتاب هو خلوه من بعض الجمل المقتطفة من كتب المؤلفين التونسيين إلا ما ندر . وكان من اللائق ان تنسب لهم الجمل لانى أظن اننا عندما نريد اعراب جملة فلا يلزمنا ان نتوجه الى كتاب " العقد الفريد " لابن عبد ربه او الى ابن المقفع او غيرهم من فطاحل الادب العربى ، بل نأخذ منهم شيئا حتى لا ننساهم ونترك سهم الأسد للاديب التونسي ، وخاصة الاديب التونسى المعاصر . هذا اقتراح أول اما اما الاقتراح الثاني فيتعلق بالكتاب التونسي من حيث الترجمة والاقتباس تجدون مثلا فى الاحصاء بالنسبة للثانوى 14 نصا فى المرحلة الاولى مترجما ومقتبسا فى حين اننا نعلم ان للفرنسية خمس ساعات مثلما العربية واذن فلا فائدة من الزيادة المتمثلة فى الترجمة الفرنسية الى العربية حتى لا يكون نصيب العربية أقل من الفرنسية فى بلاد تنسب نفسها الى العربية
لقائل ان يقول هناك فراغ فى التأليف المدرسى وأنا أؤكد له أن ليس هناك فراغ بل أقول إن الفكر التونسى والرأى العام التونسى لم ينشغل بعد بالتونسة والتعريب فالبرامج الرسمية تقول انه لا بد من اقحام نصوص قرآنية فى السنة الثالثة ولكننا لا نجد الا نصين كأنهما ادرجا فى الكتاب المقرر أخذا بالخاطر بينما القرآن به ستون حزبا ، ومجال الاختيار لادراج أكثر من نصين متوفر للغاية ولولا ان كتاب التربية الدينية مدنا ببعض الآيات الكريمة ولولا ادراج بعض الآيات فى كتاب النحو والصرف لخرج التلاميذ من التعليم الثانوى وهم يجهلون كل شئ عن الاسلام . فلماذا - والحالة على ما هى عليه - ندعي ونذكر فى دستورنا اننا أمة تنتسب الى العربية والاسلام ؟
ثم ان الكتاب المدرسي لا يراعي مستوى الاطفال والنصوص التى تقدمها للتلاميذ دليل على ذلك وقد تحدث الاستاذ فنطر عن هذه القضية ، ونادى بوجوب ملاءمة النص لعمر التلميذ ومستواه وأنا أوافقه فى هذا وأوافقه أيضا على اننا نلوث نفسية التلميذ المراهق حين نعلمه : " ما شرفتني كنية عربية ونعلمه السجود للخمرة ، ونعلمه السكر حتى تجاوز وقت الصلاة ، وتلك أقوال أبى نواس . لا ننكر أن أبا نواس شاعر له باع فى الادب وفي الخمريات ، لكن هل أن العربية لم تنجب الا أبا نواس ومن شاكله من الادباء المستهترين ؟ متى سنتخلص من أدباء القصور واضرابهم ؟ لقد حلل استاذنا الاخ محمد مزالى صباح اليوم مفهوم التفتح وبودى أن أعلق على هذا التفتح . عندما نريد التفتح لا بد أن يكون وجودنا كبناية لها باب نتحكم فيه لان الباب المفتوح يدخل منه الطبيب والصاحب والصديق ويدخل منه أيضا السارق والمجرم والثعبان والعقرب ولذا فعندما نقول تفتح فانه من الضرورى أن يكون فى أيدينا المفتاح . لنفتح الباب عندما نريد التفتح لا نسمح الا بدخول المقدار الذي نريده والذي يتماشى مع فلسفتنا وسياستنا التربوية التونسية الاصيلة العربية الاسلامية وليس من التفتح ان نقبل كل نص يقدم لنا لان التفتح ليس انفتاحا فحسب هذا ما أردت قوله لكم . وشكرا .
الطيب العشاش : ( استاذ بكلية الآداب )
سوف أقصر كلمتى على نقطة واحدة مما جاء فى تقرير اتحاد الكتاب وهي النقطة الخاصة بتدريس الادب فى مراحل التعليم ، وأبدأ بملاحظة أولى تتعلق بالغاية من تدريس الادب بالمدارس
الغاية في نظري مزدوجة أو هي غايتان الغاية الاولى تتمثل في اطلاع التلميذ أو الطالب ، وبالتالي المواطن على انتاج امته الادبي مهما كان هذا الانتاج ومهما كانت قيمته
الغاية الثانية تتمثل فى مساهمة الادب الى جانب المواد الاخرى فى تكوين أو تنمية الجانب العاطفي أو الفكرى فى التلميذ أو الطالب ، وبالتالى فى المواطن بصورة عامة . فما هى الوجوه التى يمكن أن نستعمل فيها الادب للمساهمة فى تحقيق هاتين الغايتين ؟ :
ان هذه الوجوه تنحصر في نظري في ثلاثة : الوجه الاول هو تدريس تاريخ الادب وهو في التعليم الثانوى يعتمد تلك النصوص التمهيدية التى تهم جميع المراحل ومختلف الاطوار أما في الجامعة فتلقى دروس تاريخ الادب العربى بصورة عالمة ، ويدرج ضمن ذلك تاريخ الادب التونسي
ومن المعلوم ان في برامج التعليم الثانوى حصة مخصصة للمطالعة ويمكن ان نضيف فى التعليم الجامعي الى تلك الحصة حصصا منهجية يتعلم فيها الطالب كيفية تلخص النصوص الادبية والاطلاع على نماذج من الانتاج فى الادب التونسي فقد تعين هذه الحصص على التعرف الى الادب العربي وتاريخه . أما الوجه الثاني فهو دراسة الادب وذلك ضمن حصص الشرح عامة .
أما الوجه الثالث وقد يحصل خارج المدارس والكليات فيتمثل فى الندوات أو تكريم الادباء التى كثيرا ما يقع فيها التعريف بالادباء التونسيين ضمن برنامج حفلات التكريم
فيما يتعلق بالوجه الثاني - وهو الاهم ويخص تدريس النصوص - فقد قمت بتجربة بسيطة تتمثل فى احصاء النصوص المدرجة بجميع الكتب المدرسية الخاصة بالتعليم الثانوى وتوصلت الى نتيجتين هامتين : الاولى تتعلق بمحتوى تلك النصوص وهى فى جملتها شرقية بها قسم قليل من الادب التونسي ومن الادب المغربي . هذه نتيجة أولى وهى تتعلق بالمشهور من كتب الادب وجل مؤرخي الادب يولون هذه الناحية أهمية كبرى ونجد فى بعض كتبهم المتعلقة بتاريخ الادب بعض الادباء التونسيين المشهورين
النتيجة الثانية هي ضيق أفق أصحاب هذه الكتب أو مختارى نصوصها الادبية وهي تدل فى الحقيقة على نوع من الكسل اذ ان جميع الكتب المقررة فى
التعليم الثانوى يكرر بعضها الآخر ويمكن أن نحصر تلك النصوص فى محاور عديدة . والمسألة تعود فى الحقيقة الى أن عملية جمع تلك النصوص قام بها أفراد لاجماعات ، ومهما كانت قوة اطلاع الفرد الذي جمع تلك النصوص فان تغليب بعض النصوص المعروفة لا بد أن يقع على حساب النصوص الاخرى وفى امكاننا ان نتلافى هذا العيب وذلك بتكوين لجان أو لجنة قومية ضمن معهد علوم التربية تعتمد على المجهودات التى يبذلها أفراد أو لجنة فرعية أخرى لجميع النصوص واعدادها . وهناك عيب آخر كبير يتعلق بالعوائق التى تعترض الذين يؤلفون هذه الكتب من ذلك مثلا اننا اذا ما أدرجنا ضمن برامج التعليم الثانوى نصا يتعلق " بالتيفاشى القفصى " أو بمن يشبهه فى الشهرة أو يقل عنه شهرة ، فانه يصعب على الاستاذ أو يستحيل حتى ولو كان يدرس فى أحد المعاهد بتونس ان يجد المعلومات الكافية عن هذا الاديب أو ذاك . وهنا لا بد من التنويه ببعض الاعمال الجامعية التى اهتمت بفترة معينة من تاريخ الادب التونسى وأذكر على سبيل المثال أطروحة الاستاذ بو يحيى ، فقد قدم فيها ما بقرب من 209 كاتبا وشاعرا وذكر المراجع التى يمكن لمؤلفي الكتب المدرسية ان يعتمدوا عليها للوصول الى تأليف كتب يقع فيها تلافى الكثير من العيوب . ونحن اذا نظرنا بصورة عامة فى طريقة جمع النصوص كان علينا أن نراعي الغايتين الاولى والثانية اللتين ذكرتهما ، او نراعي مدى موافقة هذه الكتب للغايتين وتمكيننا من تحقيقهما وفقا لغايات التعليم أو لغايات ادراج الادب في التعليم . ولا بد من مراعاة مقاييس اختيارية فى جمع النصوص وهذه المقاييس نتركز فى الحقيقة فى نظري على لغة هذا الانتاج وعلى موضوعه خاصة بقطع النظر عن قيمة اصحابه ومكانتهم ، فلا يمكن ان نختار بالنسبة لسن معينة كما قال بعض الزملاء بعض النصوص التى ترى انها وان كان صاحبها تونسيا ، لا تمكننا من بلوغ الغاية المنشودة والملاحظ ان جل كتب النصوص فى التعليم الثانوى تتعلق بشخصيات قلت انها تتكرر ، وعلينا حسب رأيي ان نعيد النظر فيها لا باعتبار شخصيات مؤلفيها بل باعتبار تلأمها مع الاهتمام لاداء اغراض معينة ويجدر بنا ان نضبط عند اعادة النظر سياسة معينة نتولى فى حدودها اختيار النصوص ومسؤولية المربى هي فى الحقيقة مسؤولية تكوين والتكوين يتطلب منا نوعا من الاختيار وضبط الغاية التى يوافق عليها أغلب الناس أو أغلب المسؤولين عن التربية فيجب على الادباء ان يكتبوا لتلاميذ المدارس وعليهم أن يجيدوا كتابة أدبهم حتى يستحقوا اهتمام مختارى النصوص أو مقررى البرامج المدرسية فيدرجوا انتاجهم فى برامج التعليم الثانوى أو برامج شهادة الاستاذية مع التنبيه الى ان حظ الادب التونسي لا يقل فى نظري عن
حظ الادب المشرقي في مختلف برامج سنوات التعليم بدار المعلمين العليا أو في برامج كلية الآداب وفي الكتب الرسمية المقررة بالمدارس
سبق لي أن ذكرت ان اللجنة القومية التى يمكن أن تنشأ ضمن معهد علوم التربية لنشر النصوص الادبية ضمن مجموعات وثائق أخرى تكون ما يعتمده الاستاذ والمربي في جميع مراحل التعليم لتحقيق الغاية من ادراج الادب ضمن البرامح الرسمية التى يمكن ان تكون قد ضبطت من طرف وزارة التربية القومية . وانبه أو أكرر وأعيد الى أن مجالس الاقسام فى الجامعة والمجالس العلمية تعتمد تدريس الادب التونسي وجميع أعضاء هذه المجالس يقررون ذلك بالإضافة إلى بعض المسؤولين عن حظوظ التربية كمتفقدى التعليم أو مدير التعليم الثانوى أو مدير التعليم الابتدائى وهم يناقشون البرامج ويراعون فيها اختيار النصوص الادبية وأنبه فى النهاية الى أن الرغبة فى ادراج الادب التونسي في برامج التعليم يجب أن تكون عن ترو دون اندفاع او دفاع عن ادب افراد معينين وتعويض الادب المشرقي بأدب تونسى بل يجب أن تكون الغاية مقتصرة على انزال الادب التونسي منزلته ضمن التيار الادبي العام قصد تحقيق الغايتين الكسرتين اللتين ذكرتهما وتتمثلان في تكوين التلميذ أو الطالب أو المواطن التونسي من خلال تدريسنا للادب التونسى
ابراهيم حمادو :(متفقد جهوى للتعليم الثانوى )
أردت أن أصحح وضعا يتعلق بقائمة كتب المطالعة التى قدمها اتحاد الكتاب التونسيين : ان الغرض من ضبط هذه القائمة كان فى الاصل رغبة منى فى إعانة الاساتذة الجدد على اختيار الكتب للمطالعة فى مختلف السنوات . هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى كانت رغبة منى فى أن أمد المديرين بقائمة فى أسماء الكتب المستعملة فى المعاهد حتى يكونوا لانفسهم مكتبة صالحة للتلاميذ ولم أدر اننى ساقدم فى الوقت نفسه عملا لا بأس به أيضا لاتحاد الكتاب فقد قدمت بهذه القائمة كشفا مؤرخا لحالة المطالعة فى المعاهد الثانوية وأسماء الكتب التى تستعمل عند الاساتذة والتلامذة ، لكنى أرى - مع الاسف - ان هذه القائمة قد أسىء استعمالها اذ افضى الامر بأحد الزملاء حين اطلع عليها الى استنتاج نتيجة غير صحيحة استخلصها من المقدمة ويتخلص هذا الاستنتاج فى ان من سهر على اعداد هذه القائمة فى حاجة الى التوعية حتى يفهم قيمة الكتاب التونسى ! والحقيقة انى عندما قدمت هذه القائمة كنت قد مررت بمرحلتين
المرحلة الاولى : هو حث الاساتذة على أن يعدوا لكل سنة قائمة بخمسة عناوين لكتب جربوها للمطالعة ، ويريدون اعادة تجربتها فى السنوات الموالية ، وبعد ان وافتنى رسائلهم قمت بالغربلة وضبطت قائمة بالكتب التى اتفق على اختبارها اثنان على الاقل أو ثلاثة أو أربعة . . . وعلى ضوء هذه الغربلة وضعت هذا الكشف ، ولم أقصد به اعطاء نصيحة لرجال التعليم أو للمربين بأن يختاروا هذا الكتاب أو ذاك ، وانما أردت كما قلت فى البداية أن أمد يد المعون المساعدة للاستاذ الجديد وكذلك ايضا للمدير الجديد الذي يريد أن يكون مكتبة فى معهده . وذيلت هذه القائمة برسالة وددت لو طبعت مع قائمتكم لكنها حذفت لغرض لا أدريه ، ولو أبقيت لفهم الجميع ومن ضمنهم الاستاذ طرشونة اني اقصد من ضبط هذه القائمة من الكتب المجربة تقديم ما يصلح ان يكون نواة لمكتبة مدرسية فقط لا اسداء نصيحة كما خيل اليه ، أحث فيها الاساتذة والمديرين على تلخيص هذه الكتب لا غير
اما الخدمة التى ذكرتها والتي قدمتها لاتحاد الكتاب بصفة عفوية فهى تتمثل فى أنى بهذا الكشف المؤرخ أمكنهم من معرفة الكتب المستعملة من الانتاج الشرقي والانتاج التونسى الآن ولهم أن يستخلصوا النتائج التى تفرض نفسها بنفسها لكى يعرفوا نوعية الكتب التى يقبل عليها المستهلك أو لا يقبل وأظن اني قدمت خدمة لا بأس بها لاتحاد الكتاب . . .
