الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 9الرجوع إلى "الفكر"

قـد يـكـون ... ! ! ، ، أو (( يـبـرم )) ...

Share

هـديـة إلى (( بيكيت ))  رائـد المسـرح اللامعقول

تعليق المؤلف : المسرح المعقول يرى أن المجتمع الانسانى - فى العالم  الثالث - هو فى وضع ((  معقول  ))  لأنه مجتمع له هدف وغاية . وفي  مثل هذ المجتمع يكون المرء ضائعا أول الأمر بين التيارات والمذاهب  فى واقعه الخارجى  ،  ثم يجد طريقه عندما تتجـلى له نفسـه فى  صفائها الحقيقي فيكون الخروج من حياة الحيــرة والاضطـراب .

الشخصيـات الـرمـزيـة

عــامل        ثــاقــف صــوت        سـاسـى ليمـــا         يـبـــــرم

المشهــد الأول

قاعة  فسيحة  مظلمة ،  يسلط  ضوء  فنرى  رأس  انسان  بشعر  ناعم  ،  ويده  التى  لا  نراها  تدق بمطرقة  شيئا  كالنقود ، دقات متوالية  على نغمة واحدة ،  هذا  الانسان  يدعى - ليما - ثم يسلط  ضوء آخر فى ركن من القاعة ، يد إنسان  قوية  وملامح رأس  بشعر  مغبر اشعت ، نرى مطرقة  تدق دقات أخرى  تختلف  عن دقات - ليما - هذا الانسان يدعى - عامل -  الدقات تتواصل (( دقائق ))  كل  فى  نغمته . . نسمع صوتا  يحادث  (( عامل )) .

-  الصوت  :   ماذا  تفعل ؟ !  -  عـامـل  :   كما ترى . .؟  -  الصوت  :   ماذا أرى . .؟  -  عـامـل  :   أدق . .  -  الصوت  :   تدق ماذا . . ؟ !  -  عـامـل  :   ألا ترى شيئا . . ؟  -  الصوت  :    نعم . . مطرقة .  -  عـامـل  :   لا . . مطرقتان .  -  الصوت  :   قد يكون . . ولكن لماذا تفعل هذا ٠٠ ؟  -  عـامـل  :  لأني أردته ٠٠  -  الصوت  :  انت . . ؟ !  -  عـامـل  :  أنا وغيرى . .  -  الصوت  :  إذن أرادوه لك . .  -  عـامـل  :  قد يكون هذا وذاك . .  -  الصوت  :  كيف يكون هذا وذاك ؟ ! . . أتحب هذا الذي تفعله ؟  -  عـامـل  :  نعم أحبه وأريده فأصنعه . .  -  الصوت  :  ألم تفكر في شئ آخر غير هذا الذي صنعته . . ؟ !  -  عـامـل  :  فكرت يوما . .  -  الصوت  :  فى ماذا . . ؟ !  -  عـامـل  :  فكرت في أن أكون شيئا آخر . .  -  الصوت  :  مثل ماذا . . ؟  -  عـامـل  :  سؤال غريب . . !  -  الصوت  :  لماذا . . ؟  -  عـامـل  :  ألم تر شيئا آخر ؟                       يسلط الضوء الآن على الرأس الذي يدق شيئا كالنقود .  -  الصوت  :  نعم . . إنه مثلك ، وليس آخر . .

