بقلم فضيلة الاستاذ الشيخ اسماعيل الانصارى المدرس بمعهد امام الدعوة بالرياض
يقول كاتب هذه السطور ان مجازفة الملاح ف الكلام على هذا الحديث (١) قد أوصلته الى انتهاكه فى ص ٨٠ من (تاريخنا القومى بين السلب والايجاب) حرمة صحبة بريدة حيث قال (وبريدة من أبطال الروايات التى نحن فى صددها ) يريد بذلك أنه من الذين يختلقون الاحاديث فى فضائل على ، وفى هذا القول الشنيع مجازفة ظاهرة من عدة وجوه :
أولها - أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصدق الناس حديثا عن النبى صلى الله عليه وسلم لا يعرف منهم من تعمد عليه كذبا وقد جرب أصحاب النقد أحاديثهم واعتبروها ، فلم يوجد عن أحد منهم تعمد كذبة بل معروفون بالصدق حفظا من الله عز وجل لهذا الدين ويعرفون أن من تعمد الكذب عليه صلى الله عليه وسلم هتك الله ستره بل يعرف من دونهم أنه لو هم رجل بالسحر أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصبح الناس يقولون فلان كذاب كيف والصحابة هم الذين رووا لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) فلا
يتأتى الكذب من بريدة ولا من أى صحابى غيره عن النبى صلى الله عليه وسلم ولكن هذه الاذاية لبريدة ان شاء الله من قبيل ما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله قال : قيل لعائشة أن ناسا يتناولون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أبا بكر وعمر فقالت : وما تعجبون من هذا انقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا يقطع عنهم الاجر . . والأولى للملاح بدل هذه الاذية أن يقول : ( ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ) . الثانى - أن أئمة الحديث الذين اليهم المرجع قد رووا هذا الحديث عن بريدة ، أحمد والنسائى وابن حبان والحاكم .
الثالث - انه قد وافق بريدة فى روايته عن النبى صلى الله عليه وسلم سبعة من أجلة الصحابة هم سهل بن سعد وسلمة بن الأكوع وابن عمر وابن عباس وعمران بن حصين وأبو سعيد الخدرى وعلى بن ابى طالب وقد استقصى رواياتهم الحافظان ابن كثير فى ( البداية والنهاية ) وابن حجر العسقلانى فى كتابيه ( فتح البارى ) و ( الاصابة ) .
الرابع - انه لا داعى الى الجزم بوضع هذا الحديث حتى يصل الى تكذيب الصحابى فانه ليس فيه كما بينه شيخ الاسلام ابن تيمية فى ( منهاج السنة ) تنقيص لا لابى بكر ولا عمر رضى الله عنهما ولا أدنى اشارة الى تقديم على عليهما ولم يفهم ذلك من الحديث لا على ولا غيره من أهل الحق بل المروى عنه من ثمانين وجها تقديمهما على نفسه وتفضيلهما عليه وعلى ذلك الشيعة الذين صحبوه . قال شيخ الاسلام ابن تيمية فى (منهاج السنة) (( سأل سائل شريك بن عبد الله فقال له : أيهما أفضل أبو بكر أو على ؟ فقال له : أبو بكر . فقال له السائل تقول هذا وانت شيعى ! فقال له : نعم ، من لم يقل هذا فليس شيعيا ، والله لقد رقى هذه الاعواد على فقال ألا ان خير هذه الامة أبو بكر ثم عمر فكيف نرد قوله وكيف نكذبه والله ما كان كذابا )) وقال ابن تيمية : (( تواتر عنه أنه كان يقول على منبر الكوفة : خير هذه الامة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر )) قال شيخ الاسلام : (( روى هذا عنه من أكثر من ثمانين وجها رواه البخارى وغيره ) .