محمد الهادي بسباس (مديرمعهد النفيضة الثانوى )
أتقدم ببعض المقترحات العملية بعد التعقيب على كلمات بعض الاخوان ، منهم الاخر أحمد الصورة الذى وجه اتهاما لوزارة التربية القومية من وراء عقد هذا الملتقي ، فى حين أن وزارة التربية القومية تستوعب فى مدارسها ومعاهدها قرابة 20 % من سكان الجمهورية وهم يمثلون الطبقة الواعية فى أمتنا واذا كنا نلاحظ بعض التظاهرات المؤلمة والمخجلة فاننا لا نؤاخذ وزارة التربية فقط ولى أمثلة على وجود هذه التظاهرات منها ما يحدث فى كل موسم ديني اسلامي اذ تقوم قيامة الصحف ووسائل الاعلام لتندد بما يصرف فى مناسباتها ، ولا تتعرض للنفقات الباهظة التى تصرف لاقتناء الويسكى والاشجار احتفاء بعيد "نوال لمسيحى . وتمسك ايضا عن التنديد بالنزيف الذي تستهدف له العملة الصعبة التى يقع اهدارها فى " باليرمو " لاقتناء السلع الايطالية . لا بد لنا من أن نتهم أنفسنا ونتهم وزارة التربية القومية التى تخصص لها مقادير هامة
في ميزانية الدولة ونفق عليها بسخاء . هل ان التربية ببلادنا أصيلة ؟ أم اننا ننقم على تفريطنا في اصالتنا العربية الاسلامية ، لماذا نقوم بتظاهرات ضد التقاليد التى ترمي للمحافظة على روح الاسلام ، ونشن عليها حملة صحافية ؛ لقد كتبت فى هذا الموضوع بالفرنسية ولم يكن ذلك منى تقصيرا فى الكتابة بالعربية وانما تعمدت ذلك لان المتفلسفين فى العلم يتكلمون الفرنسية فأردت أن اخاطبهم من ميدانهم واقتحمه تحديا
لنا أن نتساءل وأن نتهم أنفسنا . وأنا بصفتى أحد المنتسبين الى التربية القومية أشك في صحة الارقام التى أدليت بها فهذه الارقام التى تعين كمية النصوص المستمدة من الادب التونسى حول محاور الاهتمام او محاور الهم حسب تعبير الاخ أحمد اللغمانى . هل فكرنا فيها نحن الادباء وقلنا فيها قولتنا ؟ وهل هي من شواغلنا اليومية أم أن الاحداث تجاوزتها ونسختها نسخا ؟ لا بد لنا من أن نتساءل هذا السؤال . فالارقام بالنسبة للابتدائى وقع اعتمادها بالنسبة الى النصوص التى انتجها مؤلف الكتاب بدليل ان كل نص لا يحمل اسم مؤلفه . وهنا أريد التعرض الى نقطة معينة : إذا كانت نسبة كبيرة من هذه النصوص وضعها صاحب الكتاب نفسه لاغراض بيداغوجية منذ 20 سنة فماذا ننتظر من امثال هذه النصوص ؟ اذ أين نحن من التجديد والتطور ؟ أما حان الوقت لكى نفكر فى مثل هذه المواضيع ؟ ثم ألم يحن الوقت لكى نفكر فى محاور الاهتمام هذه ونبدى فيها الرأى ؟ على كل ان هذه الارقام تثير فى نفسى كثيرا من التساؤلات .
لقد أعرب الاخ أحمد العايد عن تفاؤله وقال انه مرتاح لهذه الارقام ولكن بعض الكتب المقررة تجاوزتها الاحداث ولم تعد صالحة للاستعمال ، وقد راجعت آخر ما صدر من مناشير حول الكتب الرسمية ومن بينها كتاب القراءة واللغة العربية الذي درسته عندما كنت تلميذا فى الابتدائى أى زمن الاستعمار فوجدته ما زال يدرس الى الآن رغما عن تجاوز الاحداث له وعن ان الدهر أكل عليه وشرب ومع ذلك ، فان من بين افراد عائلتى من ذاق الامرين ليحصل لابنه على كتاب القراءة واللغة العربية الجزء الرابع الغير موجود فى المكتبات وذلك لان السيد المعلم تمسك باستعمال الكتاب كما تمسكت المدرسية هي ايضا به . ولست أدرى لماذا تصر المدرسة على هذا التمسك ؟ ماذا ننتظر لنمنع مثل هذا الكتاب الذي لا ينتسب الى التونسة بأى نص من النصوص ؟
هذه أوضاع يجب تصحيحها ثم هناك قضية القائمة التى وردت من بعض المندوبيات الجهوية نرجو ان يصدر هذا الملتقى فى خصوصها توصية بعد دراسة
ما صدر من كتب ، لانه اتضح ان تلك القائمة لا تشمل أغلب ما صدر من الكتب التونسية وأنا كمدير معهد لا أرى من واجبى أن أكون ملما بمحتوى الكتب التى يتحتم على اقتناؤها لمكتبة المعهد وعندما اتصل من المندوبية الجهوية بقائمة اعتبرها مستوفاة ومدروسة وهنا أضع المسؤولية على عاتق وزارة التربية القومية وعلى دور النشر كذلك
فيما يخص تدريس الفرنسية ليست هناك مشكلة فعندما يصدر كتاب يقيم من حيث مستواه اللغوي والفكرى ويوصى بمطالعته الى فئة معينة من القراء وأظن انه قد حان الوقي لكى نقتدى بالغير ان كان موضوع الاقتداء من الحسنات كما اقتدينا به فى تطويل الشعر وما شابهه وأظن انه فى امكاننا ان نقتدى به فى هذه الناحية وعلى كل فالاسئلة التى استخلصها من خلال الارقام المدرجة بالقائمة هي التالية :
كيف يمكن للكتاب المدرسي في الابتدائى والثانوى أن يخدم الادب التونسي ؟ اضرب لذلك مثلا : لى ابنة تقرأ فى السنة الاولى ثانوى وقد اعطاها الاستاذ قصيدة للاخ أحمد اللغمانى والمعروف ان أحمد اللغمانى شاعر تونسى ولد بالزارات وقد سألتني ابنتى أين توجد الزارات لذا أرى من المستحسن أن يدرج فى الترجمة للشاعر التعريف بقرية الزارات حتى لا يذهب فى ظن التلميذ ان الزارات ربما توجد فى الجزائر أو فى ليبيا هذه أمور يتحتم توضيحها ، فلا بد من تضمين الترجمة بالنصوص ولو فى الكتب المقررة بالتعليم الابتدائى فنذكر اسم الكاتب مع ترجمة صغيرة له بالنسبة للابتدائى ونتوسع فيها بالنسبة للثانوى ويحسن بنا ان ننسب فى هذه الترجمة الكاتب الى بيئته وان نذكر فيها التراث المخطوط للكاتب .
هذا فيما يخص كتاب النصوص اما كتاب النحو والصرف فاننا لو بحثنا جميع كتب النحو والصرف الفرنسية لوجدنا كل مثال مدرج بها منسوبا لكاتبه بينما كتاب النحو والصرف بالرغم من انه مرت عليه عشرون سنة لانه وضع منذ الاستقلال فلا نجده يخدم هذه القضية اذ لا بد ان يعرف فى كتاب النحو والصرف بكاتب الاثر . .