-  عـامـل  :  قد يكون هذا . . . ولكن ليس مثلى .  -  الصوت  :  إنه يدق ويصنع ، ويريد ما يصنع . .  -  عـامـل  :  إن دقاته ليست مثلى . . . إنه يصنع شيئا آخر .  -  الصوت  :  ولكنه يصنع وكفى .  -  عـامـل  :  ( فى غضب ) : وهذا هو سبب بلائى .  -  الصوت  :  سبب بلائك . . كيف ذلك . . !؟  -  عـامـل  :  أنا ادق بمطرقة واصنعها ، وهو يدق بمطرقتي ويصنع شيئا                   آخر .  -  الصوت  :  ذلك الذى يلمع . . ؟  -  عـامـل  :  قد يكون . .  -  الصوت  :  هل حاولت أن تدق مثله . .  -  عـامـل  :  حاولت . .  -  الصوت  :  كيف ذلك ؟  -  عـامـل  :  ( يدق مطرقته ) : ألا ترى . . !  -  الصوت  :  نعم تدق مطرقة بمطرقة . . أين النتيجة من هذا الذي تدق ؟!  -  عـامـل  :  ألا ترى مطرقتي هناك ؟ ( مشيرا الى  - ليما -  ) .  -  الصوت  :  نعم نتيجة ولكن لا كما تريد فى المحاولة ( بعد سكوت ) . .                   أتصاب بالاعياء ؟  -  عـامـل  :  ( بغضب )  :  هل وقفت دقات قلبك يوما . . ؟  -  الصوت  :  قد يكون . .

تسمع ضجة من بعيد . دقات المطارق تشتد . . يد تمسك يد الذى يصنع  شيئا يلمع . . . وتحول اتجاهها فتسمـع نفس النغمـات ، ولكـن الاتجـاه  بتغير . . الذى يدق مطرقة بأخرى تمسك به يد أخرى وتحول اتجاه المطرقة  ولكن النغمات هى . . هي . .

ثم تتلاشى الاضواء - ظلام - موسيقى . تعود الاضواء فى خفوت ثم نشاهد  رجالا  كالاشباح  تتحرك  من الصنفين : صنف عامل ، وصنف ليما ، ثم ضجة .

حركات - أضواء - سقوط أشياء حديدية - دقات مطارق - صفير - صياح -  بكاء تتضح بعض هذه منفردة ثم تتداخل . . وتتلاشى أخيرا .

ضوء يسلط - ليما - يمسك خبزا هشا يأكله ، ترى بعض أصابـع اليـد الماسكة للخبز .

-   الصوت  : أتأكل الآن ؟ !  -   ليمــا    :  لماذا الآن . . دائما .  -   الصوت  :  إن خبزك هش .  -   ليمــا    :  ( سكوت ) . .  -   الصوت  :  ألا تسمع ! !  -   ليمــا    :   إنى آكل وكفى . .  -  الصوت   :  أين صانع مطرقتك ؟ !  -   ليمــا    :  ( يشير بيده الاخرى الى مكان ما ) : ٠ . . إنه هناك .                   نرى يدا ماسكة خبزا هى أيضا . . يأكل بعناء خبزا يابسا .  -  الصوت  :  ( مخاطبا - عامل - ) : وانت الآخر تأكل خبزا الآن . . ؟ !  -  عـامـل  :  دائما . .  -  الصوت  :  إنه ليس كخبز الآخر . . !  -  عـامـل  :  قد يكون . . ولكن أترى هذه القطرات فى جبيني ؟ !  -  الصوت  :  إنها تلمع . . دائما هكذا ٠٠ ؟ !  -  عـامـل  :  هل رأيت هذه القطرات فى جبين الآخر . . ؟ !  -  الصوت  :  لم أر ذلك .  -  عـامـل  :  لأنه عرق جاف . .  -  الصوت  :  ماذا تفعل . . ؟  -  عـامـل  :  ألم تر . .  -  الصوت  :  نعم . . كانت لك مطرقتان ، والآن خبز وعرق . .  -  عـامـل  :  بل مطارق ثلاث وخبز وعرق . .  -  الصوت  :  ( متوجها إلى - ليما - ) : وانت يا صاحب الشئ اللامع . .                   ألا تسمع ؟

- ليما : قد يكون .  -  الصوت : أتأكل خبزا حتى الآن . . ؟!  -  ليمــا   : قد يكون . . ودائما .  -  الصوت : أين مطرقتك ؟  -  ليمــا   :  ليست مطرقتي ، أنا صنعت شيئا لامعا وخبزا .  -  الصوت :  ثلاث مطارق صنعت شيئا لامعا وخبزا  ( بصوت مرتفع مشيرا                   إلى - عامل - ) العرق . . هذا العرق . . هذا الذي                  يتصبب ! !  -  ليمــا  :  (  بصوت مرتفع  ) : أنا عرقي من نوع خاص ، عرق سماه الآخر                   جافا ، إنه عرقي .