وحديث الراية ليس فيه ما يخالف هذا المتواتر عن على بل غاية ما فيه مما يرجع الى على اثبات امرين أحدهما محبة الله ورسوله له وحبه لهما وهذا مما لا يسع أى مسلم أن يعتقد فى على غيره وقد ثبت هذا الوصف لما هو دون على فكيف بعلى الذى هو رابع الخلفاء الراشدين وأحد المبشرين بالجنة وبشهادة عمر بن الخطاب رضى الله عنه هو ممن توفى رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهو عنهم راض . . والثانى فتح خيبر على يديه وهذا لا يستلزم فضله على أبى بكر وعمر ولا يفهم منه لا تصريحا ولا تلويحا والذى أنكره شيخ الاسلام ابن تيمية مع جزمه يكون هذا الحديث من أصح ما روى فى فضائل على ما فى رواية ابن اسحق أن تلك الراية قد أخذها أبو بكر فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح ثم أخذها عمر فقاتل ورجع ولم يكن فتح ثم أخذها على بعد ذلك . يقول شيخ الاسلام فى ( منهاج السنة ) انتقادا لهذه الزيادة : (( لم تكن تلك الراية قبل ذلك لابى بكر ولا لعمر ولا قربها واحد منهما بل هذا من الاكاذيب ، ولهذا قال عمر فما أحببت الامارة الا يومئذ (( قال شيخ الاسلام (( وكان هذا التخصيص جزاء مجئ على مع الرمد وكان اخبار النبى صلى الله عليه وسلم بذلك وعلى ليس بحاضر من كراماته صلى الله عليه وسلم)) قال : ( فليس فى الحديث تنقيص بأبى بكر وعمر أصلا ) وقد اعتمد شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب فى ( كتاب التوحيد ) على هذا الحديث لاحاطته بأقوال أئمة الحق فيه متنا وسندا وارتضاه أساسا للدعاء الى شهادة أن لا اله الا الله ، واستنبط منه مسائل كان الاولى لمحمود الملاح بدل هذه التلفيقات أن يراجعها ويستضئ بنورها ولا ينازع الحق أهله ( وللحديث رجال يعرفون به . . وللدواوين حساب وكتاب ) .
وأما حديث (( أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى ))فحديث صحيح لا شك فى صحته قد أخرجه الشيخان فى صحيحهما وقال شيخ
الاسلام ابن تيمية فى ((منهاج السنة)) ( ثبت فى الصحيحين وغيرهما بلا ريب ) وقال الحافظ ابن عبد البر فى (( الاستيعاب )) ( هو من أثبت الآثار وأصحها رواه عن النبى صلى الله عليه وسلم سعد بن أبى وقاص وطرق سعد فيه كثيرة قد ذكرها ابن أبى خيثمة وغيره ورواه ابن عباس وأبو سعيد الخدرى وام سلمة واسماء بنت عميس وجابر بن عبد الله وجماعة يطول ذكرهم ثم ساق بسنده حديث أسماء بنت عميس ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلى أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبى بعدى ) وقال الحافظ بن عساكر فى (( تاريخه )) : ( قد روى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة منهم عمر وعلى وابن عباس وعبد الله بن جعفر ومعاوية وجابر بن عبد الله وجابر بن سمرة والبراء بن عازب وزيد بن أرقم وابن أبى أوفى ونبيط بن شريط وحبشى ابن جنادة ومالك بن الحويرث وأنس ابن مالك وابو الفضل وأم سلمة وأسماء بنت عميس وفاطمة بنت حمزة ) ولم يتعقبه الحافظان ابن حجر فى ( فتح البارى ) والعماد ابن كثير فى ( البداية والنهاية ) بل أثنى عليه الحافظ ابن كثير وقال : (( قد تقصى الحافظ ابن عساكر هذه الاحاديث فى ترجمة على فى ( تاريخه ) فأجاد وأفاد وبرز على النظراء والاشباه والانداد رحمه العباد يوم التناد )) وكان الحافظ ابن كثير يستوعبها وقد قدمنا نصوص شيخ الاسلام ابن تيمية وابن حزم فى أن هذا الحديث من أصح ما روى لعلى فى الفضائل وذكر السيوطى
فى ( تاريخ الخلفاء ) انه أخرجه أحمد والبزار من حديث ابى سعيد الخدرى والطبرانى من حديث أسماء بنت عميس وأم سلمة وحبشى بن جنادة وابن عمر وابن عباس وجابر بن سمرة والبراء بن عازب وزيد بن ارقم .