هذه الملاحظات أتقدم بها بصفتى وليا ورئيسا للجنة ثقافية ومديرا لمعهد واعتقادا منى بجدوى ما سمعت حولها من مناقشات
عبد العزيز العاشورى : ( رئيس مصلحة الآداب بوزارة الشؤون الثقافية )
آخذ الكلمة لأطرق نقطتين : أولاهما تتصل ببعض المهام التى هى من مشمولات وزارة الشؤون الثقافية . والثانية تخص تقديم بعض المقترحات فيما يتعلق بموضوع الملتقي
بالنسبة للنقطة الاولى هناك جملة من الامور احاول التعرض اليها بكثير من الايجاز . فبعض الاخوان وأظن من بينهم السيد نور الدين بن بلقاسم اقترح ان تسلط الاضواء في المهرجانات الادبية والعلمية لا على الاموات بل على الاحياء
وأود أن أعقب على هذا الاقتراح والاحظ للاخ أن التكريم بالنسبة للأموات في هذه الملتقيات بظل سليما من ناحية واحدة وذلك اذا اعتبرنا ان الملتقى الذى ننظمه في قفصة مثلا مخصص لتكريم ابن منظور وكذلك الشأن بالنسبة للملتقيات التى نخصها لتكريم ابن رشيق أو يحيى بن عمر وغير هؤلاء من اعلام بلادنا وعلمائها ومفكريها . وموضوع هذه الملتقيات لا تتعلق دائما بالشخصيات التى تطلق اسماؤهم عليها فلكل ملتقى موضوعات تجدد بصفة دورية . واذكر على سبيل المثال الموضوع الذى تناوله مثلا ملتقى ابن منظور الاخير فالموضوع الذي دار حوله الملتقى لا يتعلق بابن منظور لا من قريب ولا من بعيد ولكنه يتعلق بتنمية اللغة العربية في العصر الحديث ، واذن فاطلاق اسم ابن منظور على الملتقي لا يعنى نوعا من التكريم لهذه الشخصية الهامة فى التاريخ ، والموضوع الذي يعالجه الملتقي ليس من الضرورى ان يتصل بالشخصية التى أطلق اسمها على الملتقي ونحن من جانب آخر نعتبر ان هذه الملتقيات تساهم فى تكريم الاحياء ، باعتبار ان الاحياء هم الذين يساهمون بالدراسات اللازمة فى هذه الملتقيات ومن هذه الناحية فان التكريم لا يكون بالشكل الذي نؤمله جميعا ولكنه موجود على كل حال
النقطة الثانية تتعلق بالجوائز التشجيعية التى أثارها الاخ عمر بن سالم يرى الاخ ان الجوائز التشجيعية التى تمنحها وزارة الشؤون الثقافية غير محترمة من حيث الاسناد ومن حيث الآجال . واستطيع أن أؤكد بدون أن أقصد الدفاع عن وزارة الشؤون الثقافية انه منذ صدور الامر القانوني في سنة 68 19 المتعلق باسناد جوائز تشجيعية للانتاج الادبى والعلمي الصادر بتونس فان هذه الجوائز تسند بصفة منتظمة وليس هناك أى خلل فى نظري يتعلق باسنادها لا
من حيث الآجال ولا من حيث المبالغ التى تمنح للمنتجين . وأستطيع أن ألاحظ ايضا فى خصوص الآجال انها توهم أحيانا بأنها متخلفة دائما لكنها من حيث النظر لتاريخ صدور الانتاج فان الجوائز التى تسند للمؤلفات تعطى بعد مرور سنة عن ظهورها . فالمؤلفات التى ظهرت سنة 1975 من الطبيعى أن تسند لها الجوائز سنة 1976 ولا تسند لها فى سنة 1975 لأن الجوائز تمنح بعد أن تنتهى السنة ويجمع الانتاج وتقدم الترشحات . اما التحوير الذى وقع سنة 1975 في خصوص الامر المتعلق بجوائز تشجيع الانتاج الادبى فيبدو انه كان تحويرا إجابيا من حيث تطوير المبالغ وتوسيع مجال الجوائز التشجيعية وكذلك أيضا من حيث التأويل . فمثلا لو نظرنا فى الامر المتعلق بتشجيع الدولة للانتاج الادبي والعلمي لفهمنا باحدى طريقتين الاولى : ان الامر باسناد جائزة في ميدان تحقيق المخطوطات أو فى ميدان الشعر والقصة والمسرح الى آخره من اصناف الكتابة لا يحتمل اسناد جائزة واحدة للمسرح مثلا أو للقصة بل ان هذه الجوائز تتعدد بتعدد المؤلفات التى تعتبرها اللجان جديرة بأن تسند اليها الجوائز . اما الطريقة الثانية ، فهى ترتبط فى الواقع بموضوع يمكن ان ينتهى بنا اذا شئتم الى اصدار توصية فى شأنه . فقد نقد بعض الاخوان القائمات التى بقع اختيارها للمطالعة فى نطاق التربية القومية ويمكن لنا ان نشير فى شأنها الى امكانية قانونية اخرى ، وذلك باصدار التوصية الى وزارة الشؤون الثقافية تحث على نشر مؤلفات من صنف معين ، واذا كنا متفقين بصفة مبدئية على غياب النقد الادبي وضعفه بالنسبة للادب التونسى وهو من الاسباب التى تحد من استعاله على نطاق واسع فانه يمكن لنا أن نصدر بعض التوصيات العملية لمعالجة هذا الوضع ، منها فى نظري : ان تقدم وزارة التربية القومية لوزارة الشؤون الثقافية القائمات المتضمنة للكتب التى وقع تقريرها للمطالعة والناشرون يؤكدون أن هذه التوصية تؤثر فعلا فى مدى رواج الكتاب . اذن فهل يمكن لنا ان نخطو خطوة عملية فى نطاق وزارة التربية القومية ونصدر توصية تأخذها الوزارة كنوع من الالتزام المسبق للعمل بالتوصية لاقتناء هذه الكتب ؟ اذا حصل هذا فان الناشر سيقبل على مضاعفة كمية نشرها أو اعادة نشرها بصفة أكيدة . اذا ضبطنا اختياراتنا باعتبار ان المؤلفات تخضع للنققد فيمكن لنا ان نكون لجانا تحدد قيمة هذه المؤلفات واذا ما عبرت وزارة التربية القومية عن استعدادها لاعتماد هذه الكتب كأدوات أساسية للمطالعة فى المدارس فان الناشرين سيقبلون على نشرها وتعريبها . وما يقال بالنسبة للناشرين يقال أيضا لوزارة الشؤون الثقافية ويمكن لنا ان نوصى فى مثل هذا الملتقي وزارة الشؤون الثقافية بالعمل على نشر مؤلفات من أصناف معينة نعتبرها
تساهم فى خدمة الادب التونسي منها خاصة المؤلفات النقدية التى تساعد على التعريف بالكتاب التونسي وبالادب التونسى بالخصوص
النقطة الثالثة يمكن لنا ان نصدر توصية بتزويد المكتبات المدرسية في الابتدائى والثانوى والمكتبات الجامعية بمجموعات كاملة مما صدر من الكتب التونسية فتوفير الكتب بالمكتبات المدرسية ووضعها بين أيدى التلامذة يساعد على التعريف بالكتاب التونسى وترويجه أكثر فأكثر
محمد العياري : ( أستاذ بالتعليم الثانوى وعضو اتحاد الكتاب )
اريد أن أقدم بغاية الايجاز بعض الملاحظات فيما يتعلق بالادب واللغة العربية بصفة عامة ، أظن انه بات من المعلوم ان الادب بصفة عامة وأن المطالعة بصفة خاصة قل شأنها فى العصر الحديث نظرا لتعدد الوسائل التثقيفية من تلفزة واذاعة وغيرها ، ولم تعد تحتل المرتبة الاولى كما كان شأنها فيما مضى ، خاصة مطالعة الكتب العربية وبالاخص مطالعة الادب التونسى . فى هذا الصدد أريد أن أشير الى الدور الملقي على عاتق الاستاذ ، أو على وزارة التربية القومية والدور الملقي على كاهل اتحاد الكتاب التونسيين
الدور الذى يقوم به الاساتذة من مدرسي اللغة العربية يبدو فى غالب الاحيان لا يشجع التلامذة كما ينبغى على حب العربية أكثر فأكثر ، وبديهى أن لا يشجعهم على مطالعة الكتب العربية ، وأصح دليل يقدم على هذا يتضح مثلا فى طريقة تدريس الانشاء ، فالملاحظات التى يعقب بها الزملاء على مواضيع الانشاء تخجل التلامذة وتثبط عزائمهم فبعض الاساتذة يلاحظ مثلا للتلميذ بأن موضوعه عبارة عن فوضى شاملة فى التفكير والتعبير ويسند له واحدا من عشرين قائلا له : أسندت لك واحدا لان الله واحد ، وأستاذ آخر بجد تلميذه قد ختم الموضوع بعبارة " ولله فى خلقه شؤون " فيعقب عليه بقوله : " الجنون فنون " فمللاحظات من هذا النوع تفت فى ساعد التلميذ وتوهن عزيمته أكثر ولا تبعث فيه شيئا من اليقظة والوعى والحساسية ولا تزرع في قلبه حب هذه اللغة الى درجة ان بعض التلامذة يحسون بأن ما يشدهم الى درس العربية ارتباطات تتمثل فقط فى الامتحانات ولولا الامتحانات لما أقبلوا على دروس العربية . بودى ، وقد حضر معنا السادة المتفقدون أن أشير على الاقل بصفتى أحد مدرسي اللغة العربية الى وجوب تغيير النظرة العتيقة فيما يخص الملاحظات التى يعقب بها الاستاذ على مواضيع الأنشاء ، وذلك للحد من تهويل الموقف ولبيان الخط الفاصل بين مرتبة الاستاذ كموجه ومرتبة التلميذ كتعلم والاظل
التلامذة فى نظر بعض الاساتذة أحمرة وسيظلون - مع الاسف - كذلك ان بقى الاساتذة على هذا النحو . من الافضل حينئذ ان يلاحظ الاساتذة ولو بتقرير مفصل على المواضيع الانشائية التى يكتبها التلاميذ وان يغيروا من نظرتهم لهذا الملاحظات أى أن يكون الاستاذ على الاقل معتدلا فيلاحظ للتلميذ مثلا بانه طرق بعض العناصر واهمل بعض العناصر الاخرى او ان طرقه للموضوع من بدايته كان حسنا لكنه تعثر فيما بعد ، لا ان يلاحظ له ملاحظات تثبيطية لان ذلك ليس من دور الاستاذ كمرب ومعلم
اما ما يتعلق بدور اتحاد الكتاب فيما يخص ترويج الكتاب التونسي أو الادب التونسى ان شئتم فينبغي على الاتحاد ان لا ينكمش فيقتصر دوره على تنظيم الملتقيات وعقد الندوات مع عشاق الفكر وحده . فمعظمنا نشترى الكتب التى تصدر ونطلع عليها ، لكن هل استطاع اتحاد الكتاب ان يقتحم الميادين الاخرى ويدخل اليها ؟ هذه الميادين أشار اليها الاخ نور الدين بن بلقاسم وأشير اليها انا ايضا ، وهى تنحصر فى الشركات والبنوك والمؤسسات العمومية ففي فرنسا توجد فى معظم المعامل والمصانع مكتبات خاصة بالعمال يستعيرون منها الكتب ومن الافضل ان تحتذى بها بلادنا ونكون فى المؤسسات والمعامل مكتبات خاصة بالعمال فالمكتبات ليست للتظاهر بل لتقريب الكتاب من القراء ليستفيدوا منها ويتقدموا خطوة أخرى تقربهم من الاعتناء بالادب التونسي . اما دور وزارة التربية القومية فيما يتعلق بالادب التونسي فيستهدف البرامج الرسمية . اذ يبدو أن الادب التونسي غير مبوب لحد الآن كما ينبغى فى نطاق البرامج المدرسية وينبغى تبويبه لان هذا التبويب يساعد المطالع على فهم الادب التونسى واغتنام الفرصة لقراءته أكثر فأكثر . واقترح اقتراحا لعل البعض يعتبره من باب البذخ ولكنى اعتبره اقتراحا جديا وهو تقريب الادب من الاوساط الشعبية ، وذلك عن طريق تسجيله فى اسطوانات مثلا . لو بادرت وزارة التربية القومية بتنفيذ هذا الاقتراح وتعاونت مع الشركة التونسية للتوزيع على تسجيل عدد من الاسطوانات شعرا ونثرا بأصوات اصحابها أو بأصوات ترغب الناس وخاصة التلامذة فى القراءة وتقربهم منها لفتحت آفاقا أرحب وربطت الصلة بين القارىء وبين الاثر
مصطفى الفارسي : ( عضو اتحاد الكتاب )
فى اعتقادى ان القضية التى نحن بصددها تتجاوز النصوص الادبية المدوجة او التى يجب أن تدرج فى برامجنا التعلمية هناك غبن سافر للانسان الذي وراء
النص . لذلك الخلاق الذي يكتب بالليل والنهار ويكد ويكافح ولا يجد فى مقابل ذلك الجزاء المادي والمعنوى الذي يستحق أو على الاقل المقابل اللائق والمكانة التى هو بها جدير . الكتاب يطالبون بأن يعتبروا عمالا . . شغالين فى حقل الادب والثقافة والفكر . وبأن يحترموا على هذا الاساس . ونحن نعلم أن مكانة الاديب لا يمكن أن تطرح كموضوع وان توجد لها حلول كقضية فى نطاق هذا اليوم الذي ينظمه اتحاد الكتاب التونسيين . لان الموضوع واسع ولان القضية حساسة وشائكة . ولا بد أن تكون لها عودة خارج هذا الاطار
ذلك أننا ككتاب وكجامعيين لا نشك قطعا فى أن الايام ستجمعنا على صعيد واحد صعيد الحوار الذى ينشأ عنه التلاؤم والوفاق والتعاون والالفة . . فتزول عندها السدود التى تقوم بيننا الآن وتنزاح النفرة وتتبدد الشكوك . فان الكثير من سوء التفاهم القائم بين المنتجين وبين المدرسين مأتاه جهل بعضنا للبعض وربما عدم تعميق الصلات بيننا عن حسن نية . لكننى أعتقد أن الجامعة التونسية بصدد تعبيد السبيل الموصلة للغاية المرجوة وهي تفتحها على ما يجد خارج أبوابها واعتناؤها بالتالي بالمعاصرين من الادباء والمفكرين وصرف همة الطالب الى درس الادب التونسي والى الاتصال بالمنتجين الاحياء واستجوابهم والجلوس اليهم . هذه بادرة طيبة لا بد من الاشادة بها واننا لنباركها لاننا انتظرناها طويلا
لكن . . . القضية كما أسلفت تتجاوزنا من حيث نحن كتاب ومن حيث نحن أساتذة جامعيون ، هناك من مستهلكى الانتاج الادبى دار الاذاعة والتلفزة التونسية ، وهى فى نظري لا تعكس وجه الادب التونسي على حقيقته ، بل ان ما تقدمه فى برامجها لا يمثل من قريب أو بعيد الادب المعاصر والنهضة الادبية التى تشهدها تونس منذ عشرين سنة . ونعلم أن هذه المرحلة من تاريخ البلاد قد طبعت الادب التونسي بأدب لا أشك فى انه يختلف عن ادب ما قبل الاستقلال . اذ لكل عصر طرافته وقضاياه وتطلعاته وبالتالى فكره وأدبه
واذا كانت برامج الاذاعة على النحو الذي نعرفه ، من الهزال والضحالة والرتابة والرطانة ، فمرجع ذلك الى حد بعيد ضيق مابيد هذه الدار من المكافات المادية التى يعتقد البعض انها منة لا جزاء على عمل . ونعلم ان العمل الجيد يحتم ان يكون له الجزاء الطيب . لذلك أحجم الكثير من كتابنا عن المشاركة فى الانتاج الذى له مستوى وله قيمة . لكن للاذاعة والتلفزة أيضا ظروفها وميزانها وضغوطها . . والقضية اذن لها ملابسات وخلفيات لا يمكن التعمق فيها فى هذا المجال .