المشهـد الثــانـي

نفس القاعة المظلمة الفسيحة في المشهد الاول ، ضوء يسلط على جبين لماع ،  وأوراق مبعثرة هنا وهناك ، وكتاب مفتوح بين يدى صاحب الجبين اللماع  وهو يدعى - ثاقف - يحمل رأسه بين كفيه فى إطراق .

-  ثـاقف  : ( بصوت مسموع ) : خبز هش أو يابس وعرق جاف أو سائل                  ومطارق تدق ، وهذه الاشياء اللامعة . . كلها مهازل . . نعم                  مهازل ٠٠ ! !  - الصوت :  ( فى غضب ) : مهزلة من ؟  -  ثـاقف :  ( باستهزاء ) : مهزلتك أنت !  - الصوت :  ( باستغراب ) : مهزلتى أنا . . ؟ !  -  ثـاقف : قد يكون أو لا يكون . . فالمهزلة أنت صانعها وكفى . .  - الصوت : غريب أمرك يا - ثاقف - يظهر أن دقات المطارق قد ازعجتك .                  تسمع الآن دقات مطارق من بعيد ثم تقترب رويدا .  -  ثـاقف : ( بعد سكوت ) : نعم أزعجني صوتك الملحاح ، والتمييز بين                دقات المطارق الثلاث .  - الصوت : وما الفائدة من هذا التمييز وإلحاحك المزعج فيه ٠٠ ؟ !  -  ثـاقف : اسأل أصحاب المطارق .

- الصوت : إنهما يعرفان ما يصنعان ولا يدركان . .  - ثـاقف  : ولم الصياح والخصام بينهما ؟  - الصوت : سل أحدهما  - ثـاقف  : من . . ؟  - الصوت : كما تشاء . .

- ثـاقف : ( ينادى بصوت مرتفع ) : يا - ليما - . . أين أنت . . ؟!                يظهر - ليما - بأوصافه الاولى رأس انسان بشعر ناعم                وبيده نقود تلمع .  -  ليمــا :  إنى أمامك . . لماذا هذا الصياح . . ماذا تريد مني .  - ثـاقف : ماذا فى يديك . . ؟  -  ليمــا :  شئ أللهو به وألهى به الناس .

- ثـاقف : من تقصد بالناس .  - ليمــا  : أنت والآخر وحتى الصوت الذى تسمعه . .  - ثـاقف : أنا أهتم بغير ما في يديك .  - ليمــا  : تهتم بعرقي الجاف فتحلله . . ؟!  - ثـاقف : قد يكون .

- ليمــا  : ولكنك تهتم بشئ غير موجود  في الواقع . . ! !  - ثـاقف : إن عرقك الجاف وعرق الآخر السائل أمزجهما وأحاول أن أجعل                منهما شيئا جديدا .  - ليمــا  : إذن أنت تصنع شيئا يجمـع بين اليـابس والهش والجـاف                والسائل ومطرقة وأخرى . . ! !

- ثـاقف  : أنا لا صنع شيئا وقد أصنع . .   - ليمــا   : إنه تناقض . .   - ثتاقف : مثلك أنت والآخر .   - ليمــا   : من ٠٠

- ثـاقف : إنك تنساه دائما أما أنا فلا أنسي الآخر ولا أنت .  - ليمــا  : لأنك إنسان أما أنا . .  - ثـاقف : ( يقاطعه صائحا ) : أما أنت فماذا ؟ !  - ليمــا  : اسأل - عامل - الذي لا تنساه .

- ثـاقف : ما لك و - عامل - . . ! ؟  - ليمــا  : إنى مدين له بما فى يدى . . ولكن أقول هذا أمامك فقط .  - ثاقف  : إنك تثق بى . . ؟ !  - ليمــا  : لأنك إنسان تعيش فى الخيال . . أما حقيقتى فيعرفها الآخر .  - ثـاقف : من ٠٠ الصوت . . ؟ !  - ليمــا  : قد يكون . . وربما الآخر . .  - ثـاقف : تقصد  (( عامل ))  صانع مطرقتك .  - ليمــا  : مع أنى ناكر  فضله .  - ثـاقف : إنه اعتراف  منك .  - ليمــا  : أمامك  فقط .