وأوفى ما لدينا من المراجع المعتبرة فيه كلاما تاريخ الحافظ ابن كثير والموضوع فى روايات هذا الحديث زيادة حفص بن عمر الايلى الكذاب أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لعلى فان المدينة لا تصلح لا بى أو بك ، فهذا هو الباطل كما بينه ابن حبان والخطيب البغدادى وشيخ الاسلام ابن تيمية فى ( منهاج السنة ) وعبارة شيخ الاسلام : (( هذا كذب على النبى صلى الله عليه وسلم لا يعرف فى كتب الحديث المعتمدة ومما يبين كذبه أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة غير مرة ومعه على وليس بالمدينة مراحل وليس واحد منهما بالمدينة ، وعلى كان معه يوم بدر بالتواتر وكان يوم الفتح معه باتفاق العلماء وكانت أخته أجارت حموين لها وأراد على قتلهما فقالت يا رسول زعم ابن أمى انه قاتل رجلا أجرته فلان بن هبيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ ، والحديث فى الصحيح . ولم يكن فى المدينة لا هو ولا على يوم خيبر كان قد طلب عليا فقدم وهو أرمد وأعطاه الراية حتى فتح الله على يديه ولم يكن بالمدينة لا هو ولا على ، وكذلك يوم حنين والطائف وكذلك فى حجة الوداع كان على باليمن والنبى صلى الله عليه وسلم خرج حاجا فاجتمعا
بمكة وليس بالمدينة واحد منهما )) . وقد أطال الشوكانى فى (( الفوائد المجموعة فى الاحاديث الموضوعة )) الكلام على هذه الزيادة وكذلك من الموضوع ما روى أنه صلى الله عليه وسلم قال لعلى لا ينبغى أن أذهب الا وأنت خليفتى . قال ابن تيمية فى منهاج السنة (( فان النبى صلى الله عليه وسلم ذهب غير مرة وخليفته على المدينة غير على كما اعتمر عمرة الحديبية وعلى معه وخليفته غيره ، وغزا بعد ذلك خيبر ومعه على وخليفته بالمدينة غيره ، وغزا غزوة الفتح وعلى معه وخليفته بالمدينة غيره ، وغزا غزوة بدر وعلى معه وخليفته بالمدينة غيره ، كل هذا معلوم بالاسانيد الصحيحة وباتفاق أهل العلم والحديث وكان على معه فى غالب الغزوات )) هذا هو الذى بين العلماء أنه موضوع وأما أصل الحديث وهو : (( أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبى بعدى) وفى رواية : (( أما ترضى أن تكون بمنزلة هارون من موسى )) الخ فلا شك فى صحته وثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما تعلق المبتدعة الروافض بهذا الحديث فى خلافة على بعده صلى الله عليه وسلم فلا يستلزم الحكم بوضع الحديث فان أخذهم ذلك من هذا الحديث باطل من عدة وجوه :
أولها - أن الاستخلاف فى السفر غير خاص بعلى بن ابى طالب كما بينه أبو حيان بى (البحر المحيط ) فى تفسير قول موسى لهارون : (( اخلفنى فى قومى )) ، وأوضحه شيخ الاسلام ابن تيمية فى منهاج السنة غاية الايضاح حيث قال : (( قد سافر النبى
صلى الله عليه وسلم من المدينة قريبا من ثلاثين سفرة وهو يستخلف فيها من يستخلفه كما استخلف فى غزوة الابواء سعد بن عبادة واستخلف فى غزوة بواط سعد بن معاذ ثم لما رجع وخرج فى طلب كرز بن جابر الفهرى استخلف زيد بن حارثة واستخلف فى غزوة العشيرة أبا سلمة بن عبدالاشهل وفى غزوة بدر استخلف ابن أم مكتوم واستخلفه فى غزوة قرقرة الكدر ولما ذهب الى بنى سليم وفى غزوة حمراء الاسد وغزوة بنى النضير وغزوة بنى قيظة واستخلفه لما خرج في طلب القاح التى استاقها عيينة بن حصن ونودى فى ذلك اليوم يا خيل الله اركبى ، وفى غزوة الحديبية واستخلفه فى غزوة الفتح واستخلف أبا لبابة فى غزوة بنى قينقاع وغزوة السويق واستخلف عثمان بن عفان فى غزوة غطفان التى يقال لها غزوة انمار واستخلفه فى غزوة ذات الرقاع واستخلف ابن رواحة فى غزوة بدر الموعد واستخلف سباع بن عرفطة الغفارى فى غزوة دومة الجندل وفى غزوة خيبر واستخلف زيد بن حارثة فى غزوة المريسيع واستخلف أبا رهم فى عمرة القضية )) فعلم من هذا أن استخلاف على فى غزوة تبوك لا يدل على كونه أولى بالخلافة من أبى بكر وعمر ولا من عثمان .