على انه يجدر بنا هنا أن نرفع اللبس الذي يحوط بانتاجنا الادبى لئلا يعتقد لشعب الذي يستهلك الانتاج الذى تبثه الاذاعة والتلفزة ان العقم تأصل في فى خلاقينا وان الضحالة قاسم مشترك بينهم . . وان لا خير يرجى من هذا او من ذاك . اذ كلهم فى الفقر سواء
وأريد أن أشير أيضا الى بوادر طيبة أتت على يدى جامعيين خارج حدودنا وتمثلت في اعداد أطروحات متعددة ومستقصية خصصت لدراسة الأدب التونسى المعاصر فى الرواية والقصة والمسرحية . ويجدر بأساتذتنا المحترمين فى الجامعة التونسية ان يقيموا لهذه الاعمال وزنا وان يولوا ما قاله الاجانب عن أدبنا وأدبائنا بعض العناية
كما أقترح على الجامعة التونسية أن تعتنى بالمسرح التونس اعتناء جادا وان تدرج بعض الانتاج المسرحي في صلب البرامج الجامعية على غرار ما يجرى فى الجامعات بالدول المتقدمة . فهناك كتيبات صغيرة الحجم يمكن أن تحتوى على مسرحية لكاتب تونسى أو على مسرحيات عديدة ويسهل اقتناؤها من قبل تلاميذ المدارس الثانوية أو طلاب الجامعة فهل من سبيل الى نشر هذه الكتيبات والى ترويجها بين الطلاب واقحامها كمواد فى البرامج التعليمية ليعلم التلميذ والطالب وربما المربى وأستاذ الجامعة نفسه ان لتونس نهضة مسرحية وان الكتاب فى تونس أنتجوا فى بحر السنوات العشر الاخيرة فقط ما يربو عن 12 أو 15 مسرحية ممتازة نوهت بشأن بعضها الصحافة وغمطت مسرحيات أخرى واعترف لها الجمهور فى تونس وخارج تونس بالقيمة والدسامة والمتانة .
وأختم هذه الكلمة التى أردتها وجيزة بتجديد التأكيد على ان قضية الادب التونسى فى نظري تتجاوز وزارة التربية القومية ووزارة الشؤون الثقافية الى حد بعيد . . . فهى قضية قومية لكل فيها مسؤولية . دور النشر ودور التوزيع والوسائل السمعية البصرية وحتى البلديات وأبسط المجموعات السكنية كلنا مسؤول عن الوضع المزري الذي تردى فيه الادب التونسي ولا بد للحكومة أن تتخذ موقفا حازما وجريئا وعاجلا لتصعيد الوعى بضرورة ايجاد حل للازمة ولن يكون ذلك فى نظرى الا باقحام الثقافة فى المخططات الاقتصادية وبعتبار الفكر والادب جانبا لا يستهان به من النهضة التى نتطلع اليها فى كل المجالات فالامم بمهندسيها وعلمائها وأطبائها وكذلك بكتابها وبفنانيها ، يجب ان تتغير نظرة الناس الى الاديب لئلا يبقى زائدة فى المجتمع ينظر اليه شزرا ولا يكتب له اعتبار وشأن .
فالكاتب أو الفنان من رهط الخلاقين الذين لم يجبرهم أحد على الخلق وعلى الابتكار . . لكنهم يؤمنون بأن لهم فى المجتمع رسالة وبأن هذه الرسال تفرض مسبقا أن نحترمهم احياء قبل أن نكرمهم أمواتا . .
محسن بن ضياف : ( استاذ وعضو اتحاد الكتاب )
اذا ما تكلمنا عن التعليم أو الثقافة فاننا نعنى المؤسسات التى تهتم بهذا الميدان وبصفة خاصة اطار التعليم وأول وأعظم أجهزة التعليم فى كل الامم هى الجامعة . والجامعة التونسية مؤسسة فتية ، نشكرها على عنايتها بالادب التونسى وبصفة أخص الادب التونسى القديم لكننا ما زلنا نرى منها بعض القصور تجاه الادب التونسى المعاصر ، ولعل مرد هذا تأثر جامعتنا بالجامعات الاوروبية والفرنسية منها خاصة ، فالجامعة التونسية اهتمت بالادب الكلاسيكى ، ولا تعير الادب المعاصر الا قدرا يسيرا ، غير اننا اذا ما نظرنا في ننظيم جامعة باريس مثلا نجدها تحتوى على معاهد مثل معهد الادب الحديث والمقارن ونجدها تعطى شهادة عن الادب المعاصر . فهل فكرت الجامعة التونسية فى احداث شهادة تسمى شهادة الادب المعاصر او الادب الحديث ؟ هل فكرت الجامعة التونسية كما أشار قبل قليل الاخ الغزي فى تأسيس كرسي استاذ في الادب التونسى المعاصر ؟ اننا نعاتب اخواننا فى الجامعة ، لانهم لم يعيروا الادب المعاصر قدرا كافيا من الاهتمام فنحن نرى مثلا فى المشرق أساتذة أمثال الدكتور شوقي ضيف والدكتور القط وعزالدين اسماعيل وغيرهم يهتمون بأدبهم وأدبائهم المحدثين والمعاصرين ويؤلفون الكتب الموسعة فى هذا الميدان ، بل ويتتبعون تطور هذا الفن ويعينون الادباء الذين يحتاجون الى اعانة ويشيدون بالادباء الذين يستحقون ذلك . وعميد الادب العربي الدكتور " طه حسين " هو الذي سبقهم الى هذا الميدان . هذه بصفة موجزة لمحة عن مكان الادب المعاصر فى الجامعات الغربية والشرقية وقد تعرض بعض الاخوان من أساتذة الجامعة التونسية لهذا المشكل ولكن لم يعطوه حقه . فالبعض أهتم بالتعريب ، والبعض الآخر اهتم بالتراث ، ولم يتعرض للمشكل على ما أظن الا الاخ قلوز وقد اشبعنا بما يدركه ويحسه صادقا ، من ان هذا الادب المعاصر ما زال يعد صغير السن تنقصه العناية وينقصه الكثير وربما لم يصبح محل تقه الدارسين ، وهذا أمر طبيعي فنحن أمة حديثة مثل سائر الامم الفتية التى ما زالت تسير فى طريق النمو ، وأدبنا مرتبط بنا حتما ، ولا بد له من رعاية سواء من طرف النقاد او من قبل الدارسين . وباعتبار ما للدارسين الجامعيين
من مستوى فاننا نأمل ان يفيدوا هذا الادب ، وان يهتموا به حتى يدفعوه شوطا الى الامام لا أن يثبطوا عزائم الادباء بأن لا يهتموا الا بأربعة قصاصين وأربعة شعراء حسبما ورد بالاحصاء الذي رأيته فى برنامج الجامعة بالنسبة للادب المعاصر . أما الادب القديم فاعتقد ان لا أشكال فيه حيث فرض نفسه على تاريخ الادب العربى ، بل وحتى على تاريخ الادب العالمى . وقد ذاع صيت اعلامه امثال : " ابن خلدون " و " ابن رشيق " وانى لأعتب على الاخوان المتخصصين طبعا فى ميدان الادب العربي لتقصيرهم فى الاهتمام بالادب المعاصر وهو عتاب أخوى حميم بقى أن أشير الى ان هناك اخوانا آخرين جامعيين متخصصين فى ميدان علم الاجتماع قصروا بدورهم فى حق الادب المعاصر . وانى لأتساءل محتار لماذا لم يتجه هؤلاء الاخوان الى الادب التونسى ؟ أنا متأكد من ان الادب التونسي كشأن كل الآداب تربة ثرية تعطى أبعادا بل ونظرة واضحة عن التطور الفكرى والمذهب والاجتماعى فى هذا القطر ، شأنه كشأن كل أدب فى كل قطر من الاقطار
انتقل بعد هذا الى مكانة الادب التونسي فى برامج التعليم الثانوى .
لا أشك في أن هناك عناية بالادب التونسى القديم ولعل ذلك كان من تأثير الجامعة اما الادب المعاصر فانه يدرج في برامج التعليم الثانوى بذيل القائمة فقط ، وأحيانا لا يدرس هذا الادب في آخر السنة بل يلغي الغاء وبالنسبة للتعليم الثانوى فان أهم شئ هو المطالعة التى تخصص لها ساعة شهرية يحتار الاستاذ فيما سيخصصها أفيما سيلخصه وما لا يلخصه ، أم في توزيع الكتب التى تستغرق وقتا أم في النقاش وغير ذلك من الأشياء . فالحصة الواحدة تكاد لا تفيد التلميذ وأظن أن معهد علوم التربية أشار منذ سنوات الى ضرورة نخصيص ساعتين شهريتين للاهتمام بالمطالعة ، لكن الوزارة لم تهتم بهذا الاقتراح ولست ادرى لماذا . ثم ان المكتبات بالمعاهد فقيرة والاساتذة يضطرون الى حمل التلاميذ على شراء الكتب حتى يتمكنوا من المطالعة . والتلميذ طبعا حر يشترى ما يشاء فله ان يشترى انتاجا تونسيا فى بعض الاحيان وإنتاجا مشرقيا فى أغلب الاحيان . اذن لا ارى بأسا من ان نهتم بحصة المطالعة فى التعليم الثانوى ، وان نهتم بالنسبة للتعليم الجامعي باعطاء قدر أكبر من الدراسة للادب التونسى المعاصر
اما فيما يخص ميدان الثقافة فاننى ألفت الاهتمام الى انى اعنى اجهزة التلفزة والاذاعة ثم المسرح . ففيما يخص المسرح فانه وان تخبط أحيانا بين
تبنى الانتاج التونسي وبين الاخذ من الادب العربى وبين الترجمة والاقتباس المشوهين أحيانا فانه مع ذلك تقدم وخطا خطوة لا بأس بها وقد نضج بعض الادباء التونسيين فى فن الكتابة المسرحية وقدموا اعمالا مشكورة بفضل تبنى المسرح لهم.
بقى أن أعرج على ميدان التلفزة بصفتها مؤسسة حكومية لها ارتباط وطيد بالشعب وبالجمهور ، فأتساءل لماذا لا نتوجه اليها بصفة خاصة ؟ فنحن الادب قد قصرنا اهتمامنا على كتابة المقروء . وقد أصبح الناس لا يهتمون كثير بالكتابة المقروءة وأصبحوا كسالى يفضلون الاستماع والمشاهدة ويفضلونها ع المطالعة . لهذا فمن واجب التلفزة تماما ان تعرض الى جانب الخطب السياسية والمناقشات المذهبية الادب التونسي سواء كان فى شكل مسرحي أو قصصى أو فى دراسات ، ولا بد ان تحاول قدر المستطاع تبنى الادب التونسي وذلك جزء من مهمتها وتوسيع دائرة هذا الاهتمام وأن لا تقتصر على عدد قليل م الأدباء ، فالاديب التونسى الذى يؤلف كتابا لا يحظى بالتشجيع ، ولا يشترى كتابه بسهولة . ومن واجب التلفزة ان تعيننا على الاقل على ترويج الكتب التي نؤلفها وبذلك يتجه الناس الى الادب التونسى ويشجعونه . لان الأدب التونسي المعاصر هو مرآة الفكر التونسي لذا فهو حرى بكل تشجيع وعناية
عبد الواحد ابراهم : ) عضو اتحاد الكتاب (
تتألف كلمتى هذه من جزئين : أولهما يتعلق بملاحظات عامة استخلصتها مما استمعت اليه من كلمات بعض الاخوان
الالاحظة الاول : تزي - الملاحظة الاولى تتعلق بقائمة الكتب التى اقترحت كنواة لمكتبة نموذجية . ان فى العمل الذى قام به واضع هذه القائمة لجهدا واضحا لا بد من شكره عليه الا ان التوضيحات التى ابداها بخصوص اشتراك نفر من المربين فى وضعها لا تغير شيئا من الواقع بل تضع اصابعنا على واقع مر ، وقد كان بامكاننا بعد ملاحظته ان نغفل عن بعض الهفوات ان كانت صادرة عنه شخصيا لكن ان تكون هذه الهفوات ناجمة عن عملية سبر شاملة اشتركت فيها فئة هامة من المرين ، واتسعت رفعتها باتساع الرقعة الجغرافية لمندوبية تعليم ثانوى فهذا لا يبعث على كبير تفاؤل . وان ما هدف اليه ملتقى اتحاد الكتاب هذا لا ينحصر فى اصدار
توصيات يصادق عليها فى آخر الامر السيد وزير التربية القومية وانما قصدنا وضع الاصبع على الداء ، رغبة فى علاجه ، والمعالجة تبدأ بالتعرف اولا على موضع الداء .