- ثـاقف  : ( صائحا في وجه - ليما - ) : دائما أمامى فقط .                 يظهر فجأة - عامل - وهو بنفس الملامح فى المشهد الاول رأس                 بشعر مغبر أشعث .  - عـامـل : ( يخاطب ثاقف مشيرا الى - ليما - فى غضب ) : إنه دائما                 هكذا لا يعترف بواقع . . إنه يتلهى دائما . .  - ثـاقف  : إن عرق جبينك يزعجه . . ودقات مطارقك تلاحقه . . ورغم                 هذا فانه لا يعترف .

- ليمــا   :  ( فى غضب ) : انا لست أمام محكمة .  - ثـاقف  : إنك أمام الواقع . . والواقع هو بعض الحقيقـة التى تنكرهـا                 دائما .  - ليمــا   : ( فى لين مخاطبا ثاقف ) : حاول ان تكون منصفا معى .  - ثـاقف  :أنا دائما انصفكما . . ولكن اصرارك على النكران  يزعجني                ويزعج صانع المطارق .  - ليمــا   : قل الحقيقة التى تعرفها . . ولا عليك فيما يقع بيننا ، فنحن                لتناقضنا عارفان .

- ثـاقف : وأنا أدرك هذا وأحاول أن أخفف منه بالصنع والخلق الجديد .  - ليمــا وعـامـل : ( بصوت واحد ) : علك تنجح . . !  - الصوت : قد يكون . . ولكنه يحاول دائما وانا معه أناصره . .

المشهــد الثــالث

   رجل يرتدي بدلة من آخر طراز تبدو عليه الحيرة ، يحاول أن يخفف منها   بالسير جيئة وذهابا أو الوقوف برهة ثم النظر الى لا شىء . . يستمر دقائق   فى هذا الوضع .

- سـاسى : ( يحدث نفسه بصوت مسموع ) : ماذا يريد هذا الذي كثرت                   طلباته ، إنه لأمر مزعج ، إن أمره غريب .  - الصوت   : من تقصد . . ؟ !  - سـاسى : أنت .  - الصوت   : أنا . . لم أطلب منك شيئا . .  - سـاسى : إنه يقلقني بطلباته بواسطتك . .  - الصوت   : ألا يزعجك الآخر .  - سـاسى : من . . - ليمــا - . .  - الصوت   : قد يكون .  - سـاسى : إن - عامل ، لا يرضيه شىء ، فالطلبات كثيرة ، وقد يكون                  عمله قليلا .

- الصوت   : إنك دائما ترضى عن تصرفات - ليما - بل تشجعه .  - سـاسي : . . ودائما لأنه يعرف كيف يقدم طلباته .  - الصوت   : قل طلباتك أنت .  - سـاسى : قد يكون .  - الصوت   : إن حاجتك الى - ليما - تجعلك رفيقا به .  - سـاسى : إنى أرفق بالآخر . ولكن أمره مزعج . لو يدرك هذا - عامل .  - الصوت   : مزعج لك كليما .

- سـاسى : من أدراك ؟ !  - الصوت   : سؤال غريب . . وأغرب منه انزعاجك من - عامل - .  - سـاسى : ( بتهكم ) : مسكين أنت وهو . .

المشهــد الــرابع

فى هذا المشهد نرى - ليما - يضع على رأسه شعرا مستعارا ويرتدى بدلة  فخمة وهو فى عظمة وانتفاخ وأمامه يقف - عامل - فى انفه ظاهرة شعره  منفوش وعليه أسمال بالية وبه هزال ، جسمه كانه كتلة عظام . أما صاحب  الصوت فلا أثر له فى هذا المشهد .

- ليمــا : ( ينظر أمامه فى كبرياء ظاهر متكلما ) : كل ما أريده لى . .              هؤلاء . . وهؤلاء ، إنهم جياع . . إنهم فقراء . . إنهم ملكى . .              فى حاجة لى . . الخبز وما ادراك ما الخبز . . ! ! ما معنى الحرية              بدون خبز . .؟ !