الثانى - أن الخليفة العام فى نفس هذه الغزوة على المدينة هو محمد بن مسلمة الانصارى وأما على بن أبى طالب فخلافته خاصة فانه لما لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجرف يشكو اليه ارجاف
المنافقين به وقولهم ما خلفه الا استثقالا له قال له النبى صلى الله عليه وسلم كذبوا ولكنى خلفتك لما تركت ورائى فارجع فاخلفنى فى أهلى وأهلك أفلا ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى ، الا أنه لا نبى بعدى . فرجع على الى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفره . هذا هو الذى ذكره ابن اسحاق وتبعه ابن هشام فى (( السيرة )) ومال اليه الحفاظ الثلاثة ابن القيم فى (( زاد المعاد )) وابن كثير فى (( البداية والنهاية )) وابن سيد الناس فى (( عيون الاثر )) فلو كان هذا استخلافا يوجب التقديم على أبى بكر وعمر فى الخلافة لكان محمد بن مسلمة أحق بالتقديم على أبى بكر وعمر حاشا بل يأبى الله ويأبى المسلمون الا تقديم أبى بكر وعمر حتى على بن أبى طالب نفسه يقول على منبر الكوفة : خير هذه الامة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر .
الثالث - ما أشار اليه الخطابى وذكره الطيبى وارتضاه الحافظ ابن حجر فى (( فتح البارى )) وأبو حيان فى (( البحر المحيط )) وهو أن تشبيه خلافة على بخلافة هارون نص فى أن ذلك انما هو فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لا بعد موته لان هارون مات قبل موسى باتفاق فدل ذلك على تخصيص خلافة على فى هذا الحديث بحياة النبى صلى الله عليه وسلم على أن للحديث سببا وهو طعن بعض المنافقين فى على أنه ما تركه النبى صلى الله عليه وسلم الا لبغضه ورأوا أن استخلافه غض من على فكذبهم النبى صلى الله عليه وسلم وبين لعلى ان الاستخلاف انما هو لامانتك عندى
وانه ليس بنقص ولا غض فان موسى استخلف هارون على قومه فكيف يكون نقصا وموسى يفعله بهارون يطيب بذلك نفس على، ويبين له أن استخلافه لكرامته عنده وأمانته لا لاهانته وتخوينه ، وتشبيهه على بهارون ليس بأعظم من تشبيه أبى بكر وعمر هذا بابراهيم وعيسى وهذا بنوح وموسى، بل ذلك أقوى ومعلوم أن كل واحدة من هذه التشبيهات انما هى فيما يدل عليه السياق .
الرابع - أن عليا لو كان يفهم من هذا النص أنه المستخلف من بعده لما قال للرسول صلى الله عليه وسلم أتخلفنى مع النساء والصبيان ولكن فى هذا الحديث من فضيلة على ومكانته عند النبى صلى الله عليه وسلم ما يرد على كل من لا يحبه ويطعن فيه نعوذ بالله من ذلك وقد شهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفى وهو راض عن على وليس فيما صح فى فضائل على من الاحاديث ما يناقض استحقاق من قبله من الخلفاء للخلافة فلا يمكننا أن نقبل قول محمود الملاح فى كتابه (( الآراء الصريحة لبناء قومية صحيحة )) فى صحيفة ٤٨ ( انى أرى حديث المنزلة مصنوعا وان أسباب ايراده مفتعلة وما هى الا قصة من القصص الفاشية قال (( فلما وقفت على ما فى صحيفة ٣١٤ - حمدت الله على أنه يعيننى على نيتى ما لم أكن متبعا للهوى )) .