من بين الوثائق التى أمامكم قائمة الكتب الموصى باستعمالها للمطالعة فى المدارس . وهى تفضح بالارقام بعض ما نشكو منه . فمن بين 173 عنوان لا يوجد الا 13 عنوانا فقط لكتب تونسية اى ان 16 عنوانا هي لكتب غير نونسية . واننا كثيرا ما نتباهى بأشياء نعتبرها من وجهة نظرنا نموذجية . فى حين انها من الناحية الموضوعية مبنية على معطيات خاطئة فلا مناصر حينئذ من الوقوع فى المغالطات
الملاحظة الثانية فى المغالطات ان المجهود الذى تبذله دار الكتب الوطنية حيد وجميل لكن هل تراها أعدت قائمة أو كشفا بالانتاج التونسى او ما كتب عن - ٣ نونس ؟ أم تراها ستعتذر بانها لا تملك الا كشفا عما كتب عن السينغال ؟ أليس هذا امرا غريبا ام ان الاغرب منه ان نكتشف هذا بمحض الصدفة ؟ ترى ، ماذا كنا نفعل منذ عشرين سنة ؟
ان اية عملية تأخذ منطلقا يبدأ بمثل هذا الخطأ هى عملية مغلوطة اذا ان البدء يجب أن ينطلق من معطيات صحيحة . والمعطيات الصحيحة ليست لدينا و نملكها حاليا .
الملاحظة الثالثة : اطلعنا ايضا على تقرير يصف جهود معهد علوم التربية وعلى الخصوص جهود وحدة الترغيب فى المطالعة وقد تذكرت اننى حين اشتركت في نشاط وحدة الترغيب فى المطالعة - فى ملتقى مضت عليه الا ست سنوات - استمعت لمثل هذا التقرير وقد احتفظت من هذه المشاركا بقائمة للادباء الذين تناولتهم وحدة الترغيب فى المطالعة ومن المؤسف ان هذا القائمة لم تتغير منذ عام 1970 ، وما زالت وحدة الترغيب في المطالعة تدرس ادب أربعة أو خمسة كتاب بأعيانهم وليس غير ذلك . وبودى ان اعرف لماد لم ترفع نسبة تقديم الادباء فى نطاق وحدة الترغيب فى المطالعة وذلك بزيادة كاتب او كاتبين فى السنة على الاقل
أظن أننا تجاوزنا بعد مرور عشرين سنة من الاستقلال المرحلات المخبرية . ولن يكون الترغيب فى المطالعة مجديا إذا حصرناه فى مجال التجارب المخبرية التى لا تنزل الى مستوى الجماهير ، ولا تشمل ثلث المواطنين الذين هم طلبة المعاهد والمدارس والجامعات
الملاحظة الرابعة والأخيرة : تتعلق بالاختيارات التى تخضع لها الدراسات الجامعية . صحيح انها منحازة وتنبئ عن " تذوقات " معينة ، والدليل على ذلك موجود بين ايديكم في الوثيقة التى قدمتها كلية الآداب وبإمكانية من يراجعها ان يتعرف على نوعية الاثار المقرر دراستها ان لم يتعرف على هوية اصحابها .
الجزء الثاني من كلمتى هذه يتعلق ببعض المسائل المتفرقة . فعندما يكتب الكاتب او ينظم الشاعر قصيدة لا يلتجيء اى منهما الى لجنة التعليم الوظيفي لمد بالمفردات المقررة ضمن الرصيد اللغوي المتفق عليه . ولا يطلب من مصالح الوزارة امداده بالاغراض التى يتوجب عليه الكتابة فيها . الكاتب يكتب العفوية وطلاقة والا صار كالموظف المطالب بأداء عمل معين . والفرق بين الاثن واضح بين . الكاتب يكتب حين يعن له عفو الخاطر ، وتلك وضعية الكتاب مر كل اقطار الدنيا . فكيف نريد تغييرها فى تونس ؟ .
على الكاتب أن يكتب ، وعلى المصالح المختصة والفنية ان تقتبس وتبرمج وتفعل ما تريد بانتاجه . هكذا وقع التعامل فى فرنسا مع انتاج اندرى جيد ومارو . وهو نفس السلوك الذى يتوخاه واضعو الكتب المدرسية مع الانتا الادبى الذى يصدر فى كافة الاقطار فلماذا اذن يطالب المسؤولون عن البرام التربوية الادباء بانتاج نصوص وفق الاغراض التى سطروها ؟ هل نحن كسسا الى هذه الدرجة ؟ لا أظن ، وانما هو منطق بعض الاجهزة التى تتصرف بشكل بيروقراطى لا حماس فيه ولا روح ، بعيد كل البعد عن ادراك ماهبة العمل الادبى والفنى . على انه لابد من تنبيه هؤلاء الذين يضعون تحت النصوص التى يتعاملون معها كلمة " بتصرف " واحيانا " بتصرف كبير " الى وجوب الامانه فى النقل ، والترفق بأسلوب الكاتب ومقاصده . وما أثقل وطأة التصرف الذي يصل الى درجة التشويه والمسخ عوض أن يكون وسل لاستنطاق النص واستخراج مكامن النكهة والطرافة فيه . وقد تحاولز هذا النوع من التعامل كتب الدراسة فى الابتدائى والثانوى وصار يطبق يوميا فى برامج الاذاعه والتلفزيون . وأعرف كاتبا حدثني عن شريط أخرج له بالسينم فقال : انني خرجت من مشاهدة الشريط ولم ادرك مما كتبت شيئا ، وأضيف مؤكدا ان هذه العملية لن تكون الوحيدة من نوعها .
ان اشياء تحدث حول الكاتب فتحرك ضميره وتشحذ حواسه ولكنه لا يملك استعمال كل قدراته للتعبير عما يختلج فى جنانه من حراء المثبطات العديدة
التى تعرقل سيره وتكبح اندفاعه ، فمشاكل النشر والتوزيع وقلة اهتمام اجهزة التثقيف الجماهيرية ) من راديو وتلفزيون ( ، وضعف المردود المادى لكل الانتاجات الادبية الفنية انتهت ببعض الكتاب الى افكار سوداوية حزينة .
وقد قال لى أحد اخوانى فى ملتقى الحمامات حول النشر والتوزيع : أحس وأنا فى أواخر عمرى بأني معرض لاضطهاد جماعي ، بأن كل شئ يصرخ فى وجهى مطالبا بأن أكف عن الكتابة .
لنقاوم هذا الاحساس فى نفوسنا ، ولنمسح هذه المرارة القاتلة وليساعدنا على ذلك كل أجهزة الدولة فى نطاق اختيار سياسى واضح يضع المقومات الروحية فى نفس الدرجة التى يضع فيها المقومات المادية ويعطبها نفس الاهتمام ونفس الاولوية .
عمار الزغلامي : ) مدير معهد حر (
لدى بعض الملاحظات الهامشية تتلخص فيما يلى :
أسأل ما الفائدة من وجود اتحاد الكتاب التونسيين او من هذه المؤسسية او من هذا الاتحاد الذي تكون منذ سنوات كثيرة وليس له - وأقولها صراحة - أى مفعول أو تأثير على حياتنا الفكرية أساسا . . إن نشاطه يكاد يكون منحصرا فى عقد بعض اللقاءات او الجلسات خاصة ببعض المشتركين ، فليس له نشريات او تدخل لدى السلط المعنية بالامر . اعنى بذلك انه لا تأثير له في مؤسسات النشر أو دور الطباعة ، ولا تأثير له على الاذاعة والتلفزة التونسية ، هذه المرافق الاولية او الاشياء التى يجب أن تكون هى النبع او المعين للادب التونسي او نشره او التعريف به لا تأثير لاتحاد الكتاب عليها . فضلا عن ان يؤثر في الوزارات الكبرى كوزارة التربية القومية او وزارة الاقتصاد او وزارة التخطيط . انا افضل أن تكون للادباء او للمجاهدين فى سبيل الكلمة والحرف نقابة تابعة للاتحاد العام التونسي للشغل لان النقابة بكل صراحة افضل تحاد الكتاب ولانها ايضا تستطيع ان تدافع عن الكتاب والعمال المنضوين تحتها ، اما اتحاد الكتاب التونسيين فهو لم يدافع عن الكتاب ولم يقدم لهم اية خدمة فى تونس . فالاخ مصطفى الفارسي مثلا يكتب قصة ويقضى فى تأليفها سنه او سنتين ويدخن من السجائر ما تفوق تكاليفه عن خمسين او ستين دينارا ويقدم تأليفه فلا تعطيه دار النشر الا ثلاثين دينارا ، وكذلك الامر في
الاذاعة والتلفزة فهي تردد على مسامعنا وانظارنا سخافات فى منتهى السحف ولا يحرك التونسبون ساكنا ، بل ان اتحاد الكتاب نفسه يعجز بالرغم من ان رئسه وزير ومن منا لا يعرف محمد مزالى المناضل والسياسي ولا يعرف لدلك محمد العروسي المطوى
؟ أيام محمل القول ان اتحاد الكتاب مقصر فى شأن منظوريه أو اتباعه ، وأنا افضل تعويضه بنقابة اذا ما استمر هذا الاتحاد على حالته هذه
من ورر باللغة العربية وعدم اقبال التونسيين على 2 ( قضية نشر الكتاب المحرر باللغة العربية وعدم هذا الكتاب في حين أن لغة البلاد ليست لغة فرنسية مائة بالمائة وتأخذ مثلا على ذلك تعريب السنة الاولى والثانية والثالثة من التعليم الابتدائى وتعريب السويات المخصصة للتربية الدينية فى التعليم الثانوى وللتاريخ فى السنة الاولى والثانية والثالثة ، وقد اضيفت لها السنة الرابعة فى هذا العام . ومع ذلك فقد بقيت المواد المعربة بدون كتب أيضا والعمل الوحيد الجاد الذى نجم عن تعريب الفلسفة وقام به اهل الفلسفة او المهتمون بالفلسفة تمثل فى وضع كتاب قيم وجاد لتعريب الفلسفة فى السنة السابعة يمكن ان يقبل عليه الطالب التونسي . واذا اخذنا السنة الاولى والثانية والثالثة والرابعة من التعلي الثانوى فاننا لا نجد كتبا للمواد المعربة ، فى حين ان السيد وزير التربية القومية أمر بأن تعرب مواد هذه السنوات ولست أدرى سير الامور بمصالح وزارة التربية القومية ولا أوجه مئات الملايين التى ترصدها الوزارة لهذا الغرض .
3 ) تطوير وسائل الاعلام ، نضرب لذلك مثلا بصحيفتين واحدة تصدر بالعربية والاخرى تصدر بالفرنسية . فالجريدة التى تصدر بالعربية تنشر أخبارا قديمة مر عليها أسبوع كامل بينما تنشر الجريدة الناطقة بالفرنسب اخبارا حديثة لا تنشرها الصحف الصادرة بالعربية الا بعد أسبوع وهنا أقول أن اتحاد الكتاب غير موجود فى مؤسسات الاعلام التى تهتم بالحياة العامة أما بالنسبة للجامعة فان النقمة تنصب عليها كثيرا . وأريد فى هذه الكلمة أن أرفع بعض الظلم عن الجامعة وعن الجامعيين . فبعض الاخوان يتحدثون دائما عن الأدب التونسى وعن وجوب ادخاله الى الجامعة من ابوابها الموسعة لكن لا اعتقد أن هناك انتاجا غزيرا من الادب التونسي ، وهذا مع الاسف واقع موجود . ان عدد الادباء محدود ، وانتاجهم ايضا محدود . وقد تحدثت مع الا بن عبد السلام فأفادنى بأن الجامعة حسب رأيه وأنا أشاطره في ذلك لا يمكنها
ان تدرس الادب التونسي الا على اساس وفرته وتكاثر انتاج كل أديب نونسي ، حتى يأخذ الاستاذ الجامعي صورة واضحة عن الانتاج التونسى واذكر انه مثلا لا يجب على الجامعة ان تدرس اسلوب صاحب قصة " صحن كفتاحى بالعظمة " وتعتمده فى شهادة الادب المقارن وان لا تعتبر ان تلك القصة هى الأدب المقارن بعينه واذا لم ندرسها للطلبة تقوم القيامة . أعتق شخصيا أنه يمكن لنا ان ندرس أسلوب العروسي المطوى ومصطفى الفارسي وجعفر ماجد ونور الدين صمود لان انتاجهم غزير اما ان ندرس اسلوب كاتب مكتب قصة او قصتين تكونان احيانا من القصص السخيفة ، أو ندرس بعض المسرحيات التى تعالج فى الواقع الكفر ونعتبر كتابها كتابا طلائعيين فى حين أنك اذا ألقيت نظرة على المسرحية أو القصة وقرأتها من أولها الى آخرها لوحدت انها تحاول انكار الله وتنشر ذلك فى أوساط شعب عربي مسلم ل تقاليد وله 1300 سنة حضارة عربية اسلامية . . فهذا لا يمكن بتاتا ، كما يمكن ان تفرض انتاجه على مدير الاذاعة والتلفزة ليذيعه او يبثه على شاش التلفزة او أن تفرضه على الاستاذ فى الجامعة ليدرسه للطلبة فى الجامع التونسية .