- عـامـل : ( مخاطبا - ليما - ) : وما معنى الخبز بدون حرية .  - ليمــا   : هراء . . هذيان . . هذيان .  - عـامـل : ( متسائلا ) : من تعنى . . ؟  - ليمــا   : ( فى غضب ) : اسكت . . لا تتكلم .  - عـامـل : أسكت أنا لتتكلم أنت .  - ليمــا   : قد يكون . . لا . لا . لا . . نعم بالضبط وليس قد يكون .  - عـامـل : إن كلامك يزيدني . .

- ليمــا   : ( مقاطعا ) : آه . . نعم فهمت . . .  - عـامـل : ( فى غضب ) : أبقى عندك فهم  - ليمــا   : ( فى غضب ) : بقى أو لم يبق . . هذا يهمنى أنا . .  - عـامـل : مسكين . .  - ليمــا   : مسكين أنت . . أما أنا . . ( ثم يضحك ضحكات هستيرية )  - عـامـل : مسكين أنت . . مسكين يا . .  - ليمــا   : ( مقاطعا ) : مسكين أنت . . وانت لا تدرى . . ! !

- عـامـل : غريب . . ما يضحكك . .؟ !  - ليمــا   : سل صاحب الصوت . . لعله يجيبك .  - عـامـل : هذا أمر يهمنى . . أما الصوت فلا أثر له عندما تكون هنا . .  - ليمــا   : كل شئ يهمنى أنا ولا يهمك أنت .

- عـامـل : قد يكون .  - ليمــا   : لم يبق لك الا هذه . . قد يكون . . وهي لك كالخبز . . والآن                قل لى ماذا تريد . . ؟  - عـامـل :أنت تعرف ماذا أريد . .  - ليمــا   : أريد أن اسمع . . ماذا تريد .  - عـامـل : لن تسمعها منى . .  - ليمــا   : هكذا أنت دائما .  - عـامـل : وهكذا خلقت .  - ليمــا   : وهل أنا مجبر على تلبية ما تريد . . إني أفكر فيما تريد . .               وقد لا أريد . .

- عـامـل : أعرف هذا . . ولكن .  - ليمــا   : أن تعرف فهذا يهمك . . أما (( لكن )) فهى تهمنى . .  - عـامـل : أنت دائما تهيم بــ (( لكن )) .  - ليمــا   : لأن كل ما عندى وما أملكه ، أهب منه ما أشاء مع و (( لكن ))                دائما . . فهي سلاحى . . وهي كل شئ عندي . . لذلك                أحب هذه (( لكن )) .  - عـامـل : وأنا امقتها .

- ليمـــا  : أنت حر . . وبدون (( لكن )) لا تستطيع أن تعرف معنى                 الحرية . . لأني لا أعطى شيئا بدون لكن .  - عـامـل : انت تضع لكن في طريقي دائما . . كلما أردت شيئا . .  - ليمـــا  : تلك هي طريقتى . . أنا أضع أمامك لكن وانت تطلب ما                 تريد . .  - عـامـل : صار طلبي بدون ارادة .  - ليمــا   : كما تحب . .

- عـامـل :  ( فى غضب شديد ) :  سأرفض هذه الحرية مع لكن .  - ليمـــا  :  لن تستطيع ذلك .  - عـامـل : لأن كل ما تريده لك .  - ليمـــا  : هذا بفضل لكن . . التى تمقتها . . وأنا أحبها . .

- عـامـل : ( فى غضب ) : فلا كانت حرية مع لكن . . وليكن الجوع والفقر                 والفناء بعدهما . .  - ليمــا   : إنها مكابرة .  - عـامـل : مكابرة . . ولكن هي حريتى .                ثم يغمى على - عامل - ضوضاء - وصياح : حرية . . حرية . .                خبز . . خبز . .

