حدثنا صاحب الفضيلة الشيخ محمد حسين نصيف قال :
قبل عام ١٢٦٠ ه . . لم يكن الشاى الذى نشربه اليوم بكثرة معروفا فى الحجاز . . كان الناس فى هذه البلاد يشربون القهوة وفشر البن فقط وكان السكر يوضع فى هذا القشر ويحلى به . . واتفق ان جاء فريق من الاترك الى جدة ونزلوا ضيوفا عند جدنا الشيخ عبد الله نصيف . وكيل امارة مكة اذ ذاك ، فقدم لهم قشر القهوة وذاقوه ولم ينل اعجابهم ، وهنا تساءلوا : أين الشاى ؟ أين الشاى ؟ فقيل لهم : لا نعرف شيئا اسمه ( شاى ) . . وهنا فتحوا صندوقا من صناديق أمتعتهم وأخرجوا منه ( السموار ) - وهو الآلة التى يغلى فيها ماء الشاى - وكان من صفر لماع جميل . واخرجوا معه أدوات الشاى من براد وأكواب بلور صغار ومعلقة صغيرة من المعدن . وصنعوا الشاى وشربه الحاضرون معهم فوجدوه الذ واشهى من قشر القهوة الذى اعتادوا شربه . . وعندما سافر المطوفون حينئذ الى ( الاستانة ) أعطاهم جدنا الشيخ عبد الله نصيف نقودا واشتروا بها له شايا مع أدواته
من سموار وفناجين وغيرها وأتوا بها معهم الى الجد الشيخ عبد الله نصيف بجدة . فصار فى كل جمعة يصنع الشاى فى منزله ويقدم لكل واحد من الزائرين فنجانا واحدا صغيرا منه . وكان الاهالى يفدون الى منزله متسابقين ليتمتعوا بشرب هذا المشروب الجديد اللذيذ الذى لم يكونوا يعهدونه من قبل . . ثم انتشر الشاى فى بيوت الاعيان وتعارفه الناس بعدئذ . وكانت فى جدة قهوة واحدة تسمى ( قهوة الشاى ) وكانت تقع فى أول شارع فيصل من جهة الشرق . وذلك قبل فتح هذا الشارع بعشرات السنوات ، وقد بقيت هذه القهوة سنين طويلة الى أواخر ايام الشريف عون الرفيق . ثم انتشر شرب الشاى بين الامة وفتحت له مقاه عدة فى جدة وغيرها .
هذا ما كان من أمر الشاى فى الحاضرة . . اما البادية فلم يكونوا يعرفونه الا بعد عام الألف والثلاثمائة وكان البناءون والعمال يأكلون العسل والسمن والتمر ويكتفون بها . وما كانوا يستعملون الشاى فى اوائل دخوله فى البلاد .