محمد بن عبد السلام :
أعتذر عن اخذ الكلمة من جديد فما كنت انوى ذلك ولكن بودى - وأقولها الكامل الصراحة - عندما نريد أن نكشف العيوب ان يبتدئ كل بنقد نفسه لا نقد غيره . فأنا عندما اخذت الكلمة لم أتحدث الا عن عمل قسم العربية بكلية الآداب ، وقلت ان امامنا صعوبات ، وبودنا ان يعيننا كل المسؤولين على تجاوزها ، وذلك لايماننا بضرورة تطوير ما لدينا . ولكن بما ان كثيرا من الكلمات التى من شأنها ان تدخل الالتباس استعملت ، وخاصة كلمة لا أحبها كثيرا لانها تحمل فى أبعادها النفي التام للجامعة والجامعيين وهى كلما تحيز . وأنا أتشرف بالانتساب الى الجامعة وأتشبت تماما بمبدا عدم التحيير والتحيز كلمة سمعتها ثلاث مرات على الاقل . وهو ما يدعونى الى التعقيب عما لاحظته من تناقض فى تدخلات بعض الادباء ألح على ضرورة ازالته ففي موقف او فى موقف بعض المتحدثين كثير من المؤاخذة للجامعة . وأنا قلبي يتسع للمؤاخذة اذا لم تبلغ المؤاخذة حد المس بالاخلاق اما اذا صارت تهما اخلاقية فلا
أذن نحن مفتوحو الصدر لتلقي المؤاخذة ويودى كرئيس قسم ان تتفضلوا بالادلاء باقتراحات فيما يمكنني أن اقترحه على زملائى لان العملية ، عملية
تدعيم الادب التونسى ، عملية جماعية ، والقسم الذى ااسه ثلثه على الاقل مختص فى الادب العربى الحديث بحيث اطمئنكم سلفا بأنكم ستجدون من يدرس الادب المعاصر . اما التناقض الذى اريد ان اوضحه فهو يتمثل فى انكم :
1) من جهة تقولون لنا : أنتم لا تعتنون بالادب التونسي المعاصر وقد بينت لكم اننا حاولنا الاعتناء به ما امكن ، والوثيقة تثبت ذلك ، والله لا يكلف نفسا الا وسعها .
وتقولون لنا : لم تصلوا فى تدريس الادب التونسي المعاصر الى سنة 1976 وقد وقفتم به عند حدود سنة 1970 وأنتم مازلتم تدرسون أدب الاستاذ المطوى والفارسى.
2 ( ومن جهة اخرى تقولون انكم تتحييزون عند اختيار التآليف المدرجة في البرنامج . فما معنى اننا نتحييز ؟ اقول لكم بصفتى رئيس القسم : سأطلب اذن من زملائى بأن لا ندرس فى المستقبل الادب التونسي المعاصر فنحن ان ترددنا فعلا فى تدريس الادب التونسي المعاصر بينما لم نتردد فى تدريس الادب التونسى القديم او الحديث ، فلاننا كنا نخاف ان نتهم بالتحيز وذلك لان الامور بالنسبة للادب المعاصر لم تتضح بعد . وانتم عند حديثكم عن عدم اهتمام الجامعة بالادب التونسي تقولون لنا لماذا لم تدرسوا الادب التونسي المعاصر سنة ٦ ؛ اقول لكم : كم عمر هذا الادب التونسي المعاصر ؟ اما الادب التونسى بصفة عامة فيدرس من يوم ان وجدت الكلية ، وسيأبعث لاتحاد الكتاب التونسيين بالبرامج الرسمية للتأكيد له باننا ندرس الادب التونسي من يوم ان وجدت الجامعة وهذه البرامج موجودة عندنا ولو طلبتموها منا لاعطيناها لكم وستنتجون منها اننا درسنا الادب التونسي بل واعتمدنا بصوصه واوفيناه حظه ، الا اننا اكتفينا فى مرحلة اولى من تاريخ الجامعة بتدريس ابن خلدون ، والشاب ، والحداد ، وخير الدين ، وابن أبي الضاف لان هؤلاء الاعلام ماتوا ، ولان تراثهم جمع ، ولان الظروف السياسية اتضح بالنسب للفترة التى عاشوها . ورأينا ان نرجيء تدريس الادب المعاصر حتى يتبين ملامحه . والسادة الذين انكروا علينا ذلك وخاطبونا بهذه اللهجة الجادة لا يتصورون ما هو الاستاذ الجامعي ، ولا يتصورون ان امامه على الاقل ٣ ب نحن مئات من العقول النيرة ، بحيث انه لا يكتفى بان يذكر للطال ١بى الحاصب ويقول له بأنه كاتب تونسى معاصر ويكتفى بتلخيص اقصوصة من
له بل ينبغي للاستاذ ايجاد مادة تعليمية تتيح له القاء 25 محاضرة مدعمة بالنصوص وتأييدها فى الاعمال التطبيقية لكى يكون درسه للادب التونسى فى المستوى الجامعى . ونحن لا نريد أن ندرس ادبا لا يستحق أن يدرس فى المستوى الجامعى بل نريد ان ندرس الادب التونسى بصفته ادبا انسانيا ل مستواه الذي يبغى أن يكون عليه . نحن نغير على بلادنا وعلى ثقافتن وسمعتنا . فهل من التحيز ان نحرص على ذلك ؟ ثم اين التحيز ؟ هل يمكن ان نتهم بالتحييز ونحن ندرس من جهة " النزعة التقليدية فى الشعر التونسي الحديث " ونهتم بكتاب زين العابدين " وكل من ترجم لهم فيه من اعلام بينما ندرس من جهة اخرى معنى المأساة فى أدب " المسعدى " وندرس من ناحية اخرى " القصة فى الادب التونسى المعاصر " فنتتناول بالبحث والتحليل انتاج " الدوعى " و " سمير العيادى و " مصطفى الفارسي " و " صالح القرمادى وغيرهم ؟ هل اساتذة الجامعة متحييزون وهم يدرسون " المسعدى و القرمادى " فى نفس الوقت ؟ وهل هم متحييزون وهم يدرسون النزعة التقليدية والتجديدية تباعا ، وهل هم متحييزون عندما اهتموا " بالقومية فى الادب التونسى الحديث " و " بالنزعات الفكرية فى هذا الادب " ؟ أين التحي فى موقف اساتذة الجامعة من الادب التونسى ؟ قد استمعت لمؤاخذاتكم لنا بالتحيز وحز فى نفسى ما سمعت وما صدر من رجال ينتمون الى الادب التونسى ويريدون ان نستدعيهم الى الجامعة لنعرفهم بالطلبة ! عجبا أيصل الامر بان يقال ان من الزملاء من ضحك عندما طلب منا الاخ " المراكشى " ان نسجل له بحثا فى الادب التونسى ! فهل ضحكنا منك يا أخ " مراكشى عندما اردت البحث فى الادب التونسى ؟ ألم نسجل لك اطروحة فى الادب التونسى وهى الاطروحة الرابعة للجامعيين عن نفس الفترة ؟ ما الذى تريدون أن نصنع ؟ ليحاسب كل انسان نفسه . نحن لسنا راضين عن الوضع الذي عليه الادب التونسى المعاصر وقد قلت اننا عندما نريد أن نسير خطوة او خطوات فى تدريس الادب التونسى تعترضنا عوائق من انواع كثيرة ، منها التعرض لمثل هذه التهم
ولست شخصيا من المنتمين الى هيئة تدريس الادب المعاصر وقد حرصت رغم ذلك على ان احضر بنفسى هذا الاجتماع من أوله الى آخره بصفتى رئيسا لقسم العربية واعتقادا منى بأنها فرصة لتوضيح الامور ودفع ما سمعته وم اسمعه فى الاروقة من الادعاءات وانى ارجوكم المعذرة عن اللهجة التى كان عليها ردى هذا وهي لهجة ربما سادها شىء من العاطفة ولكنها عاطفة المتحمس لكل
ما يمس مصير وطنه وقد اخذت الكلمة لارفع الالتباس نهائيا ، ولكن أؤكد لكم انه يودنا ان نجد فى تراثنا الادبي قديمه وحديثه ما ندرسه ونشغف به أكثر من شغفنا بغيره من الآداب.
عبد اللطيف عبيد : ) باحث بمعهد علوم التربية (
سأتحدث عن تجربة الترغيب فى مطالعة الكتاب التونسى وعن بعض نتائجها .
لقد شرع معهد علوم التربية فى القيام بهذه التجربة منذ خمس أو ست سنوات وسوف لن اتحدث عن هذه التجربة باسم معهد علوم التربية وانما ساتحدث عنها باعتبارى مطبقا لها وباعتبارها تندرج فى صميم مشاغلكم في نطاق هذه الندوة .
ان تجربة الترغيب فى المطالعة تنطلق اساسا من علم اصبح معروفا ويجب ان نقر بنتائجه وهو ما يعرف بعلم اجتماع الادب ، وهو فرع من علم الاجتماع له باحثوه ومفكروه . ونجد لهذا العلم فى تونس باحثين مختصين يجب فى اعتقادى ان نأخذ برأيهم في مثل هذه المواضيع اذ الحديث عن الكتاب والادب لم يعد مجرد خواطر عامة ذاتية وانما يجب ان يخضع لمقاييس اجتماعية وتربوية واقتصادية وسياسية
ان التجربة التى أمارسها ويمارسها مع عدد من زملائى تتمثل فى ترغيب التلميذ في مطالعة الكتاب ، وذلك بأن نرغب تلاميذ قسم واحد فى مطالعة كتاب واحد ونوفر لهم نسخا كافية من ذلك الكتاب الذي يقبلون عليه او يرغبون عن مطالعته ان شاؤوا . وتمر هذه الطريقة بثلاث مراحل
المرحلة الاولى نسميها مرحلة التقدير ، والثانية نسميها مرحلة التحليل ، اما الثالثة فنطلق عليها مرحلة الامتداد او الانتاج .
نعتمد فى مرحلة التقديم على ملف عن مؤلف الكتاب . وهذا الملف يعده الاستاذ او يتسلمه من معهد علوم التربية . ولدينا لاغلب الكتاب التونسي ملفات موضوعة على ذمة مدرسي العربية وحتى غير العربية . ويشتمل الملف على وثائق بصرية اى على صور ، كما يشتمل ايضا على وثائق سمعية اى علم تسجيلات لها علاقة بالمؤلف مسجلة بصوته او على اقتباس او تسجيل من الاذاعة او التلفزة لمسرحية اخذت من انتاج ذلك الكاتب . كما يشتمل الملف على صور ثابتة او شفافة وهذه الوسائل وغيرها نستعملها لترغيب التلاميذ في
مطالعة الكتاب . وعرض الطريقة يطول لكنها حسب اعتقادى طريقة مفيدة ومرغبة حقا . وأريد أن أؤكد في خصوص ما دعا اليه بعضكم من ضرور ستعمال التقنيات العصرية اننا طبقناه فعلا وما عليكم الا ان تطلعوا على ما ه موجود بالملفات التى اعدها معهد علوم التربية . . اننا نستعمل فى المرحل الاولى من حصة الترغيب فى المطالعة المؤثرات السمعية والبصرية وننتقل منها الى المرحلة الثانية المتمثلة فى التحليل الذى نقوم به بعد اسبوعين او في الموعد الذي يتفق عليه الاستاذ مع تلاميذه . والتحليل بعيد عن الطريقة المتبع فى المطالعة والمتمثلة فى التلخيص اذ ان تلخيص الكتاب فى رأينا هو قتل تشويه له ولا معنى له فى الطريقة التى نتوخاها . فالتحليل عندنا يتمثل باختصار فى تحليل الاثر الادبى شعرا كان او نثرا بالاعتماد على محاور لاساسية التى يضبطها التلاميذ باعانة استاذهم او انطلاقا من الشخصيات لرئسية فى الاثر الادبي . وفي نطاق المرحلة الثانية التى يشارك فيها لتلاميذ مشاركة حبة لانهم طالعوا نفس الكتاب لا كتبا متفرقة ومتنوعة ، يقع الاتفاق باقتراح من التلاميذ او بايحاء من الاستاذ على ضبط نقاط اساسية يعتبرها التلاميذ هامة للتوسع فيها بكتابة دراسات حولها او القيام بدراسات ثارتها بعض نقاط في الكتاب فيؤلف التلاميذ مثلا مسرحيا ستوحون احداثها من احد فصول القصة او يكتبون شعرا حول شخصيات اثرت فيهم أو يرسمون أو يؤلفون أغاني بالعربية او بالعامية وتعرض هذا الاعمال لنقدها وتنقيحها فى الحصة الثالثة وهى حصة الامتداد . . المهم ه - ان نصل بالتلاميذ الى مرحلة يصبحون فيها منتجين لا مجرد مستهلكين . هذه الطريقة للترغيب فى المطالعة طبقت فعلا فى معاهد عديدة بالكاف وتونس وقفصة وسوسة ومعاهد ترشيح المعلمين والمعلمات خاصة ومازالت تطبق الى الآن ، الا ان ظلها اخذ يتقلص شيئا فشيئا ، لان الاساتذة الذين يطبقونها جدون الى حد الآن المساعدة الكافية من وزارة التربية القومية ، ذلك لان معها علوم التربية ليس من مشمولاته الا ضبط الطريقة ودرسها دراسة علمية وم على الدوائر المسؤولة الا أن تتبناها وهذا ما لم يقع بعد .