المشهــد الخــامـس

يدخل - ثاقف - الى قاعة فسيحة ، يبدو عليه الغضب الشديـد والعـرق  يتصبب من جبينه ، يجلس متهالكا فى اعياء على كرسى ، يعطي بظهره لنا .

- ثـاقـف : ( متكلما ) : لن أفلح بعد اليوم ( ثم يواجهنا ) : لقد فعلت                 المستحيل . . استخدمت أقصى ما عندى من امكانيات . .                 تخيلت . . قلدت . . استعملت الرموز . . جربت . . كنت                 متفائلا وأحيانا متشائما . . ولكن لن أفلح بعد اليوم . .                 العراقيـل . . دائما العـراقيل فى وجهى . . آه مـن هـذا                 الوجـود . .                 يسمع صياح من بعيد وصخب ثم نرى - عامل - وقد أصبح                 مقعدا يدفع به ليما عربة خاصة .

- عـامـل : ( صائحا ) : دعنى لوحدى . . دعنى لوحدى . . أما كفاك مـا                 أنا عليه . . أغرب عني لا أريدك . . ماذا تريد مني . .                 يبتعد - ليمــا - عن عـامل - دافعـا العربة بغضب فتتجـه                 نحو حائط ٠٠

- عـامـل : ( صائحا ) ادركني . . أدركوني . . إنى سأقع . .                 إن مقعدى سينكسر . . سأتحطم . . النجدة . . النجدة .                 ليما ينظر وقد أعجبه المشهد أما - ثاقف - فهو لا يحـرك                  ساكنا كأنه غير موجود . فى هذه اللحظة ترتطم العربة بالحائط                 ثم تعود نحو - ليما - .

- ليمـــا : ( يخاطب - عامل - ) : ها إنك تعود الى يا - عامل - مرغما . .              ودائما . .

- عـامـل : إنه مفعول جاذبية ما أخذته منك .  - ليمـــا  : بل إنه الاحتياج . .  - عـامـل : قد يكون . .  - ليمـــا  : هذه ليست من عندك . . اذهب لثاقف لعله ينفعك . .                ثم يدفعه نحو ثاقف - فينتبه هذا من ذهوله عندما يرتطم به .

- ثـاقـف : ( مخاطبا - عامل - ) . . ماذا . . ما هذه المصيبة . . هذا أنت                 يا - عامل - . . ماذا دهاك .  - عـامـل : إنها علامة عجزك . . أين هى وعودك لى . .  - ثـاقـف : إن - ليما - سبب بلائك .  - ليمـــا  : ( مخاطبا - ثاقف - ) : هراء . . وتهمة كلاسيكية أو تجديدية                 غامضة .  - ثـاقـف : لقد اختلط عليك الامر . .  - ليمـــا  : كما اختلط عليك أنت . .

- عـامـل : ( صائحافيهما ) : ألا يكفيكما ما أنا فيه .  - ليمـــا  : ( بسخرية ) : إنها إرادتك يا - عامل - . .  - ثـاقـف : ( فى غضب ) : وعجزى أنا . . يا لى من أحمق . . إن خيالي قد                 سرح بي بعيدا فحسبت أشياء ممكنة الوقوع . . ولكن ادركت                 أخيرا أني بعدت كثيرا عن الواقع ومن ذلك عن الحقيقـة . .                 وانت يا - عامل - . . الدليل القاطع على ضياعي وتيهي . . .

- عـامـل : وحاجتى الأبدية الى هذا - ليما -  - ليمـــا  : لانكما تتمسكان بالوهم والخيال المجنح . . ولا تدركان الواقع                إلا بعد فوات الاوان فيكون الضياع والتيـه . . والفـراغ . .                والاهمال .

- ثـاقـف : إنه عصرك . . وانت سبب هذه المصائب البشرية .  - ليمـــا  : عودا أنت و - عامل - الى نفسيكما وتعرفا عليها بأكثر عمقا                 وواقعيـة .  - عـامـل : إنكما بارعان في تضميد جراحي . . ولكن مع هذا فانى مقعـد                 ومحتاج إلى أحدكما . .

              يتقدم - ثاقف - من - عامل - ويدفع به للخروج .  - ليمــــا : إنها تناقضات العصر . .