وأطال فى هذا وعلق عليه تعليقا سخيفا رمى فيه هارون النبى بما لا يليق . . فهل هذا بناء القومية ؟ لا والله بل هو الهدم الذى لا يدعى أنه بناء الا أجهل الناس أو أجرؤهم وله
فى (( تاريخنا القومى )) هذيانات من هذا القبيل لا يسعنا الا أن نقول فيها أنها عين البهتان العظيم .
أما حديث سد الابواب الا باب على ففى (( فتح البارى )) للحافظ ابن حجر العسقلانى فى الكلام على حديث سد أبواب المسجد الا باب أبى بكر ما نصه : (( تنبيه جاء فى سد الابواب التى حول المسجد )) أحاديث يخالف ظاهرها حديث الباب منها حديث سعد بن أبى وقاص قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الابواب الشارعة فى المسجد وترك باب على أخرجه احمد والنسائى واسناده قوى وفى رواية للطبرانى فى (( الاوسط )) رجالها ثقات من الزيادة فقالوا يا رسول الله سددت أبوابنا فقال (( ما أنا سددتها ولكن الله سدها )) وعن زيد ابن أرقم قال كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة فى المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم )) سدوا هذه الابواب الا باب على )) فتكلم ناس فى ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( انى والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكن أمرت بشئ فاتبعته )) اخرجه احمد والنسائى والحاكم ورجاله ثقات . وعن ابن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبواب المسجد فسدت الا باب على وفى رواية : وأمر بسد الابواب غير باب على فكان يدخل المسجد وهو جنب ليس له طريق غيره ، أخرجهما أحمد والنسائى ورجالهما ثقات ، وعن جابر بن سمرة قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الابواب كلها غير باب على فربما مر فيه وهو جنب خرجه الطبرانى . وعن ابن عمر قال
كنا نقول فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم : رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس أبو بكر ثم عمر ولقد أعطى على بن ابى طالب ثلاث خصال لأن يكون لى واحدة منهن أحب الى من حمر النعم : زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته وولدت له وسد الابواب الا بابه فى المسجد ، وأعطاه الراية يوم خيبر . أخرجه أحمد واسناده حسن وأخرج النسائى من طريق العلاء بن عرار بمهملات قال فقلت لابن عمر أخبرنى عن على وعثمان فذكر الحديث وفيه وأما على فلا تسأل عنه أحدا وانظر الى منزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سد أبوابنا فى المسجد وأقر بابه ورجاله رجال الصحيح الا العلاء وقد وثقه يحيى بن معين وغيره )) قال الحافظ فى ( الفتح ) بعد ما تقدم : (( وهذه الاحاديث يقوى بعضها بعضا وكل طريق منها صالح للاحتجاج فضلا عن مجموعها )) قال : (( وقد أورد ابن الجوزى هذا الحديث فى الموضوعات أخرجه من حديث سعد بن أبى وقاص وزيد بن أرقم وابن عمر مقتصرا على بعض طرقه عنهم وأعله ببعض من تكلم فيه من رواته وليس ذلك بفادح لما ذكرت من كثرة الطرق وأعله أيضا بأنه مخالف للاحاديث الصحيحة الثابتة فى باب أبى بكر وزعم أنه من وضع الرافضة قابلوا به الحديث الصحيح فى باب أبى بكر . قال الحافظ : (( وأخطأ فى ذلك خطأ شنيعا فانه سلك فى ذلك رد الاحاديث الصحيحة بتوهمه المعارضة مع أن لجمع بين القصتين ممكن )) .
(( البقية فى العدد القادم ))