لذا فانا اقترح اصدار توصية اساسية ندعو فيها وزارة التربية القومية الى تبني هذه الطريقة وتطبيقها لان نتائجها واضحة لا شك فيها . واضيف ما تحدثت عنه اشارة هامة ، هي انه وقعت امور حسنة فى نطاق هذه الطريقة تتمثل في أن كثيرا من المعاهد وأخص بالذكر منها معاهد ترشيح المعلمات في قربة وفي تونس ومعهد مونتفلورى استدعت ادباء طالع التلاميذ آثارهم ووقع حوار بين هؤلاء الادباء وبين التلاميذ واذكر من هؤلاء الادباء السادة محمد العروسي
المطوى ومصطفى الفارسي والميدانى بن صالح ورشاد الحمزاوى والبشير خريف وصالح القرمادى وعز الدين المدني . ولا شك فى أنه وقعت لقاءات اخرى فى معاهد اخرى بين ادباء تونسيين وبين تلاميذ طالعوا آثارهم
والحصة التى يتم فيها اللقاء بين الادباء والتلاميذ تنظم بعد ان يضبط التلاميذ اسئلتهم واستفساراتهم ضبطا محكما ، ليجرى الحوار بصورة محكمة مجدية . وقد توصلنا فى نطاق تطبيق هذه الطريقة الى الحصول لحد الان ع كميات ضخمة من انتاج التلاميذ اصدرناها فى شكل مجلات ولدى منها اعداد خاصة اصدرتها مدرسة ترشيح المعلمات بقربة والمعهد الثانوى بمنتقلى وهي تشتمل على اعمال حول كتب تونسية طالعها التلاميذ واتصلوا باصحابها وانى اعتبر هذا الانتاج قيما ، ولعل الفرصة تتاح لى فى مستقبل قريب لنشر بعضه فى كتاب ، اذ يجب علينا ان نصل فى وقت قريب الى اصدار كتب نقدية ودراسية من عمل التلاميذ القراء ، ففي قدرة التلاميذ أن ينتجوا وان ينقدوا وان يعبروا عن مشاعرهم وعن انطباعاتهم تعبيرا يكون قريبا جدا فى كثير من الاحيان من الموضوعية . هذا وتجدر الاشارة الى أن ندوة تعقد فى هذه الايام حول قضايا الكتاب والمطالعة فى البلاد العربية وقد بدأت اشغالها منذ يومين بالحمامات . ويشرف على هذه الندوة المعهد القومى لعلوم التربية
؟ وما اريد قوله فى نهاية الامر هو ان طريقة الترغيب فى المطالعة طريقة جدية وناجحة فى رأيى لانها انبنت على اسس علمية ، وانه يجب التعريف بها والتعرف عليها وتطبيقها فى التعليم الثانوى ، ولو كان لى متسع من الوقت تقدمت لكم نماذج من اعمال التلاميذ ، ولبينت لكم بالدليل ان هذه الطريق الناجعة تمكننا من غرس الكتاب التونسى فى التعليم الثانوى ومن تأصل التلاميذ فى ادبهم وبيئتهم
نسيت شيئا ينبغى أن اقوله لكم وهو ان عمل التلاميذ فى مطالعتهم للكتاب التونسي لا يقتصر على التحليل والانتاج والاتصال بالادباء ، اذ الامر ٣ تصال بالادباء ، ا د الاهر تججاور ذلك الى الدهاب مباشرة الى المناطق التى دارت فيها احداث بعض الروايات او التى تثبت عنها بعض الدواوين الشعرية ، واذكر على سبل المثال انه فى اليوم السادس عشر من مارس سنة 1975 زارت تلميذات مدرسة ترشيح المعلمات بتونس قرية " تالة " حيث دارت أحداث قصة : " ببودودة مات " قزرن منزل الاديب ، واتصلن بعائلته وتعرفن على اماكن دارت فيها الاحداث فى أما د ن دارت فيها الاحداث ، بل وعثرن على بعض اشخاص الرواية الذين هم اشخاص حقيقيون واقعيون ،
وتحدثن معهم ، وقارن بين الشخصية الحقيقية التى تعيش فى الواقع والشخصية التى اوجدها الكاتب فى روايته . وقد وقع نفس الشئ بالنسبة الى ادباء الجريد أخص بالذكر منهم البشير خريف والميدانى بن صالح فقد زار وفد من تلميذات مدرسة ترشيح المعلمات بقربة فى جوان 1974 منطقة الجريد ووجدن هناك الاديب البشير خريف الذي استضافهن وقضين ليلة فى بيته وتحدثن فيها معه وتتبعن مواقع احداث روايته " الدقلة فى عراجينها " ، وزرن مناجم المتلوى حيث دارت بعض احداث هذه الرواية . والخلاصة من كل هذا هو اننى اقترح اصدار توصية اكيدة بأن تتبنى وزارة التربية القومية طريقة الترغيب فى المطالعة المنتجة واستطيع ان اؤكد فى وقت لاحق واستظهر ان وجب الامر بالوثائق اللازمة لاثبت ان الترغيب فى المطالعة من انجع الطرق لغرس حب المطالعة فى نفوس التلاميذ ، ولربط التلاميذ بالكتاب التونسيين بالخصوص . واننى آسف لا ن كثيرا من ملاحظات الاخوان الذين سبقوني تدل على انهم لا يعلمون انه وقعت أمور فى خصوص استعمال الوسائل السمعية البصرية والوسائل التقنية العصرية لترويج الكتاب التونسى وغرسه فى برامج التعليم وبين الناشئة .
عبد العزيز بن حسن : مدير البرامج بوزارة التربية القومية
أريد أن أعقب على الملاحظات التى أدلى بها الاخ عبد اللطيف عبيد فى خصوص قضية الترغيب فى المطالعة فأؤكد له بأننا موقنون بنجاعة هذا الطريقة وسنعيد النظر فيها خلال الايام القريبة القادمة لانها تستوجب شيئا من التعديل ، خاصة من حيث الوسائل لان الوسائل التى ضبطتها هياكل المعهد القومى لعلوم التربية التى يشرف عليها الاخ المنجى توصلت الى أمور يصعب تحقيقها فى جميع المدارس وفي جميع انحاء الجمهورية ، بحيث ان المسألة تحتاج الى اعادة النظر فى الوسائل وفى الحصص المقررة وفي مراحل الطريقة . فنجاعة الطريقة امر مفروغ منه ومن الممكن ان الاخوان الذين يعملون مع الس المنجى فى هذه الهياكل قد فكروا فى اعادة النظر فى هذه الطريقة ليبسطوها ويضعوها فى متناول جميع المدارس بكافة انحاء الجمهورية . وقد حضرت شخصيا عدة حصص تتعلق بهذه الطريقة فوجدتها ناجعة جدا . وانى اقد بالشكر للزملاء الذين قاموا بهذا العمل
اخريم سيأت الي ١ H هذه مسألة أولى اردت التعليق عليها وهناك مسألة اخرى سأتعرض اليها سرعة وهي تخص دور المتفقدين الذي تعرض اليه بعض الاخوان وتضامنا من
معهم أؤكد بان الزملاء المتفقدين مؤمنون بقضية رفع منزلة الكتاب التونسي والانتاج الادبي التونسى بصورة لا تقبل الشك . والمسألة ترجع كما قال الاستاذ محمد بن عبد السلام والاستاذ المنجى الشملى وغيرهما الى البحث فى المستوى الجامعي ونشر البحوث التى انجزت وتمت ، وترجع كذلك الى ايصال هذه البحوث الى المعاهد الثانوية والى الاساتذة حتى يعرفوها ويطلعوا عليها ويدرسوها ، اما فى خصوص المسائل المدرجة الآن فى برامج التعليم والتي تتعلق بالأدب التونسي ، ولم يسبق للكثير من الاساتذة والمعلمين ان درسوها مدة تكوينهم الجامعى فاقترح ان تنظم دروس تلفزية او تتلفز الدروس التى تتعلق بهذه المسألة ولو بصفة مؤجلة وان تطبع ان امكن وتوزع ، لاننا سمعنا كثيرا من اساتذة التعليم الثانوى يشتكون من افتقارهم الى مراجع والى دراسات تتعلق بكثير من المسائل والاغراض ، والاشخاص الذين ادرجت مآثرهم فى التعليم الثانوى . لذا اقترح اصدار توصية فى هذه القضية . وهناك قضية اخرى اشاطر فيها رأى الكثير ممن تقدمونى وهى تتعلق بصرف عناية الاخوان المؤلفين الى الكتابة فى الاغراض التى تدرج في برامج التعليم بصفة عامة من حيث المحاور ومن حيث المستوى اللغوي وبعبارة اخرى فاننا نطلب من الزملاء الكتاب والمؤلفين أن يساهموا فى تطوير اللغة العربية
اما مسألة القائمات التى تحدث عنها زميلنا السيد ابراهم فاعتقد انها مسألة عرضية ومحدودة ، وبما انه سبق ان وجهت للمدارس قائمات شاملة فاننا سنعيد النظر فيها ، ونوجهها الى كافة المدارس مع اعطاء الادب التونسى والمآثر التونسية المنزلة التى تناسبها .
بقى لى ان أشعركم بأن عدة مشاريع مفتوحة الآن وهي ترمي الى اعادة النظر فى برامج التعليم واذكر من هذه المشاريع اعداد برامج للتعليم الابتدائى بمختلف اغراضه : تعليم العربية والفرنسية والتربية الاجتماعية والاخلاقب والتاريخ والمسائل العلمية الى غير ذلك وقد تكونت لجان وسوف تتس الاستشارة حول اعداد برامج التعليم فى المرحلة الاساسية وبطبيعة الحال سيتبع ذلك اعادة النظر فى الكتب المقررة او فى استنباط وسائل تربو اخرى اذا لزم الامر
اما فى مستوى التعليم الثانوى فقد فتحت ايضا مشاريع اخرى تهدف لاعادة النظر فى برامج التاريخ وذلك لاعطاء تاريخ تونس منزلته الطبيعية المشروعة بدون ان نغفل ما ينبغى للتلميذ التونسي ان يعرفه من مختلف عصور التاريخ
المهمة فى العالم ماضيا وحاضرا وسيححمل تعليم اللغة الفرنسية اغراضا ثقافية وتيارات وأفكارا ومحتوى فكر يا وتربويا يستقى من المؤلفات التونسية واتوجه بهذه المناسبة الى السادة المؤلفين بأن يمدونا بالنصوص التونسية المحررة بالفرنسية او المترجمة اليها او ان يشرعوا فى اعداد نصوص وفق الاغراض المتوخاة فى التعليم الثانوى هذا هو المحتوى الفكرى والحضارى والتربوى الذي سيستمد من التآليف التونسية باللغة الفرنسية ومن المآثر المغربية والافريقية التى وقع التأليف حولها بالفرنسية الى جانب ما سنأخذه من الحضارة الفرنسية والحضارة الغربية بصورة عامة .
وفي مستوى اللغة العربية فنحن الآن بصدد مراجعة البرامج في جميع المستويات وفي جميع الشعب . وأريد أن أطمئن أحد الزملاء الذي اشار الى قضية تحوير البرامج وأؤكد له بأننا متفقون معه على ان تدريس الادب حسب الاتفاق الذي حصل الان يجب ان يكون وفقا للاغراض الادبية لا اعتمادا على الاعلام او على النسق التاريخي وهنا تأتى امكانية تنزيل الادب التونسي في منزلته اللائقة .