المشهــد الســادس

ساحة كأنها شاطئ بحر ، يدخل - ليمـا - و - عـامل - و - ثـاقف -  و - ساسي - وهم يحبون كالصغار فيجلسهم - يبرم - الذى يرتدى بدلـة  متواضعة ، فيضحكون كلهم ضحكات صبيانية .

- يبـــرم : ( صائحا ) : اسكتوا . . اسكتوا . . أين لعبكم يا اطفالي . . !؟                ينبطحون أرضا ويأخذون فى الحبو .  - يبـــرم : ( صائحا فيهم ) : إنكم فى الثامنة من عمركم . . هيـا . .                امشوا على أرجلكم مثل سائر البشر .                فيطيعونه ويخرجون . .

- يبـــرم : ( وحده ) : إنهم صغار . . ولكنهم طيبون . . ابرياء . . فى                 صفاء الماء . . في صفاء الماء (  أصداء للصوت  ) .                      بعد حين تسمع ضجة وضحك وصياح أطفال . تدخل كـل                 الجماعة بايديهم لعب يلبسون فى هذه المرة سراويل قصيرة .

- يبـــرم : ( يخاطبهم ) : هذه لعبة . . هي لعبة النفوس . . ستكون عن                طريق أسئلة وأجوبة لكل واحد منكم . . واذا كانت أجوبتكم                صحيحة فانكم ناجحون لا محالة فى هذه اللعبة . . الآن بدأت                اللعبة .                كل واحد يضع سطلا أمامه وينظر فيه .

- يبـــرم  : ( يخاطب ثاقف ) : ماذا ترى يا - ثاقف - فى الماء .  - ثـاقـف : وجهى فى صفاء والنسيم يداعب الماء .  - يبـــرم  : وانت يا ليما .  - ليمــــا  : وجهي والماء .  - يبـــرم  : وانت يا - عامل - .  - عـامـل : وجهى والسماء .  - يبـــرم  : وانت يا ساسى .

- سـاسى : وجهى والماء .                   تسمع اصداء بعيدة : وجهي . . وجهي . . وجهى . . صفاء . .                   ماء . . سماء . . نسيم يداعب الماء .  - يبـــرم    : ( يخاطبهم جميعا ) : كل واحد منكم يحرك سطله . ( يقع                   تطبيق الرغبة ) .  - يبـــرم    : انظروا الآن . . ماذا ترون . . ( البعض يرفع أصبعة والبعض                   الآخر ينظر ويحدق فى ماء السطل . . )

- يبـــرم    :  ( مخاطبا - عـامل - ) : وانت ماذا ترى ؟  - سـاسى :  الماء مكدر . . لا أرى شيئا . .  - يبـــرم    :  ( مخاطبا - عامل - ) : وانت ما ترى ؟  - عـامـل   :  مثله تقريبا .  - يبـــرم    : وانت يا ليما . . ؟  - ليمــــا    : أرى وجها مخيفا . . بل انه وجهى ، ولكـن ليس على هيأتـه                    الأصليـة .

- يبـــرم  : وأنت يا ثاقف . . ؟  - ثـاقـف : أرى وجهى فى صفاء والنسسيم يداعب الماء ، فما أحلى هذه                 الذبذبات الطافحة على الماء تداعبه وفوق ذلك زرقة السماء . .  - يبـــرم  : ( يخاطبهم جميعا ) : لقد رأي بعضكم صفاء الماء ورأى الآخر                 الماء مكدرا . وتلك هي اللعبة التى نجحتم فيها . . وتلك هي                 النفوس فمنها المكدر ومنها الصافى . .

- الجمــاعة : ( الجماعة يصيحون فى صوت واحد ) : علمنـا كيـف تكـون                    نفوسنا صافية ماذا نفعل . . قل لنا . . ونحن تحت أمرك . .                    حتى نرى وجوهنا صافية غير مخيفة . . نريد الصفاء . . نريد                    الصفاء . . نريد صفاء النفوس .  - يبــــرم    : سأفعل عن قريب . . سأفعل . .

اشترك في نشرتنا البريدية