محمد العروسي المطوى : ) نائب رئيس اتحاد الكتاب
قبل أن أختم هذه المناقشات اود ان أقول أن الاخ الزغلمي الذي هو ليس ١ أن أ - مع الاسف - عضوا بالاتحاد ربما لم يطلع على قانون اتحاد الكتاب التونسي وعلى اطار عمله ولهذا ربما جعلنا في مقام الاتحادات الاخرى فى العالم التى تعتبر حسب انظمتها التى تسير عليها ذات مسؤولية مباشرة وذات رقاب فعلية والتي تتجاوز موازينها أضعاف الاضعاف او عشرات المرات ميزانيا اتحاد الكتاب التونسيين التى لا تتجاوز الثلاثة آلاف دينار ، ولو لم تتول مؤسسة تربوية الانفاق على هذا اللقاء اليوم لما استطعنا عقده . لذا فأن اعتقد ان تحميل الاتحاد أمرا خارجا عن نطاقه وعن طاقته البشرية والمادية ليس معقولا ، ولا يجب أن يثار على هذا الشكل
والملاحظة الثانية تخص الاخ محمد بن عبد السلام وتهدف الى التأكيد له بأن أى واحد حسبما اعتقد لم يجعل الجامعة محل اتهام حتى يتبرى للدفاع عنها بهذا العاطفة التى وصفها هو نفسه بالسمو ان موقف الادباء من الجامعة التونسي
لا يتعدى حدود الاحلام فهم يتمنون ان تدرس الجامعة أدبهم ويطلبون منها ان تؤدى شيئا مفقودا عندنا من زمان ونشكو من فقدانه دائما وأبدا .
أما الاخ المنجى الشملى فانى أعتقد بأنه يعرف اننا كنا من زمان بعيد نشكو من عدم وجود النقاد والنقد التقييمي بتونس والذى يقيم الاثار والانتاج واعتقد أن الجامعة هي اجدر من يهتم بهذا التقييم واصلح ميدان لتكوين النقد واخصابه . فبود كل اديب تونسي كتب قليلا او كثيرا ان يجد من يقيم انتاجه واذا ما القينا نظرة على القائمة التى عرضها الاستاذ محمد عبد السلام والتي هى موجودة بين أيديكم وتحمل عنوان الادب المعاصر وجدنا - وأقولها بدون تحيز - ان القصة فى الادب التونسي الحديث مقسمة الى قسمين : حديث ومعاصر والاستاذ عبد السلام نفسه فرق مبدئيا فى كلمته ما بين الحديث والمعاصر والغريب فى الامر اننا نجد ان ما كان معاصرا من الادباء المعاصرين هو الذي وضع تحت عنوان فى الادب التونسي الحديث . وأول ما يلاحظه الانسان هو ان محمود التونسى وسمير العيادى وصالح القرمادى يمثلون اتجاها معينا فى القصة التونسية وان للقصة التونسية تيارات وأساليب متعددة مختلفة ومصطفى الفارسي - مثلا - هو بين الاتجاهين لوحظت هذه الملاحظة او قيلت كما رأى الاخوان او من تكلم أنه اتخذ اتجاها معينا واحدا فى الادب التونسى او فى القصة او فى الرواية التونسية هذه هي المؤاخذة التى كان فى الامكان ان تبرز . فاطارات الادباء يتمنون من الجامعة - الرحبة الصدر وذات الموضوعية - ان تتناول مختلف الاتجاهات . وان تقييمها للادب التونسي على هذا الاساس سيكون محل التقدير والاكبار ولا اعتقد اننا وضعنا الجامعة في قفص الاتهام بل اننا وضعناها فقط فى حدود مسؤوليتها . وما يتمناه الادباء التونسيون وكتاب القصة خاصة هو ان تكون النظرة موضوعية وسليمة ، اذ ربما يخشى ان تدريس القصة فى تونس ينحرف نحو اتجاه معين فى حين ان للقصة اتجاهات عديدة وأساليب مختلفة . ومع ذلك فان بالامكان سحب هذه الملاحظ فى صورة اعداد قائمات اخرى تحتوى على اسماء اخرى يمثل اصحابها اتجاها مغايرا للاتجاه الذى يسير فيه محمود التونسي أو سمير العيادى أو القرمادى او مصطفى الفارسي او غيرهم هذا هو على ما أظن المقصود من المؤاخذة الموجه للجامعة واعتقد ان لقاءنا هذا سيزيل كل التباس وسيمدنا بكثير من المعطيات التى نحن فى أشد الحاجة اليها والتي هى ربما من أهم وأكبر الفوائد التى يقدمها اتحاد الكتاب للادب التونسي الذي ليس هو مجرد نقابة للدفاع عنه أو على حقوق التأليف . واتحاد الكتاب التونسيين اهتم بعدة قضايا اخرى هامة وخصص عدة لقاءات لدراسة المسائل التى تتجاوز المفهوم النقابي
أحمد الشرفي : ) عضو اتحاد الكتاب (
- ١١٠١٠ لي بعض الملاحظات ابديها بدون ان أطيل عنكم . يودنا ان لا نكون من الذين شددوا فشدد الله عليهم وان نتقدم بتوصيات سهل على اتحاد الكتاب التونسيين تحقيقها . من هذه التوصيات توصية اتوجه بها الى هيئة اتحاد الكتاب التونسيين الموقرة باعتبارى عضوا بها وهي تهدف الى تخصيص منح ولو متواضعة للاخوان الادباء والشعراء حتى يتمكنو من التفرغ والانتاج . لاني أعتقد انه لا يمكن أن نبدع أدبا خالدا الا بالتفرع والاديب فى عصرنا الحاضر تتنازعه ناحيتان أو أمران مهمان : الناحية المادية والناحية المعنوية . واذا بقى الاديب فى هذا الجو فانه لن ينتج الا ادبا باهتا وانتاجا لا يكتب له الخلود بأي حال من الاحوال . اذن أدعو الى تخصيص منح بتفرغ بموجبها الادباء وينتحون بمقتضاها ادبا له قيمته فى المحيط العالمي كما أتقدم بتوصية أخرى أتوجه بها الى الاخوان الادباء وهي تتمثل فى أن يتخلصوا من عقد النقص ومركبات تعالى بعضهم عن بعض وان يعينوا بعضها على أخذ حقهم وان يكون منطلق معاملتهم التسامح والتوادد والتراحم حتى / تكون بمثابة من بأمر بالمعروف وينسى نفسه ، مصداقا لقوله تعالى : أتأمرو الناس بالبر وتنسون أنفسكم
محمد الناصف ) * ( : ) متفقد التعليم الابتدائى وعضو الاتحاد (
لم تتح لى الفرصة لتناول الكلمة فى هذا الملتقى نظرا لانى كنت أعمل يوم 12 نوفمبر فحضرت الاجتماع متأخرا ولم أتمكن من الاستماع الى الكثير : الا ان ما علمته من وسائل الاعلام ومن بعض الاصدقاء دفعني الى الادلاء برأي فى بعض النقاط التى وقع طرقها فى الملتقى وخاصة موضوع استعمال الانتاج الادبى التونسى فى التعليم . وانى لم أكن لاكتب هذه الكلمة لو لم يكن الامر يتعلق بموضوع تربوى
لقد سمعنا من وسائل الاعلام ومن بعض الحاضرين فى الملتقى عبارة : تأصيل التلميذ التونسي . وكان يقصد بها ، حسبما اعتقد ، ادخال الانتاج الادبى التونسى الذى يعكس الواقع التونسى فى مواد الدراسة وبرامجها والهدف من ذلك هو ، حسبما يبدو ، ترغيب التلميذ التونسى فى معرف بلاده وشعبه وادماجه فى مجتمعه وصيانته من التمزق الروحى والفكرى والانبتات . .
وكنا نأسف منذ سنوات لقلة وجود النصوص التونسية فى المؤلفات المدرسية . وكنا نعتبر أن ذلك كان نتيجة الشعور بالنقص ورواسب أخرى طالما قاومناها وتعرضنا من اجلها أحيانا الى بعض المشاكل . وأخذ بعضنا على عاتقهم أن يقتحموا الميدان وان يؤلفوا كتبا مدرسية ضمنوها مجموعة من النصوص التونسية مستمدة من مؤلفات تونسية ومن بينها مجلة الفكر المعروفة بجديتها والتصاقها بالواقع التونسي .
ولكن ما راعنا الا وأحد الاخوان من بين المتخصصين فى التاريخ القديم والآثار يهاجم بعض الكتب المدرسية لاحتوائه ، حسب قوله ، على بعض النصوص المستمدة من مجلة الفكر ومن بعض الصحف القومية ، معتبرا أن ك ما يكتب فيها لا يصلح الا للكبار . . اذا نحن انطلقنا من هذا المنطق فانه ينبغي حينئذ الا نأخذ الا عن الادباء الذى كتبوا للاطفال ، أو أدباء الطفولة . وهنا أتساءل عن " ادب الطفولة عندنا : أين هو ؟ ومن يمثله ؟ وما هي مصادره ؟ وم هى قيمته ؟ . . لا ننكر أن هناك بعض المحاولات ولكنها تتناول خاصة القصص ذات الصبغة الخرافية الا ما ندر . فهل يمكن الاكتفاء بهذه المصادر لتغذيه أرواح أطفالنا وأفكارهم ؟ وهل يمكن أن نأخذ منها كل ما يتعلق ببرنامت الدراسة الذى يتناول ما يقرب من ثلاثين موضوعا ؟ واذا سلمنا بمنطق عدم الاخذ عن المصادر الموجهة للكبار فانه ينبغي عدم الاخذ كذلك عن الادباء الذين ل يكتبوا للاطفال مثل طه حسين والمازنى وتوفيق الحكيم ويوسف السباعي وجبران والزيات وتيمور وأحمد أمين ومعظم أدبائنا التونسيين . . ينبغى أن يعرف الاستاذ المؤرخ أن جميع الكتب المدرسية في التعليم الاساسي تأخذ بداية من السنة الرابعة ، عن هؤلاء الكتاب وغيرهم وعن محلة الفكر أيضا وان كان فى ريب مما أقول فليتصفح بقية الكتب ولا تقتصر على واحد منها وانى وان كنت اوافقه على وجوب الاختيار فانى اعتبر ان الاخذ عن مختلف المصادر ضرورى ، لا لان ادب الطفولة قليل عندنا فقط ، ولكن لانه لا ينبغي أ
نقدم لاطفالنا لونا واحدا ولا أسلوبا واحدا ، ولا ان نبقى بهم في سذاحة الطفولة الى المرحلة الثانية من التعليم الاساسي . لقد قال أحد كبار الفلاسفة فى الغرب ما مفاده : يجب أن يقرأ الطفل شيئا آخر غير وجه مربيته . . فكيف يمكن أن نفتح أمام الطفل عالم العلم والثقافة وأن نهيئه للحياة الاجتماعية المعاصرة اذا تمادينا ، فى سنته الرابعة من التعليم ، فى تغذيته بالخرافات والسخافات مثلما هو موجود فى معظم القصص ؟ ألا نخشى أن نغرس فيه عقل خرافية أسطورية تلازمه كامل حياته ؟ اذا أردنا أن يصبح أطفالنا قابل للاندماج فى المجتمع المعاصر فانه ينبغى ان ننفض عنهم غبار السخافات والخرافات وان نتجه بأفكارهم المتعطشة للمعرفة نحو ما يجرى حولهم وما يجد فى العالم . ولن نجد الواقع النابض بالحياة والجديد المتجدد الا فيما ينشر حديثا من الكتب والمجلات والصحف ايضا . ولم لا ؟ المهم أن نحسن الاختبار وان نحكم التصرف فيما نختاره ؟ وهنا اريد أن أرفع التياسا ربما يقع في ذهن القارىء الا وهو ان الكتاب الذى أشار اليه الدكتور لا يشتمل الا علي عدد محدود من النصوص المستمدة من مجلة الفكر ) 20 ( نصا للقراءة و 7 نصوص للمطالعة الحرة من بين 125 ( وعلى 3 نصوص فقط من الصحف القومية ، وان هذه النصوص قد وقع التصرف فيها حتى تكون ملائمة وصالحة لتغذية الف والروح . أما مواضيعها فهى تتعلق بالحياة المدرسية والخريف والحيوانات والحي وحسن الجوار واللعب والحياة فى القرية والمدينة والنزوح . . وحتى مواضيع النصوص الثلاثة التى أخذت عن الصحف فهي تتحدث عن موسم جنى الزيتون بتونس وبعض مظاهر الحياة في البادية بتونس وبعض وسائل النقل . فهل هذه المواضيع لا يستسيغها أطفال المرحلة الثانية من التعليم الاساسي ؟
ومهما يكن من أمر فانه يحق لى أن أذكر هنا أن جميع نصوص الكتاب المشار اليه قد عرضت على لجنة مكونة من 5 أفراد ينتمون الى اختصاصات مختلفا ومستويات مختلفة ، ومن بينهم أستاذ جامعي مختص فى اللغة والاداب . ولم أظن أن لجنة مثل هذه تخفى عليها خافية تنكشف بكل هذه السهولة لغير أهل الاختصاص فى اللغة والتربية .
وبعد ، فاننا نرحب بكل نقد نزيه بناء الغرض منه لفت الانتباه والتحسين ، ولكن ناسف للانتقاد المرتجل الذي أقل ما يقال فيه أنه لا يتماشى والغرض الذي يرمى اليه ملتقى الادب التونسى ليوم 12 نوفمبر ، ألا وهو التشجيع ع استعمال الانتاج الادبى التونسى في التعليم والثقافة وتأصيل التلميذ التونسي
